منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 05 - 2014, 02:53 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
القمص أثناسيوس فهمي جورج
مقدمة


دخلت المسيحية إلى العالم كديانة سماوية موحى بها من الله، ووهبت للعالم بالمسيح يسوع ربنا ابن الله المتجسد الراعي والفادي والمخلص، وهكذا لم تأت كمنهج فلسفي أو نظري بل كحياة الله المنسكبة وسط هذا العالم.
ثم أرسل الرب رسله "ليكرزوا" لا ليشغلوا كراسي الأستاذية في المدارس الفلسفية، فالمسيحية هي "الطريق" (أع 9: 2) ولم تكن فكرة أو أيديولوجية أو منهجاً فلسفياً يُضاف إلى المذاهب والنظريات.
لقد وجد الرسل والآباء هجوماً لاهوتياً وفلسفياً، ووجدواً شكوكاً وعداوات، وهكذا واجهوا الفلاسفة الوثنيين والحكام من أجل الحفاظ على الإيمان، إلا أن الرغبة في تعميق عقائد الإيمان - عن غير قصد الرد على الهراطقة - ظهرت جلياً في معظم الآباء ومنذ القرن الأول، بدافع من الفهم والاستيعاب وأيضاً بدافع شرح العقيدة للشعب.

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
ومن هنا يتضح التأثير الذي جرى على نمو "العلم" اللاهوتي والدفاع عن الإيمان قبالة الهجوم المضاد على المسيحية، فكثرت الكتابات العقيدية Dogmatic والكتابات الدفاعية Apologetic لمقاومة البدع وإعلان الإيمان الحقيقي.
وعندما نأتي إلى الآباء الأفارقة نجد أن العلامة ترتليان والقديس كبريانوس أسقف قرطاجنة وأرنوبيوس ولاكتانتيوس من أشهر آباء أفريقيا الذي أعطوا كنيستهم الكثير ودافعوا عن الإيمان بكل قوة واقتدار، واثروا الأدب المسيحي الأول.
ومن بين من أنجبت افريقيا، كان صاحب هذه السيرة العلامة ترتليانوس الأفريقى، ولسنا ننكر أننا سنستفيد بملامح فكره وبعض كتاباته كعالم وكاتب كنسي سقط في بعض الهرطقات، مثله في ذلك مثل أوريجين السكندري، ويقول فنسان دي لورين انه كما كان أوريجين يحتل المكان الأول بين علماء الكنيسة الذين كتبوا باليونانية، كان ترتليانوس يحتل المكان الأول بين علماء الكنيسة الذين كتبوا باللاتينية.
ولا يوجد من العلماء من كان في نفس مستواه ودراسته وعلمه، فقد فهم الفلسفة ببراعة فائقة، وكان له إلمام بكل مدارسها وتواريخها وفلاسفتها *(مجلة الكرازة - السنة التاسعة - 2يونيو - سنة 1987م - العدد 22).. وكان عجيباً في قوته على الإقناع والحجة والمحاماة، مدافعاً ومجادلاً معتبراً أن الله هو القاضي والإنجيل هو قانون المسيحيين والعقيدة هي الدستور والشريعة.
واستطاع أن يفحم كثيراً من المبتدعين الغنوصيين والوثنيين واليهود وإتباع مرقيون وهرموجينيس وغيرهم،ووضع مؤلفات كثيرة، إلا أنه انحرف عقيدياً وتأثر بأفكار المانيين، فعلى الرغم من علمه ونسكه وقع في البدعة، وكان القديس كبريانوس يقرأ له دوماً ولا يدع يوماً يمر دون أن يقرأ شيئاً من كتاباته، وكان يقول في أغلب الأحيان لتلميذه "أعطني المعلم" (1) مشيراً بذلك إلى ترتليان.
وقال عنه جيروم المؤرخ: "ترتليان الذي ليس من الكنيسة" (2) وتحدث القديس هيلارى أسقف بواتييه بكل أسى عن أخطاء هذا العلامة وكيف انحدرت قيمته العلمية وهو أعظم مفكر كنسي كتب باللاتينية في جيله، ولكن الكنيسة حرمته، ففقد سمعته كعالم كنسي، وأصبح معدوداً بين الهراطقة والمبتدعين.
لقد أردنا أن نعطى اهتماماً بهذه السيرة لنتفهم جو الكنيسة الأولى، ونعرف كيف شهدت للحق حتى وسط الانحرافات الهرطوقية، غير ملتزمة بعصمة أحد بصفته الشخصية، وغير مؤمنة بآراء ذاتية، بل بالتقليد الكنسي الشامل.
إن الكنيسة لا تجامل الهراطقة ولا تراعى الوجوه، بل تواجههم بكل قوة، بالجدل والتعليم وبالنصح وبالحرمان، وتقف حارسة للإيمان المسلم لنا مرة من القديسين، وإن كانت مترفقة مع الخطاة لكنها غير مهادنة للهراطقة، تتنقى من خمير البدع الفاسدة، وتسهر لئلا يأتي مبتدع ويلقى بزوان البدع في حقل التعليم.
وبالجملة يعتبر العلامة ترتليان من "الكُتاب الكنسيين" الذين لم تُعتمد كتاباتهم كمصدر للتعليم مثل كتابات آباء الكنيسة، ولكن كل ما يتفق مع عقيدة الكنيسة الأرثوذكسية ومنهجها في العبادة والحياة الروحية والتوجية المسيحي في السلوك، مما هو موجود في كتابات الكتاب الكنسيين، يقبله ضمير الكنيسة كشرح وامتداد وتكميل لتعاليم وكتابات الآباء، أما الآراء الخاصة بالكتاب الكنسي في غير ما يمس العقيدة والعبادة والروحانية فهي تبقى رأى الكاتب الخاص.
أقدم هذه النبتة المتواضعة "سلسلة آباء الكنسية - أخثوس ΘΥΣΧΙ" شاعراً بصغرى في جنب مواكب العلماء والأخصائيين الذين قدموا حياتهم في خدمة التعليم وأعطوا المكتبة العربية المسيحية، وما نبغيه من إصدار هذه الموسوعة الآبائية هو الإسهام الأخوي المتواضع في خدمة محبي علم الآباء من رتب وطغمات كنيستنا المحبوبة.
ذاكراً تشجيع ومحبة أبينا المطران نيافة الأنبا بيشوي الذي يحرص دائماً على ازدهار دراسة العلوم اللاهوتية والمسكونيات، وكذلك مساندة وصلوات أبينا الحبر الجليل الأنبا بنيامين النائب البابوي للإسكندرية الذي يرشدنا ويقودنا في هذه المسيرة الآبائية.
ولا ننسى مساعدة نيافة الحبر الجليل الأنبا ديسقورس ومجوداته السخية في هذا العمل وكذلك قدس الأب الموقر القس أثناسيوس ميخائيل مدرس التاريخ الكنسي من أجل حثه لنا على الاستمرار.
وليعوض الرب كل من له تعب وشركة في هذا العمل بصلوات أبينا البابا البطريرك الأنبا شنوده الثالث -أطال الله حياته- وليكن هذا العمل لمجد الثالوث القدوس المبارك.

عيد الميلاد المجيد
1995 ميلادية
1711 للشهداء
رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2014, 03:04 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

سيرة العلامة ترتليان

وُلد كوينتوس فلورنس ترتليانوس Quintus Septimius Florens Tertullianus في قرطاج نحو عام 155 م.، وكان والداه وثنيين، وكان والده قائد مئة في جيش الحاكم، ودرس ترتليان TERTULLIAN القانون واشتهر في المحاماة في روما.

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
بعد قبوله الإيمان المسيحي عام 193م، استقر في قرطاج وسرعان ما وظف درايته الواسعة بالقوانية والأدب والفلسفة لخدمة الإيمان المسيحي، ويحسب جيروم (1) سيم ترتليان كاهناً، ورغم انه هو نفسه لا يشير أبداً إلى رتبته الكهنوتية، إلا أنه كان من الصعب أن يتمتع بمكانته الفريدة كمعلم رائد لو لم يكن قد نال نعمة الكهنوت، وفيما بين عاميّ 195: 220م وضع الكثير من مؤلفاته، وكان للعدد الضخم من الكتب التي ألفها في غضون هذه السنوات تأثيره الدائم على علم اللاهوت المسيحي، ونحو عام 207م انحرف ترتليان وسقط في الهرطقة المونتانية Montanism بل وصار رئيساً لطائفة منهم تسمت باسمه "الترتليانيين Tertullianists" والتي ظلت موجودة في قرطاج حتى زمان القديس أغسطينوس، ورغم أننا لا نعرف تاريخ نياحته على وجه الدقة لكن لابد أنه كان بعد عام 220م.
فيما عدا القديس أغسطينوس هيبو، يُعتبر العلامة ترتليان أهم كاتب كنسي وضع أعماله باللغة اللاتينية، وإذ كان يتمتع بمعرفة عميقة بالفلسفة والقانون وباللغتين اليونانية واللاتينية، اتسمت أعمالة بالقوة والبلاغة الرائعة مع السخرية الحادة، وكان متشدداً تجاه الوثنيين واليهود والهراطقة، وبعد انحرافه إلى المونتانية صار متشدداً ضد مستقيمي الإيمان.
جاءت كتابات العلامة ترتليان جدلية دفاعية، ورغم أنه لا يخبرنا بالدافع وراء قبوله الإيمان المسيحي، لكن من الواضح أنه لم يؤمن بالمسيحية نتيجة لمقارنة عقدها بين التيارات الفلسفية المختلفة كما كان الحال مع القديس يوستين الشهيد، بل يبدو أن بطولة المسيحيين وشجاعتهم في زمان الاضطهاد كان لها تأثير عليه أكثر من أي شيء أخر(2)، وكان الحق هو الغاية العظمى من دفاعه عن المسيحية والسبب الرئيسي في مهاجمته للوثنيين والهراطقة، فقد كان يشتاق كثيراً إلى الحق، بل إنه في أحد كتبه وردت كلمة "الحق Veritas" 162 مرة، وكان يؤكد دوماً أن إله المسيحيين هو إله الحق، وكل من يجده يجد ملء الحق، والحق هو ما تكرهه الشياطين ويرفضه الوثنيون ويتألم المسيحيون ويموتون لأجله،فهو ما يميز المسيحي عن الوثني، وليس من الصواب أن نُرجع هذا إلى كون ترتليان محامياً وبليغاً يميل إلى حب الجدل، إذ كان يتكلم حقاً من عمق قلبه(3)، وليس هناك أي شك في أنه كان مستعداً تماماً لأن يموت لأجل إيمانه، وفي الكلمات الأخيرة من دفاعه يعبر عن رغبته العارمة في نوال إكليل الاستشهاد المبارك، فهو يرفض الهرب في زمان الاضطهاد.
وتُعد إسهامات ترتليان الأدبية للغة الكنسية الأولى ذات أهمية قصوى(4)، إذ أنها تُعد مصدراً هاماً لمعرفتنا باللغة اللاتينية المسيحية، فهي تحتوى على عدد كبير من المصطلحات الجديدة التي استخدمها اللاهوتيون فيما بعد وصارت من الكلمات المستخدمة دوماً في شرح العقيدة، لذلك دُعي "مؤسس اللاتينية الكنسية The Creator of Ecclesiastical Latin" (5) ورغم أن هذا اللقب فيه مبالغة، إلا أنه يوضح لنا مدى أهمية إسهامات ترتليان في تاريخ اللغة اللاتينية المسيحية.
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2014, 03:06 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

