منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 05 - 2014, 04:00 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

قوة الاستشهاد وامتداد الكرازة

لقد أصبح الاستشهاد قُوة للعمل الكرازي، وسببًا في نمو الكنيسة وامتدادها، فكان الرب يضُم كل يوم للكنيسة الذين يخلُصون، وصار الاستشهاد بِذار الكنيسة وبُرهان عملي على صِدق إيماننا المسيحي والفضيلة المسيحية التي عاشها هؤلاء الشُهداء الطوباويون، والمُعترِفون المغبُوطون والبواسِل، هؤلاء الشجعان البررة، أرواح الأبرار المُكملين المُتسربلين بالبأس وقوة العزيمة والرجاء... الذين تحمَّلوا الآلام والإهانات بفرح تعجَّب له مُعذِبوهم، وملأوا الساحات بدمائِهِم فاندهش الوُلاة والحكام وآمنوا بالمسيح الذي آمن به هؤلاء المُتسابقون على الفردوس. وما أكثر إقرارات التوبة التلقائية للمُشاهدين، فنحن نعرِف ذلك عن الذي قاد يعقوب ابن زبدي للمُحاكمة، والجندي باسيليدس عند استشهاد بوتامينا وغيرِهِم.
لم يحتملوا هذه الآلام بقوَّتِهِم الخاصة ولا بقُدراتِهِم الجسدانية، بل بعمل وفِعْل روح الله القدوس الذي عمل فيهم وبهم، فصار فضل القوة من الله لا منهم، حتى أنَّ المُعجزات التي تزامنت مع شهادتِهِم صارت سببًا في امتداد الكرازة وإيمان الكثيرين بالمسيح يسوع.
كان الشهداء أقوياء فلم تُثنيهم العذابات عن إيمانهم بل أخذوا من العذابات قوَّة للثبات في المعركة الروحية والسباق نحو المسيح العريس الحقيقي السماوي، مُمتلِئون بالحيوية والشجاعة التي تفوق قُدرِة البشر، مُتوشِحون بأسلحة الإيمان، فكانوا أكثر قوَّة من مُعذبيهم، بالحقيقة عزيز هو الموت الذي يشتري الأبدية مُقابِل الموت، كم كان المسيح فَرِحًا وكم يسُرُّه أن يُحارِب ويغلِب في شخص هؤلاء الشُهداء، لقد كان حاضِرًا بنفسه في تلك الشهادة التي أُثيرت من أجل اسمه.

