رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
آحاد الصوم الكبير من اجل فهم أفضل لتقليد الكنيسة الليتروجي ومشاركة أعمق في حياتها، سنتأمل في آحاد الصوم الكبير في هذا الفصل، لأنه لا حياة روحية من غير اختبار وممارسة وحمل للصليب في قانونية الجهاد. ويعلمنا الإنجيل أن التوبة هي بداية الحياة المسيحية الحقيقية وشرطها الأساسي، فأول كلمات المسيح رب المجد في بدء كرازته كانت "توبوا" (مت 4: 7). ولكننا في زحمة حياتنا اليومية لا نفكر في التوبة، ونفترض أن كل ما علينا أن نذهب إلى الكنيسة وان نمتنع عن بعض الأطعمة في الصوم، عندئذ نكون صائمين، ولكن أمنا الكنيسة -الأمر الهام- رتبت أسابيع الصوم الكبير، كوقت مخصص للتوبة والجهاد الروحي، من اجل التمتع بفرح القيامة. وهذا الترتيب الطقسي الليتورجي لآحاد الصوم، يجب علينا أن نعيشه كحياة وعضوية في الكنيسة المقدسة البيعة الأرثوذكسية، لا على مستوى المعرفة بل على مستوى التذوق والتمتع بكل ما تدبره لنا من خلال طقسها الصيامي وروح الصوم الكبير وخدماته، فليس هناك شيء في العالم أجمل وأكثر حلاوة وغنى مما تقدمه لنا أمنا الكنيسة أورشليم الأرضية التي خارجا عنها لا يوجد خلاص. وهذه الأناجيل (أناجيل آحاد الصوم الكبير) ليست للترديد والإصغاء في الكنيسة فحسب بل القصد منها أن نحملها معنا إلى بيوتنا لنحياها ونلهج فيها ونتهجاها، عندئذ فقط نقف على حقيقة خبرة الصوم ونتأمله بالقياس إلى حياتنا فيطبع الطقس حياتنا اليومية، لان الإنسان المسيحي بجملته كائن ليتورجي عليه أن يتدرب كل حين على الصلاة والتسبيح والتمتع بمعية القديسين وبركة الحضرة الإلهية. ولأهمية الصوم الكبير، وضعت الكنيسة صوم نينوى قبله بأسبوعين وبنفس الطقس ليكون بمثابة تمهيد واستعداد للجو الروحي المناسب للتوبة ومحاسبة النفس والمواظبة على الصلاة، للتهيؤ لشركة صوم الأربعين المقدسة وأسبوع البصخة إلى أن تشرق علينا بهجة قيامته بسلام. والمسيح إلهنا عريس الكنيسة يعضدنا ضد خداع الشهوات، رب الكل الذي جرب من العدو إبليس لكي يعلمنا جميعنا فيه كيف ننتصر ونغلب ظافرين به،ويا لها من رحلة تعدنا فيها الكنيسة لنتتبع آثار خطوات الرأس عابرين من البرية إلى الفردوس، ولننظر أية طرق نسلكها، وها هو المسيح مخلصنا في البرية يعلمنا ونحن في برية العالم، ويدربنا ويمسحنا بالدهن المقدس ونحن ندعوه أن يرد لنا بهجة خلاصنا، وكل من يريد أن يقتنى مجد الإنجيل والقيامة، عليه أن يتدخل إلى العمق، ليلمس أن المسيح قد جاع لا إلى طعام بل إلى خلاصنا، فنغلب بالمسيح وفي المسيح بما سبق أن غلب به آدم، فلنحذر الشهوات الحسية والشراهة وسهام العدو، فتتغذى بالكلمة الإلهية ونقتنى طعام كلمة الحياة السمائي الذي بجوهره غير المنظور يثبت قلب البشر (مز 103: 15)، ولنبعد عن تجربة جناح الهيكل، فإبليس لا يستطيع أن يؤذى إلا ذاك الذي يلقى بذاته إلى أسفل حيث شبكة المجد الباطل، بل نفتخر بضعفنا، ونخدم إلهنا حتى يجازينا بثمار الحياة الأبدية، ولنهرب من كل ما هو تحت سيادة إبليس لئلا نقع تحت عبوديته المرة ولا نعود بعد نشقى أو نتثقل بالأحمال بل نرفع أصواتنا باتفاق مقدس في صوم وصلاة وسهر وأعمال رحمة وتمسك بالإيمان الصحيح في مواجهة البدع والهرطقات. إنها رحلة تأخذنا فيها الكنيسة إلى أحضان الآب السماوي، مرورا بالآحاد الليتورجية. |
|