ما هي أهم النبؤات التي أنبأتنا عن التجسد الإلهي؟
ج: قبل أن نشير إلى هذه النبؤات دعنا يا صديقي أن نلقي الضوء قليلًا على دقة هذه النبؤات، فقد قال القديس أغسطينوس "لأن العهد القديم رمز الجديد، وكل الدين الموسوى والآباء وحياتهم وعهودهم وذبائحهم رموز ما نراه، وليس الشعب اليهودي بأسره إلاَّ نبيًا عظيمًا ليسوع المسيح وكنيسته" (1) فيجب ملاحظة أن الله قد أودع هذه النبؤات لدى الشعب اليهودي ومازالت باقية لديهم، ولا يمكن أن يتصوَّر إنسان عاقل أن المسيحيين قد استطاعوا بطريقة أو بأخرى إضافة هذه النبؤات إلى أسفار العهد القديم التي هي في صورة الشعب اليهودي، ولذلك يلوم القديس أثناسيوس اليهود على عدم إيمانهم فيقول " فاليهود يُوبَخون على عدم إيمانهم من نفس كتبهم التي يقرأونها، فهذه الآية أو تلك أو بالإجمال كل الكتاب الموحى به، يطلق الصوت عاليًا، مناديًا بتلك الحقائق. كما تُبيّن كلماته الصريحة مرارًا كثيرة. لأن الأنبياء أذاعوا مُقدمًا عجيبة العذراء وولادتها قائلين {هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا} (مت 1: 23، اش 7: 14) أما موسى العظيم حقًا، والذي يعتقدون فيه أنه ينطق بالصدق، فإنه إذ اعتبر ما قيل عن تأنس المخلص هامًا وجوهريًا، وإذ وثق من حقيقته، دونه في هذه الكلمات {يقوم كوكب من يعقوب وإنسان من إسرائيل فيحطم رؤساء موآب}.. إذًا فقد اتضح ما ورد في هذه الآيات، انه سبق التنبؤ بظهور إنسان. إما أن ذاك الذي كان سوف يأتي هو رب الكل فقد تنبأ عنه أيضًا فيما يلي {هوذا الرب جالس على سحابة خفيفة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر المنحوتة}" (تجسد الكلمة 33: 3، 4).
ويضرب القديس كيرلس الأورشليمي مثلًا على دقة هذه النبؤات فيعلق على نبؤة زكريا النبي "هوذا ملكك يأتي إليك " فيقول " ولكن الملوك كثيرين، فعمن تتكلم أيها النبي؟ أعطنا علامة تميزه عن باقي الملوك، فإذا قلت انه ملك يرتدي الأرجوان، فان كثيرين يشاركونه في هذه الكرامة، وإذا قلت أن الجند يحرسونه، وانه يجلس في مركبة ذهبية، ففي هذا أيضًا يشترك معه آخرون، فأعطنا علامة مميزة للملك الذي تتنبأ عن مجيئه، فيجيب النبي قائلًا {هوذا ملكك يأتي إليك. هو عادل ومنصور. وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن اتان}.. وليس على مركبة، وهذه علامة فريدة للملك الذي يأتي، يسوع وحده من بين الملوك هو الذي جلس على جحش جديد في هتاف.. ولكن من المحتمل أن يجلس الملك على أتان، من قبيل المصادفة، فأعطنا بالأحرى علامة أخرى.. أين يقف هذا الملك الذي يدخل.. ولكن هذه العلامة قريبة من المدينة (أورشليم) حتى تكون مألوفة لدينا. فلتعطنا العلامة واضحة جلية أمام عيوننا حتى نشاهد المكان وقتما نكون في المدينة. فيجيب النبي مرة أخرى ويقول {وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون الذي قدام أورشليم من الشرق} (زك 14: 4) فهل يمكن لأي إنسان أن يقف في المدينة، أن يخطئ النظر إلى هذا المكان؟ ولن نكتفِ بالعلامتين السابقتين بل نريد علامة ثالثة. ماذا يفعل الرب عندما يأتي؟ يجيب نبي آخر ويقول {هو يأتي ويخلصكم. حينئذ تنفتح عيون العمي. وآذان الصم تنفتح. حينئذ يقفز الأعرج كالآيل ويترنم لسان الأخرس} (أش 34: 4-6) (1).