|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في أنه لا ينبغي لنا أن نفحص عن الأسرار السامية، ولا عن أحكام الله الغامضة 1 – المسيح: يا بني، إياك والجدال في المواضيع السامية، وفي أحكام الله الغامضة: لا تسل لم الواحد مخذول هكذا، والآخر حاصلٌ على أعظم حظوة؛ لم هذا في الكرب الشديد، وذاك في رفعةٍ وتجلة. فتلم أُمور تفوق كل قوى الإنسان، ولا عقل ولا جدال يستطيع أن يستقصي أحكام الله. فإذا وسوس لك العدو بهذه المسائل، أو سألك عنها بعض الناس من ذوي الفضول، فأجبهم بقول النبي هذا:”عادلٌ أنت يا رب، وأحكامك مستقيمة″ (مزمور 118: 137)؛ وبهذه الآية أيضًا:”أحكام الرب حقٌّ″ (مزمور 18: 10) وزكيةٌ في ذاتها. إن أحكامي يجب أن ترهب لا أن تفحص، لأنها تفوق إدراك العقل البشري. 2 – ولا تبحث أيضًا عن استحقاقات القديسين، ولا تجادل في أيهم أقدس أو أعظم من غيره في ملكوت السماوات. فإن أمثال هذه المباحثات، كثيرًا ما تولد النزاع والحصومات على غير جدوى، وتغذو الكبرياء والعجب الباطل، فينشأ عن ذلك الحسد والنفار، لأن الواحد يحاول، في صلفٍ، تفضيل هذا القديس، والآخر ذاك. فالبحث عن هذه الأُمور، وابتغاء الوقوف عليها لا يأتيان بثمرةٍ البتة، بل يسوءان بالحري في أعين القديسين، لأني “لست إله نفار، بل إله سلام″ (1كورنثيين 14: 33)، وإنما يقوم هذا السلامبالتواضع الحقيقي، لا بالترفع الذاتي. 3 – إن البعض يندفعون، في غيرة محبتهم، إلى تفضيل هؤلاء أو أُولئك من القديسين، ولكن تلك عاطفةٌ بشريةٌ لا إلهية. أنا خالق القديسين جميعًا، أنا أعطيتهم النعمة، أنا وهبت لهم المجد؛ أنا عالمٌ بما استحق كل منهم، أنا قد “بدأتهم ببركات عذوبتي″ (مزمور 20: 4). أنا سبقت فعرفت أحبائي قبل الدهور، “أنا اخترتهم من العالم، وليسو هم اختاروني أولًا″ (يوحنا 15: 16، 19)؛ أنا دعوتهم بالنعمة، واجتذبتهم بالرحمة، أنا قدتهم في مختلف التجارب؛ أنا أفضت عليهم تعزياتٍ عجيبة، أنا أعطيتهم الثبات، أنا كللت صبرهم. 4 – أنا أعرف الأول والأخير، أنا أشمل الجميع بحبٍ لا يقدر. لي أنا يجب التسبيح في جميع قديسي، لي أنا، فوق كل شيء، تجب البركة والإكرام في كل واحدٍ منهم. فلقد مجدتهم وعظمتهم، وتقدمت فاخترتهم دون سابق استحقاق منهم. فمن احتقر أحدًا من أصاغر أخصائي، فإنه لا يكرم حتى العظيم منهم، لأن “الصغير والعظيم أنا صنعتهما″ (حكمة 6: 8). ومن تنقص أحد القديسين، فقد تنقصني أنا وسائر الذين في ملكوت السماوات. إنهم جميعًا واحدٌ برباط المحبة، وليس لهم إلا رأي واحدٌ وإرادةٌ واحدة، وكلهم يحبون بعضهم بعضًا محبةً واحدة. 5 – وما هو أسمى من ذلك أيضًا بكثير، أنهم يحبونني أنا أكثر مما يحبون ذواتهم واستحقاقاتهم؛ لأنهم قد خطفوا فوق أنفسهم، وتجردوا من الحب لذواتهم، فهم بكاملهم يرمون إلى حبي أنا، وفيه يستريحون متنعمين. لا شيء يستطيع أن يحولهم أو يهوي بهم عن ذلك، لأن امتلاءهم من الحق الأزلي يضرمهم بنار محبةٍ لا تطفأ. فليصمت إذن عن الجدال في أحوال القديسين، الناس الجسديون الحيوانيون، الذين لا يعرفون إلا محبة أفراحهم الخاصة، والذين ينقصون ويزيدون، بحسب ميلهم لا بحسب ما يرضي الحق الأزلي. 