رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مفتاح المعجزة: إن واحدة من قصص الكتاب المقدس الممتعة هي تلك القصة المسجلة في سفر التكوين والأصحاح الثاني والعشرين عندما امتحن الله إبراهيم وقال له خذ ابنك وقدمه لي محرقة، فأطاع إبراهيم الله وأخذ ابنه بالفعل وصعد به ليقدمه محرقة لله. ويشرح لنا الروح القدس أمراً هاماً جداً وثميناً من خلال كاتب رسالة العبرانيين ليخبرنا كيف إستطاع ابراهيم أن يقدم هذه التضحية الثمينة وكيف إستطاع أن يطيع الله. كان إبراهيم يؤمن أنه حتى لو ذبُح إسحق، فالرب سيقيمه مرة أخرى "إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات.." (عبرانين19:11). نعم يا أحبائي إن الإيمان هو دائماً مفتاح المعجزات العظيمة والحقيقية. ولكن عزيزي القارئ أريد أن أقودك لكلمات قليلة هي جزء من حديث دار بين ابراهيم وإسحق، وأشعر أنها رسالة تشجيع هامة جداً لك ولبنيان إيمانك. "وكلَّم إسحق إبراهيم أباه وقال: يا أبي فقال هأنذا يا ابني، فقال هوذا النار والحطب ولكن أين الخروف للمحرقة؟ فقال إبراهيم: الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني" (تكوين22: 8،7). هذه العبارة الصغيرة "الله يرى" هي الكلمة المحورية التي أريدها أن تملأ قلبك وترددها بالإيمان.. "الله يرى". لم يكن إبراهيم يفهم كيف سينقذ الله إسحق؟ ولا كيف سيعود ومعجزته معه وإسحق بيده؟ ولكن كان هذا إيمان إبراهيم "الله يرى". الله يرى أن إسحق في خطر ومؤكد لديه العلاج! الله يرى أين الخروف الذي سيُقدم! الله يرى كيف سينقذ إسحق! الله يرى كيف ستتحقق المعجزة ويتحقق إيمان إبراهيم وسيعود ومعه إسحق! فإبراهيم كان يؤمن أن إسحق لن يموت. عزيزي القارئ، هل هذا هو إيمانك وهذه هي لغتك؟ هل عندما تقف أمام تحديات أو صعوبات تقول "الله يرى"؟ هل بالفعل تؤمن في قلبك أن الله يرى كل أمور حياتك ويهتم بك وعنده العلاج والإجابة والمعجزة؟ هل تردد هذه العبارة في مواجهة كل الاحتياجات في حياتك؟ وماذا حدث؟ "فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه مُمسكاً في الغابة بقرنيه.." (أية13). هذه الأية نبوة عن المسيح الذي سيموت بديلاً عنا جميعاً في الصليب، ولكن بالنسبة لإبراهيم في هذه اللحظة، كان يرى أن الله يسدد احتياجه. ولهذا دعا إبراهيم اسم ذلك الموضع "يهوه يرأه" والتي تعني "الرب يرى الاحتياج ويسدده". تذكر أن إبراهيم قال الله يرى حتى قبل أن ينظرالكبش. نعم إن الرب يريد أن يرى إيمانك قبل أن ترى الحل لمشكلتك أو لاحتياجك. يريد أن تعلن إيمانك فيه.. وفي محبته.. وأمانته.. ورعايته.. حتى قبل أن ترى شيئاً يتغير أو يتحقق. ردد معي الآن بكل قوة في قلبك وأمام أي دائرة تمر بها، سواء احتياج مادي أو معنوي، أن "الله يرى" الله يرى ما أحتاج إليه وقادر أن يسدده. لا تتذمر بل آمن: يخبرنا الكتاب في سفر الخروج عن رعاية الله لشعبه أثناء