رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تساؤلات هادئة حول الفكر الإلحادي: خواطر أوليّة -2 حينما سُئِلَ ريتشارد داوكنز Richard Dawkins عن السبب الذي يدفع قطاع كبير من البشر للإيمان بوجود إله أو قوّة عليّا، كان ردّه أنّ ذاك قد يرجع إلى عامل نفسي ينتج عن الرغبة في إلقاء بالمسؤوليّة على آخر أو الانتماء لآخر أو الشعور بأنّ هناك من يحمل الحمل مع الإنسان. كما أضاف أنّ الأمر قد يرجع لعامل يتوافق مع نظريّة التطوُّر وهو أنّ الأجداد الأوائل للإنسان بموجب التطوّر ظهرت لديهم جينات شكّلت العقل بطريقة أدّت إلى خلق هذا التصوّر بقوى عليا أخرى في الكون. إنّ تأمّلنا فيما قاله داوكنز سنجد أنّ طرح الموضوع في الدائرة السيكولوجيّة يعطي دلالة أنّ الأمر في صميم تكوين الإنسان، أي أنّ الإنسان تصرّف بموجب تصميمه الأصلي وهو البحث عن آخر ينتمي إليه ويتشارك معه ويأمن إليه. فالإنسان يتحرّك بحسب نزوعه للأساسيّات في تكوينه؛ فهو إلى الآن يحتاج إلى الأمان والطعام والسكن والشركة مع آخر والجنس والعمل.. إلخ، تلك حفريات على وجدان الإنسان الأصلي. إذًا فالبحث عن الأمان إن كان في صميم النموذج الأصلي الإنساني لا يمكن أن نتّخذه حجّة على لاموضوعيّة الإنسان! بل بالأحرى هذا يحسب له أنّه تحّرك بحسب تكوينه ليكتشف مصدر هذا الأمان. وإن توصّل من خلال الخبرة الوجدانيّة والروحيّة الشخصيّة والجمعيّة إلى أنّ نبع هذا الأمان هو الله لا يمكن أن نلوم الإنسان لأنّ آلية بحثه الطبيعيّة وصلت به إلى نتائج تصيب من لا يؤمنون بالله بخيبة أمل! وإن كان مبحثنا في رأي دارون الخاص بتنميّة الجينات وتوارثها تلك التي شكّلت الْعَقْل على هذا النمط من التفكير، كيف لنا أن نفهم إيمان بعض الملحدين بالله لاحقًا في حياتهم، أي أنّهم بدأوا بعدم توارث هذا الجين المشكّل لهذا النمط من التفكير ثم ما لبثوا أن توصّلوا إلى وجود الله، هذا يعني أنّ حركتهم هي حركة إرادة واعيّة حرّة وليس موروث جمعي لاواعي. وإن اتخّذنا هذا القياس يمكن أن نقول بموجب نظريّة التطوُّر أنّ رفض فكرة الإله هي نتيجة جين تم توارثه وقد نشط في هذه الحقبة الزمنيّة، ومن ثمّ يكون هذا وهم كبير يقع فيه غير المؤمن بالله لا إراديًّا نتيجة توارث الأمر من خلال الانتخاب الطبيعي الجيني! إنّ محاولة تجريد علاقة الإنسان بالله من الإرادة الحرّة والخبرة الشخصيّة تجد لها حظًّا من النجاح لمن لم يصر لهم الله إلهًا خاصًّا في عالمهم الخاص، إلاّ أنّ من تذوّق سكنى الله في القلب وعمله في الحياة يدرك تمامًا أنّ ما يُحفر على الروح لا يمكن لزوابع المنطق المنقوص أن ينتزعه.. وقتها ستقف الخبرة الشخصيّة الحيّة أمام النظريّة التجريديّة ولن تصمد لحظة واحدة في مثل هذا الإنسان.. فقط نختبر الله بشكلٍ خاصِّ.. تلك هي وسيلتنا وآليتنا لمعرفة الله.. |
|