رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أمريكا ترضخ أمام الواقع في مصر
الوفد منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في أوائل عام 2011، تشهد السياسة الأمريكية تخبطا واضحا في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، مما أفقدها العديد من أوراق الضغط والتأثير والنفوذ وخسرت الكثير. فقد حملت المواقف الأمريكية من الأحداث في الشرق الأوسط العديد من التناقضات خلال السنوات الثلاث الماضية، سواء تجاه ما يجري في سوريا أو اليمن أو ليبيا أو مصر وتونس حتى الملف الفلسطيني الإسرائيلي. فيما يخص مصر كانت التناقضات كثيرة في المواقف الأمريكية من الأحداث سواء في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير 2011، أو مرحلة ما بعد 3 يوليو2013. فقد اعتبر العديد من المحللين الأمريكيين المعنيين بقضايا الشرق الأوسط، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى، أن الإدارة الأمريكية تفتقد لاستراتيجية فعالة حيال ما يحدث في مصر وهي بذلك تغامر بفقدان أوراق التأثير التي تملكها وشددوا على أن الإدارة تبعث برسائل مرتبكة، وتمارس سياسة مشوشة تحد من قدرتها على التأثير في الأحداث وعلى قادة الجيش المصري الذين يعتبرون أنفسهم في معركة حياة أو موت مع الحركات الإسلامية المسلحة في البلاد. ويبدو أن الإدارة الأمريكية فضلت سياسة توزيع الأدوار، ففي الوقت الذي يتخذ فيه وزير الخارجية الأمريكي "جون كيرى" خطا واضحا بدعم ما حدث في 30 يونيو و3 يوليو2013، واعتباره تحولا نحو الديمقراطية، وأشاد مراراً في أكثر من مناسبة وأكثر من مكان بالمرحلة الانتقالية في مصر وقيادات الجيش، انتهاء بتصريحه اليوم الذي وصف فيه الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة بأنها تاريخية، نجد أن مسئولي البيت الأبيض ووزارة الدفاع يتخذون خطا مغايرا، يتحدثون من خلاله عن وقف المساعدات لمصر أو تعليقها، والحديث عن الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وتوجيه الانتقادات من الحين للآخر للنظام المصري الجديد ما بعد ثورة 30 يونيو2013. ويبدو أن هذه السياسة ممنهجة ومدروسة، نظرا للمتغيرات السريعة والمفاجئة التي تحدث على أرض الواقع، كما يبدو أن الواقع يفرض نفسه على السياسة الأمريكية التي لم تجد بدا من انتهاج السياسة المرنة القابلة للتغيير بين ساعة وأخرى. ورأي بعض المحللين أن ما تحتاجه واشنطن هو وضع استراتيجية جديدة في منطقة الشرق الأوسط برمته، فيما أكد آخرون أن على واشنطن أن تبقى محايدة في موقفها من الصراع في مصر وأماكن أخرى حتى لا تغامر بإشعال جذور الكراهية والعداء للولايات المتحدة. وقال المدير السابق لإدارة الشرق الأدنى في مجلس الأمن القومي "مايكل دوران" إن إعلان أوباما إلغاء المناورات العسكرية مع مصر في آواخر العام الماضي أعطى إشارة إلى أن أمريكا تجلس وتراقب الأحداث بدلا من أن تتدخل وتتعامل مع القضايا الإقليمية التي تهدد مصالحها ومصالح الشركاء، مشددا على ضرورة أن تعمل مع حلفائها في أوروبا وفي الخليج مثل السعودية والإمارات لصياغة سياسة متماسكة للمنطقة. وأضاف أن واشنطن تفتقد لسياسة واضحة لمواجهة الصراع السني – الشيعي في سوريا والعراق ولبنان. وتعبر هذه السياسة المتبعة حاليا عن عدم فهم للحقائق على الأرض، ويرى بعض المحللين أن أمريكا تتعامل بالقطعة مع الأحداث، فحسب التطورات تخرج التصريحات فعندما وجدت أن هناك اتجاها جارفا لتأييد ما جرى في 3 يوليو2013 في مصر، بدأت في التعاطي مع الواقع الجديد ومع خطة خارطة الطريق وتخلت نسبيا عن دعمها لنظام الرئيس المعزول محمد مرسى. وتغيرت النغمة وهدأت الانتقادات في الأشهر الأخيرة، وبعد إجراء الانتخابات الرئاسية، وجدت واشنطن نفسها أمام واقع جديد لابد أن تتعامل معه، وبالفعل هنأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الرئيس الفائز في الانتخابات عبد الفتاح السيسي، وها هي ترسل وزير خارجيتها "كيرى" إلى مصر اليوم، ليخرج بأقوى تصريح، وهو وصفه للانتخابات الرئاسية بأنها تاريخية، متناقضا بذلك مع كثير من المواقف والانتقادات والتصريحات التي توالت منذ 30 يونيو الماضي حتى الآن. وفي الوقت الذي تتنامى فيه الآراء المؤيدة لقبول الواقع المصري الجديد في أمريكا، لازالت هناك بعض التحفظات لدى الإدارة الأمريكية. فقد قالت مساعدة وزير الخارجية السابقة لشئون الشرق الأوسط " تمارا ويتز" إن على الإدارة الأمريكية تشجيع الحكومة المصرية لاتخاذ خطوات ملموسة نحو نظام سياسي شامل، فيما رأى العضو السابق في مجلس الأمن القومي "أليوت أبرامز" أن على الولايات المتحدة أن تقبل بأنها تملك نفوذا ضئيلا على مصر وأن قطع المعونة لن يحقق أي تراجع في موقف الجيش المصري". وقال نائب مدير استخبارات الشرق الأوسط بالخارجية الأمريكية سابقا "واين وايت" أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تدين العنف لكنها لا تستطيع قطع المعونة والعلاقات مع الجيش المصري لأن دول الخليج ستعوض المعونة لمصر" ووجه انتقادات لاذعة للإدارة كونها لم تقم بتوجيه أي ملاحظات للرئيس المصري المعزول محمد مرسي على سوء إدارته للبلاد خلال العام الماضي." ولم يختلف النهج الأمريكي المتردد والمتخبط تجاه الأحداث ما بعد 30 يونيو2013، عما كان خلال الفترة التي سبقت ثورة 25 يناير 2011، أو التي تلتها حتى 30 يونيو2013، بما في ذلك العام الذي حكم فيه الإخوان. وتطور الموقف الأمريكي من الأزمة في مصر بشكل كبير تماشيا مع تطور الأحداث على الأرض. الحقيقة أن السياسة الأمريكية الخارجية تضررت كثيرا في عهد الرئيس باراك أوباما، ولم يعد لها القوة والنفوذ الذي كانت تتمتع به سابقا، فقد فشلت في العديد من الملفات، ووجدت نفسها أمام العديد من التنازلات الصعبة سواء في مصر أو سوريا أو العراق أو حتى أوكرانيا . ولم يفوت الدب الروسي هذه الفرصة التاريخية للانقضاض على أمريكا الضعيفة ويفرض نفسه كقوة عالمية من جديد لها نفوذها وتأثيرها في كل الأحداث العالمية. |
|