وهي تلك التي تتصور فيها عبادة المادة في أبشع صورها، حيث تصبح الخدمة المكرسة تجارة هدفها جمع المال وقد أشرنا إليها إشارة عامة في مقدمة هذا الموضوع. تلك التي لا ينطبق عليها سوى وصف السيمونيه... لأننا نرى أن السيمونية ليست فقط هي شراء وضع اليد بالمال، ولكنها تكون أيضا في المساومة المالية على منح أي خدمة كنيسة، فمن يدفع قليلًا ينال خدمة قليله، ومن يدفع كثيرا ينال خدمة أكثر، ومن ليس له ويكون محتاجا للرعاية والاهتمام لا يجد سوى الفتات الساقط من موائد خدمات تؤدي للقادرين والأغنياء!!!، ولذلك فإن طابع الخدمة المادية المميز هو التركيز على رعاية الأغنياء والقادرين، حيث نجد أن معظم جهد الخدمة موجه إلى هذه الفئة، وفي داخل أسرهم، كأن هؤلاء فقط هم الذين يعنون بالرعاية!!، فالافتقاد لا ينم ألا لهم، والخدمات الكنسية تؤدي لهم بالتفصيل، ودون أي نقص في شعائرها وطقوسها، والمجاملة نجدها واضحة معهم، فمن يخطئ منهم لا يحاسب، ومن يطلب اجراء استثنائيا في أي خدمة كنيسة نجد أنه من الممكن أن يكون له هذا. أما الفقير والمحتاج فقد لا نجد بالنسبة له سوى الازدراء وربما الطرد، وعلى الأقل السلبية في الرعاية، وقد نينا أن مثل هؤلاء سيستقبلوننا في المظال الأبدية (لو9:16) حيث يجيب الملك ويقول الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم (مت40:25).
أن النظرة الأمنية للخدمة تضع مثل هؤلاء في المرتبة الأولى لأنهم هم الفئة المحرومة التي كانت خدمة الأغنياء والقادرين لها أيضا أهميتها خاصة أنها الفئة التي قد يغريها الجاه والمال ويبعدها عن المسيح، لكن لا يمكننا أن نتصور أن يكون تركيز الخدمة كله على هذه المجموعة فقط...!! ويقول حزقيال النبي عن مثل هذه الرعاية هذه الكلمات "هكذا قال السيد الرب للرعاة ويل لرعاة إسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم. ألا يرعى الرعاة الغنم؟ تأكلون الشحم وتلبسون الصوف، وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم. المريض لم تقووه، والمجروح لم تعصبوه، والمكسور لم تجبروه، والمطرود لم تستردوه، والضال لم تطلبوه، بل بشدة وبعنف تسلطتم عليهم فتشتت بلا راع وصارت مأكلًا لجميع وحوش الحقل وتشتت" (حز2:3 -5).