كتاباته: الأعمال الدفاعية


1) الأعمال الدفاعية
Apologetic Works
وسط أعمال ترتليان الدفاعية، يرتبط كتاب "إلى الوثنيين "Ad Nationes وكتاب "الدفاع "Apologeticum ببعضهما البعض، فكلاهما كُتب عام 197 م.، وكلاهما يتناول نفس الموضوع، لكن يمثل "الدفاع" الشكل الأكمل للموضوع، وفي الغالب كتب ترتليان "إلى الوثنيين" قبل "الدفاع" كما يتضح من التلميحات الواردة في العمل نفسه.

1) إلى الوثنيين
2) الدفاع
مضمون الدفاع
3) شهادة النفس
4) إلى سكابيولا
5) ضد اليهود

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
1) إلى الوثنيين To The Heathens (Ad Nationes)

يتكون هذا العمل من كتابين:
في بداية الكتاب الأول يوضح ترتليان أن الإجراءات الرسمية المتبعة ضد المسيحيين ليست فقط غير عادلة بل أنها تناقض كل مبادئ العدالة، وهذا الظلم هو نتيجة لجهل الوثنيين وعدم معرفتهم بالمسيحيين معرفة صحيحة (1).
ثم يفند المؤلف(2) الإدعاءات الكاذبة ضد المسيحيين ويثبت عدم صحتها وكذبها ويضيف أنه حتى لو كانت حقيقية، فهذا لا يُعطى الوثنيين الحق في إدانة المسيحيين لأنهم هم أنفسهم يرتكبون جرائم أبشع.
وبينما انتهج ترتليان في الكتاب الأول منهجاً دفاعياً نجده في الكتاب الثاني يتخذ منهجاً هجومياً، إذ كتب نقداً لاذعاً للديانة الوثنية بصفة عامة، وللمعتقدات الرومانية في الإلهة بصفة خاصة، وتحدث عن مفهوم الإله وبرهن على أن الآلهة الوثنية ليس إلا اختراعات بشرية مخلوقة.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
2) الدفاع Apology (Apologeticum)

"الدفاع" هو أهم أعمال ترتليان على الإطلاق، وهو يختلف كثيراً عن كتابه "إلى الوثنيين" رغم أنها يتشابهان في المضمون، إذ وضع ترتليان لـ"الدفاع" بنية مترابطة الأجزاء والأفكار، بينما يبدو "إلى الوثنيين" كمجموعة من المقالات وليس كعمل متكامل، فكتاب "الدفاع" يعطى على الفور انطباعاً بأنه نابع من احتياج داخلي عند الكاتب، وتأخذ المحاججة فيه شكلاً قانونياً، بينما المجادلات والمحاورات في "إلى الوثنيين" تأخذ شكلاً فلسفياً بلاغياً، ويُظهر ترتليان تحفظاً أكثر في كتابه "الدفاع" عنه في "إلى الوثنيين"، لأن كل من هذين العملين موجه إلى شخص مختلف، فكتابه "إلى الوثنيين" -كما يتضح من عنوانه- كان موجهاً إلى العالم الوثني بصفة عامة، بينما الدفاع كان موجهاً لحكام الأقاليم الرومانية الذين كان ترتليان يهاجمهم ولكنه في الوقت عينه كان يحاول أن يقنعهم، لذلك كان متحفظاً في هذا العمل أكثر مما في الآخر(3).

مضمون الدفاع:

في المقدمة التي تتكون من ستة فصول، يشرح ترتليان أن الجهل هو السبب وراء اضطهاد وكراهية المسيحيين (4)، وأن الإجراءات القانونية والقضائية التي تتبعها السلطات معهم تخالف كل مبادئ العدالة وتقاليدها، والوثنيون أنفسهم لا يستطيعون أن يقدموا سبباً معقولاً لكراهيتهم للاسم "مسيحي".
وبعد المقدمة يتحدث ترتليان عن الاتهامات التي توجه إلى المسيحيين، وأوضح أن هذه الاتهامات لم تثبت صحتها أبداً، وكانت الشائعات وحدها دوماً هي مصدر هذه الافتراءات، بينما الوثنيون أنفسهم يسقطون فعلاً في أخطاء رديئة، وأخطر اتهام ضد المسيحيين هو الاتهام باحتقار ديانة الدولة والخيانة العظمى.
وفي دفاعه يظهر ترتليان مهارته كرجل قانون، ويشرح أن المسيحيين لا يشتركون في تكريم آلهة الوثنيين لأنها ليست إلا كائنات من اختراع الإنسان وصورها مادية مائتة، وليس غريباً أن تكون هناك سخرية من هذه الآلهة في المسرح واحتقار لها في أعيادها، أما المسيحيون فيوقرون خالق العالم الإله الحقيقي الوحيد الذي أعلن ذاته في الأسفار الإلهية، لذلك من الظلم أن يُتهم المسيحيون بالإلحاد طالما أن مقبودات الوثنيين ليست آلهة(5)، وينادي ترتليان بحرية الأديان ويتساءل لماذا يُسمح للوثنيين بحرية تامة في أن يعبدوا آلهتهم ونحتوا لهم معبودات من الطيور والحيوانات كما يشاءون، بينما المسيحيون، والمسيحيون فقط، ممنوعون من أن يكون لهم ديانة خاصة بهم (6).
ثم يفند العلامة الأفريقي الاعتقاد بأن الرومان يحكمون العالم لأنهم يكرمون الأوثان، فالإله الحقيقي وحده يهب السلطان على الممالك لمنْ يريد (7)، والمسيحيون لا يمتنعون عن عبادة آلهة الدولة لأنهم معاندون أو مقاومون، كلا، بل لأنهم يعرفون أن هذا التكريم إنما يقدم للشياطين،ولذلك أيضاً لا يقدمون قرابين للآلهة لأجل راحة وسعادة الإمبراطور، كما يفعل الوثنيون، لعلمهم أن هذه الآلهة المزعومة عاجزة عن أن تساعده، وهكذا لا يُمكن أن يُحسب رفضهم تقديم القرابين جريمة، بل على العكس هم يصلون إلى الإله الحقيقي لأجل الحاكم والإمبراطور.

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
وأبرز ترتليان أن المسيحيين ليسوا أعداء للدولة ولا للبشرية، وأنه من الظلم أن يُحسبوا خارجين عن القانون، فقدم وصفاً حسناً للعبادة المسيحية:
"إننا مجتمع له شعور ديني مشترك، ووحدانية في التعليم ورابطة رجاء واحد، نلتقي في الاجتماعات كي نتقرب إلى الله في الصلاة ونجمع قوانا لنلتف حوله، وهذا الجهاد يرضى الله.. نحن نصلي لأجل الأباطرة، لأجل وزرائهم، لأجل هؤلاء الذين في السلطة، لأجل طمأنينة العالم ولأجل السلام على الأرض". (8)
وفي القسم الأخير من الكتاب، يجيب ترتليان على القول بأن المسيحية ليست إلا فلسفة جديدة، فالمسيحية أعمق وأعظم من أن تكون مجرد مباحثات حول أمور فلسفية إنسانية، بل هي استعلان إلهي، وحقيقة أعلنها الله، لذلك لا يستطيع مضطهدوها أن يقووا عليها.(9)
وفي "التاريخ الكنسي" ليوسابيوس القيصري، نقرأ أن "الدفاع" قد ترجم إلى اليونانية بعد صدوره بوقت قصير، ورغم أن هذه الترجمة -والتي أغلب الظن أنها تمت في فلسطين- قد اختفت سريعاً، إلا أن وجودها يدلل على أهمية عمل ترتليان.. وهذا "الدفاع" هو بإقرار الدارسين واللاهوتيين أفضل كتابات ترتليان.(10)
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
3) شهادة النفس The Testimony of The Soul (De Testimonio animae)

اعتاد الفلاسفة الهيلينيين أن يستقوا معرفتهم عن الله من العالم الكبير macrocosm ومن العالم الصغير microcosm، العالم الكبير هو الكون كله، أما العالم الصغير فهو النفس البشرية وكان ترتليان يتبع نفس هذا النهج، ففي الفصل السابع عشر من دفاعه يكتب:
"هل ستأخذون الدليل (على وجود الله) من أعمال يديه العديدة جداً والعظيمة جداً، التي تحتويكم وتحييكم؟ أم ستأخذون الدليل من شهادة النفس نفسها؟".(11)
هذه المناقشة حول النفس، والتي وردت في كتابه "الدفاع" عدلها ترتليان باستفاضة فيما بعد في عمل منفرد بعنوان "شهادة النفس" كتبه في نفس العام الذي كتب فيه "الدفاع" أي 197م وتتضح السمة الدفاعية لهذا العمل ذي الفصول الستة من محاولة المؤلف أن يتخذ من النفس شهادة على وجود الله وصفاته، وشهادة على الحياة بعد الموت، وعلى الجعالة الحسنة والعقاب في الحياة الآتية.
رأى ترتليان أنه لا حاجة للتأملات الفلسفية لأن الحقائق جميعها موجودة داخل النفس، فالطبيعة هي أعظم معلم لأنها تعكس صورة الله، فيعكس المدافعين اليونان، يؤكد ترتليان على عدم جدوى الاستعانة بالفلسفية، لأن الطبيعة ببساطة هي أفضل شهادة للحق. (12)
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
4) إلى سكابيولا To Scapula

