رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب القديس ديديموس الضرير القمص أثناسيوس فهمي جورج مقدمة خلال هذه السلسة نستشف واقعية الكنيسة الأولى، بالرجوع إلى الفكر الآبائي الأصيل، فنحيا بروح الآباء ونتمتع بفكرهم وسيرتهم ونتلمس حياتهم ومنهجهم الذي عاشوه. وإنني أجد نفسي لست أهلًا لأنحني مطوبًا آبائي القديسين الأولين في الكنيسة الأولى، فإن سيرتهم حلوة وحياتهم عذبة تستريح لها النفس وتشتم من خلالها رائحة المسيح الذكية. والقصد من هذه السلسة تقديم الفكر الآبائي الأصيل، لعلنا بهذا نقدم عملًا علميًا يفيد المهتمين بالتراث والأدب الآبائي الثمين، الآب: سيرته، منهجه اللاهوتي، والكتابي، والكنسي، والرعوي، والنسكي، والسلوكي وفكره الروحي إذ أن علم آباء الكنيسة، ليس مجرد تاريخ الكتابات المسيحية، بل هو علم اللاهوت الآبائي. إننا في حاجة إلى الغوص في الفكر الآبائي المتكامل.. من خلال حياة لصيقة بأنفاس هؤلاء الآباء والمعلمين، وبين يدينا سيرة القديس ديديموس الضرير ناظر مدرسة الإسكندرية اللاهوتية في عهد البابا أثناسيوس الرسولي ومن أعظم اللاهوتيين في أيامه. فإذا كانت الإسكندرية مركزًا للحياة الفكرية المتألقة والتعليم المسيحي والعلوم القدسية، فمن لا يعرف العلامة اللاهوتي ديديموس لم يعرف المدينة العظمى الإسكندرية بعد، وإذا كانت الإسكندرية بيتًا للعلم فإن القديس ديديموس سكب عليها من تعاليمه لتثقيف الشعب ليلًا ونهارًا، رئيسًا لمدرسة الإسكندرية حصن الإيمان القويم. كان ضريرًا مبصرًا متحدًا بالنور الحقيقي والعقل الكامل، عصاميًا ممارسًا للنسك بغيرة صديقًا للأنبا انطونيوس، فكانت حياته فردوسًا، وتتلمذ على يديه القديس ﭼيروم الذي أتى للإسكندرية لذلك،والمؤرخ الشهير روفينوس وبلاديوس والقديس أغريغوريوس النزينزى.. وقد اعتمدنا بالأكثر في هذا البحث على ما ورد في كتاب (الباترولوچي Patrology) لمؤلفه ﭼونز كواستن Johannes Quasten المجلد الثالث. نقدم هذه السيرة الحلوة لتكون سبب بركة لحياتنا جميعًا، مع سجودنا القلبي للثالوث القدوس المبارك، الذي سمح بهذا العمل وأعاننا ليكتمل بهذه الصورة. وكلمة شكر ومحبة لأبينا الحبر الجليل الأنبا بنيامين أسقف كرسي المنوفية والنائب البابوي بالإسكندرية، الذي يشجعنا بمحبته ويسندنا بصلواته. واعتراف بالجميل لأخوتي الذين شاركوا وتعبوا في هذه السلسلة ليعوضهم الرب بالأجر السمائي، بصلوات أبو الآباء وراعى الرعاة بطريركنا المحبوب البابا شنودة الثالث، ولربنا كل المجد والكرامة إلى الأبد آمين. الصوم الأربعيني الكبير 1992 م، 1708 ش |
07 - 06 - 2014, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس ديديموس الضرير
سيرة ديديموس الضرير وُلد ديديموس الملقب ب"الضرير The Blind" عام 313م، (اسم ديديموس هو اللفظ اليوناني المرادف لاسم توما) وفي الرابعة من عمره أصيب بمرض في عينيه أفقده بصره كما يخبرنا بلاديوس (1)، ولكن رغبته ومحبته الشديدة للمعرفة ذللت أمامه كل عقبة، فبرغم فقدان بصره وفقره، ورغم أنه لم يتعلم القراءة في مدرسة ولا حتى النطق الأول للحروف، إلا أن ذلك كله لم يثبط عزيمته، فتعلم الأبجدية بحروف منحوتة في لوح من خشب، وتعلم بنفسه كيف يقرأها بطريقة اللمس، وبذا سبق برايل بخمسة عشر قرنًا في استخدام الحروف البارزة للعميان، ويقول سقراط المؤرخ الكنسي أنه بهذه الطريقة علم نفسه قواعد اللغة والبلاغة والفلسفة والمنطق والحساب والموسيقى، وقد درس كل هذا بعمق حتى أنه كان يستطيع أن يناقش كل من درس هذه العلوم من الكتب العادية، ويقول ﭼيروم أنه (تعلم الهندسة أيضًا التي كانت تحتاج إلى النظر أكثر مما سواها حتى كان أعجوبة لكل ناظر إليه فانتشر صيته وذاع اسمه في كل مكان) (2). وفى عام 346م أسند القديس أثناسيوس الرسولي إليه مسئولية إدارة مدرسة إسكندرية اللاهوتية كما يخبرنا روفينوس (3)، بسبب ذكائه وقدرته على الاستيعاب ودقة ملاحظته وعلو حجته، وقد كان ديديموس آخر معلمي المدرسة المشهورين، إذ أُغلقت المدرسة العظيمة بعد نياحته بفترة وجيزة، وكان ﭼيروم وروفينوس من أشهر تلاميذ ديديموس، وقد أطنب ﭼيروم كثيرًا في مدح ديديموس ويذكر دومًا أنه معلمه his magister (4) وأكد علو قدرته في التعليم ومقدار