رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في سفر عوبديا السفر يتلخص في سرد أخطاء آدوم وتأديب الرب له. "رؤيا عوبديا. هكذا قال السيد الرب عنْ أدوم. سمعنا خبرَا مِن قِبل وأُرسل رسول بين الأمم. قوموا ولنقم عليها للحرب. إنى قد جعلتُك صغيرَا بين الأمم. أنت مُحتقرُ جدَا. تكبُر قلبك قد خدعك أيها الساكن في محاجئ الصخر رَفْعَة مقعده القائل في قلبه مَنْ يُحدرنى إلى الأرض. إن كُنت ترتفع كالنسر وإن كان عُشك موضوعَا بين النجوم فمن هناك أُحدرك يقول الرب. إن أتاك سارقون أو لصوص ليل. كيف هلكت. أفلا يسرقون حاجتهم. إن أتاك قاطفون أفلا يُبقون خُصاصة. كيف فُتٍش عيسو وفُحصت مخابئه. طردك إلى التُخم كُلُ مُعاهديك. خدعك وغلب عليك مُسالموك. أهلُ خُبزك وضعوا شركَا تحتك. لا فهم فيه"(الآيات مِنْ 1-7). تُبيًن هذه الآيات أخطاء أدوم: 1- كبرياء قلبه:وجاء كبريائه مِنْ اعتماده على قوة الصخور التي يسكن بينها، وظن أنه بعيد عنْ كُل يد ولا يقدر أحد أن يغلبه أو يعتدي على أرضه. ولذلك نجد الرب يقول له: "إنى قد جعلتك صغيرَا بين الأمم. أنت مُحتقر جدَا. تكبر قلبك قد خدعك". وفى هذا يقول الرب: "الكبرياء والتعًظم وطريق الشر والأكاذيب أبغضت"(أم8: 13). ويقول سُليمان الحكيم: "تأتى الكبرياء فيأتى الهوان. ومع المتواضعين حكمة"(أم11: 2). ويقول أيضَا: "كبرياء الإنسان تضعه. والوضيع الروح ينال مجداَ"(أم29: 23). ويقول أيضَا: "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح"(أم16: 18). ويقول السيد المسيح: "إن الذي يخرج مِن الإنسان ذلك يُنجًس الإنسان لأنه مِن الداخل مِنْ قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة زنى فِسق قتلْ سرقة طمع خُبث مكر عهارة عين شريرة تجديف كبرياء جهل. جميع هذه الأشياء تخرج مِنْ الداخل وتُنجٍس الإنسان"(مر7:20- 22). تأمل: ونحن أيضَا أحيانَا يكون كُل اعتمادنا على المال أو نسب العائلة أو علاقاتنا بذوي السُلطان أو على عقلنا ومواهبنا أو على كثرة معارفنا أو على قُدراتنا الجسدية. مع أن الكتاب المقدس يوصينا بضرورة الاتكال على الرب:
2- إحساس أدوم بأنه ذو حكمة: "طردك إلى التُخم كُلُ مُعاهديك. خدعك وغلب عليك مُسالموك. أهل خُبزك وضعوا شِركَا تحتك. لا فهم فيه. ألا أُبيد في ذلك اليوم يقول الرب الحكماء من آدوم والفهم مِنْ جبل عيسو. فيرتاع أبطالك يا تيمان. لكي ينقرض كُل واحد مِنْ جبل عيسو بالقتل" (الآيات 7-9). بالرغم مِنْ أن عيسو يظن أنه حكيم، إلا أن الرب يصفه بأنه "لا فهم فيه". يبدو أن حكمة آدوم كانت مِن هذا العالم، أي حكمة ماكرة، كما يقول الكتاب: "لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله. لأنه مكتوب الآخذ الحكماء بمكرهم"(1كو3: 19). ويقول أيضَا: "لأنهم لما عرفوا الله لم يُمجدوه أو يشكروه كإله بل حمِقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبى. وبينما هم يزعمون أنهم حُكماء صاروا جهلاء"(رو1: 21، 22). فقد كان آدوم أحمق وبلا فهم حينما اشترك مع الأعداء ضد إخوته بنى يهوذا، لقد امتلأ غيرة منهم وحقد عليهم، مع أن يعقوب الرسول يقول: "منْ هو حكيم وعالم بينكم فليُر أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة. ولكن إن كان لكم غيرة مُرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق. ليست