منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 10 - 06 - 2014, 05:27 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
القمص أثناسيوس فهمي جورج
مقدمة


يسوع، فهو ليس مجرد تذكر لما هو وراء لكنه امتداد لما هو قدام....لأن المسيح ربنا هو هو أمس واليوم وإلى الأبد الكائن والذي سيكون.
ومن هنا كانت أهمية أقوال الآباء واستمراريتها كتقليد كنسى خلاق وطاقة حب مجانية في شركة القديسين، ولغة غرس مشتركة، وخبرة قداسة معاشة، نحتاجها ونتطلع إليها.
وربما الذين لا يأخذون بالتقليد ولا يتمتعون بغنى الأباء، يعتبرون التقليد إنغلاقاً وتراثاً قديماً وتكراراً ببغائياً يتجاهل تطور الأذواق والعقليات والحس النقدى، لكننا نؤمن أن المسيح الساكن في هؤلاء الاباء هو هو أمس واليوم وإلى الأبد، يعلم إنسان اليوم أن يخرج على آثار الغنم ليعرف إلى أي مدى يمكن أن تتغذى حياته وتشبع نفسه بالخصوبة والنضارة وتتحسس أقدامه خطوات الطريق..و هذا معناه أنه يمكن للإنسان المعاصر أن يتلامس مع عمل نعمة الله في أولئك الآباء، فيدخل في عمق نهر الحياة.

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
فقط يهمنا أن لا نقدم أقوال الآباء بطريقة ميكانيكية أو بطريقة عقلية، ولكن بجذورها الإنجيلية وبفكرها وروحها العام والمتكامل، حياة وخبرة وتدريب وممارسة وأعمال، دون أن نهتز من الدراسات النقدية الحديثة، بل نأخذ روح الآباء ونطبقها على واقع الإنسان اليوم وغداً.
لقد تحاور الآباء مع الفلسفات والأساطير والتراث الهيللينى والعبرانى ومع مشاكل المدنية المحيطة بهم، ليعدوا العدة الروحية للتفاعل والتأثير في الإنسانية المعذبة والمشتاقة إلى كلمة الخلاص، فنحن نؤمن أن الاعلان الإلهى هو هو لا يتغير ببشارته المفرحة، لكنه إعلان لا ينتهى، وبشارة لا تنضب، قادرة أن تعمل وأن تخلص.
وهكذا صار التقليد الآبائى مصدراً هائلاً للقوة الروحية والعلمية، وطاقة كبيرة للخبرة والبركة، يستمر جديداً في الظروف المعاصرة، في حوار بناء بين الإعلان الإلهى من ناحية وبين أحداث التاريخ من ناحية أخرى.
و أقوال الآباء ما هي إلا "مكبرات صوت "لكلام الله، ودورها هو لقؤنا مع المسيح أي لقاء الإنجيل مع الإنسان المعاصر، تمضى به من بدايات إلى بدايات جديدة وبلا نهاية، في المحبة والإيمان والرجاء والاتضاع والتوبة ومخافة الله.
لا شك اننا أغنياء إذ صارت حياتنا مغروسة في الله، خلال كلام الآباء وحياتهم التي تسرى في جداول القلب المختون المنسحق والطاهر، وفي مجرى العقل اليقظ المستعد الذي يرصد أسرار الله ويتذوق سلامه وفرحه.
إننا أغنياء بأقوال الآباء والمعرفة الآبائية المشبعة بالإنجيل والنسك وبالسوك المسيحى، والتي لابد أن تصير مكوناً أساسياً من مكونات حضارة اليوم، لنحيا شهادتنا وكرازتنا المعاصرة.
لذا كنيستنا كنيسة الآباء تمثل الخميرة التي تخمر العجين المقدس كله وحبة الحنطة التي تزرع أشجار الحياة، مستندة على روحانيتها الخصبة... تشهد لإيمانها ليس عن طريق العصيان والتمرد والنقد والمعارضة، وإنما بالاعتراف الحسن والطاعة والوداعة وتفضيل الاستشهاد، فظلت دائماً تستمد حيويتها وقوتها من فكر وحياة وسير الآباء، المعبرة عن عمق الحياة الروحية للكنيسة.
وقد ساهم علم الباترولوجى في الحفاظ على اقرار الإيمان، وفي تغذية الوعى الإيمانى واللاهوتى والسلوكى العلمى، فصارت الآبائيات ميراثاً وكنزاً ثميناً نسهر على سلامته بكل غيرة، والحياة الروحية للإنسان لا يمكن – في عرف الآبائء – أن تكتمل بدون "شركة القديسين"، والسبب في هذا هو أن القديسين لم يكونوا مؤلفى نظريات عن الإيمان، بل عائشين هذا الإيمان على أساس يومى، وبهذا يمكننا أن نتخذهم مرشدين شخصيين وناصحين لنا ننظر إلى نهاية سيرتهم ونسلك بإيمانهم، طالما أنهم قد سبق وعاشوا في هذا العالم دون أن يكونوا من هذا العالم.
و يعلمنا الآباء أن الإيمان بدون اعمال، والأعما بدون إيمان هما شيئان مرفوضان معاً في الكنيسة الأرثوذكسية... إن الاباء يقدمون للإنسان الحديث علامات إرشاد صادقة وأفكار أصلية، بالإضافة إلى أنهم يقدمون حياتهم كأمثلة حية كاملة، وفي مواجهة الذين يظنون أو يدعون أن المسيحية لا تصلح للتطبيق في أيامنا الحاضرة، نذكر هؤلاء بأن الحياة في الحق من أجل الرب يسوع المسيح هي حياة قوية زاخرة.
مما لا شك فيه أن الآباء وهم يقدمون حياتهم أمثلة حية، يحملون النور ويعيشون الإيمان ويرعون القطيع، يصنعون الرسالة ويعلمون البشارة ويصيغون العقيدة وينشرون الكرازة، يعرفون الحق الحقيقى للتعليم، وهو أن الأعمال يجب دائماّ أن تنطبق على كلمات الوعظ، فيستخدمون كلماتهم على أساس حياتهم، ويبنون حياتهم على الصخر، محكومين باشتياقات مقدسة وبقانون الجهاد الروحى.
فبلغت كلماتهم قلوب السامعين سريعة وكأنها حديد مطروق... والقديس غريغوريوس صانع العجائب قد سيرته وقدوته ويقول: "يمكن لواحد وحده أن يصنع شيئاً، بشرط أن تكون أفعاله وأعماله وكلماته كلها صحيحة".
حينما صار اغريغوريوس أسقفاً، لم يكن هناك في الإيبارشية التي أقيم عليها إلا 17 مؤمناً بالمسيح فقط، وبعد حياة حافلة بالخدمة والإيمان والكرازة بكلمة الله تنيح ولم يكن بها إلا 17 فقط من غير المؤمنين.
أدرك اغريغوريوس أن الكارز يلزمه أولاً وقبل كل شيء أن يكون رجل صلاة، فصنع المعجزات والآيات الروحية والجسدية، وقدم ببساطه الإيمان للبسطاء، وسمو المعرفة العالية للكاملين، وغلب الشياطين بقوة الصليب المحيى، وعاين السيدة العذراء ويوحنا الحبيب ليتعلم كيف يقدم البشارة المفرحة.
إننا نقدم هذه السيرة الرسولية ضمن سلسلة أباء الكنيسة (أخثوس IXΘYΣ)لننظر ونتعلم كيف أن شخصاً واحداً إلتهب بالغيرة الإلهية أمكنه أن يحول مدينة باكلملها للمسيح... وها هو اغريغوريوس العجائبى غير إيبارشية وإقليماً بأكمله.
نقدمه نموذجاً في الخدمة، نموذجاً في التحول من وإلى، من الوثنية إلى المسيحية، من عبادة الأوثان إلى عبادة الإله الحقيقى وحده، من شخص وثنى إلى كارز باسم المسيح، من الوثنية إلى صنع العجائب، إنه ثمرة عمل النعمة وفاعلية المعمودية واستجابة أمينة في العمل الكرازى والرعوى وفي الأبوة والتعليم.
لذلك تأيدت خدمته الأسقفية بالعجائب والمعجزات والأعمال الإلهية الفائقة، وصارت إيبارشية قيصرية محبة للمسيح، فلينفعنا الرب بصلواته ولينفعنا بسيرته وقدوته.
إننى أحسب نفسى فرحاً بهذه المساهمة العلمية المتواضعة، خلال تقديم موسوعة آباء الكنيسة في اليوبيل المئوى للكلية الإكليريكية التي نتطلع إلى مكانتها الروحية والعلمية واستمراريتها في رسالتها من أجل الإعداد العلمى لمواجهة المشاكل والشكوك الفكرية والأيديولوجية التي تجتاح عالمنا المعاصر وبروح إنجيلى وفكر آبائى.