قوة الاستشهاد وامتداد الكرازة
لقد أعان وقوَّى وثبِّت وبعث الحيوية في نفوس شهدائهُ وأبطاله، حتى أنَّ قوِّة شهادتِهِم ثبِّتِت الذين في الإيمان، وجذبت الذين هم من خارِج، عندما لمسوا وعاينوا قوَّة واقتدار إله المسيحيين، والذي غلب مرة الموت لأجلِنا ما بَرِحَ ينتصِر فينا، ينتصِر في كرازتنا، ينتصِر في جهادنا اليومي وشهادتنا له، ينتصِر في امتداد الكنيسة والتعميق الحادِث في الخدمة والرعاية، فمثال موت الشُهداء يُؤثِر فينا لأنهم أعضاؤنا ولنا معهم شَرِكَة، وعزيمتهم الثابتة تصنع عزيمتنا.
فلا شيء يستطيع أن يحوِّلنا عن إيماننا، لا سيف القاتِل ولا صليب الضيق، ولا أنياب الوحوش الضارية، ولا القيود، ولا النار، ولا العذاب بأي نوع، وبقدر ما يزيدوا في آلامنا بقدر ما يزداد عدد المؤمنين والتلاميذ، هذا ما سجله لنا القديس يوستين الفيلسوف والمُدافِع المسيحي، بعد أن اعترف قائِلًا: ”وإذ رأيتهم جسورين بإزاء الموت فهمت أنه ما كان ذلك ممكنًا قط لو أنهم كانوا قد عاشوا في الرذيلة“.
إنَّ الحبَّة الحقيقية ليس لها ما يسنِدها، لكنها تملُك في داخلها جنين الحياة، بحسب المنطِق البشري لها صورِة الضعف كمن لا سلطان لها، فإستفانوس أول الشهداء، حبَّة الحنطة، يكمُن فيه جنين الحياة، بعمل روح الرب الساكن فيه، فعندما رُجِمت الحبَّة ظهرت رائِحة يسوع في حلاوتها ”يارب لا تقُم لهم هذه الخطية“، فماذا حدث؟ حدث أنَّ الذين تشتتوا من جراء هذه الضيقة جالوا مُبشرين بالكلمة، فنمت الكنيسة وامتدت، ويقول هيبوليتس: ”لقد امتلأ كل العالم دهشة عندما نظر هذه الأعاجيب، وأقبل عدد كبير للإيمان بواسطة الشُهداء، بل وأصبحوا هم بدورِهِم شُهداء“.
ويذكُر التاريخ أنه بقدر ما كانت أعضاء المسيح تتألَّم وتُضطهد ويُفترى عليها، بقدر ما كانت الكنيسة نامية، لأنها تشهد بآلامها أنها كنيسة المسيح المصلوب القائِم من بين الأموات.
وبقدر ما تتحِد الأعضاء المُتألِمة برأسها المُتألِم بقدر ما تصير الكنيسة أمينة وحية وكارِزة بعريسها الذي سفك دمه ليشتريها ”هذه التي اقتنيتها لك بالدم الكريم الذي لمسيحك“.
وبقدر ما يشهد أعضاء الكنيسة للمسيح المصلوب والقائِم من بين الأموات، بقدر ما يقترِب فيها البعيد، ويثبُت فيها القريب، ويخدم فيها الثابِت، فيمتد ملكوت الله ويكون واضحًا في كل الأرض، فالكرَّام يقطع أغصان الكرم المُثمِرة حتى تأتي بثمر أكثر، يُنقيها ويُقلِّمها، وهذا يُصيِّرها أكثر حيوية وأكثر إثمارًا، ولمَّا كان المسيح هو الذي يغلِب وينتصِر في الشُهداء فإنَّ النُّصرة تعود دلالتها وثمارها ليس على الشهيد نفسه فقط بل على الكنيسة كلها، فتنعم بالسلام والأثمار وانحسار قوَّة الشيطان.
لقد تقدَّم المسيح مَلِكنا أمامنا، وانتصر لحسابنا وجعلنا نتحارب مع عدو مهزوم وقد انتزع الغلبة لحسابنا، حتى نقتفي آثاره ونستعين بقُوته ومعونته الإلهية وقُدرته المُطلقة، ومن ثم نُتوج حسب مواعيده الصادِقة غير الكاذِبة... فالمسيح إلهنا صُلِب لكن اسمه لم يُبَد، بل زرع اسمه كالبذور لتجثو له كل ركبة ما في السموات وما على الأرض وما تحت الأرض، ويُعلِن كل لسان أنَّ يسوع المسيح رب وإله وفادي...
والشيطان رئيس هذا العالم، عدو كل خير، يُثير الاضطهادات حول الكنيسة، حتى يقضي على كنيسة المسيح أي يموت جسد المسيح (الكنيسة) – وهكذا تُسفك الدماء المُقدسة لكي تنمو الكنيسة وتزداد... وهو ما نقوله في خِتام قراءِة الإبركسيس (سِفر أعمال الروح القدس) ”لم تَزَل كلمة الرب تنمو وتزداد في هذه البيعة وكل بيعة..“.
وبالرغم من المُقاومات والاضطهادات والمتاعِب والتهديد والوعيد وكل المُضايقات، لم تتحقق مشورة عدونا إبليس، بل انتشرت المسيحية في كل بِقاع العالم، وتبددت الوثنية وتحطمت..
فآلام الكنيسة تؤول إلى الخير، والامتداد إلى ما هو قُدَّام، حتى تُصبِح كنيسة مُرهبة كجيش بألوية طالعة من البرية مُعطرة بالمُر واللُبان (بالآلام) وكل أذرَّة التاجِر.
ويُعلِّمنا القديس أوغسطينوس أسقف هيبو: ”أنَّ الضيقات مُفيدة، كمشرط الجرَّاح الذي هو أفضل من أوقات اليُسر“، وهنا فقط نُدرِك كيف أنَّ الضيق أنشأ في الكنيسة صبرًا وتذكية.
لقد كان صدى الاستشهاد قويًا، من حيث التشجيع وقوة الإيمان وانتشار الكرازة وثبات العقيدة، لأنَّ المسيح هو الذي ينتصِر في الشهيد مُجددًا، شهادة لتدبير الخلاص واستمراريته، لأنَّ شهادِة الشُهداء هي شهادة للمسيح لكونه هو المُتكلِّم والمُتألِّم فيهم، إنها النُّصرة المُحققة الأكيدة على الشيطان الذي يُحارِب كنيسة المسيح (جسده)... فشكرًا لله أبينا الذي أعطانا عزاءًا كامِلًا بالنعمة وحفظ كنيسته فلن تتزعزع إلى الأبد..
ولم يكد القرن الثالث يأتي إلى نهايته، إلاَّ وكانت المسيحية – وبالرغم من كل الاضطهادات والمُحاصرات – قد انتشرت وامتدت على كل المستويات، الأمر الذي أذهل الأباطرة أنفُسهم..
إنها بحق كنيسة مُضطهدة ولكن يغمُرها الفرح، لا عدائية فيها ولكنها لا تذوب في العالم، والمسيحيون في العالم لكنهم لا يحيون بحسب العالم، بل هم مواطنوا السماء، يحبون كل الناس، حتى الذين يضطهدونهم ويتنكرون لهم ويذمونهم.. إنهم يُقتلون، ولكنهم بهذا يربحون الحياة الأبدية، يحيون كمُقيدين في سجن العالم، بيد أنهم هم الذين يصونون العالم بصلواتهم ومحبتهم، يشهدون بنعمة الحياة الإلهية في أعماقهم وكيانهم والتي تُختبر بالآلام وتُمتحن بالضيقات...
لذلك تقول الرسالة إلى ديوجنيتس Diognetus من القرن الأول:
”ألا ترى كيف يُلقى المسيحيون للوحوش الضارية بغية حملُهم على إنكار الرب، ولكنهم بالموت ينتصِرون، ألا ترى أنهم كلما عُوقِبوا كلما ازداد عدد الذين يعتنقون إيمانهم، كل هذه ليست أعمال البشر بل هي معجزة الله وهي دليل ظهوره في الجسد“.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الكرازة ُ ارضاء الله ، الكرازة ُ اسعاد لله
اسمح لي أن أتمنى لك طول العمر وامتداد الحياة
بداية المسيح الدجال وامتداد نفوذه
إبراهيم وامتداد البركة
الإيمان مسيرة نموّ وامتداد


الساعة الآن 07:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024