"إنه حق إنساني أساسي وامتياز من الطبيعة، أن كل إنسان يعبد بحسب معتقده، فديانة المرء لا تؤذي ولا تنفع أي إنسان آخر".(13)
هذه المناداة بحرية العقيدة والعبادة نقرأها في افتتاحية الرسالة التي أرسلها ترتليان إلى سكابيولا Scapula حاكم أفريقيا (211-213م) الذي بدأ يضطهد المسيحيين وأخذ يلقيهم إلى الوحوش الضارية ويحرقهم حتى الموت، ويبدو أن ترتليان كتب هذا الدفاع نحو عام 212م.
يتكون هذا الدفاع الشجاع من خمسة فصول، يؤكد ترتليان في الأول منه -وهو المقدمة- على أن الدافع وراء الكتابة ليس الخوف على المسيحيين، بل محبته المسيحية للحاكم واهتمامه به واللذين يوجبان عليه أن يحذره من اضطهاد المسيحيين، فهو أمر غير معقول ويتنافى مع حق حرية الضمير أن نُرغم المسيحيين على الذبح للأوثان، وهم ليسوا أعداء لأحد وبالأخص لإمبراطور روما لأنهم يعرفون أنه مُعين من قِبل إلههم، فيجب أن يحبوه ويوقروه وهم يتمنون له الخير، بل ولإمبراطوريته كلها.
ولكن المسيحيين يحزنون عندما يجدوا السلطات لا تعاقب على جريمة سفك دم مسيحي، ثم ينتقل ترتليان لموضوع علامات غضب الله على المضطهدين، وأشار إلى نهايات بعض حكام الأقاليم الذين اضطهدوا المسيحيين(14)، وهو الموضوع الذي تناوله العلامة لاكتانتيوس باستفاضة فيما بعد في كتابه "نهاية المضطهدين" (انظر كتابنا "العلامة لاكتانتيوس" ضمن هذه السلسلة "أخثوس ΣΥΘΧΙ).
ويحذر ترتليان الحاكم من أن القسوة لن تنجح بل فقط ستزيد من عدد المؤمنين:
"ليس لنا سيد إلا الله، وهو أمامك ولا يمكن أن يغيب عنك ولكنك لا تستطيع أن تؤذيه، أما هؤلاء الذين تعتبرهم سادة، فهم مجرد بشر ويوماً ما سيموتون، أما هذه الجماعة (الكنيسة) فلن تموت، وتأكد أنها في الوقت عينه الذي تُهدم فيه، تُبنى بقوة أعظم".(15)
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
5) ضد اليهود Against The Jews (Adversus Judaeos)

تزامن هذا الكتاب مع حدوث مجادلة ومحاورة بين أحد المسيحيين وأحد اليهود، استغرقت يوماً كاملاً حتى المساء، فرأى ترتليان ضرورة صياغة هذا الموضوع في كتاب حتى يستطيع حصر نقاطه.
يوضح ترتليان في هذا الكتاب كيف أن إسرائيل قد ترك الرب ورفض نعمته، ولذلك لم يعد للعهد القديم والناموس أي قوة الآن، لكن يجب أن يُفسر روحياً، ولذا دُعيت الأمم للدخول في الإيمان(16)، ويشرح العلامة الإفريقي أن الوصايا المكتوبة في العهد القديم مثل الختان(17) وحفظ السبت(18) والتقدمات والذبائح (19) ليست ضرورية للخلاص وأنها قد انتهت، واستبدل قانون العين بالعين بقانون المحبة، ومعطى هذا العهد الجديد، كاهن الذبيحة الجديدة، حافظ السبت الأبدي(20)، قد ظهر، المسيح الذي تنبأ عنه الأنبياء وعن ملكه الأبدي، ويورد ترتليان الكثير من النبوات المسيانية التي تحققت في مخلصنا، وقد اعتمد ترتليان كثيراً في هذا العمل على كتاب القديس يوستين الشهيد "الحوار مع تريفو Dialogue with Trypho".
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2014, 03:09 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

كتاباته: الأعمال الجدلية


2) الأعمال الجدلية
The Controversial Treatises


1) علاج الهراطقة
2) ضد مرقيون
٣) ضد هرموﭽينيس
٤) ضد أتباع ﭭالنتينوس
٥) عن المعمودية
٦) ترياق العقرب
٧) عن جسد المسيح
٨) عن قيامة الجسد
٩) ضد براكسيس
١٠) عن النفس
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
1) علاج الهراطقةThe Prescription of Heresies (De Praescriptione haereticorum)

تتضح من هذا الكتاب معرفة ودراية ترتليان بالقانون الروماني أكثر مما في جميع أعماله الأخرى، وكان ترتليان يريد أن ينهي الجدل بين الكنيسة المستقيمة الإيمان وبين الهراطقة دفعة واحدة وذلك بأن يقدم في هذا العمل الحجج والبراهين المنطقية المنظمة التي تدحض سائر البدع دفعة واحدة.
يرى ترتليان أن موضوع الخلاف بين الكنيسة والهراطقة هو الكتاب المقدس، ولكن لا يحق للهراطقة أن يستخدموا الأسفار الإلهية في مناقشاتهم لأنها لا تخصهم(21)، ورغم أنهم يدّعون أنهم يقدمون الأسفار الإلهية، إلا أنهم يحذفون الأجزاء التي تدحض فكرهم منها، فيؤثرون على البعض ويضلون الضعيف ويرهقون الأقوياء(22)، لذلك نحن ندافع عن الإيمان ضدهم بنقطة هامة تفوق شتى النقط الأخرى وهي ألا نسمح لهم بأي مناقشة من الكتاب المقدس، وإذا كانوا يقدمون من الأسفار الإلهية ما يظنون أنه يؤيد انحرافاتهم، فلابد أولاً قبل أن يستخدموها أن نعرف لمنْ هذه الأسفار كي لا نسمح لأحد أن يستخدمها ما دامت لا تخصه.
فالهراطقة لا يستشهدون بالأسفار الإلهية بل يحرفونها ويغيرون معناها، وهناك خطر جسيم يحيق بأي إنسان ضعيف الإيمان يدخل في مناقشة من الكتاب المقدس مع هؤلاء الهراطقة، لأن الكتاب المقدس لا يخص إلا هؤلاء الذين لهم قانون الإيمان والسؤال هو:
"منْ أين، وعن طريق منْ، ومتى، ولمنْ، سُلم قانون الإيمان الذي به يصير الناس مسيحيين؟ لأنه حيثما كان قانون الإيمان المسيحي الحقيقي، فهناك سيكون بالمثل الكتاب المقدس الحقيقي وكل التقاليد المسيحية (23)".

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
وفي الفصل الحادي والعشرين من هذا الكتاب، يقدم ترتليان علاجين يحرمان كل الهراطقة والمبتدعين من الأسس التي انطلقوا منها:
العلاج الأول: المسيح أرسل الرسل مبشرين بالإنجيل، لذلك يجب ألا يُعتبر أحد مبشراً بالإنجيل عدا هؤلاء الذين عينهم المسيح.
العلاج الثاني: الرسل أسسوا الكنائس، وفسروا لها الإنجيل، وقووها وثبتوها لتشرح الإنجيل للناس، لذلك ما أعلنه المسيح لهم لا يمكن لأحد أن يثبته أو يبرهنه عدا الكنائس التي أسسها الرسل أنفسهم.
وشرح ترتليان أن العقيدة الأرثوذكسية المستقيمة مؤسسة على تقليد الرسل "إن لنا شركة مع الكنائس الرسولية لأن عقيدتنا لا تختلف عنهم أبداً، هذه هي شهادتنا للحق(24)".. وهذه الحقائق وما يترتب عليها تمثل دحضاً وتفنيداً تاماً لسائر الهراطقة حتى انه يمكن القول انه ليست هناك ضرورة لأي اهتمام آخر بالجدالات معهم.
ومع هذا يقول ترتليان انه مستعد لأن يترك الطرف الآخر في المجادلة، أي الهراطقة، يعبرون عن فكرهم (25)، وهكذا يجيب على اعتراضاتهم وهي:
الاعتراض الأول: أن الرسل لم يسلموا وديعة الحق بأمانة، إذ كانت هناك بعض أمور يجهلونها، أو أنهم لم يسلموا كل ما كانوا يعرفونه للجميع(26).
الاعتراض الثاني: أن الكنائس لم تكن أمينة في تسليم وديعة الإيمان(27).
ويجيب ترتليان على هذه الاعتراضات المنحرفة بتساؤله عما إذا كان من المفترض أن نؤمن أن الاستعلان يجب أن ينتظر أحد الهراطقة ليعلنه، وأنه في فترة الانتظار هذه كان الإنجيل فاسداً!! يستطرد المؤلف قائلاً أنه في سائر الأحوال يجب أن الصواب يسبق الخطأ، لذا الوجود المسبق المبكر لعقيدة الكنيسة المستقيمة هو علامة نقاوتها(28)، أي أنها موجودة قبل تعاليم الهراطقة،وفي مثل الزوان والحنطة الذي علمه لنا المخلص، وُضعت البذرة الصالحة أي الحنطة أولاً ثم بعد ذلك الزوان، وهذا يعني أن ما سُلم أولاً هو من الرب وهو حق، بينما ما هو غريب وكاذب قد جاء وظهر فيما بعد.
وبحسب ترتليان، يقف مبدأ أسبقية الحق principalitas veritatis ومبدأ تأخر الكذب والضلال (زمنياً)، في وجه كل الهراطقة(29)، والكنيسة لم تقبل قط أي تحريف للأسفار الإلهية، بينما حرفها الهراطقة كما يريدون(30)، وهناك فرق طفيف بين الانحراف عن حقائق الإيمان المستقيم وبين الوثنية، فكلاهما مدمر ومهلك، كلاهما من الشيطان(31)، وسلوك الهراطقة سلوك رديء لأنهم فقدوا كل مخافة لله(32).
وفي خاتمة الكتاب(33)، يقول المؤلف أن هذا الكتاب هو مقدمة عامة ضد الهراطقة سيتبعها كتب أخرى في المستقبل القريب تفند أفكار الهراطقة وتجيب على إدعاءاتهم.
يُعد هذا العمل من أكثر أعمال ترتليان اكتمالاً وأكثرها قيمة وبسبب الأفكار الرئيسية المتضمنة فيه، حفظ ونال الإعجاب، وقد كُتب نحو عام 200م قبل أن ينحرف ترتليان نفسه ويسقط في البدعة المونتانية.
وفي نهاية العمل(34) ملحق يتضمن قائمة باثنين وثلاثين هرطقة، وأغلب الظن أنه مجرد تلخيص لكتاب هيبوليتس "ضد كل الهرطقات Syntagma".
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
2) ضد مرقيون Against Marcion (Adversus Marcionem)

