|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا نرى فيكم علامات التدين لأننا لا نعرف لكم صلواتٍ ولا أصوامًا ولا سجداتٍ؟ المجتمع: لا نرى فيكم علامات التدين لأننا لا نعرف لكم صلواتٍ ولا أصوامًا ولا سجداتٍ؟ المسيحي: إن الذي ينظم علاقتنا بالله هو نظام صلواتنا وأصوامنا وسجودنا. والذي يوطد إيماننا به هو المثابرة على عبادته بالنظام القائم في كنيستنا من عصر الرسل القديسين. ونتناول أولًا التشريع لعباداتنا: أ- الصلاة: لقد أوصانا الإنجيل بالصلاة في قوله "صلوا كل حين ولا تملوا" (لو18: 1). أي صلوا الصلوات في أوقاتها الموضوعة لها بدون ملل. وفي قوله أيضًا "صلوا بلا انقطاع" (1تس5: 17). أي لا تنقطعوا عن أداء صلواتكم. وفي قوله كذلك "متى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصلِّ لأبيك الذي في الخفاء" (مت6: 6). أي الصلاة تكون لله في الخفاء وليس أمام الناس للافتخار. وفي قوله "حينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلًا كالأمم" (مت6: 7). أي لا نكرر الكلام بدون وعى ظانين أن استجابة الله هي في التكرار نفسه، وهذا يختلف عن اللجاجة في الصلاة وهى مطلوبة لاستجابة الله لنا، وهى التي عناها في صلاتنا بلا ملل، أي بمثابرة دون انقطاع الرجاء في استجابة الله في الوقت المناسب، مع ترك المشيئة له في الاستجابة من عدمها. ونصلى بروحنا وذهننا كما قال معلمنا بولس " أصلى بالروح وأصلى بالذهن أيضًا" (1كو14: 15). أي لا نصلى بدون وعى ولكن بتركيز الروح والذهن. هذا من جهة أوامر الشريعة بالصلاة. ب- الصوم: أما من جهة الصوم فقد أوصى السيد المسيح بأن المؤمنين به سيمارسونه بعد صعوده إلى السماء بقوله "ستأتي أيام حين يُرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون" (مت9: 15). وقال معلمنا بولس "لا يسلب أحدكم الآخر لكي تتفرغوا للصوم" (1كو7: 5). وأوصى السيد المسيح "متى صمت فلا تظهر للناس صائمًا بل لأبيك الذي في الخفاء" (مت6: 18) أي لا تتظاهر بالصوم لتنال مدحًا من الناس. وقد صام المسيح له المجد أربعين نهارًا وأربعين ليلة (مت4: 2). كما صام معلمنا بولس (2كو11: 27) وصام الرسل القديسون (أع13: 2). ج- السجود: ومن جهة السجود قال السيد المسيح "تأتى ساعة وهى الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو4: 23، 24). أي ليس السجود مجرد حركة جسدية بل يجب أن نسجد بأرواحنا أمام الله مع سجود أجسادنا. ونسجد بالحق أي بإيمان حقيقي بالله وباستقامة قلب. وقال المسيح له المجد "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" (لو4: 8). أي أن السجود والعبادة لا يليقان إلا بالله وحده. والسجود هو عمل الملائكة وجند السماء (عب1: 6). ونحن عندما نسجد نشاركهم في عبادة الله وتمجيده. د- الترنيم والتسبيح: كذلك أوصانا الإنجيل بالترنيم والترتيل والتسبيح كنوع من الصلاة العذبة الممتعة والمشبعة للنفس والروح. فقال معلمنا بولس "مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب" (أف5: 19). وقال أيضًا "فلنقدم به (أي بالمسيح) في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة بِاسمه" (عب13: 15)،وقال معلمنا يعقوب "أمسرور أحد فليرتل" (يع5: 13). وقال معلمنا بولس "أرتل بالروح وأرتل