نتطلع إلى استمرارية الإكليريكية والتربية الكنسية في صنع النهضة اللاهوتية المعاصرة ونقل حياة وفكر الاباء..: إمتداد طبيعى لمدرسة الاسكندرية اللاهوتية في التلمذة وفي إعداد الخدام والرعاة، في الوقت الذي يتعاظم فيه دورها كماً وكيفاً، إنتشاراً وتعميقاً أفقياً ورأسياً في عهد أبينا رئيس الأحبار البابا البطريرك الأنبا شنوده الثالث – أطال الله حياته.
ذاكراً مساعدة وتشجيع نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدس الذي بحسه الرعوى ووعيه اللاهوتى يشجع الدراسات والأبحاث ويتقدم دائماً الصفوف، وكذا شكرنا لأبينا الحبر الجليل الأنبا بنيامين النائب البابوى بالاسكندرية من أجل محبته وإشرافه على العمل، فليديم الله حياتهما بركة وذاخراً وعزة للكنيسة، ببركة صاحب السيرة القديس اغريغوريوس صانع العجائب وكل مصاف قديسين، ولربنا المجد دائماً أبدياً آمين.

تذكار صوم الرسل الأطهار
1994 م.
رد مع اقتباس
قديم 10 - 06 - 2014, 05:29 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة

سيرة القديس غريغوريوس العجائبي

نشأته
معموديته
سيامته أسقفاً
عمله الكرازي والرعوي
عجائبه
نهاية سيرته
تكريمه
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة

نشأته

ولد وثنياً من أبوين وثنيين ذوى شهرة وكرامة عالية، ودى اسمه ثيودورس Theodorus، ولم يعرف بالاسم اغريغوريوس إلا بعد قبول الإيمان المسيحى ومعموديته.
وكانت ولادته في قيصرية الجديدة بنواحى البحر الأسود من أعمال البونطس في آسيا الصغرى في أوائل القرن الثالث، حوالى سنة 213 م، وتوفى والده وهو في الرابعة عشرة من عمره، لكنه اكمل تعليمه إذ كان محباً للمعرفة ومشتاقاً إلى ادراك الحق... وكان مهتماً بدراسة القانون والبيان.
وحدث أن زوج أخته كان قد عين معاوناً لحاكم فلسطين، فصاحبها عام 233 م. ومعه أخوه أثينودورس Athenodorus الذي صار بعد ذلك أسقفاً واحتمل الكثير من أجل الإيمان بالمسيح.
وهناك درس العلوم القانونية الرومانية، حيث كانت هذه العلوم في ذلك الوقت سمة كبار القوم، وكان يتأمل مظاهر العبادة الوثنية المحيطة به من يوم وإلى يوم... فنما فيه شعور بالنفور من ناحيتها، وبدأ يتلمس طريق الحق.
وفى قيصرية فلسطين التقى هو وأخوه بالعلامة أوريجانوس السكندرى، الذي كان قد لجأ إليها أثناء فترة خلافه مع البابا ديمتريوس وأنشأ بها مدرسة لاهوتية ضخمة، فهزهما هزاً وغير أفكارهما وبرنامجهما.
و بالرغم من عدم معرفة أوريجانوس السابقة لهما، إلا أنه أحسن استقبالهما وهما بعد وثنيين، مظهراً لهما سروراً من أجل اصطيادهما وربحهما لحساب المسيح، وانقذهما من ظلمة العبادة الوثنية.
و ارتبطا به واحباه جدا، وتتلمذا على كلماته وعظاته، واجتهدا في مطالعة الكتاب المقدس وفي الدراسة بمدرسة الموعظين، وأعجب ثيودورس الشاب به جداً إلى الحد الذي جعله يكتب خطاباً يذكر فيه تفاصيلاً ملموسة عديدة، ومدحه بدون تحفظ قائلاً: " إن ملاك الله أرشدنا في طريق هذه الحياة، وربطنا بحبل المودة مع هذا الرجل العظيم الذي سنستفيد منه جداً، ومع كونه مسيحياً ولا معرفه له بنا، إلا أنه أحسن استقبالنا وأظهر لنا سروراً كأننا أناس قد هداهم الله إلى شباكه ليصطادنا ويربحنا للإنجيل وينقذنا من ظلام عبادة الأوثان".
كان العلامة أوريجين يهتم بتدريس شتى العلوم والمعارف والفلسفات معتبراً أنها مقدمة للفلسفة الحقة الحقيقية التي هي دراسة الأسفار الإلهية، وطريق خلاص للعقلانيين والفلاسفة المعاصرين له.
و أيقن الأخان أن الحق الذي يطلبانه لا يوجد في كتب الفلاسفة ولا في الفكر البشرى المجرد، إنما خلال نور الإيمان واعلانات الله، فقادهما أوريجانوس بلباقته وحكمته ونسكه إلى قبول الإيمان والدراسة في مدرسة الموعظين.
و أشاد أوريجين باغريغوريوس معتبراً إياه ابناً مكرماً له، حاثاً إياه أن يضرم مواهبه ويستثمرها لحساب ملكوت الله، وأن يوظفها درسه من فلسفات في خدمة العمل الكرازى لمواجهة خليط الفلسفات بذات أسسهم، وتفنيد حججهم وقيادتهم إلى الإيمان الحقيقي.

