رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تتميم الخلاص بخوف و رعدة ان سير القديسين ليست مجرد تاريخ ولا مجرد وقائع واحداث، انها مشاعر ومشاعل... انها شركة اناس مع الروح القدس في كل مايحيط بهم ... انها عمل النعمة في قلوب استسلمت ارادتها لعمل النعمة .. في حياة القديسين نري المبادئ الروحية ممثلة عمليا . ونثق ان الفضائل ليست أمورا نظرية بل هي واقع ملموس . فنثق ونطمئن ان طريق الكمال ممكن التنفيذ .... من سيرة الأنبا باخوميوس : [لقد سئل القديس باخوميوس مرة: قل لنا منظرا من المناظر لنستفيد منها تخشعا وايقاظا؟ اجاب:إن من كان مثلي سقيما وخاطئا اثيما لن يعطي المناظر الروحية والاستعلانات الالهية ولا يتجاسر احد على طلب هذا من الله لئلا يكون مخالفا لارادته. ومن توقح وطلب ذلك فهو من الجهلاء. بل إن شئت ان ترى منظرا الهيا وتشاهد امرا بهيا يفيدك فأنا ادلك: وهو متى رأيت شخصا ورعا متضع القلب طاهرا فهذا اعظم من سائر المناظر لأنك تشاهد الله غير المنظور في هذا الانسان المنظور فعن أفضل من هذا المنظر لا تسأل ... ] وقد ظهر اتضاع الأنبا باخوميوس في تطبيقات عملية كان يحيا بها ويطالب أولاده الرهبان ان يسلكوا بها منها: 1- عدم اشتهاء صنع المعجزات : سمع جماعة من الرهبان الهراطقة بسيرة الأنبا باخوميوس فأرسلوا اليه بعضهم لابسين جلودا. الذين التقوا بأولاد باخوميوس وقالوا لهم ان كبيرنا مقدونيوس قد أرسلنا الى ابيكم قائلا: ان كنت رجل الله حقا وما سمعناه عنك صحيحا فتعال نعبر انا وانت النهر ماشيين بأرجلنا على سطح الماء فيعرف كل واحد عمليا من منا له دالة عند الله. فلما سمع الاخوة بذلك اخبروا أباهم بالقول. أما هو فقال لهم لماذا سمحتم لأنفسكم أن تسمعوا مثل هذا القول لأن مثل هذه الامور لا ترضي الله وهي لا تتناسب مع سيرتكم . سألوه : وهل يتجاسر هرطوقى بعيد عن الله ان يستدعيك لمثل هذا العمل؟! أجابهم : قد يمكن لهرطوقى أن يعبر النهر كعبوره على أرض يابسة، بمظافرة الشيطان له ، وبسماح من الله ... لذلك إمضوا وقولوا لهؤلاء المخدوعين: هكذا قال عبد الله باخوميوس ان حرصى واجتهادى لا أن أعبر على سطح ماء النهر ماشياً ، بل كيف يمكننى أن أفلت من حكم الله وقصاصه ... وبقوله هذا إقتنع الإخوة بعدم افتخارهم بأعمالهم وعدم اشتهائهم صنع المعجزات . إذ هى لاتشغل أذهان المؤمنين ، إنما ترتفع أنظارهم دوماً إلى تلك المعجزة الخالدة "ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" (أش 14:7). وعندما طلب الناس من الرب معجزة رفع انظارهم إلى موته ودفنه وقيامته (مت 39:12،40) ... ففى هذا الفداء يكفى الحب الإلهى العجيب ... معجزة المعجزات الأبدية. من أجل هذا نحتاج كمؤمنين الى روح التميز غير طالبين معجزة أكثر من أن يكون لنا نصيب مع الرب فى الحياة الأبدية، لئلا تصير لنا شهوة صنع المعجزات فخاً يستخدمه الشيطان ويضللنا خلاله . 