الأثر الذي تركه في لاهوت الغرب والشرق معا (5)، وكان يفتخر بأنه تلميذه وانه اتخذه أستاذًا وقدوة له في دراسة الكتاب المقدس، كما ترجم له كتابه (عن الروح القدس) الذي يقول في مقدمة ترجمته: (إن ديديموس له عينان كعيني عروس نشيد الأنشاد، فهو في معرفته يحمل صفات الإنسان الرسولى، له فكر نير وكلمات بسيطة). ويسميه روفينوس Rufinus (النبي) و(الرجل رسولي) (6)، ويخبرنا سوزومين المؤرخ أن تأثير ديديموس في إقناع الشعب بصحة تعاليم مجمع نيقية ضد الاربوسيين كان لا يُضارع، إذ استطاع أن يجعل كل من يسمعه قادرًا أن يكون حكمًا في هذا الموضوع (7)، فبالرغم من أن الحركة الأريوسية كانت على أشدها في ذلك الوقت، وبالرغم من تعرض الأساقفة والمعلمين المستقيمي الرأي للاضطهاد من الحكام المدنيين المؤيدين للأريوسيين، إلا أن اللاهوتي السكندري وقف يجاهد مع القديس أثناسيوس بعد أن أُعجب بعبقرية وشجاعة باباه وحكمته الرسولية، غير مبال بالاضطهاد والمتاعب، وحارب بقايا الوثنية التي تمثلت فيما سُمى بالأفلاطونية المحدثة وسائر الفلسفات الأخرى، لذلك يقول سقراط المؤرخ: (كان ديديموس عند الناس حصنًا متينًا وسندًا قويًا للديانة المسيحية حتى قبل أن يتولى رئاسة المدرسة اللاهوتية، وهو يُعد خصمًا عنيدًا كسر شوكة أتباع أريوس وأفحمهم في مناظراته معهم) (8). ولم يكن في الإسكندرية من يستطيع فلسفة أفلاطون أوضح مما يفسرها ديديموس، ولا من يتحدث بطلاقة عن أرسطوطاليس قدره. وشهد لقدرة ديديموس في المعرفة والمحاججة والإقناع كثيرون وأهمهم إيسيذور البيلوزومى الذي وصفه بأنه (باحث مدقق لا يمكن أن يفوته شيء) (9) كما يشهد له ليبانيوس Libanius في إحدى رسائله التي أرسلها إلى الدوق سباستيان وهو من الهراطقة المانيين الذين اضطهدوا الإسكندرانيين أثناء نفى البابا أثناسيوس الرابع، وهو يقول: (إذا لم تكن قد تعرفت على ديديموس فأنت لم تعرف هذه المدينة العظمى الإسكندرية بعد، لأنه هو الذي يسكب عليها من تعاليمه لتثقيف الشعب ليل نهار) (10). ويروى بلاديوس عن ديديموس -وقد زاره 4 مرات في خلال عشرة سنوات (11)- إنه في يوم من الأيام كان حزنه عميقًا على المسيحيين الواقعين تحت اضطهاد يوليانوس الجاحد (من سنة 360 - سنة 363)، فصرف يومًا كاملًا في الصلاة والصوم وهو يطلب من الله أن يرفع الضيقة عن شعبه، حتى تعب ونام وإذ به يرى خيولًا بيضاء تجرى وكان راكبوها يهتفون قائلين: قولوا لديديموس أن يوليانوس قد مات اليوم الساعة السابعة، قم وكل، وأرسل إلى أثناسيوس الأسقف لكي يعرف هو أيضًا ما قد حدث، فكتب تاريخ اليوم والساعة اللذين سمع فيهما الصوت وإذ بهما قد تزامنا تمامًا مع الوقت الذي قُتل فيه يوليانوس. ولكن ديديموس لم يجذب معاصريه بتعليمه وفكره المستنير فقط، بل أيضًا بنسكه وحياته التقوية إذ أنه عاش حياة ناسك، ويُروى أن القديس العظيم الأنبا أنطونيوس عندما زار ديديموس اثناء وجوده في الإسكندرية لأول مرة دفاعًا عن الإيمان المستقيم ضد الأريوسيين، دخل قلاية ديديموس وطلب منه أن يصلى ووقف يسمعه باتضاع (13)، ثم جلسا يتحدثان في الكتب المقدسة، وسأله أبو الرهبان إن كان حزينًا على فقدان بصره، فلما صمت ديديموس أعاد الأنبا أنطونيوس عليه السؤال مرة ثانية، فأجابه قائلا أنه يحس بحزن شديد بسبب ذلك، فقال له كوكب البرية (إني لمتعجب من حزنك على فقد ما تشترك فيه معك أقل الحيوانات، ولا تفرح متعزيًا لأن الله وهبك بصيرة أخرى لا يهبها- تقدس اسمه- إلا لمحبيه، وأعطاك عينين كأعين الملائكة بهما تبصر الروحيات، بل وبهما تدرك الله نفسه ويسطع نوره أمامك، فأزال الظلام عن عيني قلبك واستنرت) (14) فتعزى ديديموس بهذا القول طوال حياته ورواه لتلميذه ﭼيروم عام 368م حينما زاره ومكث عنده شهرًا كاملًا كما يخبرنا في مقدمة شرحه لرسالة أفسس، ويعلق ﭼيروم على هذه القصة بقوله: (أفضل للإنسان كثيرًا أن تكون له الرؤية الروحية من أن تكون له الرؤية الجسدية، ويمتلك عينين تميزان الخطية من الحق) (15). ويروى بلاديوس في الفصل الرابع من تاريخه اللوزياكى عن ديديموس: (حدث أن طلب منى أن أصلي في قلايته ولما لم أستجب لطلبه، روى لي هذه القصة: دخل انطونيوس هذه القلاية للمرة الثالثة لزيارتي وإذ سألته أن يصلى ركع في الحال