هذا الكتاب هو أطول أعمال ترتليان، وهو أحد الكتب التي وعد بكتابتها ضد الهراطقة في نهاية كتابه "علاج الهراطقة"، ولهذا العمل أهمية كبيرة إذ يمثل مصدراً أساسياً لمعرفتنا ببدعة مرقيون(35)، وهو يتكون من خمسة كتب:
الكتاب الأول: يفند الثنائية التي علم بها مرقيون بين إله العهد القديم وإله العهد الجديد، ويبرهن على أن مفهوم الألوهية نفسه لا يتفق مع مثل هذه الثنائية، فالله لا يمكن أن يكون إلهاً إذا لم يكن واحداً، لأنه إذا كان سيداً عظيماً لابد أن يكون فريداً ليس له نظير ولا يكف عن أن يكون سيداً عظيماً(36).
الكتاب الثاني: يثبت أن خالق العالم هو نفسه الإله الصالح.
الكتاب الثالث: يتناول خريستولوجيا مرقيون، وإذ كان يعلم بأن المسيح الذي تنبأ عنه الأنبياء في العهد القديم لم يأت بعد، لذلك يوضح ترتليان أن المسيح الذي جاء هنا على الأرض ليس إلا المخلص الذي تنبأ عنه الأنبياء.
الكتابين الرابع والخامس: يقدم فيهما ترتليان تعليقاً نقدياً على نسخة العهد الجديد التي يستشهد بها مرقيون، مثبتاً أنه ليس هناك أي تناقض بين العهد الجديد والعهد القديم.
والشكل الحالي الذي وصلنا به العمل يمثل الإصدار الثالث منه، إذ أن النسخة الأولى منه كتبها ترتليان في عجالة، لذلك كانت سطحية، أما الثانية فقد سرقها منه أحد معارفه وانحرف إلى المرقونية، ويذكر ترتليان أنه أدخل إضافات في هذه النسخة التي وصلتنا، ويعتقد Quispel أن هذه الإضافات هي الكتابين الرابع والخامس.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
٣) ضد هرموﭽينيس Against Hermogenes

لم يكن ترتليان أول من كتب ضد الرسام والغنوصى هرموڇينيس القرطاڇى، إذ قد سبقه إلى ذلك يوسابيوس القيصري أبو التاريخ الكنسي في كتابه "التاريخ الكنسي"، وثيؤفيلوس الأنطاكي في كتابه (ضد هرطقة هرموﭽينيس Against the heresy of hermogenes)، ورغم أن هذا الكتاب الأخير قد فُقد إلا أنه أغلب الظن كان معروفاً لترتليان واستعان به.
ظن هرموﭽينيس الهرطوقي أن المادة أزلية وأنها معادلة لله، وهكذا يكون هناك إلهين، وبحسب ترتليان إستقى هرموﭽينيس عقيدته هذه من الفلسفة الوثنية ومن الرواقيين الذي علموه أن يضع المادة في نفس المكانة مع الرب كما لو كانت سرمدية، غير مولودة وغير مخلوقة، بلا بداية ولا نهاية.
يفند ترتليان هذه البدعة في ٤٥ فصلاً مقدماً دفاعاً بارعاً عن التعليم المسيحي عن الخلق، ويشرح أن مفهوم الإله نفسه لا يسمح بسرمدية المادة، وبعد فحص دقيق لتفسير هرموﭽينيس للكتاب المقدس يحلل ترتليان التناقضات الموجودة في أفكاره عن جوهر المادة السرمدية وصفاتها الإلهية.
وإذ تشير الكلمات الأولى في الكتاب إلى "علاج الهرطقات" إذاً لابد أنه كُتب بعد عام ٢٠٠م، وفي كتابه "عن النفس" يذكر ترتليان مرات عدة أنه وضع عملاً أخر ضد هرموﭽينيس عن أصل النفس، لكنه فُقد.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
٤) ضد أتباع ﭭالنتينوس Against The Valentinian (Adversus Valentinianos)

فى هذا العمل كتب ترتليان تعليقاً لاذعاً على أفكار الجماعة الغنوصية، ويعتمد كثيراً في مضمونه وترتيبه على الكتاب الأول من "ضد الهرطقات" للقديس إيريناؤس، ولكنه يقتبس بعض الشيء أيضاً من القديس يوستين الشهيد وميليتيادس.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
٥) عن المعمودية On Baptism (De baptismo)

لهذا العمل أهميته الفائقة في تاريخ الليتورﭽيا وسرى المعمودية والميرون، فهو ليس فقط أول كتاب يتناول هذا الموضوع، بل هو أيضاً الكتاب الوحيد في فترة ما قبل مجمع نيقية الذي يتناول أي سر من الأسرار، ويُمكن أن يُصنف ضمن أدب ضد الهرطقات إذ كتب ضد سيدة من قرطاﭺ تُدعى كوينتلا Quintilla، أضلت عدداً كبيراً بعقيدتها المسمومة، جاعلة هدفها الأول هو مهاجمة المعمودية المقدسة، فرد عليها ترتليان في هذا العمل الصغير ذي العشرين فصلاً، ويتحدث فيه كما لو كان يعلم الموعوظين.
من أهم اعتراضات كوينتلا على المياه تساؤلها كيف يمكن لغسل الجسد بالماء أن يُطهر ويُنقى النفس ويهب خلاصاً من الموت الأبدي، لذلك بدأ ترتليان الفصل الأول بعبارة فرح وتعجب:
"يا لى السر المفرح الذي لمائنا الذي تُغسل فيه خطايا ظلمتنا الأولى ونصير أحراراً للحياة الأبدية".
ويختم الفصل بقوله:
"نحن السمك الصغير نتبع مثال سمكتنا (أخثوس ΣYΘХІ) يسوع المسيح، ونُولد في الماء ولا نخلص إلا بالحياة فيه (أي في الماء)".
ثم يشرح ترتليان أن استخدام الله لوسائل وأشياء من الحياة اليومية في تتميم خلاصنا يجب ألا يكون حجر عثرة للذهن الجسداني، فهو يختار المزدرى وغير الموجود لخدمة أهدافه، والماء عنصر نافع وواهب للحياة، وقد قدسه الخالق منذ بداية العالم واختاره ليكون إناء لقوته، وهنا نعرف من حديث ترتليان أن طقس تقديس جرن المعمودية كان يتمم في كنيسة أفريقيا.
ومنذ أن رفٌ روح الله على المياه عند الخالق، صارت المياه رمزاً للتطهير والتنقية، وسكنى للفعالية الفائقة، وليس الغسيل الجسدي هو الذي يهب النعمة بل الفعل المُقدَس باستخدام الصيغة الثالوثية، وبعد المعمودية يأتي سر المسحة المقدسة.
ويرى ترتليان في عبور البحر الأحمر وخروج الماء من الصخرة، وأيضاً معمودية يوحنا الصابغ، رموزاً للمعمودية المسيحية، وأجاب المؤلف أيضاً على الاعتراض القائل أنه ما دام المسيح لم يخدم هذا الطقس بنفسه، إذاً هو طقس غير ضروري للخلاص.
ويؤكد ترتليان أن هناك ميلاد واحد فقط أي الذي في الكنيسة، وهو هنا يقرر عدم قانونية معمودية الهراطقة دون أن يخوض في التفاصيل لأنه قد تناول هذا الموضوع قبلاً باللغة اليونانية كما يذكر.
وهناك استثناء واحد فقط من ضرورة المعمودية بالماء وهو الاستشهاد، الذي يسميه ترتليان "معمودية ثانية" "معمودية الدم The Baptism of Blood"، وهكذا يتحدث عن معموديتين أرسلهما لنا المسيح من جنبه المجروح، كى هؤلاء الذين يؤمنون به يغتسلون بالماء، وهؤلاء الذين اغتسلوا بالماء يحملون أيضاً علامة الدم.
وينبه ترتليان إلى أن هذا السر لابد أن يعطى بتعقل وبلا تعجل فلابد أن يختبر إيمان الشخص جيداً قبل أن يعطى هذه النعمة العظيمة، أما عن زمان تتميم المعمودية، فيذكر ترتليان أن القيامة والعنصرة هما التوقيتان الليتورﭽيان لها، لكن أيضاً كل وقت مناسب ومقبول، فقد يكون هناك اختلاف في ترتيب طقس الاحتفال (بين المعمودية يوم عيد القيامة وبين المعمودية في أي يوم آخر) لكن النعمة واحدة، ثم يتناول المؤلف في الفصل الأخير كيفية الاستعداد لنوال سر المعمودية.
ويخلو هذا العمل من أي أثر للمونتانية، ويظهر توقيراً كبيراً للرتب الكنسية، وقد كُتب ما بين ١٩٨- ٢٠٠م.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
٦) ترياق العقرب Scorpiace

"ترياق العقرب" هو عنوان كتاب صغير يتكون من ١٥ فصلاً يتضمن دفاعاً عن الاستشهاد ضد الغنوصيين الذين يقارنهم ترتليان بالعقارب، فهم يعترضون على تقديم الحياة ذبيحة لله، ويقولون أن هذا أمر غير ضروري ولا يطلبه الله، لذلك يشرح المؤلف أن الاستشهاد يصير واجباً وضرورة موضوعة على كل إنسان مسيحى حينما لا يكون هناك طريقة أخرى للامتناع عن الاشتراك في العبادة الوثنية، بل وحتى في العهد القديم كان الموت أفضل من ترك الإيمان، فالاستشهاد هو ميلاد جديد يهب النفس حياة أبدية، وقد كُتب هذا العمل غالباً أثناء اضطهاد سكابيولا.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
٧) عن جسد المسيح On The Flesh of Christ (De Carne Christ)

