بين الخاطئ والبار فرقًا في الأبدية
هناك لن يكون هكذا، بل أمر آخر ونظام مختلف. لأن جهاد البار في هذا العالم شيء، والخاطئ شيء آخر. لأن البار في جهاده لم يشبع البطن، ولم يهتم بالعالم في أعماله مطلقًا، ولم يفكر في لباس الجسد، بل كان يجاهد الليل والنهار باحثًا عن الله، ومرات كثيرة لم يشبع من النوم، ولم يسر نفسه بالخبز والماء، وقد تاه في البرية القفرة، وأرهق جسده بأتعاب كثيرة، لكي ينال الإكليل الذي لا يفنى المحفوظ له. أما الخاطئ فلم يتعب بضيقات شديدة من أجل البر، بل كان تعبه لأجل هذا العالم البائس الشقي، وبسبب النساء بل لم يكتفِ بكل هذا، بل قضى وقته في الحسد والشر. فهؤلاء لم يتعرفوا على الأناس المهتمين، بل صاروا عميانًا بانشغالهم بأمورهم الدنيوية، وبالتفكير الكثير في العالميات، وتاهوا، ورتبوا لأنفسهم جنديًا بلا شفقة (أي الملاك الذي يأخذ نفوس البشر)، ولم يندهشوا من منظره، ولم ينالوا نعمة البتة. نفوسهم انقادت في الحياة بملائكة قاسية، وقد قبلوا أن يسلبوهم من الله. ولأنهم حمقى فقد عملوا بتعب شديد في هذا العالم الأرضي، وبسبب هذا وصلوا إلى هلاكهم الروحي.