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
ويشهد اغريغوريوس لمعلمه ومعينه أوريجين بانه قدم حياته مثلاً للحياة الإنجيلية وأن سر إنجذابه له كان في أعماله التي فعلها أكثر من التعاليم التي عمله إياها،وكان اغريغوريوس يذكر دائما كيف قدم له أوريجين التعاليم المسيحية العلمية، كيف علمه كلمة الله وكيف ساعده ليترك حياته البربرية الوثنية، وكيف تتلمذ عند قدميه قرابة خمس أعوام، وكيف سلمه لاهوت الحياة الروحية، وكيف قدم له الإيمان المستقيم بطريقة شاملة.
و اشاد أيضاً اغريغوريوس العجائبى بمعلمه أوريجين، عندما وصف إمكانياته في تفسير كلمة الله قائلا عنه: "الروح القدس الذي يوحى للأنبياء، كرمه كصديق، وعينه كمفسر خاص به"، "له القدرة أن يصغى لله ويفهم أقواله ويشرحها للبشر لكى يفهموها هم أيضاً".
ويذكر علم الباترولوچى أن أوريجانوس أرسل رسالة إلى تلميذه القديس اغريغوريوس كتبت ما بين عام 238 وعام 243 م. بينما كانا أوريجين في نيقوميديا يطلب فيها منه أن يقتطف من الفلسفات اليونانية ما يمكن أن تنتفع به المسيحية، كما انتفع اليهود بالأوانى الذهبية والفضية التي أخذوها من المصريين في خدمة الإله الحقيقى، كما طالبه بالاهتمام الشديد بدراسة الكتاب المقدس وأن يقرع الباب ويسأل خلال الصلاة لكى يتفهم الأسرار الإلهية.
يوصى أوريجين تلميذه اغريغوريوس قائلا له: " جاهد في قراءة الكتب الإلهية، نعم كن مثابراً.. اقرع فسيفتح لك الباب... ولا تتوقف عن القرع والسؤال، فإن الصلاة هي أهم عون لازم لمعرفة الحق الروحى، لهذا قال الرب اقرعوا فسيفتح لكم، اطلبوا تجدوا كما قال اسألوا تعطوا".
وبالجملة لقد استمر اغريغوريوس وأخوه ملتصقين بأوريجين، إلى أن ثار اضطهاد مكسيميانوس، مما اضطر معه أوريجين إلى ترك قيصرية إلى حين، وحينئذ أتى اغريغوريوس إلى الإسكندرية المدينه العظمى المحبة للمسيح، ودرس الطب والفلسفة اللذين كانا في أوج شهرتها هناك.
وفى الاسكندريه كان غريغوريوس وأخوه اثينودوراس يتعلمان في مدرسة الموعظين التي كان يديرها ويرأسها وقتئذ القديس ديونيسيوس (انظر كتاب "البابا ديونيسيوس السكندرى "ضمن هذه السلسلة (أخثوس) IXΘYΣ الذي صار فيما بعد البابا السكندرى.
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
معموديته

وبعد ذلك بقليل عاد ثيودورس إلى مدينته ونال سر المعمودية ودعى باسم غريغوريوس، ولا نستطيع أن نتيقن تاريخ ومكان اقتباله المعمودية، وإن كان البعض يرجح تاريخ معموديته هو وأخيه في سنة 239 م، ثم بدأ منذ ذلك الحين يرتقى سلم الفضائل.
وهناك في مدينته انطلق إلى البرية ليعيش حياة الخلوة والتأمل ودراسة الكتاب المقدس والتدرب على الحياة النسكية، إلا أن الرب حركك قلب القديس
أفديموس مطران أماسيا الذي كان متصفاً بروح النبوة، والذي كان قد بلغه خبر قداسة غريغوريوس، فأرسل أفديموس يستدعيه، إلا أنه هرب من برية إلى برية.
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
سيامته أسقفاً

بعد أن عطرت سيرة اغريغوريوس الأرجاء، وصار مشهوداً له من الجميع، رأوا سيامته أسقفاً على مدينة قيصرية الجديدة التي لم يكن بها من المسيحيين سوى 17 شخصاً، وصار أسقفاً لهذه المدينة التي بلا رعاية، بعد إلحاح وصلوات كثيرة، وكانت في حال أسوا مما سواها، وكانت تحتاج إلى أسقف كارز وراعى له سيرة نقية وبلا عيب.
طلب القديس اغريغوريوس متوسلاً لكى يهبه الله نعمة الفهم والشرح لحقائق الإيمان، ولا سيما سر التثليث والتوحيد، وسر التجسد الإلهى، وتدبير الخلاص... فسمح الله أن تظهر له السيدة العذراء في رؤيا ومعها القديس يوحنا الرائى واللاهوتى الذي شرح له الحقائق الإيمانية وسلمه قانون العقيدة، وقام غريغوريوس وسجل صورة هذا الإيمان بحسب ما روى لنا القديس اغريغوريوس النيصى كاتب سيرته.
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
عمله الكرازي والرعوي

بدأ الأسقف الجديد يسير في المدينه، وهو يحمل في داخله قوة إلهية وغيرة رسولية، وإذ به يرى هياكل الأوثان، فدخل بها وصار يصلى، وفي الصباح جاء كاهن الوثن فوجد الشياطين قد هربت من الهيكل، وسمع أصواتهم تصرخ قائلة: "إن اغريغوريوس قد أخرجنا من الهيكل" فذهب كاهن الوثن إلى حاكم المدينة ليشكو إليه هذا الغريب الذي تخضع له الشياطين.
ومن فرط عجائبه وعمل الله معه، أن هذا الكاهن الوثنى آمن على يديه فيما بعد وصار له تلميذاً لا يفارقه، ويرى البعض أنه خلفه على كرسى قيصرية الجديدة بعد نياحته.
تأيدت خدمته بالعجائب حتى أن كثيرين آمنوا، وأخذ يعلمهم الإيمان المسيحى بقدوته وسلوكه كما بعلمه ومعرفته، حتى أن الفضائل كانت تتلألأ في كل أفعاله وحركاته، وببركة صلواته وجهاده وسعيه الكرازى الكبير، قبل عدد كبير من أهل المدينة نعمة المعمودية المقدسة.
جاهد اغريغوريوس من أجل العملى إلى واقع الكرازة فاستخدمه المخلص ليكون كأساً ثميناً يسكب فيه نعم الخلاص لشعب إيبارشيته، وكان شغله الشاغل هو أن يجعل من قيصرية الجديدة مدينة تعرف الله ومن شعبها شعباً مستعداً لله، فعاش من أجلهم ومن أجل خلاصهم.
صار صوته صوتاً رسولياً ولسانه بوقاً سمائياً، فأودع في أذهان ونفوس شعبه وديعة الإيمان، وكشف سيرته عن شخصية أسقف يعشق الكرازة ولا يكف عن العمل لمجد الله، كارزاً بالحب والعمل، يعد لسر المعمودية بخدمة الكلمة ثم يتمم السر.... وبصلاحه أغلق حتى أفواه الأعداء وصار حتى غير المؤمنين يوقرونه.
وعاش يرعى ويصلى ويكرز ويضم للإيمان وقدم حياته قبل كلماته حياة غير ملونة، بل بسيرة حسنة صار نوراً وملحاً وسفيراً، صار حياة تضئ وأعمال تتكلم وقوة تسد الشيطان وتبكمه، فآمن على يديه كثيرون واجتذب قلوب شعب قيصرية الجديدة إلى شخص المسيح المخلص.
فى غيرة مقدسة قدم للمسيح نفوس كثيرة كما لو كان ينفث ناراً، وفي حرارة ومثابرة حول الوثنيين إلى مسيحيين، بعد سهر وإضطهاد كما لو كان قائد جيش، وبصلاحه خلص مدينة بأسرها، بعد أن تراكم داخله عدد كبير من الشهداء، إذ أن الشهيد يموت مرة من أجل سيده، أما اغريغوريوس فكان يموت كل يوم من أجل قطيعه، وبشر الكل وسلك كحمل وسط ذئاب ليحولها إلى حملان، فأخذ المكافأة.
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
عجائبه