يرتبط كتاب "عن جسد المسيح" بكتاب "عن قيامة الأجساد" ارتباطاً شديداً، إذ يمثلان معاً بحثاً قوى الحجة عن قيامة الجسد ذلك أن الهراطقة بدلاً من أن يؤمنوا بهذه الحقيقة، أنكروا حقيقة جسد السيد المسيح وهكذا جددوا أخطاء الظهوريين (أصحاب الهرطقة الدوسيتية Docetic) الذين يقولون أن جسد المسيح كان مجرد ظهور وليس حقيقة.
في الفصل الأول يوضح ترتليان الهدف من الكتابة وهو معرفة جوهر جسد ربنا وحقيقته وصفاته وكيف يوجد ومن أين أخذه، ويجيب في هذا الكتاب على هذه الأسئلة كلها، ويثبت أن المسيح وُلد حقاً وأن ميلاده كان ممكناً ولائقاً، وأنه عش ومات حقاً بجسد بشرى حقيقى، وهكذا يدحض أفكار مرقيون الدوسيتية.
كما شرح أن طبيعة مخلصنا لم يأخذها من الملائكة رغم أنه سُمى ملاك الرب، ولا من النجوم كما قال البعض، ولا من جوهر روحي كما ظن ﭭالينتينوس، لكنه شابهنا تماماً في كل شيء ما خلا الخطية وحدها، وأيضاً لم يكن من زرع بشر، فجسد آدم الأول وجسد آدم الثاني لم يكونا من زرع بشر.
ويشير المؤلف إلى انحراف الغنوصيين الذين يقولون أن المسيح لم يأخذ أي شيء من العذراء وأنه وُلد "عن طريق through" أو "في in" وليس "من from" العذراء مريم، ودفاعاً عن أمومة العذراء الحقيقية والبشرية للمسيح، يندفع ترتليان وينحرف هو نفسه وينكر دوام بتولية العذراء.
فى نهاية هذا العمل يذكر ترتليان أنه سيتناول موضوع قيامة الجسد في بحث أخر، وقد كتب هذين العملين ما بين ٢١٠: ٢١٢م.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
٨) عن قيامة الجسد The Resurrection of The Flesh

تربط مقدمة "عن قيامة الجسد" بين كل الذين ينكرون قيامة الأجساد من الوثنيين والصدوقيين والهراطقة، وتثبت عدم اتفاق تعاليمهم وعدم صحتها، والعقل الصائب يشهد لذلك لأن الجسد مخلوق بيد الله ومُفتدى من قِبل المسيح، ولابد أن يُدان مع النفس في اليوم الأخير.
ثم يفند ترتليان الاعتراضات التي توجه لهذه العقيدة، ولكنه يتخذ من هذا كله أساساً للشرح الذي سيقدمه، ثم يتناول المبحث الأساسي في الكتاب وهو قيامة الجسد بحسب العهد القديم والجديد، وقبل دراسة النصوص الكتابية يتحدث ترتليان عن الفهم الصحيح للغة الرمزية التي في الأسفار المقدسة، وفي القسم الأخير من الكتاب يتحدث عن حالة الجسد بعد القيامة، وتتضح في هذا العمل توجهات ترتليان وميوله للمونتانية.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
٩) ضد براكسيس Against Praxeas (Adversus Praxeas)

أخر كتاب في قائمة أعمال ترتليان الجدلية هو "ضد براكسيس" الذي كتبه نحو عام ٢١٣م، وكان في ذلك الوقت قد انحرف إلى المونتانية.
كان براكسيس من أتباع بدعة الموداليزم Modalism أو مؤلمي الآب Patripassion الذين يقولون أن الله أقنوم واحد فقط وليس ثلاثة أقانيم، فالآب هو الابن، وبالنسبة لهذا المبتدع "الآب نفسه حل في العذراء، ووُلد هو نفسه منها، وتألم هو نفسه، وهو عينه كان يسوع المسيح"!!
حينما انتشرت هذه البدعة في قرطاچ، كتب ترتليان هذا العمل الذي يمثل أهم إسهامه في شرح عقيدة الثالوث في فترة ما قبل مجمع نيقية، وجاءت كلمات الكتاب واضحة دقيقة ومحددة، وأسلوبه قوى وبارع، وقد استخدم مجمع نيقية فيما بعد عدداً ليس بقليل من صيغ هذا الكتاب، وكان له تأثير كبير على اللاهوتيين اللاحقين، فهيبوليتس وديونيسيوس السكندري وآخرون، مدينون لهذا العمل، كما اقتبس أغسطينوس في كتابه الضخم "الثالوث" التشبيه بين الثالوث القدوس وبين عمليات النفس البشرية، والموجود في الفصل الخامس من كتاب ترتليان.
بعد المقدمة التي تناول فيها براكسيس وتعليمه، يتحدث المؤلف عن عقيدة الثالوث وعمل التدبير الإلهي (الإيكونوميا) ثم يتحدث عن ميلاد الابن الذي يدعى أيضاً الكلمة وحكمة الله، ويثبت باستشهادات كتابية حقيقة وجود ثلاثة أقانيم، ويقدم شهادة إنجيل يوحنا ليدحض تفسير براكسيس المنحرف لبعض النصوص الكتابية، وأخيراً يتحدث عن الروح القدس كأقنوم متمايز عن الآب والابن، ولكن هذا كله مجرد إطار للكتاب، أما في الفصول الواحدة والثلاثين فيشرح ترتليان باستفاضة عقيدة الثالوث.
وأوضح أن العلاقة بين الآب والابن لا تتعارض مع وحدانية الله لأنهما لا يختلفان عن بعضهما بالانفصال بل بالتمايز، وكان العلامة ترتليان أول كاتب لاتيني يستخدم كلمة "ثالوث Trinitas" ولكن للأسف في دفاعه عن تمايز الأقانيم سقط في انحرافات بدعة التدرجية في الثالوث Subordinationis.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
١٠) عن النفسOn The Soul (De anima)

فيما عدا كتابه "ضد مرقيون" يعتبر كتابه عن النفس أطول أعماله، وهو يُصنف ضمن أدب ضد الهرطقات لأن المؤلف يوضح في بداية الفصل السادس أن الأخطاء المعاصرة له هي التي جعلته يكتب هذا العمل، وكان ترتليان يعتبره تكملة لعمل سابق له "عن أصل النفس De censu animae" يدافع فيه عن الأصل الإلهي للنفس ضد هرموﭽينيس، ويذكر الكاتب أنه بعد أن رد على هرموﭽينيس فيما يتعلق بموضوع أصل النفس، يريد الآن أن يلتفت للسؤال الأخر والذي لكى يناقشه لابد أن يتسلح ضد الفلسفة، ويقول أن مناقشة موضوع النفس لا تحق للمفكرين الوثنيين الذين يمزجون الأفكار الصحيحة مع الأفكار الخاطئة وهم لذلك "آباء الهراطقة".. وقد كتبه في الغالب نحو ٢١٠: ٢١٣م.
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2014, 03:14 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

كتاباته: الأعمال الأخلاقية والنسكية


* 3) الأعمال الأخلاقية والنسكية
* Moral and Ascetical Works
يتضح انحراف ترتليان إلى المونتانية وإيمانه بمعتقداتها في أعماله الأخلاقية والروحية أكثر مِمَّا في باقى أعماله.
1) إلى الشهداء
2) العروض والمسرحيات
3) عن ثياب النساء
4) عن الصلاة
5) عن الصبر
6) عن التوبة
7) إلى زوجته
8) حث على العفة
9) الزيجة الواحدة
10) عن خمار العذارى
11) الإكليل
12) عن الهروب في زمان الاضطهاد
13) عن عبادة الأوثان
14) عن الصوم
15) عن الاعتدال
16) عن العباءة
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 1) إلى الشهداء To The Martyrs (De martyras)

كان هذا العمل من أوائل أعمال ترتليان، وبالرغم من قِصَره (6 فصول فقط) وبساطة أسلوبه إلاَّ أنَّه نال إعجاب الأجيال المتتالية، وقد كتبه إلى عدد من المعترفين المحبوسين والذين كانوا على وشك التقديم للموت بسبب إيمانهم المسيحي، فيشجعهم ويحثهم على الثبات، ويُذكرهم الكاتب بالمعونة التي أخذوها من "أمنا الكنيسة"، ولم يتمنى فقط لهم أنْ ينزعوا عنهم الخوف من الاستشهاد، بل أيضاً أثار فيهم حماسة حية إذ علَّمهم أنَّ الاستشهاد أعظم الأعمال وأمجدها، فالموت من أجل المسيح ليس مجرد قبول غَير واعي للألم واحتماله بل هو اختبار لقوة النفس وجهاد بأعمق معنى للكلمة، ويختار ترتليان تشبيهاته المؤثرة من المصارعات التي تدور في المجتلد (حلبة المصارعة) ومن أوجه الحياة العسكرية.
وفى الفصل الثاني من الكتاب يحث ترتليان المجاهدين ألاَّ ينزعجوا أو يضطربوا عند انفصالهم عن العالم.
ويكرر الفصل الثالث صورة المصارعة والقتال التي دُعي إليها الشهداء، ويطلب منهم ترتليان أنْ يعتبروا السجن مكان تدريب لهم.
أمَّا الفصول من 4: 6 فتقدم أمثلة لأناس احتملوا آلاماً عظيمة بل وأيضاً ضحوا بحياتهم لأجل طموح أو غرور أو حتى مجرد ظروف اضطرارية، بينما الشهداء يتألمون من أجل الله.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 2) العروض والمسرحيات Shows (De spectaculis)

