رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مارمرقس لم يذكر عن نفسه إلا ضعفاته † وهنا نجد أن مارمرقس عندما دوَّن إنجيله لم يذكر عن نفسه شيء إلا ضعفاته وبالكاد يا أحبائي استطاع الدارسين أن يصلوا إلى أن مارمرقس هو الذي كتب الإنجيل وذلك من لمحات خفية. وإحدى هذه اللمحات الخفية هي أن كل الإنجيليين لم يذكروا معلومات عن "سمعان" الذي سخروه ليحمل الصليب إلا أنه "رجل قيرواني كان آتيًا من الحقل اسمه سمعان"ولكن مارمرقس وبدون قصد قال "فَسَخَّرُوا رَجُلًا مُجْتَازًا كَانَ آتِيًا مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ" (إنجيل مرقس 15: 21) فهذا الرجل قيرواني أي من نفس البلد التي ولد فيها مارمرقس وعلى ما يبدو أن ألكسندروس وروفس هؤلاء كانوا في سن متقارب مع مارمرقس فهم أصحابه لذلك ذكر عنهم هذه التفاصيل دون أن يقصد لأنه يعرفهم جيدًا. لكن معلمنا مارمرقس لم يذكر عن نفسه شيء إلا ضعفاته. † وبالنسبة للآية: "وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِسًا إِزَارًا عَلَى عُرْيِهِ، فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ، فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَانًا" (إنجيل مرقس 14: 51، 52)، هذه الحادثة لم يذكرها أحد من الإنجيليين الآخرين (متى ولوقا ويوحنا)، الوحيد الذي ذكرها مارمرقس. مارمرقس كان له نفس طبيعتنا البشرية الضعيفة: † في الحقيقة هناك معنى رمزي لهذه القصة (قصة هروب مارمرقس عاريًا) هو أن مارمرقس يحب المسيح كما نحبه نحن جميعًا ولديه مشاعر قوية جدًا تجاه شخص المسيح, وأشعر فعلًا أني لو وُضعت في موضع القديس مرقس كنت سأقول للمسيح كما قال بطرس: "ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك"ولكن الحقيقة أن الإنسان كثيرًا ما يخطئ في حساب النفقة، كثيرًا ما يخطئ الإنسان في تقدير ثقل التجربة وضعف طبيعته. أبونا مارمرقس اندفع وراء المسيح أثناء القبض عليه من شدة حبه له ولكن أمام عمق التجربة وضغطها ظهر الضعف الداخلي الذي في حياته. ففي انطلاقه وراء المسيح كان كأنه يصرخ: "ولو اضطررت أن أموت معك لا أتركك" وإذا به وقت الضيقة (وقت أن أمسك به الجنود) يهرب حتى لو اضطره الأمر أن يترك ملابسه ويهرب عاريًا لينقذ نفسه. مارمرقس الذي هرب في الضيقة يتحول إلى كارز باسم المسيح: † هذه التجربة عرت مارمرقس ونزعت ثيابه منه، وكشفت لمارمرقس الضعف الذي في طبيعته. ونحن نرى طبيعتنا وضعفنا في ضعفات القديسين مثل مارمرقس، نفرح بضعفاتهم لأن بها ننال النعمة، لأن محبة المسيح الفائقة ونعمته الغنية جدًا غيرت أبونا مارمرقس حتى أن معلمنا بولس الرسول كارز المسيحية الأول ورسول الأمم يكتب في رسالته الثانية لتلميذه تيموثاوس وهي آخر رسالة كتبها معلمنا بولس الرسول يقول: "خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ" (رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 4: 11) وكأن بولس الرسول يقول: أنا محتاج لهذا الرجل إلى جواري لأنه سيؤدي خدمات لن يستطيع غيره أن يؤديها. لقد كان بولس الرسول في ذلك الوقت في السجن مكبلًا فرأى أن مارمرقس هو الوحيد القادر أن يتمم خططه الكرازية. |
|