مدرسة الأسكندرية
تُعتبر مدرسة الإسكندرية اللاهوتية من أشهر المُؤسسات التعليمية في التُراث المسيحي، ويبدو أنها كانت موجودة في زمان مُبكِر جدًا، وفي مُنتصف القرن الثاني الميلادي صارت مدرسة هامة للغاية للاَّهوت المنهجي، وكان العلاَّمة بنتينوس (180 م.) وكلِمنضُس السكندري وأوريجانوس وديديموس الضَّرير (انظُر كتابنا ”ديديموس الضَّرير“ – الذي سننشره هنا في موقع الأنبا تكلا من سلسلة آباء الكنيسة - إخثوس ΙΧΘΥΣ ) من أشهر الأسماء التي اقترنت بها، وإلى أوريجانوس يرجع الفضل في تطويرها وتحديثها، لكن كلِمنضُس مُعلِّمه هو الذي مهَّد الطريق له، وقد قسَّم أوريجانوس المدرسة إلى قسمين، الأوَّل تحت اشراف هيراكلاس (24)، والثاني للدراسات المُتقدمة وكان يُدرَّس فيه مُستوى مُتقدم في اللاهوت والتفسير والفلسفة والهندسة والرياضيات، كما كان هناك أيضًا مواد أخرى مثل النحو والبلاغة والموسيقى والفَلَكْ (25)، وكان الطُّلاب يستخدمون مكتبة جامعة الأسكندرية والمعروفة باسم ”الميوزيم Museum“.
ولم تكُن مدرسة الإسكندرية هذه -والتي كانت تُعرف باسم ”الديدسكاليون διδaskaleιon أي مدرسة“- مدينة بنجاحها لمُعلميها الأفذاذ المشهورين فقط، بل وأيضًا لمناخ المدينة بجُملتها، والذي كان مناخًا ثقافيًا مُتميزًا، فقد كان الناس يعيشون فيها لأجل الأداب والمعرفة فقط (26)، وأخيرًا لم تكُن مدرسة الإسكندرية مُجرَّد مدرسة، بل كانت تُمثِّل حركة فِكرية لاهوتية ظهرت وبلغت ذروتها في الأسكندرية وتبعت أوريجانوس إلى قيصرية.