مسيرتهم في البرية. ولكن بعد أن سدد الله احتياجات هذا الشعب المستمرة عدة مرات سواء في مصر أو في البرية وكان آخرها يوم أن أشبع شعبه المحتاج للماء في "إيليم" حيث الإرتواء والشبع والراحة (خر15: 22-27)، لم يكن الشعب قد تعلَّم بعد أن يثق في الله ويتكل عليه. ولهذا فبعد مرور حوالي شهر تقريباً من سيرهم في الصحراء، كاد الطعام الذي خرجوا به من أرض مصر أن ينفذ، ولم تكن أمامهم أية مصادر أخرى لتسديد احتياجاتهم. وبدلاً من أن يُعبِّر الشعب للرب عن ثقتهم في محبته ورعايته، بدأ الشعب في التذمر والشكوى!! "فتذمر كل جماعة بني إسرائيل على موسى وهارون في البرية، وقال لهما بنو إسرائيل ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر، إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزاً للشبع. فإنكما أخرجتمانا إلى هذا القفر لكي تميتا كل هذا الجمهور بالجوع" (خروج3،2:16). لم يرى الشعب في تلك اللحظة الإله القدير الذي سدد احتياجاتهم قبلاً. ولم يتذكروا معجزات الله معهم عندما شق البحر من أجلهم وأخرجهم من أرض مصر، أوعندما كان معهم في إيليم. لم يردد الشعب مثل إبراهيم "الله يرى"، بل عوضاً عن ذلك تذمروا على الله، وتفوهوا بكلمات مشوشة تمتلأ بالأكاذيب. ففي مصر كان الشعب يعاني من عبودية قاسية وسخرة ومذلة حيث ضاعف فرعون الأحمال عليهم، ولكنهم رأوا أن أوضاعهم الأولى في أرض المذلة أفضل بكثير من حياتهم التي كان الرب يعتني بها! هل تعلم أنك عندما تتذمر يحدث تشويش داخلك وتتبنى أفكاراً خاطئة غير حقيقية؟ هل تعلم أن التذمر ليس شيئاً سهلاً بل في غاية الخطورة.. يمكن أن يعطل تمتعك بالرب ومسيرتك معه؟ فالشعب الذي تذمر لم يستطع بعد ذلك الدخول إلى أرض كنعان.. أرض الموعد، بل ماتوا في البرية لأنهم لم يتعلَّموا من معاملات الرب معهم، ولم يُبنى إيمانهم وثقتهم في الله. لذا تعال الآن إلى الرب تائباً ومعترفاً له بتذمرك وشكواك. لماذا البرية؟ قد تتساءل عزيزي القارئ "ولكن لماذا البرية؟".. لماذا لم يسدد الله المُحب احتياجهم للماء أو للطعام مباشرة دون انتظار ودون تأخير؟؟ لك الحق أن تسأل ولك الحق أن تفهم. فعندما تمر في البرية تكتشف أمران كلاهما ثمين جداً. تكتشف شخص الرب الراعي الذي يحبك ويهتم بك ويسدد احتياحاتك بطرق عجيبة ومتنوعة.. تكتشف ان إلهك معك حيثما تذهب، فحيث لا سند لك في البرية هو هناك ليعتني بك. ولكنك أيضاً تكتشف نفسك وشخصيتك وردود أفعالك.. تكتشف مخاوفك وشكوكك وعدم إيمانك.. تكتشف التذمر وعدم الشعور بالأمان.. تكتشف آثاراً قديمة قد تركتها خبراتك وسنين حياتك، ولم تتحرر أو تُشفى منها بعد. قد تكون خرجت من عبودية في حياتك، ولكن لا تزال هناك آثار للسنوات الماضية داخلك. فالرب يريدك أن تُدرك ما بداخلك وتأتي إليه لكي يُخرج كل هذا ويشفيك. فإذا كنت مثلاً ترى أن الرب ضدك، أو أنه يريد أن يعاقبك، فهذا معناه أنك مشوش