هذه الحكمة نازلة مِنْ فوق بل هي أرضية نفسانية شيطانية. لأنه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكُل أمر ردئ. وأما الحكمة التي مِن فوق فهى أولَا طاهرة ثم مُسالمة مُترفقة مُذعنة مملوًة رحمة وأثمارَا صالحة عديمة الريب والرياء. وثمر البر يُزرع في السلام مِن الذين يفعلون السلام"(يع3: 13-18). وكانت نتيجة جهل آدوم، أنه بعد أن استخدمه الأعداء لأغراضهم، انقلبوا عليه وطردوه مِنْ البلاد، وصار بلا مأوى، وكما يقول الكتاب: "بطئ الغضب كثير الفهم. وقصير الروح مُعلًى الحَمق. حياة الجسد هدوء القلب ونخر العظام الحسد...... الشرير يُطرد بشرهِ"(أم14: 29-31). 3- ظُلمه لأخيه يعقوب: "مِن أجل ظُلمك لأخيك يعقوب يغشاك الخزى وتنقرض إلى الأبد. يوم وقفت مُقابله يوم سبت الأعاجم قُدرته ودخلت الغرباء أبوابه وألقوا قرعة على أورشليم كُنت أنت أيضَا كواحد منهم. ويجب أن لا تنظر إلى يوم أخيك يوم مصيبته ولا تشمت ببنى يهوذا يوم هلاكهم ولا تفغر فمك يوم الضيق. ولا تدخل باب شعبى يوم بليتهم. ولا تنظر أنت أيضَا إلى مُصيبته يوم بليته ولا تمد يدَا إلى قُدرته يوم بليته. ولا تقف على المفرق لتقطع مُنفلتيه ولا تُسلًم بقاياه يوم الضيق. فإنه قريب يوم الرب على كُل الأمم. كما فعلت يُفعل بك. عملك يرتد على رأسك. لأنه كما شربتم على جبل قُدسى يشرب جميع الأمم دائمَا يشربون ويجرعون ويكونون كأنهم لم يكونوا"(الآيات من 10-16). - وقف آدوم مع الأعداء ضد أخيه. - شمت في أخيه يوم بليته، إذ كان يقف ليُميت منْ يفلتون منْ يد الأعداء. والرب يُعلن له: يغشاك الخزي وتنقرض إلى الأبد. لذلك صلى داود قائلَا: "فليخزى وليرتد إلى الوراء كُل مُبغضى صهيون. ليكونوا كعُشب السطوح الذي ييبس قبل أن يُقلع"(مز129: 5، 6). ليته تذكر كلمات الرب هذه. ويا ليته عمِل بقول الحكيم: "الأخ أمنع مِن مدينة حصينة. والمُخاصمات كعارضة قلعة"(أم18: 19). وبوصية الرب القائلة: "إذا إفتقر أخوك وقصُرت يده عندك فأعضده غريبَا أو مستوطنَا فيعيش معك. لا تأخذ منه ربا ولا مُرابحة بل إخش إلهك فيعيش أخوك معك.... وإذا إفتقر أخوك عندك وبيع لك فلا تستعبده إستعباد عبد"(لا25، 35، 39). وأيضَا: "لا يذم بعضكم بعضَا أيها الإخوة. الذي يذم أخاه يذم الناموس ويدين الناموس"(يع4: 11). "منْ قال أنه في النور وهو يُبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة. منْ يُحب أخاه يثبُت في النور وليس فيه عثرة. وأما منْ يُبغض أخاه فهو في الظلمة يسلك ولا يعلم أين يمضى لأن الظلمة أعيت عينيه"(1يو2: 9-11). لذلك قال له الرب: "كما فعلت يُفعل بك. عملك يرتد على رأسك". تأمل: لقد أعطانا الرب مثل السامري الصالح (لو10: 29-37)، لكي يُعلمنا أن نفعل الخير للكُل، وبالأولى مع أقربائنا بالجسد. وبولس الرسول يقول: "إن كان أحد لا يعتنى بخاصته ولا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو شرٌ منْ غير المؤمن"(1تى5: 8). ويقول أيضَا: "حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان"(غل6: 10). أقول هذا لأننا أحيانَا كثيرة نكون لطفاء مع الغير، أما أهل البيت فلا يروا منًا سوى الإهمال والجفاء. لذلك يُوصينا الرب قائلَا: "كُل ما تريدون أن يفعل الناس بكم إفعلوا هكذا أيضَا بهم. لأن هذا هو الناموس