وصلى ولم يضطرني إلى تكرار الطلب، مقدما لي مثلًا في الطاعة، والآن إن كنت تود أن تقتفى آثاره- كما يبدو عليك إذ تعيش في خلوة بعيدًا عن الأهل طالبًا الفضيلة- فابعد عنك روح المقاومة) (16). فكانت صداقة ديديموس والأنبا أنطونيوس أيقونة لألفة العلم مع النسك،إذ لم يكن ديديموس معلما فحسب بل كان أولًا ناسكًا يحيى علمه اللاهوتي قبل أن يعلمه، ونلحظ في كتاباته المسحة النسكية التي عاشها وتشربها من أبو الرهبان، لذلك عندما يتكلم عن الروح القدس يتكلم عن عمله ودوره في خلاصنا، وإذا تكلم عن المعمودية اظهر بركاتها ومفاعيلها ودورها في تجديدنا فربط المعرفة بالحياة (17). وتنيح العلامة السكندري عام 398م وله من العمر 85 عامًا، قضى منها 52 عامًا مديرًا لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية (من عام 346 إلى 38) وضعفت المدرسة بموته.. وهكذا طل يعلم ويكتب ويدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية زهاء النصف القرن، تولى على كرسي الكرازة المرقسية أثنائها أربعة من الآباء البطاركة:
|
||||
07 - 06 - 2014, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس ديديموس الضرير
كتابات ديديموس إن المعرفة الواسعة التي أدهشت معاصريه وجدت لها تعبيرًا في عدد ضخم من الكتابات، وبحسب بلاديوس (استطاع وبمقدرة فائقة أن يفسر الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد كلمة كلمة، وكان له أسلوبه المتميز في شرح العقيدة حيث كان يقدم شروحاته بمهارة وحكمة عظيمتين حتى انه فاق كل سابقيه في المعرفة) (1)، وهذا يتوافق تماما مع ما ذكره ﭼيروم الذي يشير إلى كتب أخرى لديديموس بجانب تفسيراته، مثل: عن الثالوث De Trinitate عن الروح القدس De Spiritu Sancto عن العقائد De Dogmatibus ضد الأريوسيين Contra Arianos ولكنه يقول في النهاية (وكتب أخرى كثيرة)، إن أردنا أن نعددها احتاج منا ذلك عملًا كاملًا قائمًا بذاته) (2)، والتعاليم الفلسفية التي علم بها امبروسيوس وأغسطينوس إنما هي مستقاة من ديديموس الذي كان يحفظ عن ظهر قلب جميع أسفار العهدين القديم والجديد ولم يكن يقوم بتسميع هذه الأسفار فحسب، بل كان يقارن بينها ويعلق عليها بدقة علمية عجيبة. ولم يتبق إلا عدد ضئيل من هذا الإنتاج الفكري الضخم، ويرجع ضياع الكثير من كتاباته إلى الشك الذي أُثير حول بعض آرائه التي شابه فيها العلامة أوريجانوس، وقد كتب ديديموس مدافعا عن أوريجانوس وعن كتابه (المبادئ De Principǖs) ويقول في دفاعه هذا: (إن الذين يتهمون أوريجانوس بالابتداع هم عديمو الفهم لا قدوة لهم على إدراك الأفكار العالية والحكمة التي امتاز بها ذلك الرجل العظيم الذي يعد من النوابغ المشهورين) (3). |
||||
07 - 06 - 2014, 03:05 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس ديديموس الضرير
الأعمال اللاهوتية
أ- الأعمال اللاهوتية: 1) عن الثالوث 2) الروح القدس 3) ضد المانيين 4) الأعمال العقيدية المفقودة 1) عن الثالوث كان هذا العمل الهام من بين الأعمال التي وصلتنا، وهو يقع في ثلاث كتب بعنوان (عن الثالوثon the Trinity)(.. ) وقد كُتب ما بين عام 381 وعام 392م، وهو في توافق تام مع فكر القديس اثناسيوس في دفاعه عن الجوهر الواحد للأقانيم الثلاثة، ويرفض أي تدرجية Subordinationism في الثالوث، وفي نهايته يجيب على اعتراضات الأريوسيين والمقدونيين، والعمل مقسم كما يلي: الكتاب الأول: يتحدث عن الابن. 2) الروح القدس ورغم أن الأصل اليوناني قد فقد إلا ان لدينا ترجمة لاتينية قام بها ﭼيروم في الفترة ما بين عام 384 وعام 392 ميلادية بناء على اقتراح البابا داماسوس Damasus (5) وقد استخدم القديس أمبروسيوس أسقف ميلان النص اليوناني لهذا الكتاب عام 384م كمصدر لكتابه عن (الروح القدس Sancto De Spiritu)،وهكذا كتب ديديموس هذا الكتاب على الاقل قبل عام 381م وهو واحد من أفضل الكتب التي كُتبت عن هذا الموضوع في القرن الرابع. وينقسم هذا الكتاب كالآتى: القسم الأول: (من الفصل 4 إلى 29) يقدم الدليل على أن الروح القدس ليس مخلوقًا بل واحدًا في الجوهر مع الآب والابن (هومواوسيوس مع الآب والابن). القسم الثاني: (من الفصل 30 إلى 59) يقدم نصوص كتابية تؤكد عقيدة الكنيسة المستقيمة وتدحض اعتراضات أعداء الروح القدس the Pneumatomachi. 