هذا العمل هو إدانة ورفض شامل لكل الألعاب العامة في السيرك والإستاد والمسرح والمصارعات الرياضية، ويتكون من قسميْن: قسم تاريخي وقسم أخلاقي.
في القسم الأول: يشرح ترتليان أنَّه يجب ألاَّ يحضر أيّ إنسان مسيحي مثل هذه العروض، لأنَّ أصلها وتاريخها وأسماءها واحتفالاتها وأماكنها تُظهر جميعاً أنَّها ليست إلاَّ نوع من الوثنية وسائر المؤمنين قد جحدوها في نذر المعمودية.
وفى القسم الثاني: يوضح أنَّ هذه الأمور تثير الشهوة، فتفسد أيّ أخلاقيات، وهى بعيدة تماماً عن إتباع المخلص، والفصل الأخير يرسم صورة واضحة لـ "المجيء القريب للرب" ويوم الدينونة الأخير.
هذا العمل موجه إلى الموعوظين كما يتضح من عبارته الافتتاحية، وقد كتبه ترتليان قبل تحوله إلى المونتانية، وقبل كتابيْه "عبادة الأوثان" و"عن ثياب النساء" لأنَّ كل منهما يشير إليه، وقد كُتب في الغالب نحو 202 م.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 3) عن ثياب النساء On The Dress of Women (De cultu feminarum)

يُعالج ترتليان في هذا الكتاب نفس الفكرة التي تناولها في "إلى الشهداء" وفي "عن العروض والمسرحيات"، فيؤكد أنَّه لا يكفى أنْ نجحد الوثنية في المعمودية، بل يجب أنْ نحيا حياة مسيحية يومية، لذلك يحذر النساء في هذا الكتاب ألاَّ تتسلط عليهن الموضة الوثنية بل يكن متعقلات معتدلات في مظهرهن.
ويُذكر ترتليان المرأة المسيحية أنَّ الخطية الأولى دخلت العالم عن طريق حواء المرأة الأولى، لذلك الثوب الوحيد اللائق ببنات حواء هو رداء التوبة، أمَّا الزينة الخارجية والمساحيق فهي من أصل شيطاني، ويدين العلامة الأفريقي سائر أنواع التزين مثل الذهب والفضة والمجوهرات والأحجار الكريمة، فالندرة هي السبب الوحيد الذي يجعل لهذه الأشياء قيمة.
وفى القسم الثاني من هذا الكتاب يمدح ترتليان فضيلة العفة المسيحية التي لا تسمح للنساء أنْ يُغيروا صنعة الخالق أيّ الجسد باستعمال المساحيق وصباغة الشعر، ويُقنع المرأة المسيحية أنَّ مظهرها لابد أنْ يُميزها دوماً عن الوثنيات، ثم يتحدث في الفصل الأخير عن الظروف المعاصرة له في المجتمع ويحث النسوة أنْ يكن مستعدات لقبول آلام الاستشهاد.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 4) عن الصلاة Concerning Prayer (De oratione)

كتب ترتليان هذا العمل نحو عام 198: 200 م. إلى الموعوظين، ويستهله بشرحه كيف أنَّ العهد الجديد قدم لنا شكلاً للصلاة لم يكن موجوداً في العهد القديم أيّ الصلاة بالروح والحق، والصلاة في الخفاء، وضرورة إيمان الصلاة وثقتها بالله، وكل هذه السمات تظهر في الصلاة الربانية "أبانا الذي في السموات.." التي هي ملخص الإنجيل كله، ثم يقدم ترتليان شرحاً للصلاة الربانية، هو أقدم تفسير لها في تاريخ الكنيسة كله، إذ لم يسبقه أيّ تفسير آخر بأيّ لغة أخرى، ويضيف العلاَّمة عدداً من النصائح الثمينة العملية، فيُعلم أنَّه لا يمكن لأحد أنْ يشكر الله دون أنْ تكون له مصالحة مع أخيه وأنْ يكون متحرراً من الغضب واضطرابات الذهن، وهذا يتطلب قبل كل شيء نقاوة القلب، وليس مجرد غسيل الأيدي.
ويستنكر ترتليان الجلوس أثناء العبادة، فهو فعل خال من الوقار أمام عينيّ الله الحي،وينصح بالعبادة بأيادي مرفوعة وصوت خفيض وحركات عفيفة متضعة، ويجب ألاَّ يحرم الإنسان نفسه من قبلة السلام لأنَّها ختم الصلاة، والاستثناء الوحيد هو يوم الجمعة الكبيرة.
ويخبرنا ترتليان أنَّه من المعتاد السجود في أيام الأصوام وفي صلوات باكر، ولكن يُمتنع عن السجود في أيام القيامة والخمسين المقدسة، أمَّا عن مكان الصلاة، فكل مكان مناسب لتمجيد الخالق، وليس هناك وقت معين، ولكن سيكون نافعاً جداً لنا إذا استطعنا أنْ نجمع أنفسنا في السواعي الهامة: الثالثة والسادسة والتاسعة، ويجب ألاَّ نستقبل ضيفاً أو نودعه دون أنْ نرفع أفكارنا معه إلى الله.
وفى الفصليْن الأخيريْن من الكتاب يمدح الصلاة كذبيحة روحية ويُمجد قوتها وفعاليته
وإذا قارنا هذا العمل بكتاب العلاَّمة أوريجانوس السكندري عن الصلاة، سنلحظ عدم وجود المفاهيم الفلسفية (بعكس أوريجين) واتجاه ترتليان العملي في الكتابة، إذ كان مهتماً بالتدريب الداخلى والخارجي في الصلاة، وكان يخاطب المسيحيين بصفة عامة وليس مجرد مجموعة معيَّنة، وترجع قيمة هذا العمل الثمين ليس فقط لعمق أفكاره، بل وأيضاً لكونه تعبير روحي عن المفهوم المسيحي الحقيقي للحياة.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 5) عن الصبر Concerning Patience (De patientia)

يبدأ الكتاب باعتراف متضع من المؤلف أمام الله أنَّه كان تهور منه ـ إنْ لم يكن عدم حكمة ـ أنْ يتجرأ ويكتب عن الصبر، لأنَّه هو نفسه لم يستطع أنْ يقتنى هذه الفضيلة بعد وأنْ يحيا ما يكتب، لأنَّه إنسان بلا صلاح.. ولكن مناقشة الإنسان للأمور التي لم تُعطى له ستكون نوعاً من التعزية له.
يرى ترتليان أنَّ مثال الصبر ورمزه هو خالقنا الذي يشرق بهاء نوره على الأبرار والأشرار، وقد قدم لنا السيد المسيح أعظم مثال للصبر في تجسده وحياته وآلامه وموته، ووسيلة الإنسان لبلوغ هذا الكمال هي على وجه الخصوص الطاعة، أمَّا عدم الصبر فهو أُم جميع الخطايا والشيطان هو أبوها، وهذه الفضيلة، فضيلة الصبر تنبع من الإيمان وتتبعه لأنَّه هو أيضاً لا يمكن أنْ يوجَد بدونها.
ثم يمدح ترتليان بركات الصبر الذي يقود للتوبة ويخلق المحبة، ويقوى الجسد ويدربه على اقتناء العفة وعلى قبول الاستشهاد بثبات، ونجد الأمثلة البطولية لذلك في العهد القديم والجديد مثل إشعياء النبي واستفانوس أول الشهداء.
ولابد أنَّ ترتليان كتبه ما بين عام 200: 203 م، ويعتبر مصدراً هاماً لمعرفتنا بشخصية المؤلف، وقد استعان به القديس كبريانوس في عمله "عن الصبر الحسن".
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 6) عن التوبة Concerning Repentance (De paenitentia)

يتمتع هذا الكتاب بأهمية فائقة في تاريخ قوانين التوبة في الكنيسة، خاصة وأنَّ المؤلف الأفريقي كتبه قبل انحرافه عن الإيمان المستقيم، وقد وضعه في الغالب نحو عام 203 م، ويتكون من قسميْن:
القسم الأول: التوبة التي يجب أنْ يقدمها الإنسان الموعوظ قبل أنْ ينال نعمة المعمودية.
القسم الثاني: يتحدث عن التوبة الثانية التي بعد المعمودية.
ورغم أنَّ ترتليان يُحذر قُراءه في هذا العمل من التهاون اعتماداً على وجود توبة ثانية، إلاَّ أنَّه يُحذرهم بالمثل من السقوط في هاوية اليأس وقطع الرجاء.
ويشرح ترتليان أنَّ التوبة الثانية لابد أنْ تتبعها مصالحة كنسية، ولتحقيق هذه المصالحة، لابد للخاطئ أنْ يعترف اعترافاً علنياً ويخضع لقوانين توبة، فيجب أنْ تقترن التوبة بالندم والحزن والاتضاع الحقيقي والخضوع والبكاء والنحيب كما أيضاً بالصلوات والميطانيات.
وفى الفصل الأخير يُصور ترتليان العقاب الأبدي الذي لهؤلاء الذين يتهاونون بخلاصهم دون أنْ يُقدموا توبة ثانية.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 7) إلى زوجته To His Wife (Ad uxorem)

كتب ترتليان ما لا يقل عن ثلاثة كتب عن الزواج وتكرار الزيجة، الأول كتبه أيام أنْ كان مستقيم الإيمان، والثاني أيام أنْ كان نصف مونتانى، والثالث بعد أنْ قطع نفسه من الكنيسة المقدسة وسقط في البدعة المونتانية، والكتاب الأول "إلى زوجته" هو أفضل هذه الثلاث، وقد كتبه ما بين عاميّ 200: 206 م.، وهو يتكون من قسميْن، ويتضمن نصائح لزوجته كي تسلك بحسبها بعد نياحته، والتي يتركها في شكل وصية ميراث روحية لها.
ينصح ترتليان زوجته أنْ تظل أرملة وألاَّ تتزوج ثانية لأنَّ هناك أسباب عميقة هامة تؤيد ذلك، بينما لا يوجد أيّ سبب حسن للزيجة الثانية، فالجسد والعالم وشهوة النجاح يجب ألاَّ يدفعوا الإنسان المسيحي إلى الزواج ثانية لأنَّ خادم الله يرتقى فوق هذه الأمور كلها، والروح أقوى من الجسد لذلك يجب أنْ تخضع أمور الأرض لأمور السماء.
وإذا أراد الله لأرملة أنْ تفقد زوجها بنياحته، يجب ألاَّ تحاول هي بزواجها ثانية أنْ تستعيد ما أخذه الله، وهذا الاتحاد ما هو إلاَّ عائق في طريق القداسة (!!).
وبالطبع هذه المحاججات والبراهين ليست مقنعة تماماً، لذلك يناقش المؤلف في القسم الثاني من الكتاب احتمال أنَّ زوجته لا تريد أنْ تحيا وحدها بعد نياحته، وفي هذه الحالة يلتمس منها أنْ تختار إنساناً مسيحياً، لأنَّ زواج المؤمنين من غير المؤمنين أمر خطر على الإيمان وعلى الأخلاق.
وهناك خطر كبير على الإنسانة المسيحية التي تتزوج من أحد الوثنيين، إذ قد تضطر إلى الاشتراك معه في طقوس العبادة الوثنية في أعياد الشياطين، وأعياد الحكام، والسبب وراء هذه الزيجات هو ضعف الإيمان واشتهاء غنى ومسرات هذا العالم، ويقارن ترتليان بين مثل هذه الزيجة، وبين زيجة اثنيْن مسيحييْن متفقيْن في العبادة والصلاة والروح.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 8) حث على العفة Exhortation to Chastity (De exhortatione)