أراد أهل المدينة أن يبنوا كنيسة، إلا أن جبلاً أعاق أن تكون هذه الكنيسة واسعة، فصلى القديس وإذ بالجبل ينتقل مسافة مناسبة لبنيان الكنيسة.

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
كان نهر ليكوس يفيض ويغرق المحاصيل فقام القديس ووضع عصاه على ضفة النهر، وطلب من الله أن لا يتخطى النهر هذا الحد، وإذ بالنهر لا يتجاوز العصا بل وصارت هي شجرة كبيرة.
استخف بالقديس شخص محتال بإدعاء انه يحتاج إلى مال ليدفن صديقه، ولما قدم له القديس ثوبه مع مساعدة، وجد أن صديقه قد مات فعلاً.
تقاطرت عليه الجموع ليصلى من أجلها فشفى كثيرين من وباء الطاعون الذي استشرى في المدينة، وكان الموضع الذي يزوره لا يأتى إليه الوباء مرة أخرى، وبذلك انتهى هذا الوباء من قيصرية الجديدة وآمن الجميع بالسيد المسيح وهدموا معبد الأصنام.
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
نهاية سيرته

حدث اضطهاد في البلاد فقام القديس بافتقاد كل عضو من أعضاء كنيسته الحية والفتية، وضمد الجراح وجمع رفات الشهداء ورتب تذكاراتهم ورسم يوماً للاحتفال بهم.
ودبر شئون غنمه الناطقة مدة تزيد على 26 سنة في رعاية وأبوة رسولية نادرة، وقبل نياحته اشتاق أن يفتقد أولاده ليعرف كم بقى في قيصرية الجديدة من الوثنيين، فإذ به يعرف أنه لم يبق بها سوى 17 وثنياً، بينما كان عدد المسيحيين عند رسامته أسقفاً هو 17 مسيحياً فقط.
و تنيح بسلام ودفن في مقابر الغرباء المساكين حسب وصيته حوالى سنة 271 م.
وقد كتب كتابات غنية بالفكر اللاهوتى العميق وبالشروحات العقيدية التي تفصح عن قدراته الفلسفية والعلمية في الوصف والتحليل والاستنتاج والشرح، تلك الأمور التي جعلت منه كارزاً ومبشراً ناجحاً.
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
تكريمه

يعتقد أن سميه اغريغوريوس اسقف نيصص هو الذي كتب سيرته، كما مدحه القديس باسيليوس الكبير نقلاً عن جدته ماكرينا التي إلتقت بالقديس اغريغوريوس صانع العجائب واستمعت إلى عظاته... قال عنه باسيليوس: "إنه قديس مزين بروح الأنبياء والرسل، ظهرت في سيرته سمة الكمال الإنجيلى، فى جميع طرقه التقوية.... فلم يصل مطلقاً ورأسه مغطى، وكان يتكلم باحتشام ووقار، ولم يرى ابداً في غضب، ولم تخرج من فمه كلمة ردية".
وقد دعاه باسيليوس بموسى الثانى، ولقبته الكنيسة بصانع العجائب أو العجائبى، وهو من المعترف بقداستهم في الكنيستين اللاتينية واليونانية، حيث تحتفلان بتذكار نياحته في اليوم السابع عشر من شهر تشرين الثانى (نوفمبر) أما الكنيسة القبطية فتحتفل بتذكار نياحته في الحادى والعشرين من شهر هاتور، وتذكره في مجمع القداس الإلهي.
بركة صلاته تكون معنا آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 06 - 2014, 05:31 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة

كتاباته


لم يكن اغريغوريوس رجل قلم بقدر ما كان رجل عمل، وكل ما كتبه إنما وضعه لأجل أهداف عملية، متعلقة في الغالب بأعماله الرعوية، والموجود في كتاباته حالياً هو:
1. مدح لأوريجانوس
2. قانون الإيمان أو شرح الإيمان
3. الرسالة القانونية

4. سرد لسفر الجامعة
5. عن عدم قابلية الله للألم
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
1. مدح لأوريجانوس The panegyric to Origen

وهو عظة ألقاها القديس غريغوريوس عند مغادرته لمدرسة أوريجين في قيصرية، وهي تعبر بمحبة كبيرة وبأسلوب راق عن شعوره بالدين نحو معلمه الموقر، وبعد المقدمة (1- 3) والتي فيها يقول انه عاجز عن مدح معلمه مدحاً وافياً، يشكر (3-15) أولاً الله معطى جميع الخيرات، ثم ملاكه الحارس الذي قاده هو وأخاه إلى قيصرية، واخيراً استاذه العظيم الذي ملأ تلاميذه بالتعطش للمعرفة المقدسة.
وفى كلمته هذه يقدم لنا اغريغوريوس وصفاً دقيقاً وثميناً لطريقة ومنهج أوريجين في التعليم، وفي الخاتمة، يعبر عن أسفه لرحيله من قيصرية (16-17) ويطلب بركة وصلوات معلمه (18-19)، وهذه الوثيقة لها أهميتها في تاريخ التعليم المسيحى.
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
2. قانون الإيمان أو شرح الإيمانThe Creed or Exposition of Faith – Eκθεσισ πιστεωσ

كتب اغريغوريوس قانون إيمان قصير، ورغم انه يتحدث فقط عن عقيدة الثالوث القدوس، إلا انه يقدم تعبيراً دقيقاً للغاية عنها.

