العظة | الوعظ
رغم أنَّ الوعظ كان شائعًا جدًا في الكنيسة الأولى، إلاَّ أنه لم يكُن مُستخدمًا في الدرجة الأولى من الرهبنة أي الوحدة، على الأقل بطريقة رسمية، لكنه دخل الرهبنة مع تأسيس رهبنة الشَرِكَة، ربما لأنَّ العدد الكبير لإخوة الشَرِكَة كان يتطلّب طريقة مُناسبة للتعليم الجماعي، وقد أمر القديس باخوميوس ”أب الشَرِكَة“ بأن يقوم ”الوُكلاء“ (11) داخل كلّ دير بإلقاء ثلاثة عِظات أسبوعيًا، واحدة يوم السبت واثنين يوم الأحد بجانب عِظتين أُخرتين يُلقيهُما رُؤساء المنازِل يومي الجُمعة والأربعاء، وكانت هذه العِظات شبيهة بتعليم الكنيسة الأولى وعِظاتها، فكان الإخوة يجتمعون حول المُعلِّم، يستمِعون له وهو يشرح الكتاب المُقدس ثم يرجع كلّ واحد إلى قلايته في سكون وصمت ليتأمَّل فيما سمعه وليحفظه عن ظهر قلب (12)، وكان لهذه العِظات سِمة العُمومية أي كانت للجميع، مُتناولة أمورًا عديدة مُتنوعة.
أمَّا عن اسلوب الآباء في الوعظ، فقد حاولوا أن يكون بسيطًا قدر الإمكان حتّى يُمكن للجميع أن يفهموه، وبجانب العِظات الِشفاهية، كان هناك عِظات مكتوبة مأخوذة من كُتُب مُتنوعة، وأيضًا كان يتم تبادُل الرسائِل عندما كان يستحيل التعليم الشِفاهي، فمثلًا كِتاب ”السُّلَم“ ليوحنَّا الدَّرجي هو عبارة عن ”رسالة“ منه إلى سميُّه رئيس دير رايثو الذي سأله أن يكتُب شيئًا لمنفعة رُهبان ديره، ومثال آخر هو كِتاب ”برصنوفيوس إلى يوحنَّا“، وأخيرًا، هناك الألف رسالة التي خطَّها القديس إيسيذروس الفرمي أو البيلوزمي (انظُر كتابنا ”إيسيذروس الفرمي“ ضمن الذي سننشره هنا في موقع الأنبا تكلا من سلسلة آباء الكنيسة - إخثوس ΙΧΘΥΣ حيث تجد دراسة تفصيلية عن هذه الرسائِل) وهي نِتاج روح مُثقفة وقلب مُلتهِب... هذه جميعُها – بجانب أُخريات – أمثلة تُوضح كيف أدرك الرُّهبان أهمية التعليم المكتوب بجانب التعليم الشِفاهي.