وجَّه ترتليان هذا الكتاب إلى أحد أصدقائه الذي فقد زوجته حديثاً، وإذ ينصحه ترتليان ألاَّ يتزوج ثانية، يتناول مرة أخرى موضوع الزيجة الثانية الذي يرفضه ويعتبره مخالفة لإرادة الله، بل إنَّه يرى أنَّ الزواج الثاني ما هو إلاَّ نوع من الزنا (!!) وهنا يتضح ميله إلى المونتانية، فبينما في كتابه "إلى زوجته" يمدح بركات الزيجة الثانية المسيحية، يبدو أنَّه يندم هنا أنَّه سمح بها وينظر إليها كمجرد زنا، ويستشهد بكتابات مونتانية في هذا العمل الذي يبدو أنَّه كتبه ما بين عاميّ 204: 212 م.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 9) الزيجة الواحدة Monogamy (De monogamia)

هذا العمل هو الثالث في ترتيب الكتب التي وضعها ترتليان عن الزواج، وهو أكثرهم حسناً في الأسلوب وانحرافاً في المضمون، ومن المقدمة يتضح لنا أنَّ ترتليان قد ترك الكنيسة الأرثوذكسية المستقيمة وانضم إلى المونتانيين منحرفي الإيمان، ويرى في هذا الكتاب أيضاً أنَّ الزواج الثاني ما هو إلاَّ نوع من الزنا (!!)، ويعود تاريخ وضع هذا الكتاب إلى نحو عام 217 م.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 10) عن خمار العذارى The Veiling of Virgins (De virginibus velandis)

يُعالج هذا الكتاب موضوعاً كان ترتليان يرى فيه أهمية قصوى، ويتضح من المقدمة أنَّه قد كتب قبلاً باليونانية عن نفس هذا الموضوع.
بعد التحدث عن هذه العادة وتطورها التدريجي، يوضح ترتليان أنَّ التقاليد المعاصرة له التي تحث المرأة أنْ تخفى وجهها في مناسبات عديدة، تنطبق على المتزوجة وغير المتزوجة، دون أنْ يُستثنى أحد من هذه القاعدة، إذ أنَّ الكتاب المقدس والطبيعة والسلوكيات الحسنة جميعها تحث العذراء على تغطية رأسها، وإذا كانت تفعل ذلك خارج الكنيسة فَلِما لا تفعله داخلها؟
وقد كتب ترتليان هذا العمل نحو عام 207 م.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 11) الإكليل The Crown (De corona)

عندما مات الإمبراطور سبتيموس ساويرس Septimius Severus في 4 فبراير عام 211 م.، قرر أبناؤه صرف منحة نقدية لكل جندي في الجيش، وعند توزيع هذه المنحة في إحدى المعسكرات، تقدم الجنود ليستلموها وهم يرتدون أكاليل من الغار، فيما عدا جندي واحد فقط كانت رأسه عارية ويحمل إكليله في يديه، لذلك بدأ الجميع ينظرون إليه باستغراب وكثر الكلام عنه، وبلغ القائد الذي استجوبه في الحال وسأله عن السبب وراء عدم ارتدائه الإكليل مثل زملائه، فأجابه أنَّه لا يستطيع أنْ يرتدى الإكليل مثل باقي الجنود، ولما سأله عن سبب ذلك أجاب "أنا مسيحي" فانتقل الموضع إلى ضابط أعلى ثم إلى الحاكم وفي النهاية تزين هذا الجندي بإكليل الاستشهاد.
وبعد أنْ يسرد ترتليان هذه الواقعة يطرح السؤال "هل يجب ألاَّ يرتدى المسيحيون أكاليل؟" ويكتب مدافعاً عن هذا الجندي موضحاً أنَّ ارتداء الأكاليل لا يتفق مع الإيمان المسيحي، ويقول أنَّها عادة وثنية مرتبطة بعبادة الأوثان، ولم يحدث أنْ ذكر العهد القديم أو الجديد هذه العادة.
وتسود في هذا الكتاب الأفكار المونتانية التي سقط فيها ترتليان، ويرجع تاريخ الكتاب لعام 211 م.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 12) عن الهروب في زمان الاضطهاد Flight in Persecution (De fuga in persecutione)

يطرح ترتليان في هذا الكتاب سؤالاً هاماً: هل يُسمح للمسيحيين أنْ يهربوا في زمان الاضطهاد؟
وتأتى إجابته بالنفي، لأنَّ الهروب يخالف إرادة الله، لأنَّ الاضطهادات تأتى بسماح منه كي يتقوى إيمان المسيحيين، رغم أنَّنا لا نستطيع أنْ ننكر أنَّ للشيطان دوراً فيها.
وإنْ اعترض أحد واستشهد بقول المخلص في (مت 23:10) "وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى"، يجيبه ترتليان موضحاً أنَّ هذا القول يقتصر على الرسل وعلى زمانهم وظروفهم، لكن ليس في الوقت الحالي، وكذلك لا يُسمح لأحد أنْ يهرب من الضيقات والاضطهادات بدفع الأموال، لأنَّ السبب وراء ذلك هو الخوف من الاستشهاد، فافتداء إنسان من الاستشهاد بالمال، وهو نفسه الذي افتداه المسيح المخلص بدمه، هو عمل غير لائق بالله.
وقد أرسل ترتليانوس هذا الكتاب إلى صديقه فابيوس Fabius ويسود في هذا العمل أيضاً فكره المونتاني، لذلك لابد أنَّه كتبه نحو عام 212 م.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 13) عن عبادة الأوثان Concerning Idolatry (De idolalatria)

يتناول ترتليان في هذا الكتاب سؤالاً هاماً: هل يُسمح للمسيحي أنْ يخدم في الجيش؟
ولكنه يخرج من هذه النقطة إلى موضوع آخر، إذ يريد أنْ يحرر المؤمن من كل شيء يربطه بالوثنية، ولا يكتفي بإدانة صانعي وعابدي الصور الوثنية بل يدين أيضاً كل مهنة أو فن لها علاقة بالوثنية، لذلك يرى أنَّ علماء الفلك والتنجيم والرياضيين والمدرسين وأساتذة الأدب، بجانب السحرة ومدربي المصارعين وخلافهم هم جميعاً مرفوضون من الكنيسة.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
* 14) عن الصوم On Fasting

في هذا الكتاب يهاجم ترتليان المونتاني الكنيسة المقدسة في موضوع الصوم.
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
15) عن الاعتدال (De pudicitia) On Modesty

مثل الكتاب السابق، يهاجم ترتليان الكنيسة في هذا العمل، ولكن في موضوع أكثر أهمية وهو سلطان المفاتيح، والذي يحسب المونتانية لا يخص الهيرارخية الكنيسة، بل الروحية أي الرسل والأنبياء (!!).
كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
16) عن العباءة (De pallio) Concernng The Pallium

وهو أصغر أعمال ترتليان ويتكون من 6 فصول فقط، وقد كتبه مدافعاً عن نفسه عندما انتقد بسبب تغير سلوكه في الحياة اليومية، إذ ترك عنه ارتداء العباءة العادية وبدأ يرتدى التوجة toga (وهو ثوب روماني فضفاض).
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2014, 03:15 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

ملامح من فكره



كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
سمى ترتليان مؤسس اللاهوت الغربي وأبو الخريستولوجيا، إلا أن هذه مبالغات لأنه لم يضع أي نظام منهجي إذ كان يفتقر إلى الترتيب المنطقي المنظم لحقائق الإيمان، ورغم أن أي قارئ لكتاباته الدفاعية لا يستطيع أن ينكر قدراته التأملية والجدلية،لكنه لم يكن مهتماً بأن يصل إلى اتفاق بين العقل والإيمان إذ كان يريد أن يؤكد أنه حتى لو كان هناك تناقض ظاهري بين حقائق الفداء وبين العقل، فلن يمنعه ذلك من الإيمان به، وهو هنا يختلف تماماً عن لاهوتي مدرسة الإسكندرية العظماء وخاصة معاصره كلمنضس السكندري.
  1. التقليد
  2. الإكليسيولوجى
  3. الثالوث
  4. الخريستولوجى
  5. المعمودية
  6. الإفخارستيا
  7. الماريولوجي
  8. التوبة
  9. الصلاة الربانية
  10. ذبيحة الصلاة
  11. إلى الشهداء
  12. الصبر
  13. اللاهوت والفلسفة
  14. اللاهوت والقانون
  15. الدوسيتية (الظهوريون)
  16. الغنوصية
  17. مرقيون
  18. فالنتينوس
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2014, 03:16 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

التقليد

يشتمل " التقليد" عند العلامة ترتليان على كل ما اعتادت الكنيسة ممارسته على مدى الأجيال الطويلة، من ممارسات روحية وليتورﭼيات، مثل التغطيس ثلاث مرات في جرن المعمودية، وعدم السجود في أيام الآحاد والخمسين المقدسة، وصلاة القداس الإلهي في الصباح الباكر، ورشم علامة الصليب، فكل ذلك يمكن أن يوصف بأنه "تقاليد"، والتقليد الرسولي الإنجيلي هو الإيمان المسلم من الرسل.