ولا ترى الرب الصالح لك. فهيا الآن أطلب من الرب قائلاً: يارب إني أفتح قلبي لك لكي تأتي وتشفي نفسي من كل تشويش وأفكار خاطئة لأنك تحبني وترعاني.. فأنت تهتم بي. مرة أخرى الرب يرى: رغم التذمر والشكوى وعدم الإيمان، كان الله القدير - الذي دبَّر الخروف لإبراهيم ليقدمه محرقة - يدبِّر لشعبه تسديداً عظيماً لكل جوع وعوز. آه لو تعلَّم شعب الرب أن ينتظر بإيمان ويثق أن الرب يرى وسيسدد كل الاحتياحات، لتلذذ كل يوم باختبارات عظيمة فائقة.. وتذوق حلاوة إلههه الفائقة.. وتمتع بمفاجآت وتدابير إلهية مذهلة مع فجر كل يومٍ جديد. لم يتفاجأ الرب أن شعبه كان يحتاج طعاماً، ولم تكن مطالبهم تحدياً صعباً أو عسراً سيعجز الله أن يجد له العلاج، بل بالفعل كان لدى الرب تدبيراً ومخططاً إلهياً لإطعام وإشباع شعبه. قال الرب لموسى "هأنذا أمطر لكم خبزاً من السماء" (خروج4:16). لقد أعدَّ الرب معجزة عظيمة ليشبع شعبه.. أعدَّ طعاماً عجيباً غير معروفٌ ولم يتذوقه أحد من قبل.. أمطر الرب لهم من السماء مَناً كل يوم يكفي كل هذا الشعب!! نعم كان الرب يرى.. كان الرب يعلم.. وقد دبَّر ورتب كل شيء!! مبارك اسم الرب. ومن خلال هذه المعجزة العجيبة التي استمرت أربعين عاماً لا تنقطع، يعلن الرب لك اليوم بعض الدروس والإعلانات عن عنايته واهتمامه بك: 1- الله يسدد احتياجك بطرق غير متوقعة: "فقال الرب لموسى ها أنا أمطر لكم خبزاً من السماء فيخرج الشعب ويلتقطونه حاجة اليوم بيومها..... فلما رأى بنو إسرائيل قالوا بعضهم لبعض من هو. لأنهم لم يعرفوا ما هو. فقال لهم موسى هو الخبز.." (خروج4:16 -15). نعم إن الرب يريدك أن تثق فيه وتطمئن لأجل الغد، وهو بكل تأكيد سيكون معك وسيشبعك حتى لو بطرق أو مصادر عجيبة لا تعرفها أو تفهمها. كان الشعب يسكن الصحراء، فبالمنطق الطبيعي لم يكن هناك أي مصدر للمياه لكي يزرعوا أو يحصدوا أو يأكلوا، ولكن الله أشبعهم بطريقة لم تتكرر من قبل ولا من بعد. لقد أرسل لهم خبزاً لم يعرفه أحد من قبل، كان خبزاً من السماء. لذا ثق أن الرب يستطيع أن يسدد احتياجاتك بطرق غير متوقعة، فهو لديه حل لكل مشاكلك حتى إذا كنت لا تفهم كيف سيأتي الحل. لذلك احترس، فلا تسمح لعدم إيمانك أن يعوق الله عن التدخل في حياتك. لا تتمسك أن يصنع الرب المعجزة بالطريقة التي تفهمها أو تريدها أنت، ولا تتمسك بباب محدد لا تريد سواه، ولا تسمح لغياب المصادر الطبيعية أن يعطل إيمانك.. فالله لديه طرق عجيبة حتى وإن كنت لا تفهم. فالغراب كان يأتي لإيليا باللحم صباحاً ومساءً. فلا تغلق الباب الذي يريد الرب أن يباركك من خلاله مهما كان هذا الباب بعيداص عن المنطق والفكر الطبيعي. 