أكرِم أباك وأمّك (خروج 12:20)، لأنّ من خلالهما أتى بك الرب إلى الحياة، وهما بعد الله سبب وجودك. إذاً، بعد الله أحببهما وأكرمهما طالما، بالطبع، محبتك لهما تساهم في محبتك لله. إذا كانت لا تساهم، ابتعد عنهما مباشرةً. إلى هذا، إذا كانا عائقاً بالنسبة لك وخاصةً الإيمان الحقيقي الخلاصي لأنّ لهما إيمان آخر، ليس فقط عليك أن ترحل بل أيضاً أن تنكرهما مع كل مَن تجمعك به علاقة أو صداقة. عليك أن تنكر حتّى أعضاءك الشخصية وأهواءها وكلّ جسدك ومن خلال الجسد علاقتك بالأهواء لأن المسيح قال: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا." (لوقا 26:14-27 وأنظر متى 37:10). هذه الإرشادات تتعلّق بوالديك الجسديين وأقربائك وأصدقائك. عليك أن تُكرِم وتحب مَن لهم نفس إيمانك ولا يمنعونك عن الخلاص. وإذا كان يتبغي بك أن تكرِم والديك الجسديين فكم بالأحرى عليك أن تكرِم وتحب آباءك الروحيين. لقد نقلوك من الحياة الجسدية البسيطة إلى حياة البِرّ الروحية. لقد منحوك استنارة المعرفة. لقد علّموك الحقّ. لقد أعطوك إعادة الولادة بحميم التجدد. لقد وضعوا فيك رجاء القيامة وعدم الموت والملكوت السماوي. لقد نقلوك من غير مستحق إلى مستحق للخيرات الأبدية، من الأرضي إلى السماوي، ومن الوقتي إلى الأبدي. لقد جعلوك ابناً وتلميذاً، لا لإنسان بل ليسوع المسيح الإله-الإنسان الذي منحك الروح القدس الذي يجعل الناس أبناء لله، والذي قال: "وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ" (متى 9:23-10). هكذا أنت مدين بكل شرف ومحبة لآبائك الروحيين، لأنّ الشرف الذي ترده لهم يذهب إلى المسيح وإلى الروح الكلي قدسه الذي جعلك ابناً لله، وإلى الآب السماوي الذي يعطي الحياة والوجود لكل الكائنات السماوية والأرضية. جاهد فوق هذا لأن يكون لك طوال حياتك أباً روحياً تعترف إليه بكل خطاياك وأفكارك الشهوانية وتأخذ منه الشفاء والحلّّ. لقد أُعطي الآباء الروحيون السلطة لأن يغفروا للنفوس أو ألاّ يغفروا. كلّ ما يتركوه غير محلول على الأرض سوف يكون بلا حلّ في السماء أيضاً. يحصلون على هذه النعمة والقوة من المسيح. لهذا السبب أنتَ سوف تطيعهم من دون مهاترة، حتى لا تقود نفسك إلى الهلاك. إذا كان، بحسب ناموس موسى، كلّ مَن ردّ كلام أهله يُقتَل، حتى ولو كانوا يتناقشون بأمور محرَّمة من ناموس الله، فكيف يكون ممكناً أن لا يطرد روحُ الله الإنسانَ الذي يرد كلام أبيه الروحي وكيف لهذا الإنسان ألاّ يخسر روحه؟ لهذا السبب، خذ نصيحتهم وأَطِعْهم إلى نهاية حياتك حتى تخلّص نفسك وتكون وارثاً للخيرات الأبدية التي لا تفنى.