والأنبياء"(مت7: 12). النجاة في جبل صهيون: "وأما جبل صهيون فتكون عليه نجاة ويكون مُقدسَا ويرث بيت يعقوب مواريثهم. ويكون بيت يعقوب نارَا وبيت يوسف لهيبَا وبيت عيسو قشَا فيُشعلونهم ويأكلونهم ولا يكون باقٍ مِنْ بيت عيسو لأن الرب تكلم. ويرث أهل الجنوب جبل عيسو وأهل السهل الفلسطينيين ويرثون بلاد أفرايم وبلاد السامرة ويرث بنيامين جلعاد. وسبى هذا الجيش مِنْ بنى إسرائيل يرثون الذين هم مِنْ الكنعانيين إلى صرفة. وسبى أورشليم الذين في صفارد يرثون مُدن الجنوب"(الآيات مِنْ 17-20). أما جبل صهيون فالمقصود به أورشليم، وهى ترمز للكنيسة وللحياة الأبدية. كما يقول النبي: "الرب مِنْ صهيون يُزمجر ومِنْ أورشليم يُعطى صوته فترجف السماء والأرض. ولكن الرب ملجأ لشعبه وحصن لبنى إسرائيل. فتعرفون أنى الرب إلهكم ساكنَا في صهيون جبل قدسى وتكون أورشليم مُقدسة ولا يجتاز فيها الأعاجم في ما بعد"(يؤ3: 16، 17). لقد ترك بنو إسرائيل أورشليم، ولم يبقى فيها سوى سبط يهوذا، لذلك يدعوا الرب البعيدين ليرجعوا إلى حضن الآب في أورشليم. هذه هي رغبته مِنْ البداية، إذ طلب مِن موسى أن يبنى له خيمة لكي يسكن في وسط شعبه، وسماها خيمة الاجتماع، التي يتراءى فيها الرب كُل حين. إنه في وسطنا كُل يوم على المذبح، يُنادى على الكُل: "تعالوا إلىً يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم. إحملوا نيرى عليكم وتعلموا منى. لأنى وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لأن نيرى هيٍن وحملى خفيف"(مت11: 28-30). ويكون المُلك للرب: "ويصعد مُخلٍصون على جبل صهيون ليدينوا جبل عيسو ويكون المُلك للرب"(آية 21). ممكن أن تكون هذه الآية إشارة للأبدية. وكما قال الملاك للعذراء مريم، يوم بشرها بالحبل المُقدس، أن المولود منها سوف يملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية (لو1: 33). وكما بوًق الملاك في سفر الرؤيا: "فحدثت أصوات عظيمة في السماء قائلة قد صارت ممالك العالم لربنا ولمسيحه فسيملك إلى أبد الآبدين"(رؤ11: 15). فطوبى للمدعوين إلى عشاء عُرس الخروف، حيث مسكن الله مع الناس: "هو سيسكن معهم وهم يكونون له شعبَا والله نفسه يكون معهم إلهَا لهم. وسيمسح الله كُل دمعة مِن عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت. وقال الجالس على العرش ها أنا أصنع كُل شيء جديدَا. وقال لى أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة. ثم قال لى قد تم. أنا هو الألف والياء البداية والنهاية. أنا أعطى العطشان مِنْ ينبوع ماء الحياة مجانَا. منْ يغلب يرث كُل شيء وأكون له إلهَا وهو يكون لى إبنَا"(رؤ21: 3-7). ومنْ يُريد أن يملك الرب عليه مِنْ الآن، يعيش في طاعة وصاياه، ويُحب الرب مِن كُل قلبه ومِن كُل فكره ومِن كُل قدرته ويُحب قريبه كنفسه. منْ يفعل هذا فإنه يحيا الحياة الأبدية مِن الآن وهو في هذا الجسد، كما قال الرب يسوع في صلاته في البستان: "هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته". |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تأملات فى حياة الانبا انطونيوس | قصة حياة الانبا انظونيوس يرويها قداسة البابا شنودة |تأملات 2022 |
تأملات مُختصرة في نبوه عوبديا |
تأملات في سفر عوبديا |
عوبديا - مقدمة في سفر عوبديا |
سفر عوبديا |