بالذهن أيضًا" (1كو14: 15). والرسل القديسون بعد صعود السيد المسيح إلى السماء "كانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله" (لو24: 53). بل إن "جميع الذين آمنوا... كانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة مسبحين الله" (أع2: 44 47). هذه الوصايا هي التشريع لعباداتنا من صلاة وصوم وسجود وتسبيح وترتيل وننتقل بعدها إلى تقنينها. ثانيًا: التقنين لعباداتنا: قد اشتملت عباداتنا على كل هذه الأركان حسب ما شرَّعها الإنجيل ونظمتها الكنيسة وقننتها لحياة المؤمنين منذ العصر الرسولي في القرن الأول الميلادي. والعبادة القانونية عندنا هي: من جهة الصلاة: أ- سبع صلوات يومية، ست منها أثناء النهار. الأولى صلاة باكر في الفجر، والثالثة 9 صباحًا في الضحى، والسادسة 12 ظهرًا، والتاسعة 3 عصرًا، والحادية عشر 5 في الغروب، والثانية عشر 6 مساء في العِشاء، والصلاة السابعة هي صلاة نصف الليل وهى ثلاث خدمات؛ الأولى 9 مساءً، والثانية 12 ليلًا، والثالثة 3 صباحًا. وكل صلاة تحتوى على 12 مزمورًا وفصلًا من الإنجيل وطلبات للصلاة وتحليلًا ختاميًا في آخر كل صلاة. ويضم هذه الصلوات كتيب صغير يسمى (الأجبية) أي السواعي. وتعود مواقيت الصلاة هذه إلى ما قبل المسيحية. فالأمم كما يذكر الإنجيل عن كرنيليوس "قائد مئة... يصلى في كل حين فرأى في رؤيا نحو الساعة التاسعة من النهار ملاكًا وقال له قد قُبِلَتْ صلواتك وصدقاتك. أرسل إلى يافا واستدعِ سمعان بطرس يقول لك ماذا ينبغي أن تفعل" (أع 10: 1-8). وعند اليهود يؤكد عددها واستخدامها في العهد القديم قول داود النبي "سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك" (مز119: 64). وقوله "أنا أستيقظ سحرًا أحمدك بين الشعوب يا رب وأرنم لك بين الأمم" (مز108: 2، 3). وقوله "يا الله إلهى أنت إليك أبكر" (مز63: 1). وقوله "ذكرت في الليل اسمك يا رب" (مز119: 55). وقوله "في منتصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برك" (مز119: 62). وقد صلى بها الرسل القديسون كما ذكر الإنجيل "ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معًا بنفس واحدة (وكانت) الساعة الثالثة من النهار" (أع2: 1، 15). وكما ذكر أيضًا "وصعد بطرس ويوحنا معًا إلى الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة" (أع3: 1). وكما ذكر كذلك "صعد بطرس على السطح ليصلى نحو الساعة السادسة" (أع1: 9). وذكر أيضًا "ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان" (أع16: 25). ويبدو أن تلك الساعات كانت مواقيت فاصلة نهارية وليلية بين بعضها حسب حركة الفلك. ويجب أن تقدم الخليقة التسبيح والعبادة فيها لخالقها لكي لا ينقطع تسبيحه ليلًا ونهارًا. ولكنها في المسيحية ارتبطت بالمواعيد الفاصلة في الأحداث الخلاصية التي تممها المسيح لنا. مثل صلاة باكر لقيامة المسيح، والثالثة لحلول الروح القدس ولمحاكمة المسيح ولصعود المسيح إلى السماء، والسادسة لصلب المسيح، والتاسعة لموت المسيح، والغروب لنزول جسد المسيح من على الصليب، والنوم لدفن المسيح في القبر، ونصف الليل للاستعداد لمجيء المسيح الثاني للدينونة. وكأن استخدام هذه المواقيت قبل المسيحية كان رمزًا نبويًا عن تسبيح الخليقة الأبدي لله