النسر يرمز للسيد المسيح
1- النسر يرمز للسيد المسيح:
أ- في قيامته: لأن النسر له المقدرة أن يرتفع حتى لا يمكن رؤيته، وله المقدرة أيضاً على النظر في الشمس في وسط النهار، كما أنه يُجدًد ريشه في وقت مُعيًن مِن السنة، لذلك فهو يرمز إلى قيامة المسيح. ولذلك أيضاً أعتبر النسر رمز خاص للبشير يوحنا الإنجيلي، لأن يوحنا ركز في إنجيله على إظهار ألوهية الرب يسوع، إذ بدأ إنجيله بقوله: "في البدء كان الكلمة. والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة الله" (يو1: 5).
ولذلك نجد أن بعض المنجليات التي يوضع عليها الكتاب المقدس لقراءة البشائر تكون بشكل نسر له أجنحة.
ب- في عنايته بشعبه:
فقد عُرفت النسور
برعايتها الفائقة لصغارها، إذ تحوم حولها حتى تقدر النسور
الصغيرة على الطيران. وحينما أراد الله أن يُعلن عنْ محبته لشعبه ورعايته لهم، قال: "وجده في أرض قفر وفي خلاء مستوحش خرب. أحاط به ولاحظه وصانه كحدقة عينه" (تث32: 10). "وكما يُحرك النسر عشه وعلى فراخه يرف ويبسط جناحيه ويأخذها ويحملها على مناكبه، هكذا الرب وحده اقتاده وليس معه إله أجنبي" (تث32: 11، 12). فما هي الأرض القفر إلا برية سيناء التي عال الرب فيها شعبه 40 سنة، وصار كسحابة تُظللهم في النهار وعمود نور يُضئ لهم في الليل ويقودهم. "وصانه كحدقة عينه"، فهذا أمر عجيب وفائق في تقدير الله للإنسان، فهو يهتم به ويحفظه ويصونه كمن يُريد أن يحفظ بصره.
ويُحرًك
النسر عشه ثم يبسط جناحيه ويرف على صغاره لكي يُلزمهم على الاستعداد لترك العش والتمرن على الطيران، هكذا حرك الله كُل ما هو حول شعبه بالضربات العشر لكي يُحركهم للرحيل مِن أرض مصر والطيران في البرية، لكي يدخلوا إلى أرض الميعاد أو بالأحرى لكي يحملهم إليه، إذ يقول: "وأنا حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إلىً" (خر19: 4).
فإن محبة النسور لصغارها ليس بأن تحميها فحسب، بل أن تُعلًم صغارها وتُدربهم على الطيران، فهي ليست محبة خاملة، قاتلة لهم، لكنها محبة عاملة تسند الصغار وتهبهم إمكانيات جديدة. هكذا يُحرك الله حياتنا لكي تنطلق في برية هذا العالم وسط الآلام كمن يطير إلى حضن الله، ونجد لنا فيه استقراراً وراحة، إنه لا يُحركنا نحو الحياة المُترفة المُدللة، لكن لكي يحمينا ويُحوط حولنا، وفي نفس الوقت نطير كما إلى السماء غير مُبالين بضيقات العالم وتجاربه
،وكأنما أراد أن يًوضح محبته لنا إذ حملنا بالروح القدس على أجنحة النسور وجاء بنا إليه، أي إلى أحضانه الإلهية، لنختبر أحشاء رأفته ومحبته ونتعرف على أُبوته.