بولس ما بين عدم استحسانه لمرقس، ثم قبوله لأنه نافع للخدمة
†† بولس الرسول يستحسن عدم اصطحاب مارمرقس في الرحلة التبشيرية الثانية (49/50م.):
† وفي سفر الأعمال اصحاح 15 بدأ معلمنا بولس يجهز للرحلة التبشيرية الثانية وكان ذلك في عام 49 /50م فنجد الكتاب المقدس يقول لنا:
"ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ قَالَ بُولُسُ لِبَرْنَابَا: «لِنَرْجِعْ وَنَفْتَقِدْ إِخْوَتَنَا فِي كُلِّ مَدِينَةٍ نَادَيْنَا فِيهَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ، كَيْفَ هُمْ». فَأَشَارَ بَرْنَابَا أَنْ يَأْخُذَا مَعَهُمَا أَيْضًا يُوحَنَّا الَّذِي يُدْعَى مَرْقُسَ" (سفر أعمال الرسل 15: 36، 37).
† والجدير بالذكر أن برنابا خال مارمرقس.
† وبحسب ما قال ذهبي الفم أن: "مريم أم مارمرقس التي هي أخت برنابا أوصت برنابا أخوها على ابنها مرقس، وأخبرته عما لمارمرقس من محبة وغيرة على الخدمة وأوصته أنه بخبرته وحكمته وحنكته وكبر سنه يستطيع أن يهتم به حتى يتعلم الخدمة" فبرنابا كان أمينًا على وصية أخته فأخذ مارمرقس في الرحلة الأولى بناءًا على رغبة مارمرقس وفي الرحلة الثانية أشار على بولس أن يأخذا مرقس معهما.
† وتخبرنا الآيات التالية في سفر الأعمال اصحاح 15 أن بولس الرسول رفض اصطحاب مارمرقس ويقول الكتاب:
"وَأَمَّا بُولُسُ فَكَانَ يَسْتَحْسِنُ أَنَّ الَّذِي فَارَقَهُمَا مِنْ بَمْفِيلِيَّةَ وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمَا لِلْعَمَلِ، لاَ يَأْخُذَانِهِ مَعَهُمَا. فَحَصَلَ بَيْنَهُمَا مُشَاجَرَةٌ حَتَّى فَارَقَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ. وَبَرْنَابَا أَخَذَ مَرْقُسَ وَسَافَرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ. وَأَمَّا بُولُسُ فَاخْتَارَ سِيلاَ وَخَرَجَ مُسْتَوْدَعًا مِنَ الإِخْوَةِ إِلَى نِعْمَةِ اللهِ. فَاجْتَازَ فِي سُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَّةَ يُشَدِّدُ الْكَنَائِسَ" (سفر أعمال الرسل 15: 38-41).
† وكلمة مشاجرة ليست كما يظن الناس أنها خصام. فالمحبة متأصلة في آبائنا الرسل ولكن بولس كان له فكر وبرنابا كان له فكر آخر في هذا الموضوع. ففكر بولس الرسول أنه يستحسن أن مارمرقس لا يذهب معهما لأنه لم يكمل معهما الرحلة الأولى.
ولكن طبيعة برنابا أنه يحب التشجيع (وقد تكلمنا فيما سبق عن دور برنابا في حياة بولس الرسول) واسم "برنابا" معناه "ابن الوعظ" أو "ابن التشجيع". فكان هناك اختلاف بينهما في الفكر أو وجهات النظر ولكن المحبة موجودة بين الآباء الرسل.
†† بولس الرسول يعترف "مارمرقس نافع لي للخدمة" (67م.):
† فكانت النتيجة أنهم قسموا الخدمة: برنابا اصطحب أبونا مامرقس وذهب به إلى قبرص وكان ذلك في عام 50 م.
† وبعد 17 سنة من استحسان معلمنا بولس ألا يأخذ مارمرقس معه وأثناء وجوده في السجن للمرة الثانية في روما (سنة 67م) وقبل استشهاده مباشرة كتب الرسالة الثانية لتيموثاوس (66-67م) حيث قال له:
"خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ" (رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 4: 11).
وهنا يحق لنا أن نقف عند هذا الأمر:-
†بولس قَبِلَ الإيمان سنة 35م. واستشهد سنة 67م أي ظل بولس يخدم 32 سنة، وأسس العديد من الكنائس، وتتلمذ على يديه العشرات بل المئات. تصوروا معلمنا بولس الرسول هذا في نهاية خدمته ورغم هذا الكم من التلاميذ الذين تعلموا منه وتتلمذوا على يديه، يشعر باحتياج شديد لأبونا وحبيبنا القديس مارمرقس ويقول لتلميذه تيموثاوس:
"خذ مرقس وأحضره معك لأنه نافع لي للخدمة".
† يا أحبائي إن هذا كان تقرير بولس الرسول بالروح القدس عن خدمة مارمرقس - حيث يقول الكتاب: "تكلم أناس الله القديسين مسوقين من الروح القدس" - فبولس يرى رغم تلاميذه الكثيرين أن مارمرقس نافع له للخدمة.