منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 30 - 06 - 2014, 03:54 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,771

بالتجسد عرفنا الله
لقد كان من المستحيل على الإنسان أن يعرف بذاته الله المعرفة الحقيقية، لهذا كان لابد أن يعلن الله ذاته للإنسان عن طريق التجسد لأنه يستحيل على الإنسان أن يعرف الله إلاَّ بواسطة الله، فمن السهل أن يتنازل الآب العبقري الذي يحمل أعظم الشهادات العلمية إلى ابنه الصغير يتفاهم معه بلغته البسيطة، ولكن يستحيل على هذا الابن الصغير أن يصعد إلى مستوى أبيه العلمي والأدبي ويتفاهم ويتحاور ويجادل معه بلغة العلم والعلماء، ولذلك كان من أهداف التجسد أن يهب السيد المسيح المعرفة الإلهية للإنسان، فلم يقدم ذاته ذبيحة ويتمم الفداء وهو مازال طفلًا أو صبيًا، ولكنه انتظر حتى بلغ سن الثلاثين وظل يخدم لمدة أكثر من ثلاث سنوات ينشر نور معرفة الله وسط ظلام البشرية الدامس، وقال للآب السماوي "أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم.. وعرفتهم اسمك وسأعرّفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو 17: 6، 26) والأب الكاهن يصلي في القداس الغريغوري " أعطيتني علم معرفتك.. أظهرت لي نور الآب.. وأنعمت علينا بمعرفة الروح القدس الحقيقية". فبعد أن لوثت الخطية وطمست فكر الإنسان تجاه الله، وصار الله مجهولًا بالنسبة للإنسان، وكل محاولات الآباء والأنبياء لنشر معرفة الله لم تأتِ بالثمار المرجوة، بل امتلأت الأرض بالجهالة عن الله، وأخذ الإنسان يتصوَّر الله في صور خاطئة، فهو في نظره الإله المجهول الساكن وراء الجبال في غياهب الكون الرهيب كما تصوّره الأساطير الوثنية، وهو السيد المتعالٍ في سماه المنزَّه عن المادة والمترفع عن الحسيَّات، وهو السيد القاسي المنتقم الجبار الذي يحكم العالم بعصا من حديد ونار، يمسك بالسوط ليلهب ظهر كل من يخطئ.. وأي مولود امرأة لا يخطئ؟!، ويقف وخلفه البحيرة المضطرمة بالنار والكبريت ليلقي فيها كل من يخالفه الرأي.. حقًا قبل التجسد عاشت البشرية في جهل مريع، فيقول البابا أثناسيوس الرسولي " تركوا الله كلية، وأظلمت أنفسهم.. لم يكتفوا أن يصوّروا لأنفسهم التماثيل بدل الحق ويكرموا المخلوقات دون الله الحي، ويعبدوا المخلوق دون الخالق (رو 1: 25).. بل ذهبوا إلى أبعد من هذا.. وقد بلغ بهم الفجور إنهم تقدموا لعبادة الشياطين ونادوا بها آلهة، متمّمين بذلك شهواتهم.. قدموا محرقات من الحيوانات العديمة النطق وذبائح من البشر.. وأصبح كل البشر ينسبون سبب ميلادهم، بل وجودهم إلى الكواكب وكل الأجرام السماوية..

بالتجسد عرفنا الله
وبالاختصار لقد أصبح كل شيء مشبعًا بروح الكفر والاستباحة، وصار الله وحده وكلمته غير معروف" (تجسد الكلمة 11: 4-7).
وإن كانت الخليقة لا تعرف الله فما الفائدة من وجودها كقول البابا أثناسيوس "لأنه أية منفعة للمخلوقات إن لم تعرف خالقها؟ أو كيف يمكن أن تكون عاقلة بدون معرفة كلمة (وفكر) الآب الذي أوجدهم في الحياة؟ لأنه إن كانت كل معلوماتهم محصورة في الأمور الأرضية فلا شيء يميزهم عن البهائم العديمة النطق. نعم، ولماذا خلقهم الله لو كان لا يريدهم أن يعرفوه؟" (تجسد الكلمة 11: 2) ثم يستكمل قائلًا "إن المخلص فعل ذلك (التجسد) حتى، كما يملأ كل الأشياء في كل الجهات بوجوده، كذلك أيضًا يملأ كل الأشياء من معرفته، كما يقول الكتاب المقدس أيضًا {الأرض كلها امتلأت من معرفة الرب}" (تجسد الكلمة 45: 2).
بالتجسد رأينا الإله المتأنس أبًا حنونًا عطوفًا شفوقًا ودودًا ينتظر عودة الابن الضال ليحتضنه ويقبّله مهما كان منظره بشعًا، مؤكدًا "ابني هذا كان ميتًا فعاش" (لو 15: 24) وما أجمل قول القديس أثناسيوس " لقد أحب الله الإنسان في هوانه. أحب أن يكون واحدًا معه، وهذا هو التجسد" (1).
بالتجسد رأينا الإله المتأنس طبيبًا حنونًا قد جاء من أجل الخطاة مؤكدًا "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى. لم أتِ لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة"(مت 9: 12، 13).. رأيناه خادمًا متواضعًا يشتد بمنديل ويغسل الأقدام "إن ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت 20: 28).. رأيناه راعيًا صالحًا يجوب الجبال والوديان عن الإنسان الخروف الضال، ومتى وجده يحمله على منكبيه فرحًا.
بالتجسد اكتشف الإنسان أعماق محبة الله للبشر.. حقًا إنه محب البشر "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو 15: 13) وعلى رأي أحد الكُتّاب إنه لو كتب الله في كبد السماء بحروف من نور على مدى العصور والأجيال عبارة "الله محبة" ما أدركت البشرية هذه المحبة مثلما أدركتها بالتجسد والفداء "بهذا أظهرت محبة الله فينا إن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به" (1يو 4: 9) سمعناه يقول "أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو 10: 11) ورأيناه يفعل ما قاله على صليب العار فوق جبل الجلجثة.
حقًا كانت معرفتنا لله قبل التجسد مشوشة، ولا أحد يستطيع أن يتصوَّر الله. أما بعد التجسد فأصبح من السهل أن يتصوَّر الإنسان الله في شخص الرب يسوع "والكلمة صار جسدًا وحلَّ بيننا ورأينا مجده مثل مجدًا كما لوحيد من الآب مملوءًا نعمة وحقًا.. الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر" (يو 1: 14، 18) ونستطيع أن نقول مع يوحنا الحبيب " الذي كان من البدء. الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة" (1يو 1: 1) فغير المرئي صار مرئيًا، وغير المحسوس صار محسوسًا، وغير الزمني دخل تحت الزمن، فالرب يسوع هو غير المرئي بلاهوته وهو المرئي بناسوته في آن واحد. أما الذين لا يؤمنون بالتجسد فكيف يتصوُّرون الله؟ إنه بالنسبة لهم هو الإله المجهول.
بالتجسد عرفنا أعظم الأسرار عن اللاهوت إذ كشف الله لنا عن سر الثالوث القدوس، فرأينا الابن متجسدًا، ورأيناه يتحدث مع الآب ويحدثنا عنه، وسمعناه يحدثنا عن الروح القدس، وفي العماد أُستعلن لنا سر الثالوث القدوس.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
في المسيح عرفنا الله ثالوثاً
لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه
كتاب الله عرفنا سره
يفرحنا ايه غير اننا عرفنا الله
لماذا خلص الله البشرية بالتجسد وليس بمجرد النطق ؟ ـ القديس اثناسيوس


الساعة الآن 02:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024