رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قبل نهاية العام المنقضي، أعطاني الرب هذه الرسالة الهامة وقدمتها كعظة (اضغط هنا لتستمع للعظة بعنوان تبعية وحب بلا شروط)، وشعرت بها تملأ كياني. هذه الرسالة هي بالفعل دعوة حقيقية لننتقل في العام الجديد إلى مستوى أعظم وأعمق من النضوج والتبعية التي لا تتذبذب، وليكن حبنا للرب حقيقياً ثابتاً وبلا شروط. لذلك أعدتُ كتابة هذه العظة كمقال أقدمه لك هنا. وإنني عزيزي القارئ أصلي من كل قلبي، لنا جميعاً أعضاء جسد المسيح وكنيسته العروس الغالية على قلب الرب، أن نقبل هذه الدعوة وأن نحيا تلك الحياة العظيمة التي دعانا إليها الرب، والتي تليق بحبه العجيب الذي أحبنا به. وأشعر أن هذا المستوى من التبعية والنضوج هو الذي يجعلنا قادرين أن نستمر في مسيرتنا مع الرب بلا تراجع حتى نمتلك المواعيد ونحقق مقاصده في حياتنا. · تبعية وعبادة ولكن متذبذبة يخبرنا الكتاب كيف اختبر شعب الله في العهد القديم أعمال الرب العظيمة، فيقول المرنم: "فخلصهم من أجل اسمه لعرف بجبروته وانتهر بحر سوف فيبس، وسيّرهم في اللجج كالبرية وخلصهم من يد المبغض وفداهم من يد العدو" (مز10،9:106). فماذا كان رد فعل الشعب؟ يقول الكتاب: "فآمنوا بكلامه،غنوا بتسبيحه" (أية12). ولكن انظر ماذا يقول الكتاب بعد ذلك: "أسرعوا فنسوا أعماله. لم ينتظروا مشورته" (أية13). تكرر هذا الموقف من شعب الله في أكثر من موقع في الكتاب؛ فكم من المرات سبح الشعب وغنى للرب وهتف ولكنه كان تسبيح وهتاف غير ناضج.. تسبيح طفولي، لذا لم يستمر هذا التسبيح طويلاً بل أسرع الشعب ونسوا كل ما فعله الرب معهم، بل وكَمْ من مرات كثيرة تحول التسبيح إلى تمرد وتذمر وشكوى بل وتشكك في محبة الرب والاهتمام بهم!! لماذا؟؟ لأن عبادتهم وتسبيحهم كان سطحياً مرتبطاً بالظروف التي يمرون بها، ولم يكن اتجاه عميق في القلب نابع من علاقة ناضجة مع الرب الذي أحبهم وفداهم. كانت عبادتهم نفسية حماسية، لكنها لم تكن روحية. · ماذا حدث في البرية: في سفر الخروج الأصحاح الخامس عشر يشرح الكتاب القصة الأصلية التي أشار إليها المرنم في المزمور السابق. يشرح لنا كيف رنم موسى والشعب ومريم وسبحوا الله عندما شق الله بحر سوف أمامهم وساروا في البحر كأنهم على اليابسة. لقد سبحوا الله تسبيحاً قوياً جداً بالرقص والدفوف بل وبكلمات الإيمان القوية التي تنبأت بأعمال الله العظيمة التي سيصنعها معهم الأيام القادمة. ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟ قادهم الرب للبرية، ولعدة أيام لم يروا أية معجزة.. كانت البرية مكان امتحان لهم. قاد الرب الشعب في البرية.. وهو ذات الرب الذي فعل أموراً عظيمة معهم قبلاً، ولكنه سمح بأن يكون هناك ثلاثة أيام لم يجدوا فيها ماء، وعندما وجدوا ماء كان الماء مراً!! لماذا؟؟ يقول الكتاب: "هناك وضع له فريضة وحكماً وهناك امتحنه" (أية25). لقد كان الرب يضع أمامهم امتحاناً يدركون من خلاله حقيقية حبهم للرب بل وثقتهم وتبعيتهم له، وكأن الرب يقول لهم: "هل ستستمر ثقتكم فيَّ حتى في عدم وجود ماء؟ أو هل يبدو لكم وكأنني لم أعد أهتم بكم؟ وهل سيستمر تسبيحكم وتبعيتكم ثابتة مستمرة حتى إذا تغيرت الأوضاع من حولكم؟ أم أن تسبيحكم لي متذبذب مشروط بما أصنعه معكم؟؟ يتكرر ذات الشيء في سفر التثنية "وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر، لكي يذلك ويجربك ليعرف ما في قلبك أتحفظ وصاياه أم لا؟"(2:8). لم يكن الرب يريدهم أن يسيروا في البرية إلا زماناً قليلاً ولكن لعدم إيمانهم ظلوا هناك أربعين عاماً، ورغم ذلك كان الرب يعتني بهم، وهناك كان الرب يمتحن إيمانهم. وكلمة "يَذلك" تعني في الأصل "يجعلك تتضع"، وكلمة "يُجربك" تعني "يضع تحدي أمامك ليعرف ما في قلبك". فهل عندما تجد تحديات تتحدى إيمانك - بين معجزة وأخرى - تظل تتبع الرب؟ هل تظل تعبده وتسبحه؟ هل يستمر إيمانك بأنه هو الإله العظيم ومستحق كل الحب والتسبيح؟ تُرى هل تسبيحك وعبادتك للرب هذا العام كان تسبيحاً سطحياً وعبادة مذبذبة.. مشروطة أي مرتبطة بالظروف أو الواقع الذي تراه؟ وهل تبعيتك للرب كانت مستمرة ثابتة رغم التحديات التي تواجهها؟ هل كنت تظل واثقاً في الرب مدركاً أنك غير محمول بالظروف المحيطة بك؟ عندما كان بولس الرسول في السجن لم تتأثر تبعيته للرب بل سبح الله وكان فرحاً في كل الأحوال وفي كل الظروف. عندما تهتز علاقاتك مع الآخرين أو يهتز عملك أو أي دائرة في حياتك، هل تثبت في امتحان حبك للرب.. امتحان ثقتك فيه وإيمانك به؟ هل تظل تتبعه بجدية وتثق فيه؟ وهل تتبعه كطفل أم كرجل؟ إن الرب يريد أن يبني إيمانك ويدربك في نمو صفاتك الشخصية. يقول الرسول يعقوب: "عالمين أن امتحان إيمانكم ينشيء صبراً" (3:1). و الصبر ينشيء تزكية لأن إيمانك أُمتُحن وظل ثابتاً. إن تسبيحك للرب وعبادتك له ينبغي أن ينبعان من أنه مستحق كل عبادة وتسبيح.. من منطلق علاقة قوية معه. لذا اعلن إيمانك أن العام القادم سيكون عاماً للنضوج .. عاماً للتبعية التي بلا شروط.. تبعية غير متذبذبة، تفرح حتى في المقاومة وفي أوقات الانتظار.. في أوقات الانتقال من معجزة إلى معجزة وفي أوقات التحديات مع الواقع ستفرح وتعبد بإيمان بلا انزعاج. واعلن أنك ستتبع الرب وتسير وراءه لتحقيق ما على قلبه لك بلا اضطراب أو اهتزاز. · الرب يريد أن يجعلك كاملاً: يعلن بولس الرسول ما في قلب الله لأبنائه قائلاً: "لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح" (أف12:4). فمشيئة الرب للمؤمنين ليس فقط أن يكونوا أبناء للرب ويحيوا معه، ولكنه يريد أن يبنيهم ويكملهم.. يعلمهم الكلمة ويُثبت إيمانهم. ومن أهم مقاصد الرب للكنيسة ليس فقط أن تربح الخطاة للمسيح بل أيضاً أن تبني وتكمّل هؤلاء القديسين، تبني حياتهم فتصبح ناضجة ليصبحوا هم أيضاً مهيئين لعمل الخدمة. ويكمل الرسول بولس حديثه قائلاً "كي لا نكون فيما بعد أطفالاً مضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم، بحيلة الناس بمكر إلى مكيدة الضلال" (أف14:4). من صفات الأطفال أنهم يفرحون سريعاً.. ويبكون سريعاً أيضاً.. متذبذبين ومشاعرهم متغيرة. إن الرب لا يريدك هكذا.. نعم الرب يريدك فرحاً كل حين، ولكنه يريد أن يُدربك ويُعلمك ويتعامل معك.. يتدخل في حياتك بقوة ويغير مفاهيم خاطئة في ذهنك.. لا يريدك طفلاً سريع التأثر تُحمل بكل ريح تعليم، أو سطحياً خفيفاً تجري وراء أي فكر تسمعه. "لما كنت طفلاً كطفل كنت أتكلم وكطفل كنت أفطن وكطفل كنت أفتكر ولكن لما صرت رجلاً أبطلت ما للطفل" (1كو11:13). عندما تكون حياتك بها طفولة وسطحية.. تهتز سريعاً بسبب عدم النضوج، لذا يأتي الرب ليبني حياتك الروحية بكلمته وباختبارات ومعاملات لتصبح مؤمناً قوياً تصنع مشيئته. إن الرب يريد أن ينمو بتفكيرك واتجاهاتك.. ويريد أن يجعل ردود أفعالك أكثر حكمة ويغير كل مواقف بها طفولة في حياتك. لذا اطلب من الرب أن يأتي في نهاية عام بنهاية لكل طفولة وكل سطحية.. لكل عدم إيمان وعدم نضوج. ولأنك عضو في جسد المسيح فأنت شخصياً لك دعوة من الرب، ولذلك يريد أن يُكملك ويبنيك لكي تحيا هذه الدعوة وهذا القصد الإلهي وتحققه. يقول بولس الرسول: "كونوا رجالاً" (1كو13:16)، فالرب يريدك أن تكون رجلاً في إيمانك وفي حياتك معه. ويقول الوحي الإلهي: "جعلت وجهي كالصوان" (إش7:50)، أي صخرة ثابتة أقوى من الظروف.. هذا ما يريد الرب أن يصنعه فيك اليوم.. أن يجعلك قوياً. ويقول المرنم: "الصديق كالنخلة يزهو كالأرز في لبنان ينمو" (مز12:92). إن الأرز هو شجر قوي وثابت، وهكذا يريدك الرب ألا تهتز بل تكون قوياً وثابتاً فيه. كما يؤكد بولس الرسول هذا المعنى قائلاً: "تقوَوا في الرب وفي شدة قوته" (أف10:6). · دع الروح يحملك: يتكلم الوحي في سفر حزقيال الأصحاح السابع والأربعون عن فيض متزايد من نهر الروح، فيتحدث عن المياه التي تأتي من تحت المذبح.. إشارة إلى ذبيحة المسيح التي فتحت لنا الباب لنستقبل عمل وفيض الروح القدس. لهذا قال الرسول يوحنا "لأن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد لأن يسوع لم يكن قد مُجد بعد" (يو39:7). عندما تمجد الرب يسوع في الصليب، أخذ موعد الآب الذي هو الروح القدس وسكبه (أع2: 33)، فكان هناك فيض وامتلاء من الروح. وكما يشرح لنا حزقيال في رؤياه بأن فيض الروح قد يبدأ قليلاً ليغطي فقط الكعبين ثم يبدأ في الازدياد ليغمرك تدريجياً حتى يصير نهراً فائضاً يحملك.. والنضوج يعني أن هناك عمل متزايد من الروح القدس يغمر ويحاصر مساحات جديدة في حياتك ليصير الروح القدس هو المتحكم في أمور جديدة كل يوم. فصلاتك قد تكون حماسية ولكنها غير روحية، ولكن عندما تبدأ مياه الروح ترتفع أكثر فأكثر سوف تسيطر على سجودك وعبادتك. قد تكون من الذين يتأثرون سريعاً في مشاعرهم؛ تفرح سريعاً ثم في أوقات أخرى تجد نفسك مفتقداً للفرح. إن هذا يحدث عندما تسيطر العاطفة عليك، ولكن يجب أن تخضع العاطفة وتتبع قيادة الروح القدس. عندما تُسبح وتُعظم الرب يجب أن يكون هذا بالإيمان، ثم يأتي الروح يملأك ثم تتحرك مشاعرك. وهكذا يتزايد عمل الروح القدس في حياتك ليحاصر ليس فقط صلاتك ومشاعرك بل أيضاً إرادتك وقراراتك، أفكارك وذهنك، إيمانك وتبعيتك. فهل تختبر تزايد عمل الروح القدس في حياتك يوماً بعد يوم؟ هل تختبر أن الروح أصبح يحملك؟ فإن كان هذا يحدث معك، فهذا معناه أن حياتك يحدث بها نضوج من وقت لآخر.. أي أنك تُبطل ما للطفل لتختبر معاملات بها تقديس وتحرير. "لأن هذه المياه تأتي إلى هناك فتُشفى" (حز9:47).. إن النهر فيه قوة شفاء. فعندما تستسلم للروح القدس، عندئذٍ يدخل إلى المناطق المجروحة ويشفيها.. يشفي كل تمرد أو صغر نفس.. ويعطيك شفاء لنفسيتك لكي يصنع الرب منك مؤمناً قوياً ويزيل كل ظلمة. لذا صلِ: "يارب املأني بقوة من روحك القدوس لكي تغمرني وتقودني فتنمو حياتي.. واختبر مراحل من النضوج في علاقتي بك وفي عبادتي وفي تبعيتي لك". · تبعية بالإيمان: "بالإيمان إبراهيم لما دعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيداً أن يأخذه ميراثاً، فخرج وهو لا يعلم إل أين يأتي" (عب8:11). لم تكن تبعية إبراهيم بسبب الأمان المنظور بل بالإيمان. لذا يجب أن تكون تبعيتك للرب ليست في المواقف التي تشعر فيها بالأمان فقط، لأن أمانك مرتبط بالرب ولا يتأثر بالعيان حتى إذا كنت لا تعلم أين سيأخذك الرب أو أين يذهب بك. كما امتحن الرب إبراهيم أيضاً "بالإيمان قدم إبراهيم إسحاق وهو مجرب" (أية17). امتحن الرب إبراهيم وتحدى إيمانه، وكأن الرب يقول له هل تثق أنك معي لن تخسر؟ حتى إذا كان العيان يقول أنه سيفقد ابنه، لكنه لم ينزعج ولم يضطرب. "قدم الذي قبل المواعيد، وحيده الذي قيل له إنه بإسحاق يدعى لك نسل" (أية18:17). لقد تعامل الله مع رجال الإيمان لكي يصنع منهم رجالاً ناضجين. يقول الكتاب: "بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يدعى ابن ابنة فرعون، مفضلاً بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية" (أية25،24). قد تضطر أثناء مسيرتك مع الرب أن تنضم إلى الفريق الذي يبدو مذلولاً أو الأضعف مقدماً تنازلات بخسائر، ولكنك يجب أن تقبل التحدي. "حاسباً عار المسيح غنى أفضل من خزائن مصر لأنه كان ينظر إلى المجازاة" (أية26). إن ثباتك في الإيمان بالرب وتبعيتك له رغم عدم وجود ضمانات ليس معناه أنك لن ترى معجزات الله في حياتك. بل بالعكس، فإن الذين يحيون بهذا الإيمان هم الذين يرون عجائب الله باستمرار وبقوة. فعندما كان بولس الرسول في السفينة وكان السفر خطراً وكاد أن يغرق وكانت المقاومة شديدة، ولكنه تحداها (أع27). في هذا الوقت حدثت المعجزة بل وأنقذ الرب كل مَنْ معه في السفينة. ولكن المرحلة التي قبل المعجزة هي التحدي.. التي فيها امتحن إيمان بولس.. هل سيتبع الرب حتى إذا كان هناك قارب يغرق؟ هل لديك استعداد أن تجازف وتذهب إلى أماكن فيها صعوبات وتحديات لكي تخدم الرب؟ وهل تضع شروطاً للرب أم تتبعه بلا شروط؟ · اتبع الرب باصرار واستمرار: ".. لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا" (عب1:12). وتأتي كلمة "الجهاد" في هذه الأية بمعنى "السباق". استخدم بولس الرسول تعبيرات مأخوذة من المسابقات والرياضات الرومانية. "ألستم تعلمون أن الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون ولكن واحد يأخذ الجعالة؟" (1كو24:9). إن المؤمن يجب أن يأخذ حياته الروحية بمأخذ الجدية وكأنه في سباق.. يحيا لهدف.. يريد أن يحقق دعوة الله ويأخذ المكافأة، ولهذا يتبع الرب تبعية ناضجة حتى إذا كان هذا يسبب له إجهاداً أو تعباً. أحبائي.. هناك مؤمنين لا يريدون أن يأخذوا من الحياة الروحية سوى الأشياء الرائعة المبهرة فقط، يريدون أن يروا كل شيء سهلاً.. يريدون أن يكونوا مع شعب الله عندما رأوا البحر وقد شُق.. والعدو غارق.. يفرحون عندما يروا المَنْ النازل والصخرة تخرج ماءً، لكنهم لا يستطيعون الاحتمال عندما يتبعهم فرعون سائراً وراءهم إلى البحر.. أو عندما تتأخر تسديد الاحتياجات بضعة أيام. إنهم على استعداد أن يكونوا مع المسيح على الجبل ليروا مجده، ولكن صعب عليهم أن يتبعوه في التعب والسهر والبحث عن الخراف الضالة أو إلى جثيماني!! إن الذين دُعوا لخدمة الرب لم يُدعوا ليكونوا في نزهة روحية بل عليهم أن يحيوا كرجال لله، فتصبح دعوتهم كذبيحة يضيعون فيها كل حياتهم لأنهم يحبون الرب. وهكذا يتبعونه بإصرار ويستمرون في السباق الموضوع أمامهم. "ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله الرب يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي" (عب2:12). نعم كانت مهمة الرب يسوع هي فداء البشرية، ولكنه كان في الواقع أيضاً يحقق مشيئة الآب. "أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت" (مز8:40). احتمل يسوع الصليب مستهيناً بالخزي لكي يحقق مشيئة الآب.. أهين من أجل تحقيق دعوته؛ فقد سخروا به.. وتفل عليه.. ووضعوا إكليل الشوك على رأسه.. وتخلى عنه أقربائه، أما هو فقد استهان بكل هذا. انظر ماذا يقول لنا كاتب العبرانيين "فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم" (أية3). فهل هذا هو منهج تفكيرك وهل لديك هذا النضوج؟ هل المسيح الذي أصر أن يرضي الآب - مهما كانت التكلفة - هو المثال في حياتك؟ وهل بالفعل أنت مستعد لاحتمال أية مقاومة لك بنعمة الرب حتى تتمم دعوتك؟؟ أم لعلك تهرب متذمراً أن الرب قد تخلى عنك، أو أن هذه الصعوبات تجعلك تظن أن هذه ليست دعوة الله لك لأن الطريق ليس مريحاً ولا تشعر فيه بالتلذذ مع الرب!!؟ فلا تقبل عزيزي القارئ أفكاراً بعيدة عن الفكر الإلهي.. بعيدة عن يسوع الذي من أجل حبه لك مات مقدماً نفسه لك ذبيحة. فالذي يتبع الرب يتبع خُطاه.. "وحيث أكون أنا هناك أيضاً يكون خادمي" (يو26:12). يخبرنا الكتاب في قصة جدعون أن الذين معه كانوا كثيرين جداً، ولكن الرب قال له "أنا أنقيهم لك" (قض4:7).. امتحن الرب إخلاصهم واختار منهم ثلاث مائة فقط وأما الباقين فلم يصلحوا، وهؤلاء الثلاث مائة هم الذين قيل عنهم فيما بعد ".. معيين ومطاردين" (قض4:8). هؤلاء الذين تعبوا في المعركة.. كانوا جائعين بلا طعام. ورغم أن أحداً من حولهم رفض أن يمد يد العون ويطعمهم، إلا أنهم ظلوا راسخين، مثابرين ومستمرين حتى أكملوا دعوتهم. لم تتذبذب تبعيتهم أو إصرارهم في خدمة السيد وتتميم معركتهم. فهل لديك هدف لتتبع الرب حتى إذا كنت متعباً أو مجهداً؟ وهل تُنهي عاماً تاركاً فيه الخوف وتتبع الرب بجدية؟ لذا عندما تمتحن دعوتك وتبعيتك هل تكون رجلاً وتظل ثابتاً؟ قال بولس الرسول: "بمجد وهوان، بصيت رديء وصيت حسن" (2كو8:6). فسواء في مجد أو في هوان أو في أي ظروف يجب ألا تتذبذب تبعيتك للرب لأنك تحبه وأعطيته حياتك كما هو أحبك أولاً وأعطاك حياته. لقد احتمل يسوع في دعوته كثيراً من التعب، وقال يوماً: " للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار أما ابن الإنسان ليس له أين يسند رأسه" (مت20:8، لو58:9). قال أحدهم للرب ائذن لي أن أودع مَنْ في بيتي قبل أن أتبعك. فقال له الرب: "ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله" (لو26:9). فهل تتبع الرب بجدية وحسم أم تضع يدك على المحراث وتنظر للخلف؟ لذلك اجعل عبادتك وتسبيحك للرب بكل قلبك وبحب.. تخدمه وتشهد لدعوته حتى في التعب وفي أثناء الامتحان أيضاً. يخبرنا الكتاب في سفر الأعمال عن المؤمنين الذين كانوا ممتلئين بالروح ويكرزون كرازة عظيمة، ورغم ذلك كانت هناك مقاومة "أن الذين تشتتوا من الضيق جالوا مبشرين بالكلمة" (4:8). فهناك امتحان للحب وللبذل والتبعية. فهل تأتي اليوم وتطلب من الرب أن يكون العام الجديد عام نهاية، تقلب فيها كل صفحة بها طفولة.. بها خداعات ومقارنات الاطفال؟ وإذا كنت أعطيت حياتك للرب منذ وقت، هيا جدد عهد تبعيتك له واطلب منه أن يخلصك من كل ردود أفعال خاطئة.. يخلصك من الذاتية.. ومن أي طفولة مازالت لم تتعرض لمعاملات النمو والنضوج. وإذا كنت لم تختبر أنك أعطيت حياتك للرب يسوع، هيا الآن سلمه حياتك وأطلب أن يأتي إليها ليغيرك ويخلصك بدمه لأن مياه التغيير تأتي من تحت ذبيحة المسيح، ولتأتي مياه الروح القدس وتغمرك بفيض لتحملك. والآن صلِ معي هذه الصلاة أيها الآب السماوي باسم ابنك الحبيب يسوع المسيح آتي إليك في بداية هذا العام طالباً أن تأتي إلى حياتي وتزيل كل أمور بها طفولة وعدم نضوج. تعال يارب بمياه الروح القدس وبفيض يحملني إلى معرفة وفهم وإدراك كل ما على قلبك لحياتي. ولتمنحني يارب قوة لكي لا اهتز أمام أي مقاومة تقابلني أو تحديات، لكي أكون ثابتاً في محبتك وفي تبعيتي لك، فتصنع مني جندياً يحيا لتحقيق مشيئتك في حياتي ولكي أكون شاهداً عنك ونافعاً في الخدمة ولامتداد ملكوتك على الأرض آمين |
|