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
و النص اليونانى لهذا القانون بجانب انه وصلنا ضمن السيرة التي كتبها اغريغوريوس النيصى، موجود أيضاً في عدد كبير من المخطوطات، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.كما ان هناك ترجمة لاتينية قام بها روفينوس "Hist.eccl. 7,26 وتوجد أخرى سريانية (ستجد الترجمة العربية لهذا القانون منشورة في الفصل الخاص بالملامح الفكرية لاغريغوريوس العجائبى في هذا الكتاب).
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
3. الرسالة القانونية The so-called Canonical Epistle - Eπιστολη κανονικη

هذه الرسالة المرسلة إلى أحد الأساقفة الغير معروف الاسم، والذي ارسل إلى اغريغوريوس يستشيره، تسمى الرسالة القانونية لأنها وضعت في مجموعة الرسائل القانونية للكنيسة اليونانية.
بعد هزيمة ديسيوس (251 م) هاجم القوط بونطس وبيثينية واحتملوهما، وإذ أتخذ القوط من مسيحي البونطس عبيداً لهم، اضطر هؤلاء إلى اكل الطعام الوثنى مما ضايقهم كثيراً، كما اغتصب القوط العديد من النساء، وايضاً مال بعض المسيحيين غلى اغتصب القوط العديد من النساء، وأيضاً مال بعض المسيحيين إلى جانب البرابرة بل أن البعض اشترك معهم في أعمالهم الشريرة.
وفى رسالته هذه ينصح اغريغوريوس زميله الأسقف بخصوص هؤلاء الساقطين ويحثه على ضرورة التأديب بقوانين التوبة، ولكنه يؤكد في الوقت نفسه على ضرورة أن يكون رحيماً ووديعاً وصبوراً، والقانون الأخير له أهميته بصفة خاصة في تاريخ قوانين التوبة، فهو يعدد الدرجات المختلفة للتائبين: " البكاء يكون خارج الكنيسة، والخاطئ الواقف هناك يجب أن يتوسل إلى المؤمنين الذين يدخلون أن يصلوا لأجله.
الاستماع إلى الكلمة يكون داخل باب الشرفة الخارجية، حيث يجب أن يقف الخاطئ حتى يخرج الموعوظون وبعد ذلك يجب أن يخرج، لأنه قيل دعه يستمع إلى الاسفار المقدسة والعقيدة ثم بعد ذلك يخرج، ويعتبر غير لائق لامتياز الصلاة.
السجود هو أن يقف الشخص عند بوابة الهيكل ويخرج مع الموعوظين.
الرجوع هو أن الشخص يحسب مع المؤمنين ولا يخرج مع الموعوظين.
وأخر الكل تأتى الشركة في الأسرار الإلهية".
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
4. سرد لسفر الجامعة the Metaphrase of Ecclesiastes - Mεταфρασισ εισ τον εκκλησιατην Σολομωνοσ

هذا العمل هو عبارة عن إعادة صياغة وسرد للنسخة السبعينية من سفر الجامعة، ورغم أن أغلب المخطوطات تنسبه إلى اغريغوريوس النزينزى، وطبعه مينى Migne ضمن أعمال النزينزى (MG 36, 66gf) إلا أن جيروم (De.Vir.ill.6)
ورفينوس (His.eccl.7,25) يعتبراه ضمن أعمال اغريغوريوس صانع العجائب الموثوق في صحة نسبها إليه.
كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
5. عن عدم قابلية الله للألم On the Impassibility and Possibility of god

كتب اغريغوريوس هذا العمل إلى شخص يدعى ثيؤبومبس theopompus وهو موجود فقط في ترجمة سريانية، ويتضمن حوار فلسفى بين المؤلف وبين ثيؤبومبس عن عدم قابلية الله للتألم، فالله لا يمكن أن يخضع للألم ن وابن الله، بآلامه التي قبلها بإرادته وحده، هزم الموت.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 06 - 2014, 05:32 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة

أهم ملامح فكره


من مخطوط اعترافات الآباء
قال اغريغوريوس صانع العجائب أسقف قيصرية كبادوكية في ميمره لاجل الثالوث:

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
الابن متصل بنا، أي أنه واحد من أثنين، لاهوت وناسوت معاً، صير الأثنين واحداً، وليس فيه إضافة إلى اللاهوت (أى إلى لاهوت الثالوث)، بل هو ثالوث بحاله أيضاً، وأقانيم الثالوث أزلية منذ قبل الأزمان، ولكن لم يعرفها أحد من الناس، إلا بعد أن تجسد الابن واظهرها، وقال يا أبتاه قد أظهرت اسمك للبشر، فاظهر لى أنا أيضاً لكى يعرفوا أنى ابنك، وهكذا صرخ الآب أيضاً على الجبل قائلاً "هذا هو ابنى الحبيب "وكذلك أيضاً على الأردن، واعطانا روحه القدوس ليعرفنا أن الثالوث أزلى وهو متساوى، وولادة الابن من الآب غير مدركة، ولا يمكن النطق بها لأنها روحانية، لأن الروحانى لا يقدر الجسد أن يدركه، ولا يمكنه البحث عنه، لآنه لا يشبه طبيعة البشر، ولا ولادته مثلما للبشر، لأنه عظيماً لا يدرك، أما البشرية فقد عرفنا ولادتها ولكن الروحانى يعلو على طبيعة الابشرية وغير مدروك من أفكار البشر، وغير هالك، وغير مضمحل، فاما الذي لنا فهو يهلك ويضمحل فكيف يكون المحصور من ستة أركان، التي هي الرشق والغرب والبحرى والقبلى والسماء والارض، يقدر أن يعرف الذي هو من فوق السماء ومن اسفل السماء، ومن تحت ومن أسفل، ومن تحت الآفاق، وخارج عن بحرى وقبلى، وهو في كل مكان، ويملأ الكل والكل فيه، ولو قدرنا فلنبحث لنعرف الجسدانى اعنى كيف هي ولادة الفكر من القلب، ونعرف خلقة الخليقة، وولادة النطق من اللسان كيف مثاله، فإذا لم نعرف نحن هؤلاء (أى تفسير المور التي فينا نحن البشر) الذين هم فينا، فكيف نقدر نعرف سر الخالق الغير مخلوق الذي يعلو كل العقول، ولو كان يمكن لإنسان أن يعرف هذا السر، ما كان يوحنا الإنجيلى الناطق بالإلهيات يشهد بأن الله لم يراه أحد... نحن نعلم أن أنفسنا ساكنة فينا، وهي متحدة بأجسادنا، فمن الذي أبصر نفسه قط، أو ما هو اتصالها مع جسدنا، ومن الذي بحث عن ذاته؟
نحن نعلم فقط أن أنفسنا ساكنة فينا، هكذا نعقل ونؤمن أن الكلمة مولود من الآب بلا بحث، ولا نعرف كيف هو، وهو قبل كل الخليقة، أزلى من أزلى، مثل ينبوع من ينبوع، ونور من نور،كلمة الله هو أزلى معه، ولم يزل غير مفترق منه، لا تفنى ولادته منه، بل هو أزلى معه في كل حين بغير افتراق، بالكلمة خلق السماء والأرض، وبه كان كل شيء، هذا هو قوة الله، وذراع الله الغير مفترق من أبيه، وليس له ابتداء مع الآب، هذا هو الذي اتخذ منا من عجنتنا التي هي مريم العذراء، فهو مساوى للآب بلا جسد وغير مفترق عنه، وهو مساوى لنا بالجسد بلا افتراق، هكذا أيضاً هو مساوى للروح القدس بلا جسد وغير مفترق عنه، وهو بلا اضمحلال ولا طبيعتين.
هى طبيعة واحدة للثالوث القدوس، من قبل أن يتجسد الابن الكلمة، وهي أيضاً طبيعة واحدة بحالها للثالوث القدوس من بعد أن تجسد الابن، والذي يضيف زيادة على الثالوث القدوس لأجل تأنس الكلمة فهو غريب عنا وعن خدمة الكنيسة الجامعة، وهذا هو تمام الأمانة المقدسة الرسولية التي لله القدوس.
و المجد للثالوث القدوس إلى الأبد آمين.
وقال أيضاً القديس اغريغوريوس في كتاب آخر "الأمانة":
الله الحقيقى الغير متجسد، موجود وظهر بالجسد، وهو تام في اللاهوت الحقيقى الكامل، ليس هو ذو شخصين ولا طبيعتين ولا نقول أيضًا أننا نعبد رابوعاً، الله وابن الله وإنسان والروح القدس، فمن أجل هذا نحرم المنافقين الذين يقولون بإنسان في تمجيد اللاهوت، فأما نحن فنقول، ان كلمة الله صار إنساناً من أجل خلاصنا، لننال صورة الإنسان السمائى.... كصورة الابن الحقيقى ابن الله، وهو بالجسد ابن البشر، ربنا يسوع المسيح ملكنا إلى الأبد وإلى أبد الأبدين آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 06 - 2014, 05:33 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة

قانون إيمان لإغريغوريوس الصانع العجائب

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
يوجد إله واحد، أبو الكلمة الحى، الذي هو حكمته وقوته الجوهرية وصورته البدية، والد كامل لمولود كامل، أبو الابن الوحيد الجنس.
يوجد رب واحد، وحيد من الوحيد μνοσ εκμονοσ إله من إله، صورة وشبه اللاهوت، كلمة فاعل، حكمة شاملة لتأسيس كل الأشياء، وقوة مكونة للخليقة كلها، ابن حقيقى من آب حقيقى، غير منظور من غير منظور، وغير فاسد من غير فاسد، أبدى من أبدى، وسرمدى.
هناك روح قدس واحد، له وحود من الله، ويعلن بالابن، ليعلم البشرية: هو صورة كاملة للكامل، هو الحياة، هو ينبع قدس، هو القداسة، الواهب التقديس أو السلم إليه، فيه يستعلن الله الآب الذي هو فوق الكل وفي الكل، والله الابن الذي هو بالكل.
هناك ثالوث كامل، في المجد والسرمدية والسلطان، غير منقسم ولا متفرق، لذلك ليس في الثالوث شيء مخلوق أو في عبودية، ولا أي شيء مُضاف، كما لو كان في زمان سابق غير موجود، ثم في زمان لاحِق أُضيف، وهكذا لم يكن الابن أبداً بدون الآب، ولا الروح بدون الابن، لكن بدون استحالة وبدون تغيير، نفس الثالوث هو هو يبقى إلى الأبد.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 06 - 2014, 05:33 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة



  1. من عظة في عيد البشارة
  2. من عظة في عيد الغطاس
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 06 - 2014, 05:36 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة

من عظة في عيد البشارة

اليوم تترنم الرتب الملائكية بألحان التسابيح والفرح، ويضىء نور البشارة بالمسيح متلألأ على المؤمنين، اليوم هو ربيعنا المبهج، اليوم يشرق شمس البر – المسيح – بأشعته الوهاجة علينا، فينبر أذهاننا.
اليوم تشع نعمة الله والرجاء في غير المنظور موضحاً السر المكتوم منذ الأزل، اليوم تتحقق نبوة دواد المرنم "لتفرح السموات وتبتهج الأرض".... اليوم استعلان لسر المسيحيين الذين بارادتهم وضعوا رجاءهم في المسيح.
اليوم جاء جبرائيل الواقف أمام الله إلى العذراء كلية الطهر حاملاً البشارة المفرحة قائلاً "السلام لك يا ممتلئة نعمة" (لو 1: 68) ولما كانت العذراء في حيرة، كشف لها الملاك ملخص الرسالة: "لا تخافى يا مريم لأنك وجدت نعمة عند الله، تلدين ابناً وتسمينه يسوع، هذا يكون عظيماً وابن العلى يدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية، فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟... الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو1: 35).
اختارت النعمة مريم دون سواها لأنها برهنت على رزانتها وسط كل الأجيال، فلم تكن مثل حواء الأولى الفاسدة الذهن التي خدعها الشيطان بسم قوته المهلكة، بل مريم هذه بفضيلتها رفعت مضايقات القديسين، وفيها وحدها انصلح سقوط هذه الأم الأولى حواء.
فى حيرة تساءلت العذراء عن مصدر هذه الحكمة والبركات والكنوز والعطايا السمائية، إنها وجدت نعمة عند الله، ليست حسب مقاييس الطبيعة، إنها تعلم الأمور المخفية حتى عن الآباء والأنبياء، إنها تعلم ما كان مختوماً حتى عن الملائكة، إنها التي تقبلت وحدها الأمور التي جهلها الملهمون من البشر، لأنه حيث يحل الروح القدس، يكشف الأمور التي سبق تدبيرها وحيث تكون النعمة الإلهية حاضرة يكون كل شيء ممكناً بالله.

