القمص الذى استشهد بدلا عن البطريرك
القمص سلامة عبد المسيح
عاش القمص سلامة عبد المسيح فى بداية القرن التاسع عشر....
ولدفى محافظة أسيوط فى قرية المطيعة من أبوين بارين. ربياه على الفضيلة وحب الله
.وكان والده المعلم عبد المسيح فلامون من أعيان القرية عنى به والده عبد المسيح عناية كبيرة من ناحية التعليم. وشب على أيدى معلمين كبار فى ذلك الوقت. ففى بادئ الأمر كان يتعلم اللغتين العربية والقبطية.
ومن المعلمين الذين تتلمذ على أيديهم المعلم شاهين أفندى، كبير كتبة بطريركية الأرمن الأرثوذكس فعكف على تلقينه مبادئ اللغة التركية ثم الأرمنية ثم الفارسية. وكان شاهين أفندى يتقن كل هذه اللغات. وعلمه أعمال الدواوين مما أهله إلى اختياره بديوان الجهادية فى القلعة التى كانت مجمع رئاسة مصالح الحكومة ومقر ديوان الوالى بمرتب شهرى قدره خمسة أكياس.
وقد فاضت شهرته بالورع والصلاح والتقوى ومن شدة حب الناس له وإصرارهم على رعايته لهم. اجتمعوا مع البطريرك الأنبا بطرس الجاولى. واتفقوا معه على أن يبعث إليه قداسة البابا برسول يدعوه لحضور القداس الإلهى فى يوم أحد بكنيسة حارة زويلة.
فلما أتاه الرسول قام مسرعاً لطلب قداسة البابا، وما أن تجاوز المنطقة الخارجية للكنيسة ودخل البيعة حتى أُغلقت الأبواب. وانتزعت عن رأسه عمامته وأُجريت الطقوس لرسامته قسيساً. وتم رسامته قساً على كنيسة مار جرجس بحارة زويلة باسم القس سلامة عبد المسيح.
عاصر القمص سلامة أربع بابوات، أولهم البابا بطرس الجاولى والبابا كيرلس الرابع والبابا ديمتريوس الثانى والبابا كيرلس الخامس
وقد وقع اختيار البابا ديمتريوس الثانى على القمص سلامة عبد المسيح ليكون مساعده ووكيلاً للبطريركية فحضر مع قداستة حفل افتتاح قناة السويس
وبعد ان تنيح البابا ديمتريوس الثانى ظل المقعد البابوى شاغراً لمدة أربع سنوات وتسعة أشهر وأربعة عشر يوماً نظراً لرفض الخديوى اسماعيل أن يتم اختيار البطريرك دون استشارته.. كان خلالها القمص سلامة يباشر ويدبر جميع أمور الكنيسة والشعب القبطى بحكم منصبه كوكيل للبطريركية، حتى تمت رسامة الراهب يوحنا الناسخ سراً باسم البابا كيرلس الخامس وعند بلوغ نبأ رسامة البابا كيرلس الخامس إلى الخديوى اسماعيل غضب غضباً شديداً وأصر على استدعاء البابا الجديد إلى قصره.
فذهب البابا ومعه القمص سلامة. وخلال انتظارهم لقدوم الخديوى جاء خدم القصر لتقديم القهوة التركية إلى البابا. وحين كانوا يعدون القهوة، سمعهم القمص سلامة يتحدثون باللغة التركية عن الفنجان المسموم الذى سيُقدم للبابا.
وعند تقديم القهوة وانصراف الخدم استبدل القمص سلامة قهوته مع قهوة البابا دون أن يدرى البابا. وبعد مقابلة الخديوى رجع البابا والقمص سلامة إلى المقر البابوى حيث بدأت تظهر أعراض السم القاتل على القمص سلامة. ولم يستطع أحد إنقاذه، حيث كان السم من نوع نادر.
تنيح القمص سلامة فى اليوم التالى وهو يعانى من مضاعفات هذا السم القاتل. وكانت نياحته فى 17 نوفمبر 1874 ميلادية. ليعيش البابا كيرلس الخامس. وتصبح فترة بابويته أطول فترة فى تاريخ الكنيسة.