3) ضد المانيين هذا العمل Against the Manichaeans موجود باليونانية ويتكون من 18 فصلًا قصيرًا، وفي شكله الحالي الذي وصلنا به، المقدمة ناقصة والانطباع السائد هو أن هذا النص إنما هو مجرد جزء من كتاب آخر أكبر، ومما يجعلنا واثقين من أن ديديموس هو كاتب هذا العمل، انه دخل في مناقشات وجدالات مع المانيين في كتابيه (عن الثالوث) و(عن الروح القدس) وأيضًا في تفاسيره للأسفار المقدسة، وليس هناك أي إشارة أو دليل على ان ديديموس تأثر في عمله هذا بكتاب سرابيون الاسقف الذي يحمل نفس العنوان (ضد المانيين) ورغم انه يبدو انه يعرفه. 4) الأعمال العقيدية المفقودة 1- في كتابه (عن الثالوث) يشير ديديموس ما لا يقل عن 14 مرة إلى كتاب آخر له باسم (الكلمة الأول The First Word- (.. ). 2- له عمق بعنوان (عن الشيع Sectarum Volumen). ولم يتبق منه شيء إلا ما ذكره في كنابه (عن الروح القدس) (6) والذي يشرح فيه أن الروح القدس لا ينال الحكمة بل هو نفسه الحكمة. 3- يذكر سقراط المؤرخ (7) ان ديديموس كتب عملًا خاصًا للدفاع عن كتاب أوريجانوس (عن المبادئ الأولى On First Principles) ولكن لم يصلنا شيء من هذا العمل. 4- ذكر ﭼيروم في كتابه (مشاهير الرجال (8) أن ديديموس كتب كتابين) ضد الآريوسية (وكتابًا عن العقائد De Dogmatibus). 5- يذكر يوحنا الدمشقي (9) عملين آخرين لديديموس هما (عن الفلسفة De Philosophum) و(عن التجسد De Incorporeo) وأخذ منهما مقتطفات قصيرة. |
||||
07 - 06 - 2014, 03:07 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس ديديموس الضرير
الأعمال التفسيرية ب- الأعمال التفسيرية: 1) العهد القديم 2) العهد الجديد 1) العهد القديم 2) بحسب ﭼيروم، كتب ديديموس شروحات وتفاسير للأسفار التالية: المزامير، أيوب، إشعياء، هوشع، زكريا، وقد ذكر كاسيودورس Cassiodorus (10) انه كتب أيضًا تفسير لسفر الأمثال، ولكن هذه الأعمال لم تصلنا كاملة بل مجرد مقتطفات وأجزاء منها، وفي شهر أغسطس من عام 1941م، كان لجيش الاحتلال الانجليزي في مصر بعض المغائر في مدينة طرة (من ضواحي القاهرة بين المعادى وحلوان) يحتفظون فيها بمعداتهم، وحدث أثناء استخدام هذه المغائر أن أكتشف أكثر من ألفى (2000) بردية في كهف بدير على اسم القديس أرسانيوس، وترجع هذه المخطوطات إلى القرن السادس الميلادي، وهي تحوى جزء بسيطًا من العظات الفصيحة للعلامة أوريجانوس، أما الجزء الأكبر فهو عبارة عن تفاسير لأسفار العهد القديم لديديموس الضرير وهي كالآتي: · تفسير لسفر زكريا تقريبًا كامل، وقد وضعناه هنا في موقع الأنبا · تفسير لسفر الجامعة (غير كامل). · تفسير للمزامير (20 مزمورًا فقط). · تفسير لسفر التكوين (16 أصحاحًا). · تفسير لـ33 آية من الأصحاح السادس من إنجيل يوحنا. · محضر جلسة على شبه حوار بين ديديموس واحد الهراطقة من اتباع ابوليناريوس. وقد نشر هذه البرديات العالمان O. Guer and J. Scherer. ومن خلال تفاسير ديديموس نستطيع أن نرى منهجه الرمزي الروحي في التفسير والذي يثبت انه كان تلميذًا حقيقيًا لاوريجين، ومثل معلمه السكندري، اظهر اهتمامًا خاصًا بنقد النص text criticism، وقارن بين مخطوطات متنوعة للترجمة السبعينية، ولكن قراءته الدقيقة للنص لم تمنعه من استخدام التفسير الرمزي المتحرر، إذ كان مقتنعًا بان العهد القديم يتضمن رسالة مسيحية هامة في كل موضع فيه، وإن كل مزر يشير إلى السيد المسيح (الرمز والمرموز إليه). ومن تفسيره لسفر الأمثال لا يوجد إلا أجزاء ضئيلة، وقد ترجمها ابيفانيوس السكولاستك Scholastic بناء على اقتراح كاسيودورس Cassiodorus غير أن هذه النسخة فقدات بكاملها. وتفسيره لإشعياء يشمل ما لا يقل عن 18 مجلدًا، رغم انه يتناول فقط الأصحاحات من 40 إلى 66 اذ ان ديديموس كان ينظر إلى هذه الإصحاحات كسفر مستقل. (11). 