مخلصها وفاديها. كل هذا هو ما يخص صلوات المزامير، وبالإضافة إليها هناك صلوات أخرى نمارسها كمسيحيين، منها: ب- الصلاة العامة التي يجتمع فيها المؤمنون بالكنيسة كل يوم أحد وهى صلاة القداس الإلهي ويجمعها كتاب يسمى "الخولاجي". وأصبح يوم الأحد هو اليوم المقدس للعبادة طول العام، وواجب مقدس على المسيحيين أن يتوجهوا فيه إلى الكنيسة. ج- التسبحة اليومية التي تشمل تسبحة باكر وتسبحة عشية وتسبحة نصف الليل. ويسبح بها المؤمنون يوميًا على مدار السنة. د- الصلوات التأملية لآبائنا القديسين ويضمها كتاب "أمام عرش النعمة"، وكتاب "روح التضرعات". هـ- الصلاة العائلية التي تجمع كل أفراد الأسرة معًا يوميًا وخصوصًا قبل الأكل وبعده. و- اجتماعات الصلاة الارتجالية العامة لطلب مراحم الله وحفظ وحدانية الروح، خصوصًا في أوقات الضيق. ز- الصلوات الانفرادية التي ينفرد فيها الإنسان بنفسه في ظروفه المختلفة بطلباته الخاصة أمام الله. ح- الصلاة القصيرة الدائمة لاسم الرب يسوع التي يرددها القلب قبل الفم لطلب الرحمة والمعونة والخلاص والتي تجعل الإنسان في وجود دائم في حضرة الله. من جهة السجود: فصلواتنا تبدأ بالسجود إلى الأرض وتنتهي بالسجود ويتخللها السجود في كل كلمة تقديس لله، وفي كل كلمة سجود تَرِدُ في الصلاة، وفي كل طلبة للرحمة (يا رب ارحم)، وفي آخر كل مزمور. هذا بخلاف سجود المطانيات الخاصة حسب القانون الروحي لكل فرد وحسب طاقته. من جهة الصوم: هناك أولًا الأصوام العامة وتنقسم إلى:
ومجموع أيام هذه الصيامات يبلغ 198 يومًا أي أكثر من نصف العام. وهى:
ثانيًا: الصوم الخاص: وهو ما يلجأ إليه الإنسان في ظروف خاصة يطلب من الله فيها حل مشاكله، أو رفع الضيق عنه، أو الوقوف بجانبه، أو إنجاح عمل له، أو توجيهه وإرشاده في أمر مُعيَّن. والعبادات جميعها من أصوام وصلوات وغيرها هي قانون موضوع للحياة الروحية في المسيحية وواجبة على كل إنسان مسيحي، ومع ذلك ليست هناك قوة جبرية على أحد حسب قول الكتاب "اعبدوا الرب بفرح" (مز100: 2). ولكنها كنز لبركات روحية فائقة لمن يمارسها. وهى وإن بدت صعبة في مواصفاتها كمًّا وكيفًا إلا أننا لا نتعجب أن نرى بعض آباء البرية يعتبرونها حدًا أدنى لجهادهم الروحي وخصوصًا النساك والزهاد منهم. ونحن لا نقف لنصلى أمام الله إلا إذا صفت قلوبنا وخلت من كل بغضة نحو أي إنسان. ذلك لأننا نؤمن أن العبادة المقبولة لدى الله هي التي تصدر من قلب إنسان مستقيم لا يحمل حقدًا، ولا يستخدم صلاته من أجل إغاظة آخرين أو تكديرهم. أو بتوجيه الدعوات لإنزال الله المصائب بهم. لأن الكتاب يعلمنا "إن راعيتُ إثمًا في قلبي لا يستمع لي الرب" (مز66: 18). أما من جهة إجابتنا على سؤال الباحثة الفاضلة الوارد في مقدمة الكتاب وهو "لماذا تصلون وأنتم تسيرون في الطريق؟ " فنجيب عليه بكلمتين: الأولى: قول الإسلام: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب". الثانية: قولنا في المسيحية: "كل نَفَسٍ أتنفسه أبارك اسمك القدوس". ومَن يتمعن في الكلمتين لا يحتاج إلى شرح. والآن بعد أن اتضح كم وكيف أركان عبادتنا هل يقتنع العقل أننا من أكثر الديانات اهتمامًا وانشغالًا بعبادة الله؛ صلاةً وصومًا وسجودًا وتسبيحًا وترتيلًا وتأملًا في كلمة الله؟ |
|