رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
معجزات يسوع ( 1 ) مقدمة نقرأ في الإنجيل أن يسوع صنع معجزات كثيرة. إنه لم يكتفِ في أثناء حياته التبشرية بأن يعلّم ويضرب "الأمثال" بل صنع المعجزات أيضاً. وقد ذكرالانجيل أن الناس كانوا يتهافتون عليه للحصول على الشفاء من أمراضهم والتخلّص من سُكنى الشياطين في أجسامهم . جاء في الانجيل بحسب القديس مرقس مايلي : " وأمر يسوع تلاميذه بأن يجعلوا له زورقاً يلازمه مخافة أن يضايقه الجمع لأنه شفى كثيراً من الناس حتى أصبح كلّ مَنْ به عِلّة يبادر إليه ليلمسه . وكانت الأرواح النجسة إذا رأته تسجد له وتصيح: " أنت ابن الله " فكان ينهاها بشدّة عن كشف أمره" .(مرقس3/9-15). وجاء في الانجيل بحسب القديس لوقا مايلي : " ولّما غرَبتِ الشمس جعل جميع الذين عندهم مرضى على اختلاف العِلَل يأتونه بهم . فكان يضع يدَيْه على كل واحد منهم فيشفيه . وكانت الشياطين أيضاً تخرج من أناس كثيرين وهي تصيح : "أنت ابن الله". فكان ينتهرها ولا يدعها تتكلّم لأنها عرفت أنه المسيح". (لوقا 4/ 40-42). وذكر يوحنّا الإنجيلي في نهاية الانجيل الذي كتبه مبالغةً بيانيّة في عَدد المعجزات التي صنعها يسوع قال : " وهناك أمور أخرى كثيرة أتى بها يسوع لو كتبت واحداً واحداً لحسِبتُ أن الدنيا نفسها لا تسع الأسفار التي تُدوَّن فيها. "( يوحنا 21/25). من هذه المعجزات الكثيرة التي لا يُحصى عددها ذكر الانجيليون زهاء خمس وثلاثين معجزة وقد قدّموها للمؤمنين على أنها نماذج للمعجزات الكثيرة التي صنعها , وإليكم أهم هذه المعجزات المذكورة : شفى المرضى والسُقماء وذوي العاهات, وأشهرُهم : خادم قائد المئة, ونازفة الدم , وابن الضابط الملكي في كفرناحوم, ومُقعد بركة بيت حَسْدا في القدس, والأعمى منذ مولده ( الأكمة) في القدس، والبرْص العشرة, والأصم الأبكم, والأعميان في كفرناحوم, وأعمى بيت صيدا, والرجل الأشلّ اليد، والمرأة المنحنية, وحماة بطرس المريضة, والرجل المصاب بالاستسقاء,والأعميان في أريحا .
1 - ماهي صفات معجزات يسوع ؟ 2 - ماهي طبيعة المعجزة من الناحيّة العلميّة والناحيّة الدينيّة ؟ 3 - لماذا لم يؤمن رؤساء اليهود بمعجزات يسوع ؟ 4 - ماهي الأهمية الدينيّة التي كان يسوع يعطيها لمعجزاته ؟ أولاً- ماهي صفات معجزات يسوع ؟ عندما نتأمَّل في المعجزات التي صنعها يسوع نلاحظ أنها اتَّصفت بثلاث صفات هي: النزاهة والبساطة والحنان.
ثانياً - ماهي طبيعة المعجزة من الناحيّة العلميّة والناحيّة الدينيّة ؟ إن المعجزة من الناحيّة العلميّة سرٌّ مُغلق على العلماء. أين هو السرّ؟ السرّ قائم في عدم معرفتنا العلميّة للتوفيق بين أَمرين يبدوان متناقضين, مهما كانت هذه المعرفة عميقة. فمن جهة, إن القوانين الطبيعية ثابتة لا تتغيَّر, ويجب أن تجري مجراها. فالأعمى لا يمكن أن يرى لأنّ أعضاء الرؤية عنده قد تعطّلت نهائياً, والميت لا يمكن أن يعود إلى الحياة لأن أعضاء الحياة قد دُمّرت فيه نهائياً , مثل القلب, ودوران الدم, وجهاز التنفس, والكلية ...... ومن جهة أخرى نلاحظ علّمياً بأن هذه القوانين الثابتة التي لا تتغيَّر قد تغيَّرت بالمعجزة فالقلب أَخذ ينبض, وجهاز التنفس أَخذ يعمل, ودوران الدم أَخذ يجري في الجسم .هذا هو السرّ الذي لا يستطيع العلم أن يفسّره . فالعالِم مهما تعمَّق في البحث والتنقيب لا يستطيع أن يفسِّر, إِستناداً إلى القوانين العلميّة , كيف فتح يسوع فوراً عينَيْ الأعمى وأُذنيْ الأَصمّ بكلمة واحدة أو بلمسة واحدة , من دون أيِّ علاج أو انتظار مدّة معيّنة . أما من الناحيّة الدينيّة, فالمعجزة عملٌ خاص بالله وحده, تقوم به قدرته الإلهيّة في سبيل خير شخص معّين أو جماعة محدّدة. ففي معجزة شفاء المرأة النازفة الدم أوضح لنا يسوع أن المعجزة هي قوة إلهيّة قد خرجت منه وحقّّقت ما لم يستطع العلم أن يحقّّقه. قال : " لقد لمسني أَحدهم, لأني شعرت بقوةٍ قد خرجت مني." (لوقا 8/45).