6 – هو الجهل عند الكثيرين، ولا سيما أُولئك الذين، لقلة استنارتهم، قلما يعرفون أن يحبوا أحداَ محبةً روحيةً كاملة. فالعاطفة الطبيعية والصداقة البشرية، لا تزالان، حتى الآن، تجذبانهم إلى هؤلاء أو أُولئك من الناس، فيتصورون الحالة في السماء، كما هي حالهم في هذه الدنيا. ولكن البون عظيمٌ جدًا بين ما يتوهمه أُولئك القوم الغير الكاملين، وما يراه المستنيرون بوحيٍ سماوي. 7 – فاحذر إذن، يا بني، أن تبحث، عن فضول، في تلك المسائل التي تفوق علمك، بل في هذا اجعل بالحري همك واجتهادك: أن تجد لك موضعًا ولو آخر الكل في ملكوت الله. وهب أن أحدًا عرف أيٌّ هو أقدس أو أعظم من غيره في ملكوت السماوات، فماذا تنفعه تلك المعرفة، إن كان وقوفه على ذلك، لا يحمله على الاتضاع أمامي، ولا يستحثه على القيام بتسبيح اسمي تسبيحًا أعظم. من يفكر في عظيم خطاياه، وقلة فضائله، وشدة بعده عن كمال القديسين، فإنه يأتي عملًا أكثر قبولًا لدى الله بكثير، ممن يجادل في عظمتهم أو صغارتهم. إن التضرع إلى القديسين، بصلواتٍ حارةٍ ودموع، واستمداد شفاعتهم المجيدة، بروح الاتضاع، لخيرٌ من تقصي أسرارهم ببحث باطل. 8 – لقد كان القديسون يسرون، ويسرون جدًا، لو عرف الناس أن يقتنعوا، ويكبحوا أحاديثهم الباطلة. إنهم لا يفتخرون باستحقاقاتهم الذاتية، لأنهم لا ينسبون إلى أنفسهم شيئًا من الصلاح، بل إليَّ أنا ينسبون كل شيء، لأني أنا قد أعطيتهم كل شيء، عن محبةٍ مني غير متناهية. إنهم لمفعمون من محبة الله ومن الفرح الطافح، بحيث لا ينقصهم شيءٌ من المجد، ولا يمكن أن ينقصهم شيءٌ من السعادة. إن القديسين جميعًا، بمقدار ما تسمو درجة مجدهم، يزدادون اتضاعًا في أنفسهم، فيصبحون أكثر قربًا إليَّ، وإعزازًا عندي. ولذلك تجد مكتوبًا:”إنهم طرحوا أكاليلهم أمام الله، وخروا على وجوههم أمام الحمل، وسجدوا للحي إلى دهر الدهور″ (رؤيا 4: 10). 9 – كثيرون يسألون عن ”من هو الأعظم في ملكوت الله″ (متى 18: 1)، وهم يجهلون هل يكونون أهلًا لأن يحصوا بين أصاغره. إنه لأمرٌ عظيم، أن يكون الإنسان ولو الأصغر في السماء، حيث الجميع عظماء، ”لأنهم يدعون جميعًا -ويكونون- أبناء الله″ (متى 5: 9). “الصغير يكون ألفًا، والخاطئ يموت وهو ابن مئة سنة″ (أشعيا 60: 22، 65: 20). فإن التلاميذ، عندما سألوا عن “من هو الأعظم في ملكوت المساوات″ (متى 18: 1)، قد سمعوا هذا الجواب:”إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد، فلن تدخلوا ملكوت السماوات! فمن وضع نفسه مثل هذا الولد، فذاك هو الأعظم في ملكوت السماوات″ (متى 18: 3، 4). 10 – الويل لمن يأنفون أن يخفضوا أنفسهم طوعًا مع الصغار! فإن باب الملكوت السماوي منخفضٌ لا يمكنهم من الدخول! “الويل أيضًا للأغنياء الحاصلين هنا على تعزياتهم!″ (لوقا 6: 24) لأنهم، عندما يدخل المساكين ملكوت الله، يقفون هم خارجًا يولولون. افرحوا، أيها المتواضعون! وتهللوا، أيها المساكين! “فإن لكم ملكوت السماوات″ (لوقا 6: 20) – أللهم إن سلكتم في الحق. |
|