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
وكما ان الينبوع المتدفق ينبع مجارى مياه، هكذا أيضاً هذا الينبوع الدائم التدفق والدائم حياة يفيض نوراً للعالم، نوراً دائماً وحقيقياً هو المسيح إلهنا الذي يفرح العالم كله، وقد لاق بالملاك أن يقول لمريم "السلام لك يا ممتلئة نعمة، الرب معك "إذ كان يلقى فيها كنز النعمة، وهي وحدها من بين كل الأجيال قامت كعذراء طاهرة جسداً وروحاً تحمل ذاك الذي يحمل كل الأشياء.
لقد خاطبها الملاك "الرب معك" الله بنفسه معك وليس زوجاً أرضياً، معك إله التقديس، أب الطهارة، ينبوع عدم الفساد، واهب الحرية، خادم الخلاص، معطى السلام الحقيقى، هذا الإله معك وفي نفس الوقت يتجسد منك.
السلام لك.... معك مصدر النور الذي يضئ لكل المؤمنين به.
السلام لك..... يا من يشرق فيك شمس البر وزهرة الحياة غير الدنسة! وسكن فيك الذي يقدس كل الأشياء.
السلام لك يا روضة زكية الرائحة، وكرمة دائمة الإزهار، السلام لك ايتها التربة غير المفلحة التي أثمرت بوفرة، وانجبت ما يفوق الطبيعة، فقد جعل الله الكلمة الذي هو من فوق له مسكناً فيك.
لقد اشتهى الآباء والأنبياء أن يروه ولم يروه، بعضهم تنبأ ونظر رؤى وظلال ورموز، أما مريم العذراء فهى وحدها التي اعلن لها رئيس الملائكة جبرائيل بنفسه بطريقة واضحة مبشراً إياها بالبشارة المفرحة.... وهكذا تقبلت وانجبت اللؤلؤة كثيرة الثمن.
فهى بحق قدس الأقداس بقبولها كنز القداسة الكامل، وقد سمعت رئيس الملائكة واعلن لها الاسرار الكاملة بوضوح، فلنكرم ونطوب ونمدح قضيب يسى، التي قمطت ذاك الذي يغطيه النور كثوب (مز 104:2).
لقد اضطجعت المسيح في مزود، وهو ذاك الجالس على الشاروبيم والممجد من الطغمات العلوية،!! في المزود المخصص للحيوانات غير الناطقة اضطجع كلمة الله، ليقدم للبشرية، التي صارت غير عاقلة بإرادتها، بصيرة العقل الحقيقى.
فى الموضع الذي يأكل فيه القطيع رقد الخبز السماوى لكى يقدم قوتاً روحياً للذين يعيشون على الأرض كالحيوانات، لم يكن له مكاناً في المنزل هذا الذي أسس السماء والأرض!! وإذ هو غنى افتقر! واختار اتضاعاً عجيباً من أجل خلاص طبيعتنا، لكى نرث صلاحه، هذا الذي كمل كل بر في اسرار تدبيره غير المنطوق بها.
فى السماء كان في حضن الآب، وفي مغارة المزود اضطجع بين يدى أمه، وقد أحاطت به طغمات الملائكة مترنمة وممجدة، ففى السماء كان جالساً عن يمين الآب، وفي المزود استراح كما لو كان على الشاروبيم، إذ جاء ليتمم ألامه الخلاصية ويمنحنا الفرح الدائم غير المدرك.
غير الجسدى قدم تحية لمن في الجسد "السلام لك يا ممتلئة نعمة الرب معك".
السلام لك لأنك بالحق مستحقة للفرح ولبست ثوب النقاوة وتمنطقتى بالرزانة.
السلام لك لأن نصيبك هو مركبة الفرح السماوى.
السلام لك لأنه خلالك صار الفرح للخليقة كلها وعن طريقك استردت البشرية كرامتها.
لم تضطرب مريم لأن بتوليتها اعطيتها نوع من المساواة والمشابهة مع الملائكة، ولم تتسخ أو تنطفئ شعلة بتوليتها.
و خلال الملاك المبشر جبرائيل قدمت كل الطغمات السمائية السلام للعذراء، بل ورب الطغمات السمائية ورب كل الخليقة اختارها بنفسه، لأنها قديسة صالحة، وخلال قداسة أحشائها وطهارتها ونقاوتها يولد "اللؤلؤة المضيئة" من أجل خلاص العالم كله.
جسدك أطهر من الذهب وأحشاؤك رآها حزقيال كالبلور، إنها مزروعة في بيت الله كشجرة الزيتون المثمرة التي ظللها الروح القدس وعن طريقها دعينا أبناء وورثة ملكوت المسيح! هي فردوس غير فاسد دائم الإزهار، هي مجد العذراى، وفخر الأمهات، هي المعين الأكيد للمؤمنين، ومثال الأتقياء، هي ثوب النور ومسكن الحق، هي مقام البر، كل من يحبها ويأخذ من بتوليتها النقية الطهاهرة يتمتع بنعمة الملائكة، فكل من يحفظ سراج البتولية غير منطفئ يستحق أن ينال الأبدية التي لا تذبل، ومن يحفظ نفسه بثوب العفة غير الدنس يؤخذ إلى جمال البر السرىا، ومن له زيت إضاءة الفهم وبخور الإدراك النقى يرث وعد الكرامة الروحية والتبنى الروحى.
بليقة أرسلت النعم إلى العذراء القديسة، والاسم الذي اعطى لها كان ملازما لها، فقد كانت تدعى "مريم" أي استنارة، وأى شيء أكثر ضوء من نور البتولية العذراوية؟ ولهذا السبب دعيت الفضائل "عذارى"... إنها البشارة السارة الخاصة بتدبير المخلص الذي كشفه للضالين واعلنه للبائسين واضاءه للعميان، ويقيم الموات ويعتق العبيد ويحرر المأسورين.
لم يكن له موضع في المنزل (لو 2: 8) ذاك الذي أوجد كل الأرض... كانت تقوته باللبن، ذاك الذي يقوت الكل ويهب حياة لكل كائن حى، وقمطت بالخرق ذاك الذي يصون المسكونة كلها... واضطجعت في المزود الجالس فوق الشاروبيم (مز80:1).
اشرق نور سماوى حول ذاك الذي يضئ المسكونة كلها! جنود السماء سبحته لأنه الممجد في السماء قبل الدهور، ونجم بضيائه قاد الآتيين من بلاد بعيدة إلى ذاك الذي هو مشرق بحق.
ومن المشرق جاء الآتيون بالهدايا إلى الذي افتقر من اجلنا، وأما والدته فقد حفظت هذا الكلام وخبأته في قلبها كمن يتقبل كل الاسرار...
جاء إليها جبرائيل ليعلن الخلاص للعالم كله وليحمل علامة شفاء آدم ويحول خزى جنس النساء إلى كرامة، ويعد حجال العريس طاهراً!!
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 06 - 2014, 05:37 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة

من عظة في عيد الغطاس

انصتوا يا أحبائ المسيح لحديثى هذا عن معمودية المسيح في الأردن، لعله يثير اشتياقكم إلى الرب الذي فعل الكثير لاجلنا بتنازله إلى مستوانا...لانه جيد هو التعطش في أمور خلاصنا! لنأت إذن كلنا من الجليل إلى اليهودية، ولنخرج مع المسيح لأنه طوبى للذين يشتركون في السفر في طريق الحياة!
تعالوا بخطوات حكيمة إلى الإردن لنرى يوحنا المعمدان وهو يعمد ذاك الذي لا يحتاج إلى معمودية ومع ذلك يخضع نفسه لطقسها، وذلك حتى يهبنا نعمة المعمودية مجاناً، تعالوا لنعاين صورة تجديد خلقتنا في مياه هذا النهر.
"حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه" (مت 3: 13).
يا لعظم اتضاع الرب! يا لغنى تنازله! ملك السموات يسرع إلى يوحنا سابقه، دون أن يأمر ربوات الملائكة بأن تحوطه أو أن تواكبه الجيوش وتبشر بقدومه! بل ها هو يقدم نفسه ببساطة شديدة في هيئة جندى إلى تابعه، ثم اقترب إليه كواحد من الجمهور، وتواضع جاعلاً نفسه بين الأسرى في حين انه هو محررهم!!! وساوى نفسه مع الذين هم تحت الدينونة في حين انه هو الديان! وانضم إلى الخراف الضالة في حين انه هو الراعى الصالح الذي من أجل الخراف الشاردة نزل من السماء!
ولما رأه وتعرف على ذاك الذي سبق أن تعرف عليه وارتكض وهو في بطن أمه وسجد له، احنى رأسه مثل عبد مملوء حباً لسيده قائلاً: "أنا محتاج أن اعتمد منك وأنت تاتى إلى" (مت 3: 14).
ما هذا الذي تفعله يا سيدي؟ أنا المحتاج أن اعتمد منك، لماذا ترغب أن تأخذ ما لا تحتاجه؟ لماذا تثقل على أنا خادمك، بتنازلك السامي إلى؟ فالأقل هو الذي يتبارك من الأعظم، والأعظم لا يتبارك ولا يتقدس من الأصغر.
إنى أعرفك يا سيدي، وخبرتك جيداً، لأنه لا يمكن لأحد أن يتعرف عليك إن لم يتمتع باستنارة منك، اعرفك يا رب لاننى رأيتك بالروح قبل أن أعاين هذا النور، إنك عندما كنت بكل ملئك في حضن أبيك السماوي غير الجسداني، كنت أيضاً بملئك في بطن أمتك وأمك، وأنا رغم اننى حسبت في بطن أليصابات بالطبيعة كما في سجن،وثبت واحتفلت بميلادك بتهليل مسبق! فهل أنا الذي أعلنت حلولك على الأرض قبل ميلادك اخفق في إدراك مجيئك بعد ميلادك؟ لا يمكنني أن أصمت وأنت موجود لأننى "صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب" (مت 3:3).
إنني عندما ولدت أزلت عقم أمي، وبينما كنت طفلاً صار اسمي شافياً لخرس أبى، إذ قد أخذت منك منذ طفولتي موهبة صنع المعجزات، أما أنت فإذ ولدت من العذراء مريم -حسب مشيئتك- فلم يلغ ميلادك بتوليتها ولكنك حفظتها، كما أن البتولية لم تحل دون ميلادك، ولكن هذين الأمرين -أي الولادة والبتولية- رغم أنهما متضادان تماماً، فقد صارا متجانسين ومتحدين لأجل هدف واحد، لأن هذا يظل ممكناً بك يا مبدع الطبيعة.

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
إننى مجرد إنسان، أما أنت فإله مع أنك صرت إنساناً، لأنك بطبيعتك محب البشر، إن أنت هو بهاء مجد الآب (عب 1: 3) والصورة الكاملة للاب الكامل، أنت هو النور الحقيقى الذي يضل كل انسان أت إلى العالم (يو 1: 9) أنت الذي سكنت بيتنا واظهرت ذاتك لعبيدك في هيئة عبد، أتأتى أنت إلى؟ أيأتى الملك إلى سابقه وممهد الطريق له؟ السيد إلى العبد؟
ورغم أنك لم تخجل من أن تولد في أحقر الأوَاع حسب المقاييس البشرية، إلا أننى لا املك القدرة على تعدى المقاييس الطبيعية، إننى اعرف الفارق الكبير بين التراب والخالق، وبين الطين والخزاف، إننى اعرف مقدار علوك يا شمس البر، عنى أنا الذي هو مجرد المصباح الذي يكشف الطريق إلى نعمتك.
ورغم أنك لم تخجل من أن تولد في أحقر الأوضاع حسب المقاييس البشرية، إلا أننى لا أملك القدرة على تعدى المقاييس الطبيعية، إننى اعرف الفارق الكبير بين التراب والخالق، وبين الطين والخزاف، إننى اعرف مقدر علوك يا شمس البر، عنى أنا الذي هو مجرد المصباح الذي يكشف الطريق إلى نعمتك.
" لست أهلاً أن أحل سيور حذائك" (لو 3: 16) فكيف أجروء على لمس رأسك التي بلا عيب؟ كيف يمكننى أن أمد يدى اليمنى عليك ايها "الباسط السموات كشقة" (مز 104:2) و" الباسط الأرض على المياه" (مز 136: 6)؟ كيف أمد هاتين اليدين البشريتين الوضيعتين على رأسك؟ كيف أغسلك يامن هو بلا دنس ولا خطية؟ كيف أنير النور؟ واى نوع من الصلاة أرفعها عنك يا من تقبل الصلاة حتى من الذين يجهلونك؟
" هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يو 1: 29) فيا نهر الأردن رافقنى مع خورس ممتع، واقفز معى، وحرك مياهك بطريقة إيقاعية كما في حركات العازفين لأن خالقك يقف بجانبك في الجسد! اليوم تتدفق المياه بسهولة وتحتضن الأعضاء غير الدنسة التي لذاك الذي يقدس الكل!! أيتها الخليقة كلها باركى الرب الذي جاء عبر نهر الأردن، لأنه من خلال جداول هذا النهر سيصل التبرير والتقديس إلى كل الأنهار!!
فأجابه الرب يسوع قائلاً "اسمع الآن لأنه هكذا يليق أن نكمل كل بر" (مت 3:15)
فلما سمع المعمدان هذا الكلام وجه قلبه نحو واضع الخلاص الرب يسوع، وادرك السر الذي أخذه ونفذ الأمر الإلهى،لأنه كان يتقواه مستعداً للطاعة، وعمد الرب.
"هذا هو ابنى الحبيب الذي به سرت "بتلك الكلمات التي نطقها الاب من السماء بما يشبه الرعد استنار جنس البشر وادركوا الفرق بين الخالق والمخلوق، بين الملك وأحد جنوده، وإذ تقووا بالإيمان اقتربوا من خلال معمودية يوحنا إلى المسيح إلهنا الحقيقى الذي ها هو يتمم وعده ويعمدنا "بالروح القدس ونار" له المجد مع أبيه الصالح والروح القدس المحيى، الثالوث القدوس الآن وإلى دهر الدهور آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 06 - 2014, 05:37 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,258

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة

المصادر والمرجع

كتاب القديس إغريغوريوس صانع العجائب، أسقف قيصرية الجديدة
1. أسد رستم: آباء الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى.
2. جيروم: مشاهير الرجال، ترجمة الراهب حنانيا السريانى.
3. القس بولا البراموسى: القديس اغريغوريوس صانع العجائب.
4. مخطوط اعترافات الآباء
5. Quasten, patrology, vol.II.
6. W.Telfer, The Latin Life of St. Gregory Thaumaturgos: Journal of Theological Studies, London 31,(1930)142- 2443.
7. Ante- Nicene Fathers, vi.
8. Cross, The Oxford Dictionary of The Christian Church.
9. M.Metacalfe, Gregory Addres to Origen , SPCK, London.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديس إغريغوريوس (صانع العجائب)
كتاب القديس غريغوريوس - صانع العجائب
القديس إغريغوريوس العجائبي (أسقف قيصرية)
القديس أغريغوريوس الثغماطرغوس أسقف قيصرية الجديدة (صانع العجائب) *
القديس إغريغوريوس العجائبي أسقف قيصرية


الساعة الآن 12:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024