ثالثاً- لماذا لم يؤمن رؤساء اليهود بمعجزات يسوع ؟ رأى اليهود معجزات يسوع فاعترف بعضهم بأنه نبي عظيم قد أرسله الله إلى شعبه ليخلّصه من أمراضه وعاهاته وبؤسه المادّي. ولكنّ الكثيرين منهم, كانوا الأغلبية الساحقة, رفضوا الإيمان بمعجزات يسوع, تحت تأثير الرؤساء, لأسباب كثيرة, أهمّها تمسّكهم الأعمى بحرف الشريعة أو حسدهم الأسود, أو تعصّبهم لقومّيتهم المنطوية على نفسها, أو لخوفهم من فقدان المنافع المادّية التي كانوا يتمتّعون بها من جرّاء مراكزهم الدينيّة. هؤلاءِ كلّهم لم تكن لديهم الاستعدادات الروحيّة لأن يقبلوا وحيَ الله ويفتحوا له قلوبهم بثقة واطمئنان, فلم يؤمنوا بيسوع وبرسالته السماوية. كيف فسرّوا المعجزات التي كان يسوع يصنعها ؟ قالوا : " إِنه برئيسِ الشياطين يطرُدُ الشياطين" (متى12/24). فمعنى كلامهم أنّ أعماله ليست معجزاتٍ من الله، بل هي سِِِحْرٌ من الشيطان. إن جوابهم ناتج عن عمى قلوبهم وحقدهم على يسوع. إن جواب الفريسيين يحملنا على أن نميّز بوضوح بين المعجزة والسِحْر. فهذا التميز ضروري لأننا نصطدم أحياناً بحوادث غريبة نظنّها معجزاتٍ مع أنها أعمالُ سِحْر. قبل أن نقيم التمييز بين المعجزة والسِحْر لابدَّ من الجواب بوضوح عن هذا السؤال: هل السِحْر موجود أم هو باب من أبواب الشعوذة؟ أُعطيكم الجواب من الكتاب المقدّس: جاء في العهد القديم أن الله أرسل موسى إلى فرعون ليُطلق العبرانيين من عبودية مصر, وأعطاه قوّةَ معجزةٍ يُقنع بها فرعون أَنه مرسل من قِبَل الله. قال له: " ُقلْ لهرون أخيك: خُذُْ عصاك وألقها أمام فرعون فتنقلب ثُعباناً". فدخل موسى وهرون على فرعون وصنعا كما أمر الرب. فأَلقى هرون عصاه بين يدَيْ فرعون فصارت ثُعباناً. فدعا فرعون أيضاً الحكماء والعرّافين فصنع سحَرةُ مصر كذلك بسِحرِهم. ألقى كلُّ واحدٍ عصاه فصارت العِصي ثعابين فابتلعتْ عصا هرون عِصيَّهم. (سفر الخروج 7/8-12). وجاء في كتاب أعمال الرسل أن رجلاً اسمه سمعان كان يمارس السِحْر في السامرة, ويُدهش أَهل السامرة زاعماً أنه رجل عظيم. فكانوا يُصغون إِليه بأجمعهم من صغيرهم إلى كبيرهم ويقولون: "هذا هو قدرةُ الله التي يُقال لها القدرة العظيمة". (أعمال الرسل 8/9) . وجاء أيضاً أن بولس كان في مدينة فيلبي (في بلاد اليونان ) . ففيما كان ذاهباً إلى الصلاة تلقَّته جارية فيها روح عرافة. وكانت بعَرافتها تُكسِبُ سادتها مالاً كثيراً. فأخذت تسير في إِثر بولس وسيلا ولوقا وهي تصيح: "هؤلاءِ الرجالُ عبيدُ الله العَلي, يبشّرونكم بطريق الخلاص" . وظلَّت تفعل ذلك عدّة أيام. فاغتاظ بولس فالتفت وقال للروح: "آمُركَ باسم يسوع المسيح أن تخرج منها". فخرج من وقته. إن الشعوذة كثيرة , والمشعوذين كثيرون . ولكن السِحْر موجود أيضاً . فما الفرق بين المعجزة والسِحْر ؟ إن حادثة الجارية توضح لنا الفرق الجوهري بينهما, وهو أن المعجزة من الله والسِحْر من الشيطان. فالجارية العرَّافة كانت ممسوسة, وكان الشيطان يعمل بواسطتها أعمالاً سِحْرية يُدهش بها الناس. فلما خرج منها الشيطان فَقَدَ أصحابُها مكسبَهم ( أعمال الرسل 16/16-19) أيْ لم تعُد تتنبَّأ ولا تمارس السِحر. والفرق الثاني بين المعجزة والسحر، أنّ المعجزة تمجدّ الله وتنشر ملكوته على الأرض وتصنع الخير للناس. أما السِحْر فيعرقل سيرَ ملكوت الله ويُؤذي الناس مادياً أو روحياً, ويُعطي للساحر المقام الذي لا يليق إلاّ بالله. وهذا مانراه في موقف سمعان الساحر الذي ادّعى كذباً أنه قدرة الله العظمى. وعلى أرض الواقع, كيف يمكننا أن نقول إِن الحادث القائم أمامنا معجزة أم سِحْر؟ المعجزة تنشئ الإيمان بالله والتقوى ومخافة الله لِمَنْ حدثتِ المعجزة لصالحه. أما السِحْر ـ لا أقول الشعوذة ـ فينشئ في الإنسان اضطراب الضمير , ويُبعده عن الله, ويقوده إلى سوء الأخلاق. إن أصحاب العقول السطحية ينادون بالمعجزة من دون تمييز, أو يلتجئون إلى السَحرة من دون رادع إيماني ولا تقوى. فَمَن ينادي بالمعجزات في بعض مظاهر الطبيعة هو بحاجة إلى ثقافة دينيّة عميقة. ومن يلتجئ إلى السَحَرة هو بحاجة إلى تقوى وإيمان بالله. 4 - ماهي الأهمية الدينيّة التي كان يسوع يعطيها لمعجزاته ؟ أعطى يسوع أهميَّة كبيرة للمعجزات التي كان يصنعها. وكان يسميها "الأعمال". ففي نظر يسوع أن معجزاته هي الدافع الذي يقود إلى الإيمان به . قال ذلك بكل صراحة, وفي مناسبات متعددة. بعد ماشفى يسوع رجلاً كسيحاً على طرف بركة بيتِ حسدا هاجمه اليهود هجوماً عنيفاً, لأن الشفاء جرى في يوم السبت, فدافع يسوع عن نفسه, وأكدَّ أنه مرسَل مِنْ قِبَل الله واتَّخذ المعجزات التي كان يصنعها برهاناً على أنه مرسل من قِبَل الله. قال لهم: " إِنَّ الأعمال التي وَكَلَها إِليَّ الآب أَن أَعمَلَها هذه الأعمال التي أَعمَلُها هي تشهدُ لي بأن الآب أَرسلني" ( يوحنا 5/36 ). وفي أَحد الأيّام كان يسوع يعلّم الشعب في رواق سليمان، فجاء إليه اليهود وقالوا له: "حَتَّامَ تُدخِل الحيرة في نفوسنا؟ إِن كنت المسيح فقلْهُ لنا صراحةً." أجابهم يسوع: "قلتُهُ لكم ولكنكم لا تؤمنون . إِن الأعمال التي أعمَلُها باسم أبي هي تشهد لي . ولكنكم لا تؤمنون لأَنكم لستم من خرافي، إذا كنت لا أعمل أعمال أبي, فلا تصدّقوني. وإذا كنت أعملُها فصدّقوا هذه الأعمال إِن لم تصدقوني فتَعْلَموا وتُؤمنوا أَن الآب فيَّ وأَني في الآب." (يوحنا 10/23-25 و37-38). واختار يسوع من بين معجزاته معجزةَ قيامته من بين الأموات واعتبرها المعجزة الأهمّ التي تبرهن عن أَنه مرسل من قِبَل الله. طلب منه اليهود آيةً , فأجاب: "لا يُعطى هذا الجيل إِلاَّ آيةَ يونان النبي. فكما كان يونان في بطن الحوت ثلاثةَ أيام وثلاث ليال , كذلك ابن البشر ." ( متى 16/4 ) . وسألوه بأيّةِ سُلطة يطرد الباعة من الهيكل فأجابهم : " اهدموا هذا الهيكل وأنا أُقيمُهُ في ثلاثةِ أيام". وكان يعني هيكل جسده ( يوحنا 2/22). ولكن يسوع لم يتوقف عند المعجزة. فالمعجزة الكبرى هي شخصيتُهُ. فيجب أن يؤمن به الناس لا لأنه صنع المعجزات, بل لأنه نور العالم ,والطريقُ والحقُّ والحياة. إن ما يجلُبُ الناس إليه ليؤمنوا به لا المعجزات وحدَها بل الحقيقةُ الإلهيَّة التي كانت تتدفَّق من فمه. فالمعجزة الكبرى التي صنعها هي أَنهُ وهو ابن الله ,أصبح إنساناً ,ومات وقام حيَّاً . قال ذلك بكل وضوح:"وأَنا إذا ارتفعتُ عن الأرض جَذَبْتُ إِليَّ الجميع." (يوحنا 12/32 |
|