رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وجود الأديرة يطور الحياة الروحية في الكنيسة
الأب/ فادي هلسه - كنيسة القديس جوارجيوس - عمان : الأردن مكن تعريف الدير روحيا وكنسيا أنه ملكوت السماوات على الأرض وهو بقعة من الأرض تم تدشينها لتصبح ملاذا وملجأ لكل الباحثين عن خلاص النفس بالمسيح . لقد أسمينا الدير بملكوت سماوي على الأرض لأن داخل أسواره يوجد أناس يسهرون على خلاص نفوسهم وعلى الصلاة الدائمة لخلاص العالم. لكل دير قانون رهباني ورئيس يلتزم ويشرف على تنفيذ قانون الرهبنة دون تحيز لكائن من كان هدفه رعاية الحياة الروحية للمقيمين في الدير وتنظيم العبادة والرعاية الروحية الكاملة لأخوية الدير والإشراف على تقدم الحياة الرهبانية منذ اليوم الأول لدخول الشخص للدير سواء كان للرهبان أو للراهبات. في الدير يعيش المرء الطالب للحياة الرهبانية حياة ملائكية بكل معنى الكلمة فقد مات عن العالم وشهوات العالم وملذات العالم همه الأول خلاص نفسه ولعله يلهج بكلام الرب ( من ترك أبا أو أماً أو أخوة وأخوات أو بيتا أو حقلا أو زوجة وأولادا يرث مئة ضعف ) . أو يلهج بكلمات الرسول بولس إلى أهل غلاطية ( مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّا ). والدعوة لسكنى الدير هي من الله مباشرة الله هو الذي يدعو الإنسان للحياة الملائكية الطاهرة المترفعة عن العالم وتعظم المعيشة ليزداد قامة في المعرفة الإلهية ويزداد قربا من سيده الرب الفادي وهو أكثر من يشعر بمحبة الرب وعظم عطيته المجانية للخلاص والنعمة وتزداد تلك المعرفة بالتدريج بتطبيق قانون الدير وانعكاس ذلك على تعامل الراهب مع زوار الدير ليبين في كل خدمة لزوار الدير من المؤمنين محبة الله ولطفه بالإنسان. في الدير توجد حياة الصلاة والتأمل وممارسة الأسرار المقدسة حسب الأصول وخاصة سر الشكر ( الافخارستيا ) وحياة التوبة والتسبيح والسهرات المقدسة والحياة المشتركة بين الأخوة أو الأخوات. أما فلسفة بناء الدير فالدير يبنى في البقع المعزولة والبعيدة وعادة ما تكون أسواره علية جدا وزيارته بمواعيد محددة والهدف من ذلك تشجيع حياة الوحدة والتأمل والناس هم الذين يسعون للدير وليس الدير هو الذي يسعى للناس. يعيش في الدير مجموعة أخوة أو أخوات يربط بينهم حب الله والمعيشة الملائكية يأكلون معا ويصلون معا ويخدمون الزائرين معا وهدفهم الأسمى هو قول الرسول بولس ( الذين يظهرون عمل الروح فيهم وأرواحهم شاهدة ). لماذا يزور الناس الدير ؟ وما هي أهمية الدير روحيا للكنيسة والمؤمنين؟ كل دير يبنى على اسم قديس أو مناسبة للسيد أو السيدة وهو مكان مقدس ينال المؤمن من زيارته بركة خاصة إن كانت الزيارة إيمانية خالصة ويستمتع روحيا بالحديث مع سكان الدير وفي بعض الأديرة هنالك نظام مبيت للزائرين حيث يقضي المؤمن أياما يعيش ولو مؤقتا حياة الدير لينفض بعدها غبار الكسل والفتور أو الجفاف الروحي ويأخذ معه بركة خاصة لنفسه ويطلب صلاة أهل الدير له من أجل طلبة خاصة أو ذكره مع عائلته في صلوات الأخوة. نحن الكهنة الذين يعيشون في العالم بحاجة للدير فنحن تمر بنا لحظات ضعف لأننا أولا وأخيرا بشر تحت الخطيئة ولو أننا نحمل رتبة مقدسة نكون أحوج لنعيش ولو بضعة أيام قانون أحد الأديار وأنا شخصيا أحسست بملء البركة عندما زرت دير السيدة في صيدنايا ودير القديسة ثقلا في معلولا وبضعة أيام في د ير القديس جيورجيوس الحميرا وكانت بركة كبيرة. نحن في الأردن بحاجة إلى الحياة الرهبانبة حولنا ومع الأسف الناس عندنا قليلو المعرفة بتلك الحياة وقد تأسس مؤخرا دير السيدة العذراء ينبوع الحياة في دبين شمال الأردن به ثلاث راهبات من الأردن يعتبرن بداية حسنة لحياة رهبانية للمستقبل. وهنالك دير يتم تأسيسه الآن على الضفة الشرقية لنهر الأردن باسم القديس يوحنا المعمدان . وكل هذه الأديرة في طور التأسيس ولكننا دائما نطمح بالمزيد لأن حياة الرهبان والراهبات تمد الكنيسة والمؤمنين بحياة النعمة والبركة بل ونؤكد أن البلاد الموجود بها تلك الأديار تنال نعمة وبركة عظمى بصلوات تلك الأديار. نحن في الأردن ننظر دائما باتجاه سوريا وأديرتها ونشكر الله باستمرار على أنها تكاد تكون المتنفس الوحيد لنا لصعوبة السفر لفلسطين لزيارة الأماكن المقدسة ونتمنى من الله أن تزدهر الحياة الرهبانية لدينا كما في سوريا لنحصل على الخير المرتجى من لدن الله . بقي أن يعرف كل الناس بأن الدير أي دير ليس عالة على المجتمع فالدير أولا يأكل من عمل من فيه لأن العمل اليدوي إلزامي للرهبان أو الراهبات ويتقبل الدير بعض مساعدات غير المشروطة من المحسنين . ولا ننسى قيمة حياة الرهبنة فقد زودت الكنيسة عبر العصور بخيرة آباء الكنيسة ومعلميها ولا ننسى آباء أنطاكية وزهراتها اليانعة أمثال القديس يوحنا الذهبي الفم والقديس إغناطيوس الأنطاكي الشهيد والقديس يوحنا الدمشقي وغيرهم الكثير . صلاتنا إلى الله أن ينعم على الأديرة القائمة بالمزيد من النعمة والبركة وأن يلهم رئاساتنا الروحية على تلمس الحاجة لوجود الرهبنة وتزايدها وأن ترى عيوننا نهضة كنسية واسعة نشكر الله دائما عليها |
|