2) العهد الجديد كتب ديديموس تفاسير على: إنجيل متى - إنجيل يوحنا - أعمال الرسل - رسالتيّ بولس الرسول لأهل كورنثوس - الرسالة لأهل غلاطية - الرسالة لأهل أفسس. وقد استخدم ﭼيروم تفسير معلمه ديديموس لإنجيل متى في تفسيره هو لنفس الإنجيل (12)، ولا نعرف عن هذا التفسير شيء آخر عدا ذلك، أما تفسيره لإنجيل يوحنا فلم يتبق منه إلا بضعة مقتطفات (13)، وهو يصف يوحنا بأنه (العظيم بين اللاهوتيين.. ). ويمكننا أن نجد أجزاء من تفسيره لسفر أعمال الرسل في تفسير ثيوفيلاكتس Theophylactus لنفس السفر، وطبعة مينى التي نشرت النص اليوناني غير كاملة إلى حد كبير (14)، وقد قدم J. A. Cramer ثلاثين جزء جديدًا لم يذكر في طبعة ميني ونشرهم (15). لم يكن هناك إلا القليل جدًا من تفسيره للرسالة الأولى لأهل كورنثوس (مجرد مقتطفات منها قدمها القديس ﭼيروم في رسالتيه 119، 5 (حتى نشر K. Staab مخطوطة تحوى ثمانية وثلاثين جزء من هذا التفسير، وهذه الأجزاء تتضمن الجزء الأكبر من شروحات ديديموس على الأصحاحين 16، 15 من الرسالة الأولى لأهل كورنثوس، وتتضمن أيضًا هذه المخطوطة التي نشرها K. Staab بعض شذرات من تفسير ديديموس للرسالة الثانية لأهل كورنثوس. وكان تفسيره للرسالة لأهل غلاطية، الذي كتبه قبل عام 378م، مصدرًا لتفسير ﭼيروم لنفس الرسالة (16)، وقد استخدم القديس ﭼيروم أيضًا في تفسيره للرسالة لأهل أفسس تفسيرًا صغيرًا كتبه ديديموس الضرير لهذه الرسالة (17)، ولكن لم يتبق شيء من هذين العملين. ويقول القديس ﭼيروم انه سأل ديديموس أسئلة في الكتاب المقدس وسمع منه إجابات مقنعة ما كان يعرفها قبلًا،ووصل إعجاب ﭼيروم بالقديس ديديموس إلى درجة انه لما طلب منه داماسوس رئيس أساقفة روما وقتذاك أن يكتب له كتابًا عن الروح القدس، أجابه ﭼيروم (لم أجد كتابًا عن الروح القدس أعظم من الكتاب الذي وضعه ديديموس الضرير واقترح ان أترجمه لك). وترجمة فعلا إلى اللاتينية. ويقول قداسة البابا شنودة الثالث (18) أن القديس ديديموس وضع 48 كتابًا منها 20 كتابًا في اللاهوت و28 كتابًا في التفسير، وكان في التفسير يتبع مدرسة التفسير الرمزي بعكس القديس باسيليوس الذي كان يتبع مدرسة التفسير الحرفي. |
||||
07 - 06 - 2014, 03:08 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس ديديموس الضرير
لاهوت ديديموس
|
||||
07 - 06 - 2014, 03:09 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس ديديموس الضرير
الثالوث 1) الثالوث إن ديديموس هو فوق كل شيء لاهوتي ثالوثي، وأفضل تعبير عن عقيدته في الثالوث كان التعبير (جوهر واحد وأقانيم ثلاثة.. ) الذي استخدمه مرة ومرات في محاوراته مع الأريوسيين، ولأن هناك جوهر واحد للثالوث، لذا يخلص ديديموس إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك إلا عمل واحد للأقانيم الثلاثة: (ولقد ثبت في كل الأشياء أن هناك عمل واحد للآب والابن والروح القدس، وليس هناك إلا عمل واحد إذ ليس إلا جوهر واحد، لان كل ما هو من نفس الجوهر، له بالمثل نفس الأعمال) (1). ومرة أخرى يثبت وحدة الطبيعة عن طريق وحدة العمل: (طالما أن هذه (الأقانيم) المتساوية في الجوهر تستحق نفس الكرامة ولها نفس العمل، إذًا لها نفس الطبيعة، ولا تختلف عن بعضها البعض، لا في الألوهية ولا في العمل) (2). وعلم بان الأقانيم الثلاثة لهم نفس العمل والقدرة والكرامة، ويرى أن هذا قد استعلن بصفة خاصة في معمودية الرب، ونلاحظ في فكره الثالوثي ارتباط وطيد بالقديس اثناسيوس، إذ انه يؤكد على: وحدة الجوهر- هومواوسيوس Oμοούσιοσ ووحدة العمل - الانرﭼيا Evέργεια في الثالوث، وحيث أن الأقانيم الثلاثة متساوية في الجوهر وعملهم واحد، لذلك اللاهوت واحد لا ينقسم، وقد قدم ديديموس العديد من الإثباتات الكتابية في حديثه عن الثالوث، لأنه يعتبر العهدين جبلين عظيمين يزخران بالأشجار المثمرة، والثمار هي الكلمات التي تشهد للثالوث وللتجسد الإلهي (3). وعندما يتحدث عن العناية الإلهية، يذكر أن الآب والابن والروح القدس يتشاركون فيها بسبب وحدة جوهرهم: (هؤلاء الذين يتشاركون في نفس العناية لهم نفس المجد ونفس الجوهر) (4). وبالطبع هذه الوحدة التامة في الطبيعة والإرادة والعمل تفوق الفهم البشري: (من المستحيل أن نفهم أو ندرك حتى هذه، كيف أن الثالوث له إرادة واحدة، ويتحدث ويهب العطايا ويكون هذا الحديث ومنح العطايا خاصًا بالأقانيم الثلاثة معًا) (5). ويشرح ذلك أيضًا في كتابه (عن الروح القدس)، إذ يقول: (كل من يتصل بالروح القدس، ففي نفس اللحظة يتقابل مع الآب والابن، وكل من يشترك في مجد الآب، فانه يأخذ هذا المجد