2- عدم تميز نفسه عن أولاده : لقد كان لباخوميوس مكانته فى قلوب أولاده الذين فى الاديرة الباخومية جميعها ، وهى حوالى عشرة أديرة ، وإذ كان يعمل بروح الرب كان خادماً للجميع لايميز نفسه عن أحد منهم بحجة انه الرئيس الأعلى للاديرة والمسئول عن تدبير جميعها وتنظيمها .. لكنه فى أبوة متضعة كان يخضع للكل، يود أن يخدم الجميع. فقد قيل عنه أنه مضى يوما لقضاء أمر ما، وكان على كل راهب أن يحمل بعض الخبز، فقال له شاب: حاشاك أن تحمل شيئاً يا أبانا هوذا قد حلمت كفافى وكفافك. أجابه الآب : لا يكن هذا. أن كان مكتوب عن الرب أنه يليق به أن يتشبه باخوته فى كل شىء. فأنا الحقير كيف أميز نفسى عن أخوتى ولا أحمل حملى مثلهم ؟! من أجل هذا كانت بعض الاديرة فى انحلال لأن صغارهم مستبعدون لكبارهم. وقد ظهر عدم ادانه القديس مقاريوس الكبير للآخرين من سيرته : [كان فى بعض القلالى أخ صدر منه امر شنيع ، وسمع به الاب المغبوط مقار المصرى ، ولم يرد أن يبكته ، فلما علم الأخوة بذلك لم يستطيعوا صبراً ، فمازالوا يراقبون الأخ إلى أن دخلت المرأة عنده ، فأوقفوا بعض الأخوة لمراقبته ، وجاءوا إلى القديس أبا مقار. فلما أعلموه قال : يا أخوة لا تصدقوا هذا الأمر ، وحاشا لأخينا المبارك من ذلك. فقالوا : يا أبانا ، إسمع وتعال لتبصر بعينيك حتى يمكنك أن تصدق كلامنا. فقام القديس وجاء معهم إلى قلاية ذلك الأخ كما لو كان قادماً ليسلم عليه وأمر الأخوة أن يبتعدوا عنه قليلاً . فما أن علم الأخ بقدوم الأب حتى تحير فى نفسه، وأخذته الرعدة وأخذ المرأة ووضعها تحت ماجور كبير عنده ، فلما دخل الأب جلس على الماجور، وأمر الإخوة بالدخول. فلما دخلوا وفتشوا القلاية لم يجدوا أحد ولم يمكنهم أن يوقفوا القديس من على الماجور، ثم تحدثوا مع الأخ وأمرهم بالإنصراف. فلما خرجوا أمسك القديس بيد الأخ وقال : يا أخى على نفسك أحكم قبل أن يحكموا عليك، لأن الحكم لله. ثم ودعه ومضى، وفيما هو خارج ، إذ بصوت أتاه قائلاً : طوباك يا مقار الروحانى، يا من تشبهت بخالقك تستر العيوب مثله. ثم أن الأخ رجع إلى نفسه وصار راهباً حكيماً مجاهداً وبطلاً شجاعاً]. [إعتادوا أن يقولوا عن أبا مقار الكبير أنه متشبهاً بإلهه لأنه كما أن الله يستر على العالم هكذا كان يفعل أبا مقار أيضاً ويستر على الأخطاء التى يراها، كأنه لم يرها. والتي سمعها كأنه لم يسمعها. ففى إحدى المرات أتت إمرأة إلى مقارة لتشفى من شيطان . ووصل أخ من دير كان فى مصر أيضاً. وخرج الشيخ بالليل ، فرأى الأخ يرتكب الخطية مع المرأة. ولكنه لم يوبخه وقال: إذا كان الله الذى خلقه يراه ويطيل أناته لأنه إن كان يشاء يفنيه لفعل ? فمن أكون أنا حتى أوبخه؟!]. [بينما كان الأب مقارة يمشى فى بعض الأوقات فى البرية أبصر شيطانين بشبه صبين ، وأحدهما يخطىء مع الآخر . وكتم الله أمرهما ، أنهما شيطانين، فلما شاهدهما رفع عينيه إلى السماء، وبدأ يدق على صدره ويبكى، ولم يبكتهما ولا قال لهما شيئاً بل كان يبكى ويقول: هوذا خالقهما يعاينهما ويرى أمرهما ظاهراً وباطناً. وحزن القديس من أجلهما بالأكثر فأتاه صوت من السماء قائلاً له: مغبوط أنت يامقارة لأنك صرت كإلهكً على الأرض، تشاهد خطايا الناس ولا تدينهم. وللوقت إنصرف ذلكما الشيطانان]. وفى زهد ابينا مقار الكبير فى المقتنيات الأرضية فى حرصه على خلاص نفسه الى النفس الأخير : [فى هذه الأيام ، حدث أن خرج من قلايته ، فرأى شخصاً يسرق حاجاته ويضعها على جمل ، فإقترب إليه متظاهراً أنه غريب وعاونه فى ترتيب الحاجات على الجمل. وبعد هذا ضرب السارق الجمل لينهض ويسير، فلم يقم الجمل، فدخل أبا مقار قلايته فوجد فيها مخلاة تركها السارق، فحملها للسارق قائلاً: يبدو أن الجمل يرفض القيام قبلما يأخذ المخلاة أيضاً. فوضع المخلاة على الجمل ونخسه فقام الجمل طاعة للقديس وسار الجمل خلف السارق مع القديس أنبا مقار