رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو الفداء؟ لا سبيل للحصول على الغفران أو التمتع باللّه إلا إذا تم أولاً إيفاء مطالب عدالته وقداسته بوسيلة ما. لكن الذين لا يدركون هذه الحقيقة، أو يدركونها لكن يتغاضون عنها لعدم معرفتهم بكيفية إتمامها، يريحون ضمائرهم من جهة الغفران والتمتع باللّه، بترك الأمر إلى رحمته. ونحن وإن كنا نعتز برحمة اللّه كل الاعتزاز، ونؤمن أنه لا حد لها على الإطلاق، وأنها وحدها هي الكفيلة بالإتيان إلينا بالصفح والغفران، لكن لكيلا يكون الاعتماد عليها مؤسساً على مجرد الأمل، بل على الحق والواقع نقول: لنفرض أن قضية رُفعت إلى قاض مشهور بالرحمة والرأفة، لكنه إلى ذلك يقدّس العدل ولا يفرّط في حق، فهل يجوز للمذنب أن يُطمْئِن نفسَه بأن هذا القاضي سيبرئ ساحته لأن قلبه الرحيم الرؤوف لا يرضى بتوقيع العقوبة القانونية عليه؟ (الجواب) طبعاً لا. وعلى هذا النسق تماماً نقول: بما أن اللّه كما أنه رحيم رؤوف هو عادل وقدوس أيضاً، إذاً لا يجوز أن نُطَمْئِن نفوسنا بما هو عليه من رحمة ورأفة، قبل أن نعرف الوسيلة التي تؤهلنا للتمتع بها دون الإجحاف بمطالب عدالته وقداسته، فما هي الوسيلة يا ترى؟ الجواب: بما أننا لا نستطيع بالصلاة والصوم والتوبة والأعمال الصالحة أن نفي مطالب عدالة اللّه وقداسته التي لا حد لها.. وبما أن عدالة اللّه وقداسته لا تقلان في شيء عن رحمته ومحبته، بسبب كماله المطلق وتوافُق كل صفاته معاً كما ذكرنا. إذاً إن كان هناك مجال للتمتع بالغفران والقبول أمام اللّه (ومن المؤكد أن يكون هناك مجال للتمتع بهما، لأن صفتي الرحمة والمحبة في اللّه لا يمكن أن تكونا بلا عمل) ، لا بد من الفداء أو التعويض، أو بالحري لا بد من إيفاء مطالب عدالة اللّه وقداسته بواسطة كائن عوضاً عنا. وإيفاء هذه المطالب يستلزم طبعاً من هذا الكائن أن يقبل على نفسه القصاص الذي نستحقه بسبب خطايانا تنفيذاً لمطالب عدالة اللّه، وأن يهبنا أيضاً طبيعة روحية تجعلنا أهلاً للتوافق مع اللّه في صفاته الأدبية السامية تنفيذاً لمطالب قداسته. أما الفداء في اللغة العبرية فهو الترضية وإزالة الأحقاد بعد دفع التعويض. وفي اللغة العربية هو الإنقاذ وليس بدون مقابل، بل بعد تقديم التضحية اللازمة. وقد تكون هذه التضحية مالاً أو غير مال. جاء في القاموس المحيط فداه أي دفع شيئاً فأنقذه، ويكون قد اشتراه ثانية. أما في اللغات الأوروبية فيُراد بالفداء أربعة أمور:
نشأة الفداء أن آدم عندما أكل من الشجرة المنهي عنها ومات موتاً أخلاقياً، لم ينفذ اللّه فيه وقتها حكم الموت الجسدي الذي أنذره به في حالة العصيان، كما أنقذه من الموت الأبدي الذي هو العقاب الذي كان سيتعرض له في العالم الآخر، وذلك بتوقيع الموت على حيوان عوضاً عنه. وإن كانت هذه الذبيحة الحيوانية في حدّ ذاتها غير كافية للفداء، لكن لأنها كانت رمزاً إلى ذبيحة عظمى في نظر اللّه، لذلك اكتسبت وقتئذ شرعاً قوة الفداء. ولبيان هذا نقول: سجَّل الوحي أن اللّه بعدما اقتاد آدم وحواء للاعتراف بعصيانهما والندم عليه، صنع لهما أقمصة من جلد وألبسهما (تكوين ٣: ٢١) . وبما أن كل كلمة موحى بها تُستعمل في معناها الصحيح، لذلك لا بدّ أن اللّه لم يخلق هذه الأقمصة من العدم بل صنعها. ولما كانت صناعتها تستلزم وجود جلد وقتئذ تُصنع منه، واللّه لم يخلق جلداً بمفرده، بل خلق حيوانات يكسوها الجلد، إذاً فمن المؤكد أنه بوسيلة ما تمَّ ذبح حيوانين، ومن جلدهما صُنعت هذه الأقمصة. فإذا تأملنا الظروف المحيطة بهذا الموضوع، يتضح لنا أن الغرض من ذبح الحيوانين المذكورين لم يكن لمجرد الحصول على الجلد، بل للتكفير بهما (أو بالحري التعويض بهما) عن آدم وزوجته. وذلك للأسباب الآتية:
|
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هل هناك فرق بين عمل الفداء، واستحقاق الفداء |
علي من ينتقد شريعة الفداء الحق واثبات معتقد " الفداء العنصري " |
الفداء |
الفداء |
ثمن الفداء ... |