من الابن بالروح القدس، وهكذا ثبت في كل شيء أن هناك عمل واحد للآب والابن والروح القدس) (6). (وفى نهاية الرسالة الثانية، كتب بولس إلى أهل كورنثوس يقول (نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم) (2كو13:13)،ومن هذه الكلمات يظهر عمل واحد للثالوث، لان كل من ينال نعمة المسيح ينالها بمشيئة الآب ويعطيه الروح القدس، لا النعمة تُعطى من الله الآب وربنا يسوع المسيح، فالآب لا يعطى نوعًا من النعمة والابن نوعًا آخر، بل يصف القديس بولس هذه النعمة بأنها تُعطى من الآب ومن ربنا يسوع المسيح وتكتمل بشركة الروح القدس) (7). (عندما ينال الإنسان نعمة الروح القدس، ينالها كعطية من الآب ومن ربنا يسوع المسيح، فبالنعمة الواحدة التي من الآب والابن والمكتملة بعمل الروح القدس، يثبت أن الثالوث له جوهر واحد) (8). |
||||
07 - 06 - 2014, 03:15 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس ديديموس الضرير
الخريستولوچي (طبيعة المسيح) 2) الخريستولوچي (طبيعة المسيح) إن لخرستولوﭼيا القديس ديديموس أهميتها في التاريخ السابق للجدالات الخريستولوﭼية، ومع أنها لم تتسم بالسمة الخلاصية التي تميز لاهوت القديس أثناسيوس، إلا أنها تؤكد على وجود النفس البشرية العاقلة في المسيح، وفيه كتابه (عن الثالوث) يفند اللاهوتي الضرير البدعة الأريوسية القائلة بأن المسيح لم يكن له نفس بشرية عاقلة، فيقول: (كيف كان أن يثبت بوضوح لأنه قد صار جسدًا حيًا في الحقيقة EμΨυxοσ وليس مجرد شبه، على عكس ما يعتقد المانويون الذين يقولون أنه كان له شبه جسد، والأريوسيون الذين يعتقدون أنه كان بدون نفس οσxαΨυ، ما لم يكن قد قال (نفسي حزينة)، وما لم يكن قد أُظهر الخوف ونام وأكل وشرب؟ لأن هذا لا يوافق اللاهوت ولا الجسد بدون نفس) (1). كذلك أكد ديديموس على أن جسد السيد المسيح كان من نفس جوهر جسدنا Consubstantial with us وأن نفسه كانت من نفس جوهر نفسنا، فهو يقول: (إن نفس يسوع عاقلة ومن نفس جوهر نفوس البشر، كما أن جسده المأخوذ من مريم من نفس جوهر ناسوت البشر) (3). وتحدث ديديموس عن الاتحاد بين اللوغوس والنفس البشرية مؤكدًا أن هذا الاتحاد أبدي لا ينفك Indissoluble (4)، لان يسوع إنسان كامل vθρωлοσ ѓελειοσα لذا فهو خاضع لكل ضعفاتنا واحتياجاتنا ما خلا الخطية وحدها، وبينما تقدس ناسوته بالاتحاد مع اللوغوس، إلا أنه لم يفقد قابليته للموت Passibility. وفة تفسيره لقول الرب في سفر زكريا (استيقظ يا سيف على راعى وعلى رجل رفقتي) {7:13} يشرح ديديموس تدبير الفداء والقيامة: (إن الله الذي أرسل راعيه لُيسلّم من اجل الخوف -وهو عالم بالجرأة والوقاحة التي لأولئك الأشرار- أمر سيفه أن يستيقظ على راعيه وعلى رجل رفقته، ويعنى بهذا الأخير الشعب العبراني، ومع ذلك فالسيف الذي أُشهر قد قتل رفيقه فقط دون أن يمس بأي أذى الراعي الذي جاز الموت إشفاقًا منه على قطيعه، لأنه كيف لا ينجو من كل أذى ذلك الذي يقول لله (نج من السيف نفسي) (سفر المزامير 86: 13). لقد خرج الراعي الصالح وحيدًا ليقابل السيف إذ لم تقبله خاصته ولكنه لم يكن سيف العدل بل سيف الانتقام العادل من أجل خطايا إسرائيل وكل العالم، وجميل جدًا أن نلاحظ أن هذا السيف لم يكن مجرد آلة خرساء في يد هذا أو ذاك من الصالبين، بل كان آلة في يد الآب نفسه ليكمل بها تدبير الخلاص للبشرية، لذا نطق بهذه الكلمات (إني أضرب فتتبدد الرعية) {مت 31:26}). أما القيامة عند ديديموس، فهي إعادة اتحاد النفس التي نزلت إلى الجحيم لمدة ثلاث أيام وثلاث ليال، مع الجسد الذي كان موضوعًا في القبر (5)، ويؤكد ديديموس (6) أنه ليس هناك أي امتزاج بين اللاهوت والناسوت في المسيح نتج عنه طبيعة ثالثة جديدة، وان اللاهوت والناسوت اتحدا بدون تغيير έлгωσρгσ وبدون امتزاج xύгωσασυ. كذلك أكد مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية على الطبيعة الواحدة للمسيح، إذ شرح أننا لا نؤمن بأن الابن الذي من الآب هو آخر غير ذاك الذي تجسد وصُلب(7). والمسيح عند القديس ديديموس الضرير هو اليهودي الحقيقي إذ يقول في تفسيره لسفر زكريا {23:8}: (في تلك الأيام ممسك عشرة رجال من جميع ألسنة الأمم يتمسكون بذيل رجل يهودي قائلين نذهب معكم، لأننا سمعنا