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
لم يضع ترتليان التقليد في مقابلة مع الكتاب المقدس أو في مقارنة معه، بل على العكس أكد على أن التقليد محفوظ في الكتاب المقدس، لأن الرسل كتبوا تعليمهم الشفاهي في الرسائل، لذا كان للكتاب المقدس سلطة ومصدقيه تامة، وكل تعاليمه هي بالضرورة حقيقية وصحيحة، والويل لمن يقبل عقائد ليست موجودة فيه.
ولا يقتصر التقليد الرسولي عند ترتليان على العهد الجديد فقط، فالعهد القديم موجود في العقيدة التي تكرز بها الكنائس، ووجد العلامة الأفريقي -مثل القديس إيريناؤس أسقف ليون- أن أضمن حارس لصحة ومصداقية هذه العقائد هو أن مؤسسي الكنائس هم الآباء الرسل الذين رعوها وخدموها وارتبطت بهم دوماً ككنائس رسولية فيقول: "يسوع المسيح ربنا، بينما كان يعيش على الأرض، أعلن عن ذاته، معلناً مشيئة الآب التي جاء ليتممها ومقاصده التي أكملها من أجل الإنسان.
وقد أعلن هذا كله، إما جهاراً أمام الناس أو لخاصته من التلاميذ الذين اختارهم وأقامهم ليكونوا مكرمين مقربين إليه لقيادة العمل الكرازي في المسكونة كلها،و أولئك الرسل حملوا أولاً شهادة الإيمان بيسوع المسيح في اليهودية وأسسوا الكنائس هناك، ثم خرجوا إلى العالم ليكرزوا وسط الأمم بنفس التعليم ونفس الإيمان،فأسسوا الكنائس في كل مدينة دخلوها، ومن هذه استمدت الكنائس الأخرى أغصان الإيمان وبذار التعليم يوماً فيوماً، فهي ثمار الكنائس الرسولية، وعلى الرغم من تعددها، إلا أنها تمثل الكنيسة الأولى كنيسة الرسل، فهي واحدة ووحدانيتها تظهر في السلام الذي تنعم به الإخوة المتأصلة بين مؤمنيها برابطة الحب الأخوي.
ومن ثم فإن القاعدة التي تأصلت هي أنه منذ أن أرسل ربنا يسوع المسيح الرسل للكرازة لم يعتبر أحد كارزاً إلا الذين عينهم هو.. وكان أساس كرازتهم هو استعلان المسيح لهم، فصارت تعاليمهم ركيزة الإيمان ودعامة الحق لأن الكنائس استلمت من الرسل، والرسل من المسيح، والمسيح من الله الآب.. وإن كنتم تهتمون بأمر خلاصكم، عودوا إلى الكنائس الرسولية حيث الكراسي الرسولية وحيث تقرأ كتابات الرسل المتقنة الأصلية".
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2014, 03:17 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

الإكليسيولوجى



كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
2) الإكليسيولوجى
كان ترتليان أول كتاب مسيحي يستخدم كلمة "أم" في وصف الكنيسة، ويدعوها "أمنا الكنيسة"، وفي موضع أخر، في تفسيره للصلاة الربانية للموعوظين، يحرص على أن يشرح أن كلمة "آب" التي في البداية تتضمن أيضاً نداء للابن، وأنه لابد أن نفهم أن هناك أماً أيضاً.
وفى كتابه عن المعمودية، يخاطب الموعزين قائلاً: "لذلك أيها المباركون الذين تنتظرهم نعمة الله، عندما تخرجون من الحميم المقدس الذي للميلاد الجديد، وفي بيت أمكم للمرة الأولى أرفعوا أياديكم (للصلاة)".
ومن الأهمية أن نعرف أن هذا المفهوم الكنسي استمر في فكر وعقل ترتليان حتى بعد سقوطه في البدعة المونتانية،ففي كتابه عن النفس والذي وضعه ما بين عام 210: 212 م. يحاول أن يشرح كيف أن خلقة حواء من جنب آدم رمزاً لميلاد الكنيسة من جنب الرب المصلوب " كما أن آدم رمزاً لموت المسيح الذي نام نوم الموتى، كي من الجرح الذي في جنبه يمكن بنفس الطريقة (التي خلقت بها حواء) أن تتأسس الكنيسة الأم الحقيقية للحياة".
في كتابه "عن الاعتدال" يدعو الكنيسة "أماً"، أما في كتابه "علاج الهراطقة"، فهي مستودع الإيمان وحارسة الاستعلان، وهى وحدها وريثة الحق وتسجيلاته، وهى وحدها تملك الأسفار الإلهية التي لا يستطيع الهراطقة أن يقرأوها قانونياً ولها وحدها عقيدة الرسل والتتابع الرسولي القانوني منهم، وبالتالي هي وجدها تعلم جوهر رسالتهم، وهذا المفهوم يشبه إلى حد بعيد مفهوم وفكر القديس إيريناؤس أسقف ليون الملقب بأبو التقليد الكنسي.
وفى دفاعه، يصف ترتليان الكنيسة في أيامه فيقول: "أننا ننمى ونغذى إيماننا بالأقوال المقدسة لنثبت رجاءنا ونرسخ ثقتنا، وفي نفس الوقت ننمو النسك والتلمذة، أما رؤساؤنا فهم أولئك الشيوخ الموقرين الذين نالوا كرامتهم لا بشرائها بثمن، بل بخصالهم النبيلة لأنه ليس ثمن يستطيع أن يشترى الأمور المختصة بالله".
أما العطاء فنحن نقدمه طواعية لنصنع رصيداً من الرحمة، لأننا لا ننفق من أموالنا في إقامة الولائم أو حفلات الشرب أو الصخب الغير لائق، لكننا ننفقها من أجل إطعام الفقراء المعوزين الذين ليس لهم من يعولهم والذين تحطمت بهم سفينة حياتهم والكادحين في مناجم أو المنفيين إلى الجزر البعيدة أو الذين في السجون أو المضطهدين من أجل اعترافهم بالإيمان، الذين يتألمون لأنهم من اتباع المسيح، لكن الجميع يشهدون لنا ويشيرون إلينا قائلين "انظروا كم يحبون بعضهم بعض، انظروا كم هم مستعدون أن يمتوا من أجل بعض" لأنهم هم أنفسهم يكرهون بعضهم بعضاً، وهم يستعجبون أننا ننادى بعضنا باليونانية بكلمة "أغابي Agape" أي "محبة".
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2014, 03:18 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

الثالوث

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
3) الثالوث
فى عقيدة الثالوث والخريستولجيا، قدم العلامة ترتليان أعظم إسهاماته لعلم اللاهوت، إذا جاءت بعض صياغاته وتعريفاته دقيقة للغاية لدرجة أنها أدخلت ضمن المصطلحات الكنسية وبأ استخدامها منذ ذاك الحين وكان ترتليان أول من استخدم كلمة "ثالوت Trinitas" في الحديث عن الأقانيم الإلهية الثلاثة، وفي شرحه لعقيدة الثالوث، يتحدث عن ثالوث متحد إلهي: الآب والابن والروح القدس، وفي كتابه ضد براكسيس يقدم لنا أوضح تعبير عن عقيدية في الثالوث القدوس، فيشرح التوافق بين الثليث والتوحيد في اللاهوت مؤكداً على وحدانية الجوهر للأقانيم الثلاثة، فالابن "من جوهر الآب"، والروح القدس هو "من الآب"، وهكذا يقول ترتليان "إنني أؤكد دوماً أن هناك جوهر واحد للثلاثة المتحدين معاً".
وكان ترتليان أيضاً أول من استخدم كلمة "أقنوم Persona" ويقول عن اللوغس أنه "آخر" غير "الآب" بمعنى الأقنوم وليس من حيث الجوهر، لأجل التمايز وليس لأجل الانفصال"،كما يستخدم كلمة " أقنوم" في حديثه عن الروح القدس الذي يسميه "الأقنوم الثالث".
ويرى في قول الله "لنخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا" دليلً على تثليث الأقانيم في الله، ويشرح وكذلك قول الله "ها هو الإنسان قد صار كواحد منا" ويشرح أن الله قال ذلك لأن ابنه وكلمته كان معه وكذلك الأقنوم الثالث أي الروح القدس.
إلا أن ترتليان كان متأثراً بعض الشيء ببدعة التدرجية في الثالوث، ويظن أن الابن ليس أزلياً، كما يعتقد أن الآب هو الجوهر كله أما الابن فهو مجرد فيض منه وجزء من الكل، ودليه على ذلك قول الابن " لأن أبى أعظم منى" (يو 14: 28).
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2014, 03:24 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا

الخريستولوجى

كتاب العلامة ترتليان، من آباء أفريقيا
على الرغم مما يشوب فكر ترتليان عن الثالوث من أخطاء، إلا أنه يمثل تطوراً في صياغة وشرح عقيدة الثالوث، فبعض مصطلحاته مثلية تماماً لمصطلحات مجمع نيقية الذي انعقد بعد ذلك بنحو قرن من الزمان، كما هناك مصطلحات أخرى من لغته حفظها لنا التقليد واستخدمتها مجامع أخرى، وينطق هذا القول بصفة خاصة على فكرة الخريستولوجى والذي نجد فيه كل ما هو مستقيم في فكره اللاهوتي دون أي انحراف، فهو يؤكد انه في تجسد ربنا يسوع المسيح لم يتحول اللاهوتي إلى ناسوت، ولم يحدث امتزاج ولا اختلاط نتج عنه الجوهر جديد من الاثنين، ويشرح العلامة ترتليان أنه إذ كان ربنا يسوع المسيح إلهنا متجسداً، لذلك كانت فيه الخصائص وصفات الكاملة لكل طبيعة، فكان يصنع المعجزات والعجائب وفي الوقت عينه كان يشعر بجميع الشاعر الإنسانية، فجاع في التجربة على الجبل وعطش مع المرأة السامرية وبكى على لعازر وأخيراً مات حقاً، ولكن هذا لا يعنى أن مخلصنا المسيح هو عنصر ثالث ناتج من امتزاج اللاهوت والناسوت معاً.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
العلامة ترتليان - من آباء افريقيا - القمص أثناسيوس فهمي جورج
العلامة ترتليان (ترتليانوس)
كتاباته: الأعمال الدفاعية العلامة ترتليان
سيرة العلامة ترتليان
ترتليان العلامة والاستشهاد


الساعة الآن 08:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024