الحسنة فضل جسيم وهبة من الله تعالى. فبإعطائنا الصدقة نماثل الله تعالى. الصدقة هي العامل الأكبر الذي يجعل الإنسان إنساناً.
لذا قال أحدهم في وصف الإنسان: العمل العظيم هو الإنسان، والشيء الثمين هو الإنسان المحسن، وهذه نعمة أعظم من إحياء الموتى.
إن إرواء الظمآن إلى المسيح، أعظم من إحياء الموتى باسمه. لأنك إن أتممت الأمر الأول تحسن إلى المسيح وإن أتممت الثاني يكن المسيح قد أحسن إليك. فالجائزة لمن يفعل الخير، لا لمن يتقبله من الآخرين.
بصنعك العجائب تكون مديناً لله، أما بفعلك الرحمة فيكون الله مديناً لك. وقد يتكمل عمل الرحمة عندما نعطيها بطيبة خاطر وسخاء غير متوقعين أجراً ولا شكراً. فبهذه نحصل على نعمة لأنفسنا لا خسارة.
وبغير هذه الصورة لا تكون الحسنة نعمة، فعلى من يصنع الخير مع الآخرين أن يبتهج لا أن يحزن.
إن تخفيف أحزان غيرك لا ينطبق مع حزن نفسك! فإذا حزنت لا يكون عطاؤك حسنة وإذا حزنت لإنقاذك غيرك من الحزن يكون عملك هذا قاسياً جداً وعديم الإنسانية. فالأفضل لك ألا تعطي من أن يكون عطاؤك على هذه الصورة.
لماذا تحزن؟ ألأن ذهبك قد نقص؟ إن كان تفكيرك هكذا فلا تعط.
لا يجب أن تفكر بهيئة الفقير الرديئة. لا تنظر إلى هيئة المتسول الرديئة، بل تصور أن المسيح داخل بواسطته إلى بيتك. امتنع عن قساوة القلب وعن الكلام البذيء الذي تلوم به طالبي إحسانك مسمياً إياهم منافقين كسالى وغير ذلك من الألقاب المهينة.
أعط كسرة الخبز بمحبة بشرية لا بقساوة القلب! أعط كمحسن لا كمهين! أطعمه لأنه شحاذ لا لأنه يفوه بكلام إبليس الذي يشين حياته. أطعمه لأن المسيح يتغذى بذلك! لا تنظر إلى ابتسام الشحاذ الظاهري بل افحص ضميره تجده يلعن نفسه كثيرا ويتنهد ويأسف لحالته، ولا يظهر حقيقته من أجلك فقط.
علمنا يا رب أن نتخلى عن محبة أنفسنا وأنانيتنا، ولا نكتفي بمحبة أهلنا والمحيطين بنا،
علمنا يا رب أن نفكر بالآخرين وأن نحب أولاً من حُرم من المحبة،
أعطنا أن نتألم مع المتألمين ونبكي مع الباكين، يا رب هبنا أن نتذكر على الدوام أنه في كل لحظة من لحظات حياتنا التي تحميها بعيانتك، يوجد ملايين من البشر الذين هم أخوتنا وأبناؤك يموتون جوعاً من دون ذنب اقترفوه. يموتون برداً ولم يستحقوا الموت برداً،
ارحم يا رب كل فقراء العالم، واغفر لنا أنانيتنا وجهلنا اللذين أبعدانا عنهم زماناً طويلاً،
لكي يعرف معنى التعزية الحقيقية
يا إلهنا الكلي الاقتدار أبا المراحم وإله الكل