الذى أخذ يناجى نفسه قائلاً: إننا دخلنا العالم بلا شىء ، وواضح أننا لن نأخذ منه شيئاً. الرب أعطى والرب أخذ. وما حدث فهذا مشيئته ومسرته، أشكر الله. وبعدما سار الجمل مدة من الزمن برك على الأرض ورفض القيام إطلاقاً ، إلا بعد ان حلوا الحِمْل وأنزلوه عن الجمل ، وعندئذ قام ومشى بسهولة . وهكذا إسترد القديس أمتعته ] ... و فى حرص القديس أبو مقار على خلاصه الى آخر لحظة : [وشهد أبونا القديس أنبا سرابيون أسقف نقيوس وببنودة رئيس تلاميذ أبينا أبا مقار قائلين: إنه فى ذلك الوقت الذى سلم فيه روحه وكنا مجتمعين عنده كان قوم من الشيوخ جلوساً . وأبصروا نفس القديس وقد خرجت من جسده وهي أكثر بهاء وضياء من الشمس أضعافاً ، وسلمت إلى يد الكاروب الذى نزل من السماء ومعه القوات السمائية التى لا يستطيع أحد أن يصف بهاءها . فلما نظرت الشياطين نفسه هكذا صاحوا قائلين : خلصت وإنفلت من أيدينا يامقارة. فأجابهم قائلاً : لا ، ما خلصت بعد. فلما وصل إلى الجو صاحت الشياطين : مضيت وخلصت يامقارة. فأجابهم : لا ، ما خلصت. فلما جعل رجله الواحدة داخل الباب صاحت بأصوات عالية: دخلت يامقارة. فأجابهم: لا ، ما دخلت بعد. فلما وصل وجعل رجليه الإثنتين داخلاً ، صاحوا قائلين وهم باكون : وصلت يا مقارة. فصاح بصوت عالٍ حتى أن السماء والأرض إرتعدتا من صوته وقال : قبلت نعمة ربنا يسوع المسيح وأنا شاكر إلهى الحقيقى الذي خلصني من أيديكم ومن فخاخكم التي لا عدد لها ، وأهلنى برحمته لنعمته السمائية بكثرة محبته للبشر. وحدث إن الكاروب حفظه وحجبه عنهم ، ودخل إلى المنازل المجيدة التي لربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي أحبه من كل قلبه . نسأل الله أن يكون لنا نحن أيضاً أن نستحق تلك المساكن التي إستحقها أبونا القديس أبا مقار بالنعمة والرأفة ومحبة البشر التي لربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذى له المجد والسجود مع الآب والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين أمين ]. كلمة أخيرة: ليس الايمان هو مجرد اعتناق مجموعة من العقائد نتلوها فى قانون الايمان ... انما الايمان هو حياة نحياها أو هو عقيدة تقود الى حياة.. لانه ما فائدة الايمان بالأبدية والحياة بعد الموت ان لم تعد نفسك بها بالقوة وبالسهر الروحى الدائم ومحبة الله . ان هناك فرقاً كبيرا جداً بين الايمان النظرى الذى لا يخلص النفس والايمان العملى الذى ظهر ثماره فى حياة هؤلاء الآباء القديسين . فحياتهم ترتبط بنقاوة سيرتهم لانهم يشعرون دائماً ان الله أمامهم يرى ويسمع ويسجل كل ما يعملون . ان أبطال الايمان ليسوا هم فقط الذين دافعوا عن العقيدة وانما هم الذين عاشوا فى الايمان الحى المثمر العامل بالمحبة. لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد ، آمين. |
26 - 08 - 2014, 04:13 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: تتميم الخلاص بخوف و رعدة
موضوع جميييل
ربنا يبارك خدمتك |
||||
27 - 08 - 2014, 08:35 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تتميم الخلاص بخوف و رعدة
شكرا على المرور
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أصحاب السلطة في تتميم سر العماد |
تتميم للشَّريعة والأنبياء |
قد استراحت على تتميم العمل وكماله |
هدف أحد الشعانين هو تتميم النبوءات |
مفيش توبه تتأجل !!!! |