أن الله معكم). يلزمنا أولًا أن نعرف من هو ذلك الرجل المسمى بالذات (يهودي) وأظن أنه لا يمكن أن يختلف عن ذلك الذي ذكره كاتب الرسالة إلى العبرانيين (أنه واضح أن ربنا قد طلع من سبط يهوذا) {عب 14:7}،لكي يحكم ويملك على اليهود في (الداخل) الذين لهم (ختان القلب بالروح) وهو نفسه المقصود أيضًا في البركة التي نطقها يعقوب (يهوذا إخوتك). هذا هو اليهودي الحقيقي الذي طلع من أصل (يسى) وعشرة رجال من كل الألسنة والأمم يمسكون بذيل ثوبه قائلين (نذهب معكم لأننا سمعنا أن الله معكم)، والرقم عشرة له دلالة سرية فواضح أنه يمثل جميع المؤمنين، وفي حياة كل إنسان يمثل الحواس الخمس الظاهرة والباطنة المقابلة لها، وهو أيضًا الرقم العاشر في الأبجدية اليونانية أي حرف اليوتا رمز اسم الخلاص الذي لربنا يسوع المسيح (ايسوس). ويرى القديس ديديموس السكندري في الرجل الراكب على فرس أحمر المذكور في الإصحاح الأول من سفر زكريا رمزًا للرب المخلص المتجسد، والفرس الأحمر هو الجسد الذي لبسه، وقد رآه زكريا النبي (وهو واقف بين الآس الذي في الظلام) أي بين الجبال المظللة التي هي العهد القديم والجديد، وهي جبال خصبة ومظللة بسبب غنى الأفكار وكثرة نصوص الكتاب المقدس عن التجسد. |
||||
07 - 06 - 2014, 03:15 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس ديديموس الضرير
الروح القدس 3) الروح القدس كان العلامة ديديموس مثل البابا أثناسيوس الرسولي في تعاليمه عن الروح القدس، فعقيدة الروح القدس وثيقة الصلة بعقيدة الابن، والهرطقة الخاصة بالروح منشؤها الهرطقة الخاصة بالابن، لذا لم يكتف ديديموس بتخصيص الجزء الثاني من كتابه (عن الثالوث) للحديث عن الروح القدس بل أفرد أيضًا كتابًا خاصًا (عن الروح القدس) حتى أنه دعى بحق (لاهوتي الروح القدس The Theologian of The Holy Spirit، وقد شرح في مقدمة كتابة (عن الروح القدس)، لكنه كتب بسبب انتشار الأخطاء على أيدي الهراطقة المخادعين (1). وردًا على فكر الأريوسيين القائل بأن الروح القدس مخلوق، أكد القديس ديديموس على أن الروح القدس ليس مخلوقًا، تمامًا كما أن الابن ليس مخلوقًا، وعقد مقارنة بين معمودية السيد المسيح ومعمودية الموعظين قال فيها: (المخلوق يُمسح في المعمودية بزيت مخلوق ومقدس، أما المخلص كإله فُمسح في المعمودية بروحه الكلى القداسة الذي هو غير مخلوق مثله، فائقًا (أي المخلص) رفاقه الذين هم نحن، ولكن لو كان الروح القدس مخلوق، لما مُسح به ذاك الغير مخلوق) (2). فالأقنوم الثالث في الثالوث القدوس ليس مخلوقًا بل هو مساوي تمامًا للآب: (لقد ثبت أن الروح القدس ليس فقط إله، بل أيضًا مساوي للآب.. وكل من كان مسكنًا للآب، له أيضًا الابن والروح القدس يسكنان فيه، كما أن كل من له كرامة اقتناء الروح القدس والابن، له الآب أيضًا) (3). ويثبت العلامة اللاهوتى ديديموس لاهوت الروح القدس من وحيه لأنبياء العهد القديم ومن اختياره للرسل وكرازتهم وشهادتهم، ومن شهيد المسيحية الأول القديس إسطفانوس، ومن قصة حنانيا وسفيرة الطماعين، ومن إفراز لبولس وبرنابا للخدمة، ومن حديث بولس الرسول في {1كو 16:3} (4)، فالروح القدس هو واحد في العهد القديم كما في العهد الجديد، وهو قدوس وصالح وأزلي لا بداية له ولا نهاية، غير متغير (5). وعن انبثاق الروح القدس، يعلم ديديموس بانبثاقه من الآب فقط: (الروح القدس ينبثق من الآب ويستقر إلهيًا في الابن)(6). ويقول أن الروح القدس هو صورة الابن كما أن الابن هو صورة الآب (7)، وأنه روح الابن، روح اللوغوس، روح المخلص (8)، وكما أن الابن هومواوسيوس Homoousios مع الآب، كذلك الروح القدس هو مو أوسيوس مع الآب والابن (أي واحد معهما في الجوهر) (9). وعمل تقديس النفس في فكر ديديموس هو عمل خاص بالروح القدس، ففي المعمودية، يجدد الروح القدس النفس ويقدسها، وهذا العمل وإن كان يختص به الروح القدس إلا أنه ليس بمعزل عن الآب والابن، فالمعمودية هي سر الروح القدس، وجرن المعمودية هو بمثابة معمل للثالوث القدوس يهب فيه الروح القدس ميلادًا جديدًا للنفس، ومع ذلك لا تجدي المعمودية شيء للذين لا يؤمنون أن الروح القدس هو الله (10). والروح القدس هو نبع وقمة عطايا الله للإنسان،وهو في الثالوث القدس هو نبع وقمة