2- الرب الراعي سوف يشبع احتياجاتك في كل الظروف: "هذا هو الشيء الذي أمر به الرب. التقطوا منه كل واحد على حسب أكله، عمراً للرأس على عدد نفوسكم تأخذون، كل واحد للذين في خيمته. ففعل بنو إسرائيل هكذا والتقطوا بين مكثر ومقلل. ولما كالوا بالعُمر لم يفضل المُكثر والمُقلل لم ينقص.." (خر16: 16- 18). إن الرب يريدك أن تشعر بالأمان، فحتى الذي تراه قليلاً وغير كافي سيكون كافياً لأن الرب سيبارك فيه ليكفي. فالأرملة التي أرسل إليها الرب إيليا لكي تعتني به، لم يكن لديها غير قليل من الزيت والدقيق. وعندما قال لها إيليا اصنعي لي كعكة أولاً وأطاعت، لم ينقص كوز الزيت وكوار الدقيق لم يفرغ. (1مل17). فهل لديك إيمان أن الرب يعتني بك بكل التفاصيل الصغيرة وأنك لن تُنسى منه؟ 3- الرب يهتم بك في كل يوم: "وقال لهم موسى لا يبق أحد منه إلى الصباح" (أية19). إن الرب يريدك أن تحيا بالإيمان، فلا تخف من أجل الغد. فالأمان ليس في وجود شيء مُخزن لديك، بل الأمان الحقيقي في شخص الرب؛ فهو مصدر الحماية. فحتى إذا كنت لا ترى شيئاً، لكنه هو المسؤول عنك. "لكنهم لم يسمعوا لموسى بل أبقى منه أناس إلى الصباح فتوّلد فيه دود وأنتن... وكانوا يلتقطونه صباحاً فصباحاً" (أية 20، 21). ظل شعب الله يلتقطون المَنْ كل يومٍ لمدة أربعين عاماً.. يأخذون الكمية التي تكفي لكل يوم ومن أبقى منه للغد فكان يتولد فيه الدود. وهكذا يريدك الرب أن تكون واثقاً به في كل يوم.. فلا تحمل هَمْ الغد. فمن الممكن أن يقودك الرب لكي تُخزن شيئاً للغد، ولكن ليس بدافع الخوف وعدم الأمان. فأمانك في الرب الذي يهتم بك. 4- هناك وقت للاجتهاد ووقت آخر للراحة: أحبائي، الرب يحبك جداً ويريد أن يصنع في حياتك توازناً بين الاجتهاد والراحة. هناك وقت للاجتهاد والعمل، ولكن مؤكد أيضاً يجب أن تكون في حياتك أوقاتاً للراحة، ولا يجب أن يضيع وقت الاجتهاد بسبب الراحة.. ولا وقت الراحة بسبب الاجتهاد. "وكانوا يلتقطونه صباحاً فصباحاً كل واحد على حسب أكله وإذا حميت الشمس كان يذوب" (أية21). يريد الرب أن يكون لديك شعور بالمسؤولية، وأن تجتهد لتحصل على البركة التي سيمنحها لك الرب. فكان على الشعب أن يصعد مبكراُ ليجمع المَنْ.. وإذا تأخر حتى حميت الشمس كان يذوب!! كما قال لهم الرب أيضاً أن يوم السبت يكون راحة، ففي اليوم السابق يأخذون ضعف الكمية ولكن لن يكون فيه دود ولن ينتن. كان الرب يُعَلِّمهم أنه سيعتني بهم حتى في وقت الراحة، وسيعطيهم طعاماً مضاعفاً في اليوم السابق.. ولكنه على عكس القاعدة لن يفسد أو ينتن!! نعم لك راحة في الرب. فحتى الطعام سيعطيه لك، فالرب يحملك على الأيدي (مز91). هيا أشكر الرب وأعلن إيمانك قائلاً: أشكرك يارب لأنك تهتم بي وترعاني. أشكرك من أجل أنني مميز لديك. أعطني في كل يوم أن أرفع صوتي عالياُ ومعلناً "الرب يرى" لهذا فأنا مطمئن لأنك أنت معي في كل حين. أؤمن بك أبي الذي أحببتني.. فأنت لا تنساني. أؤمن أنه في أوقات السوء لن أخزى. أشكرك يارب من أجل وعودك لي بالبركة وأثق فيها بكل قلبي. لذلك سأكون مطمئناً فأنت تهتم بي وترعاني كل يوم من أيام حياتي. آمين |
|