الأجسام ذات اللحم والدم لا يمكنها أن ترث ملكوت الله ، كما لا يمكن للمنحل أن يرث غير المنحل " 1قو 50:15"
جسد الأنسان هو الهيكل الذي يحمل الروح ، وبما أنه مادة والمادة تتكون من عناصر، فلا بد من أن تنحل وتنتهي ( 2 بط 10:3 ) . قال الرب يسوع ( الروح هو الذي يعطى الحياة ، أما الجسد فلا يفيد شيئاً ) " يو 63:6" . كلمة يسوع ترشدنا لكي نعلم بأن الجسد فاني . أما الروح فخالد . الجسد سينحل في هذا العالم ، أما الروح فيرتفع الى عالم الأرواح . فعلى كل مؤمن أن يتوق الى ذلك العالم الغير المرئي ويترفع عن مغريات هذا العالم ، فيكون أهتمامه الأول هو اللقاء بوجه الله . أذاً الموت ربح لنا كما قال الرسول بولس ( لي الحياة هي المسيح ، والموت ربح لي ) هكذا كان بولس وقديسين كثيرين يشتاقون الى الموت ويطلبوه من الرب لغرض الدخول في حياة جديدة مع الرب يسوع . تلك الحياة خالية من الجوع والعطش والتعب والخوف والمرض ولا يكون فيها الوجع والمعانات هذه هي الحياة بعد الموت . لهذا قال لنا الرب في سفر الرؤيا ( ... طوبى للأموات الذين يموتون في الرب ، نعم يقول الروح ، لأنهم سيريحون من أتعابهم ) هكذا يدخلون الى راحة الله المعدة لهم فقط وحسب قول الرب يسوع لليهود الغير المؤمنين ( لن يدخلوا راحتي ) أنها غالية جداً والحرمان منها هو الأبتعاد الأبدي من وجه الله . فنهاية كل أنسان مؤمن وملتزم بوصايا الله ستكون الراحة الأبدية ، وكما قال ملاك الرب لدانيال النبي "12" ( أما أنت فأذهب الى النهاية لتستريح ) . كما أكد أيوب موضوع راحة المؤمن بقوله ( كما يتشوق العبد الى الظل ، وكما يترجى الأجير أجرته . هكذا يشتاق المؤمن الى الراحة الأبدية ) .
يجب أن لا نفرح بمدن هذا العالم ومقتنياتها بل بمدن السماء الخالدة الى الأزل فعلينا أن نقول مع كاتب رسالة العبرانيين ( ليس لنا هنا مدينة باقية . وأنما نسعى الى المدينة الآتية ) " عبر 14:3" . في تلك المدينة نجد الحرية . أرواحنا مسجونة في سجن أجسادنا فمتى ما تحررت من قيود الجسد سنشعر بالحرية . هكذاهذا العالم هو سجن لنا ، لا نتحرر منه الا بالموت ، وكما يقول المزمور 142 ( أخرج من الحبس نفسي ) وهذا ما تعلمناه من العهد الجديد على لسان سمعان الشيخ . قائلاً ( أيها السيد ، الآن تطلق عبدك بسلام حسب وعدك ! ) " لو 29:2" . كذلك بولس قال ( لي أشتهاء أن أنطلق ) كل هذه التعبيرات تشير الى أن الروح مسجونة في داخل الجسد وبالموت ستنال الحرية . سئل الفيلسوف الكبير سقراط عن سبب فرحه وهو يتناول كأس النبيذ مع رفاقه قبل أعدامه ، فقال ( لأن روحي ستتحرر من سجن الجسد ، فتنطلق حرة في العالم الواسع ) هكذا ستنطلق روح المؤمن الى الأعالي لكي تلتقي مع الخالق فتتمتع به كما تمتع الرسل الثلاث بوجه الله المتجلي في الرب يسوع ، فقال بطرس ( جيد يا رب أن نكون ههنا ...) .
هكذا يحصل المؤمن المتحرر من الجسد بعد الموت على الفرح فيشفى من الآلام والقهر والبكاء والدموع لأن الله ( سيمسح كل دمعة من عيونهم ، والموت لا يكون فيما بعد ، ولا يكون حزن ولا جراح ولا وجع فيما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت ) . هكذا سيصل المؤمن الى الفرح الدائم الذي وعد به يسوع رسله ، قائلاً ( عندكم الآن حزن ولكني سأراكم فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم ) " يو 16" . بهذا أشار الى لقائه مع الرسل بعد القيامة ، وبعد ذلك بلقائه الدائم معهم في السماء .
في الختام نقول ، أن المؤمن في السماء سيعيش في فرح دائم طاهراً مبرراً ، علماً بأن الله يريدنا أن نكون قديسين مثله ونحن على الأرض ( كونوا قديسين كما أنا قدوس ) لكن عندما نترك الجسد سوف ينعم علينا الله بكل ما كان ينقصنا عن الكمال الروحي كعطية منه لكي نكتمل بعد خروجنا من الجسد بسبب الموت . كما قال مار بولس في رسالته الى تسالونيكي ( اله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ) . هكذا تكتمل رحمة الله بضعفنا لكي تنقذنا من سلطان الموت الأبدي الى الفرح الذي لا يزول . لهذا نقول لا للموت سلطان علينا لأن الرب يسوع غلب الموت بموته على الصليب لكي يحيا كل من يؤمن به ، فيقول ( أبتلع الموت الى غلبة ، أين شوكتك ياموت ؟ أين غلبتك يا هاوية ) " 1قو 15: 54-55" .
ولألهنا كل المجد .