عطايا الله للإنسان، وهو في الثالوث يمثل عطية الآب والابن المشتركة، فهو العطية الأولى لأنه المحبة والمحبة هي سبب كل العطايا والهبات الإلهية (11)، لذلك كل العطايا متضمنة فيه: (في جوهر الروح القدس يوجد ملء وفيض العطايا) (12). (من المستحيل لأي أحد أن ينال نعمة الله أن لم لكن عنده الروح القدس، الذي كل العطايا متضمنة فيه) (13). (لذلك من الواضح أن الروح القدس هو ملء وفيض كل العطايا، وليست عطية تمنح بدونه، لأن كل ما نناله من مواهب وعطايا الله، إنما ينبع من هذا الينبوع) (14). ويصف ديديموس الروح القدس وصفًا رائعًا يقول فيه: (هو المقدس والمحيى، ونور السماء المنتشر، الحافظ الكل.. المجدد والمحرر كمثل الرب وابن الله الذي صنعنا، فهو روح التبني. يطير بنا إلى أبواب السماء ويقتادنا إلى مداخل الخلاص، وهو النعمة الإلهية المالئة الأشياء الخاوية والضعيفة العابرة.. هو ينبوع المواهب والعطايا الذي لا يفرغ.. ومنطلق وأساس كل فكر صالح.. يكشف حقًا المزمعات.. ختم الخلاص والموهبة الإلهية.. عربون الخيرات الأبدية. منه كل الخليقة ما يرى وما لا يرى، عاقلة وغير عاقلة، هو يقويها.. الذي منه يصير لنا التجديد الإلهي ومغفرة الآثام وستر الخطايا والنزوع نحو الله.. إكليل للأبرار وحافظ للأخيار، المسكن السماوي، الحياة التي لا تنتهي، وميراث ملكوت الله الأبدي) (15). ويرى القديس ديديموس الضرير أنه يستحيل أن ينال أحد نعمة الله ما لم يكن له الروح القدس، وهو الروح المعزى بسبب عمله، لأنه ليس فقط يعطى راحة لمن يجدهم مستحقين ويخلصهم من كل غم واضطراب في النفس، بل في نفس الحق يمنحهم فرحًا أكيدًا لا ينحل، ويسكن في قلوبهم فرح أبدى حيث يقطن الروح القدس. |
||||
07 - 06 - 2014, 03:17 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس ديديموس الضرير
الاكلسيولوچي (الكنيسة) 4) الاكلسيولوچي (الكنيسة) الروح القدس هو الذي يوزع النعم والمواهب المختلفة في الكنيسة التي أسسها المسيح: (لقد أسس السيد المسيح كنيسته على الأنهار جاعلًا إياها بمقتضى قوانينه الإلهية، قادرة على قبول الروح القدس، الذي منه كما من نبع تتدفق النعم المختلفة كينابيع ماء حي). (1) وبهذا الروح عينه تصير الكنيسة أمًا للجميع، ومن رحمها البتول تلد أبناءها في جرن المعمودية: (أن جرن المعمودية الذي للثالوث هو معمل الخلاص لكل من يؤمن، إنها تحرر كل الذين يغتسلون فيها من لدغة الحية، وبينما تظل بتولًا، تصير أمًا للجميع بالروح القدس، هذا ما يعنيه المزمور "أبى وأمي تركاني أما الرب فقبلني" فهو الذي أعطاني أمًا هي جرن المعمودية وأبًا هو الله العلى، وأخًا هو الرب يسوع الذي اعتمد من أجلنا). (2) وهكذا كان العلامة ديديموس الضرير المبصر أول من وصف جرن المعمودية بأنه أم دائمة البتولية للمعتمدين، ومثمرة بالروح القدس، وفي موضع آخر يدعو الكنيسة "عروس المسيح" (3) و"أمنا" (4)، وكذلك تحدث أيضًا عن الكنيسة كجسد المسيح السري (5)، وتكلم في تفسيره لسفر الأمثال عن الإفخارستيا وحضور الرب الفعلي. ورأى ديديموس أن الفلك هو رمز للكنيسة: (الفلك الذي خلص أولئك الذين احتموا فيه هو صورة للكنيسة العظيمة، والرجاء الصالح الذي نلناه بواسطتها). (6) وعن جهاد الكنيسة في هذا العالم يقول: (تنجب الكنيسة أولادًا وهي في العالم خلال الآلام، لأن الفضيلة تستلزم الحزن، ولا حزن ينشئ توبة للخلاص بلا ندامة، ما أضيق الباب وما أكرب الطريق المؤدى للخلاص) (7)، فالكنيسة تنجب أولادها بالألم لأن الدموع ممدوحة وتثمر أولادًا روحيين لها. وحث العلامة ديديموس السكندرى على استقامة الفكر وطاعة الوصية والتعاليم الإلهية: (إن الكنيسة، جسد المسيح الرأس، هي الخلائق العاقلة التي تخضع للتعاليم والشرائع الإلهية وأولئك الذين سلكوا في وصاياه قد بنوا حياتهم كبيت على الصخر الذي هو المسيح، لقد شيدوا قواعد وأساسات البيت على الإيمان الصلب غير المنهزم، الإيمان بالثالوث القدوس). (8) (إن الرب هو جزاء مجد لأولئك الذين مجدوه في أجسادهم والأتقياء الذين حفظوا فكر الكنيسة باستقامة والجديرين بأن يدعوا أرثوذكسيين). (9) وهو يرى أن (الكنيسة هي أم المؤمنين، والمسيح هو أب لهم، فيه تنبع كل أبوة ما في السموات وما على الأرض. (10) |
||||
|