رتبة الشهداء ومكانتهم في العبادة الليتورجية القبطية
تتمسَّك كنيستنا أُم الشُهداء، بحق الشهيد في إكليل الشهادة، وترسِمه دائِمًا حول رأس كل شهيد، لأنه إكليل البِّر الذي يهِبُه الرب الديَّان العادِل للذين يُحِبون ظهوره (2تي 4: 6)، ذلك الإكليل الذي شاهده كثيرون عيانًا وهو يُوضع على هامة الشُهداء لحظِة شهادتهم الأخيرة.
وتُكرِّم كنيستنا القبطية الذين شهدوا للمسيح بموتِهِم، تكريمًا عظيمًا، جنبًا إلى جنب في درجِة الرسولية، لذلك يُذكر الشهيد في الطقس الكنسي الليتورچي بعد الرُّسُل الأطهار مباشرةً، وقبل جميع القديسين حتى لو كان هذا الشهيد موعوظًا، فمعمودية الدم تجعله يرقى إلى رُتبة تُماثِل الرُّسُل على اعتبار أنه كارِز بدمه، بل وتُكرِّم الكنيسة الشهيد حتى ولو كان طِفلًا، تضعه في درجة أعلى من القديسين بل والمُعترفين أيضًا.
أمَّا الذين شهدوا ولم تبلُغ شهادتهُم حد سفك الدم، تُلقِّبهُم الكنيسة (بالمُعترفين – أومولوجيتيس)، فهم شُهداء أحياء ازدحم بهم القرن الرَّابِع، فجازوا العذابات والسُّجون، ولكنهم لم يُقدَّموا للموت، لذلك رفعتهُم الكنيسة إلى درجِة الأسقفية بعد انتهاء حُكم دقلديانوس، وظلَّت رُتبة الشُهداء والمُعترفين في الطقس الكنسي أعلى من أي لقب كنسي، حتى أنَّ البابا أثناسيوس الرسولي لقَّبهُ البعض ”بالمُعترِف“ بسبب ما وقع عليه من مِحَن وضيقات، فرتُبة المُعترفين في الكنيسة أعلى من كل رُتبة كهنوتية.
وقد جاء في التقليد الرسولي للقديس هيبوليتيس ما نصه:
”فإذا كان المُعترِف قد جاز السجن والقيود من أجل ”الاسم المُبارك“ فلا ينبغي أن تُوضع عليه اليد حتى ينال الشموسية أو القسوسية بسبب اعترافه، بدون رسامة أو وضع يد“.