رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأحد الرابع للصوم الكبير | أحد السامرية
** الأحد الرابع للصوم الكبير (أحد السامرية) (يو4: 1- 42) كان يسوع قد تعب * الكنيسة كلها ولدت من جنب المسيح المطعون * ماذا يعني الرب بقوله: أدعي زوجك؟ * السجود لله بالروح والحق * "أنا الذي أكلمك هو" المسيا * ها الحقول قد ابيضت للحصاد يُقرأ إنجيل السامرية (يو4: 1-42) في كنيستنا ثلاث مرات في السنة القبطية الليتورجية: في الأحد الرابع من الصوم الكبير، والأحد الثالث من الخماسين المقدسة، والسجدة الثالثة يوم عيد العنصرة. ونترنم في المديحة التي نصلي بها أثناء التوزيع في القداس الإلهي للأحد الرابع (رب الجيوش العلوية اتضع وأخذ جسم إنسان وتكلم مع المرأة السامرية قال لها اسقيني فاني عطشان)، عندئذٍ نتطلع إلى المسيح رب المجد ينبوع الماء الحي الذي كل من يؤمن به تجري من بطنه أنهار ماء حية، فتتحول حياتنا كما كان مع تلك السامرية التي أخبرت أهل السامرة انظروا إنسان قال لي ما قد فعلت، من خاطئة إلى كارزة ومبشرة لكل أهل السامرة. ومن أجل ربح السامرية، تكلف الرب رحلة مشقة وتعب احتملها من أجل السرور الموضوع أمامه، لذلك في كل مرة ندخل فيها الكنيسة نتلاقى مع المسيح، وفي كل وقفة صلاة وقراءة إنجيل نشبع من الينبوع الحي، وليس من العجيب أن نرى ربنا يسوع المسيح هو البادي بالحديث مع السامرية لأنه ينبوع كل عطية صالحة وكل موهبة تامة، وهو يسعى إلينا (أعطيني لأشرب)، يعطش لنفوسنا ويجوع لخلاصنا. "كان يسوع قد تعب" يسوع في طريقه إلى الجليل كان لابد أن يجتاز السامرة فأتى إلى سوخار، فإذا كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر، وكان نحو الساعة السادسة (12 ظهرًا) هنا تبدأ الأسرار، لأنه لم يكن بدون هدف أن يتعب المسيح: قوة الله التي بها يستريح المتعبون تصير منهكة، كيف يتعب ذاك الذي بدونه نصير متعبين، وفي وجوده نتقوى ونتشدد؟! أنه لأجلك قد تعب رب المجد من السفر إليك، وها نحن نراه قويًا وضعيفًا متعبًا: قوي لأنه كلمة الله الذي (كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيئًا مما كان) (يو1: 3)، إذن فمن يكون أقوى منه؟ لذلك فإن كانت قوة المسيح هي التي خلقتك، فضعفه هو الذي أعاد خلقتك من جديد، قوة المسيح أوجدتك من العدم وضعف المسيح وهبك الخلود ومنع عنك الهلاك الأبدي. لقد أخذ يسوع على عاتقه أن يتعب في رحلته إليك بعد أن أخذ جسد وأن كان هو قد صار ضعيفًا بالجسد فلا تصر أنت ضعيفًا بل تقوى في ضعفه لأنه مكتوب: (ضعف الله أقوى من الناس) (كو1: 25). * الكنيسة كلها ولدت من جنب المسيح المطعون: إن آدم في وقت ضعفه، وهو نائم، وُهبت له زوجة من أحد ضلوع صدره، هكذا المسيح وهو مطروح على الصليب، وبعد أن رقد "باكورة الراقدين" وخرجت نفسه من جسده، أي في أكثر حالات ضعفه على الإطلاق، خرجت عروسه، الكنيسة، من جنبه المفتوح الذي طُعن بالحربة، أي خرجت السرائر التي تمارسها الكنيسة لخلاص الإنسان وحياته من جنب آدم الثاني وهو مستسلم للموت مثل أضعف مخلوق،إذن فضعف المسيح هو الذي يجعلنا أقوياء! لقد تعب المسيح وباتضاعه جاء إلى البئر، جاء متعبًا لأنه حمل جسدًا ضعيفًا، وإلى بئر أي عمق أرضنا هذه التي نحن نسكنها، ولهذا قال المزمور: (من الأعماق صرخت إليك يا رب) (مز13: 1)، وجلس هناك بسبب اتضاعه. * ماذا يعني الرب بقوله: أدعي زوجك؟ فلنستفسر إذًا عن زوج النفس، لماذا لا يكون السيد نفسه هو الزوج الحقيقي للنفس؟ إن ما نريد أن نقوله لا يدركه إلا المنتبهون جيدًا!! إذًا يا أخوتي، إن تكون لنا نفس ولا يكون لنا فهم، أي أن لا نستخدم هذا الفهم أو لا نعيش طبقًا له، فهذه حياة حيوانية، إن السامرية لا زالت مخطئة إذ لا زالت تفكر في هذا الماء الزائل، في حين أن الرب كان يكلمها عن الروح القدس، ولماذا كانت مخطئة إلا لأنها لم يكن لها زوج بل عشيق؟ فتجردي إذا من هذا العشيق الذي يفسدك، و"أذهبي وأدعي زوجك"، ادعه وتعالي! * السجود لله بالروح والحق: لذلك(صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب انتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لما نعلم، لان الخلاص هو من اليهود. ولكن تأتي ساعة) متى؟ (وهي الآن) أية ساعة؟ (حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق، لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له) ذلك لأن (الله روح)، فلو كان الله جسدًا لكان بالحق يرغب أن يُعبد في مكان مادي كالجبل أو الهيكل ولكن (الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا). * "أنا الذي أكلمك هو" المسيا: لقد سمعت المرأة ذلك وتقدمت خطوة، فدعت الرب نبيًا، لقد لاحظت أن هذا الذي كانت تتكلم معه قد نطق بأمور ترفعه إلى مستوى الأنبياء، فماذا كانت إجابتها؟ (قالت له المرأة أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي، فمتى جاء ذلك يخبرنا بكل شيء) ما هذا؟ لقد قالت منذ قليل أن اليهود يختلفون معهم بخصوص الهيكل وهذا الجبل! ولكن في الحقيقة أن الرب عندما يأتي سيزدري بالجبل وسيقلب الهيكل، لأنه سيعلمنا كل شيء حتى نعرف كيف نعبد بالروح والحق، لقد علمت المرأة من هو الذي يمكنه أن يعلمها، ولكنها لازلت تجهل ذاك الذي كان يعلمها، ها هي قد استحقت الآن أن تقبل ظهوره وإعلان ذاته لها، الآن قد مُسح المسيا لأن كلمة "ممسوح" باليونانية تعني "المسيح" وفي اللغة العبرية "مسيا" قال لها يسوع: (أنا الذي أكلمك هو) الآن بدأ إيمان المرأة يتكون ويثبت ويسود على قلبها لكي تبدأ أن تعيش باستقامة، وذلك لأنها استدعت زوجها، فبعد أن سمعت: (أنا الذي أكلمك هو) ماذا تحتاج أن تسمع أكثر من ذلك؟ لقد شعر الرب إنها مستعدة لأن تؤمن، فبمشيئته أعلن ذاته لها (وعند ذلك جاء تلاميذه وكانوا يتعجبون أنه يتكلم مع امرأة) أتتعجبون من كون ذاك الذي جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك يطلب الآن نفس السامرية؟ لقد تعجبوا من صلاحه ولم يتوقعوا منه أمرًا فيه خطيه(ولكن لم يقل أحد ماذا تطلب أو لماذا تتكلم معها وللحال (تركت المرأة جرتها) بمجرد أن سمعت أنه المسيا، لأنها بمجرد أن قبلت المسيح الرب في قلبها فماذا يمكنها أن تفعل سوى أن تنزل جرتها وتسرع لتبشر بهذه البشارة المفرحة؟ لقد ألقت عنها شهواتها وأسرعت لتعلن الحق، فليتعلم من يريدون أن يبشروا بالإنجيل أن يلقوا عنهم جرارهم عند البئر. هكذا تركت المرأة جرتها التي لم تعد في حاجة إليها بل أنها صارت ثقلًا عليها لأنه بهذا القدر صار تلهفها على الارتواء من الماء الحي، وإذا ألقت حملها عن كاهلها وصارت قادرة أن تُعرف الناس بالمسيح: (مضت إلى المدينة وقالت للناس هلموا انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت) وقد جاء إعلانها لهم ودعوتها هذه بالتدريج لذلك اندفعت قائلة بصيغة الاستفهام: (ألعل هذا هو المسيح؟ فخرجوا من المدينة وأتوا إليه) (وفي أثناء ذلك سأله تلاميذه قائلين: يا معلم كُل) لأنهم (كانوا قد ذهبوا إلى المدينة ليبتاعوا طعامًا) ورجعوا (فقال لهم أنا لي طعام لآكل لستم تعرفونه انتم فقال التلاميذ بعضهم لبعض: ألعل أحد أتاه بشيء ليأكل) إذًا فلا نتعجب من أن المرأة لم تفهم كلام الرب عن الماء فها هم تلاميذه أنفسهم لم يفهموا معنى الطعام، ولكنه علم بأفكارهم، وهو الآن يعلمهم كسيد، ليس عن طريق غير مباشر كما فعل مع المرأة عندما كان يطلب زوجها ولكنه قال لهم مباشرة معلنًا: (طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني واتمم عمله) وقياسًا على ذلك فإن شرابه الذي طلبه من المرأة كان هو أن يعمل مشيئة الذي أرسله. وهذا هو سبب قوله: (أعطيني لأشرب لأني عطشان) ومعنى ذلك بالتحديد هو: أن يعمل الإيمان به وأن يشرب هو من إيمانها، بل وأن يطعمها في جسده. لأن جسده، هو الكنيسة. * ها الحقول قد ابيضت للحصاد: (أما يقولون أنه يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد؟) لقد كان الرب متلهفًا على العمل وكان يعد لإرسال فعلة، وكأنه يقول لهم "إنني أريكم حصاد آخر قد ابيض وصار جاهزًا للعمل". (لذلك ها أنا أقول لكم ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول أنها قد ابيضت للحصاد). لقد كان على وشك أن يرسل الحاصدين، (أنه في هذا يصدق القول أن واحدا يزرع والآخر يحصد لكي يفرح الزارع والحاصد معا. إذا أرسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه، آخرون تعبوا وأنتم دخلتم على تعبهم). لقد أرسل الحاصدين، أليس هو أيضا الذي كان أرسل الزراع؟ فإلي أين يذهب الحاصدون إذا؟ بالطبع إلي حيث تعب الآخرون "الزراع"، لأنه حيثما وجد تعب وجهد مبذول فلابد أن يكون هناك زرع، وما زرع قد صار الآن ناضجا ويحتاج إلي منجل الحصاد وآله الدرس، فإلي أين ينبغي إرسال الحاصدين؟ إلي حيث كان الأنبياء قد كرزوا لأنهم كانوا هم الزراع. لأنه لو لم يكونوا هم الزراع فمن أين عرفت السامرية: (أنا أعلم أن مسيا يأتي)، لقد صارت تلك المرأة ثمرة ناضجة والحصاد قد أبيض في الحقول ويحتاج إلي المنجل ولكن لاحظوا يا أخوة ما قاله الرب: (لكي يفرح الزارع والحاصد معا) أن تعب كل منهما يختلف عن الآخر ولكنهما سيبتهجان بفرح متساو لأن كلا منهما سيأخذ أجرا واحدا هو الحياة الأبدية، يسوع هو ماؤنا، يسعي لخلاصنا ويذهب إلي البئر، ليجعلنا خادمين معه نفعل مشيئة أبيه. |
|