رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سوزومين المؤرخ Sozomen - Σωζομενός ولد سوزومين ما بين عاميّ 370 م. وعام 380 في شمال غزة بفلسطين، واسمه بالكامل هو سالامينوس هرمياس سوزومين Salaminus Hermias Sozomen، ومن المؤكد انه تعلم على أيدي الرهبان (2)، إذ كان الطابع النسكي هو السائد في هذا الإقليم (نتيجة لتأثير القديس هيلاريون الكبير الملقب بأنطونيوس غزة والشام) وقد تعرف سوزومين على عدد كبير من الآباء الرهبان الذين يذكر أسمائهم، وجميعهم كانوا تلاميذ القديس هيلاريون. لذلك كان يؤكد على أن الحياة النسكية هي الفلسفة الحقيقية، ويعمل على إعلان مجيئه وإخلاصه لمؤسسيها في تأريخه، إذ أراد أن يذكر آباء الرهبنة وقادتها العظماء في الأماكن المختلفة، بل وجعل ذلك سمة لمعالجتها التاريخية لحياة الكنيسة. بيد أنه ليس هناك أي دليل على أنه كان راهبًا، فمع إعجابه بعظمة الرهبنة الروحية، إلا أنه لا يقول أبدا أنه اتبع هذا الدرب المقدس، بل انه ينكر على نفسه حقه أو قدرته على اتباع تلك السيرة الملائكية. وكان الجانب الأعظم من دراسته باللغة اليونانية، والتي كان بارعا فيها، بل انه صار واحدا من أبرع الكتاب في أيامه كما يذكر فوتيوس المؤرخ. ومن معرفته بالأسماء السريانية والأرامية، ونطقه السليم لها، ومعرفته الواسعة بتاريخ الكنيسة السريانية، نستدل على انه كانت له معرفة مثيلة على الأقل بإحدى لهجات تلك اللغة. وتتضح معرفته باللغة السريانية من مقارنته بين أعمال مار آفرام في لغتها الأصلية وبين ترجمتها في اللغة اليونانية، ومن حديثه عن الرهبان السريان (3)، وكذلك استخدامه للوثائق التي كتبها مسيحيو سوريا وفارس خاصة اديسا Edessa، وذلك كي يحفظ تاريخ الكنيسة الفارسية وتاريخ شهدائها الكثيرين (4). أما عن معرفته باللغة اللاتينية، همن الصعب الفصل في هذا الأمر، فمن ناحية، يحتم عليه عمله كمحامى أن يفهم لغة القضاء أي اللاتينية لأن كل الأحكام والقوانين كانت مكتوبة باللغة اللاتينية، ومن الناحية الأخرى، عندما يستشهد بالوثائق اللاتينية، ينقلها عن ترجمات يونانية (5). وكان سوزومين ذا ثقافة عالية ومعرفة ودراية بالفلسفات والكتابات الأدبية غير المسيحية (6). أما عن تعليمه المسيحي، فقد كان يعترف بقانون الإيمان النيقاوي، ويقر بعدم درايته التامة بالأمور اللاهوتية (7)، إذ بعد أن يسرد نص رسالة القديس غريغوريوس النزينزي إلى نكتاريوس Nectarius يقول (8) للقارئ انه لا يستطيع القول أنه يفهم أو يشرح هذه الأمور بسهولة. كذلك نجده يدافع في تاريخه عن القديس يوحنا فم الذهب (9) ضد الاتهامات التي وجهت إليه، مثل تلك التي ذكرها سقراط في تاريخه. تاريخه الكنسي بدأ سوزومين في كتابة تاريخه الكنسي في النصف الثاني من عام 443 م. وانتهى منه تقريبا عام 447 أو 448 م، وقد كتبه ليكون تكملة لتاريخ يوسابيوس القيصري (10). ومن الفصل الأول من تاريخه الكنسي (11)، نعرف أن هذا لم يكن عمله الأول، بل كان وضع قبلا ملخصا لتاريخ الكنيسة منذ صعود المسيح وحتى عام 323 م، ولكن هذا العمل قد فقد. ويتكون "التاريخ الكنسي" لسوزومين من 9 كتب يسبقها إهداء إلى الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني، وهو يقدم قائمة بمحتويات العمل توضح لنا أن نهاية الكتاب الأخير والتي تغطى الأحداث من عام 425: 439 م. قد فقدت، وهي كما يلي: الكتابان الأول والثاني: تاريخ الكنيسة أثناء حكم قسطنطين الكتابان الثالث والرابع: تاريخ الكنيسة أثناء حكم أبناء قسطنطين الكتابان الخامس والسادس: تاريخ الكنيسة أثناء حكم يوليان وجوفيان وفالينتينيان وفالنس الكتابان السابع والثامن: تاريخ الكنيسة أثناء حكم جراتيان وفالينتينيان وحتى هونوريوس الكتاب التاسع: تاريخ الكنيسة أثناء حكم ثيودوسيوس وفى تاريخه، أراد أن يثبت أن العناية الإلهية تقود الكنيسة وترشدها (12)، كما أكد على أن عقيدة الكنيسة الجامعة هي العقيدة الأصلية الحقيقية، ويتحدث عن الأسفار المقدسة بكل وقار واحترام، ويتحدث أن الرمزية هي منهج التفسير (13). ورأى أن قانون الإيمان هو نهائي أي لا يضاف إليه شيء أو ينقض منه شيء، لكنه لم يكتبه ضمن تاريخه خوفًا من أن يطلع عليه غير المعتمدين (14). ونجد في تاريخه دليلا على تكريم أجساد القديسين، وهو يذكر منهم (15): ميخا، حبقوق، زكريا، يوحنا المعمدان، اسطفانوس، الأربعين جنديًا، وهيلاريون الكبير، ولكن أهم البركات الروحية هو صليب المسيح والمسامير التي دقت في يديه فهي كنوز مقدسة روحية تصنع العجائب التي لا تنتهي. والمسيحية عنده هي ديانة مسكونية وهي الوحيدة، ويتتبع انتشارها في شتى الاتجاهات، لذا كان أول مؤرخ بقدم وصفا أشمل للمسيحية في سوريا وفلسطين، ويتحدث عن بعض أبعاد الحياة المسيحية والألم في أديسا، ولكنه لا يتحدث على الإطلاق عن الكنيسة في إفريقيا، ويروى القليل جدا عن الكنيسة في الغرب، وذلك فيما يتعلق بصلتها بالشرق، ويهتم بالحديث عن العمل الكرازي قصة الكنيسة في أيبيريا، أرمنيا، الهند، القوط. وكما ذكرنا سلفًا، كان يوقر الرهبنة كمثال ونموذج وغاية للحياة المسيحية (16)، وكان يرى فيها فلسفة جهاد من أجل نصرة الروح على الجسد ومن أجل اقتناء الكمال، وهي أعظم فلسفة نالها الإنسان من الله وتفوق كل عرفة آخرى، وأعظم وأهم أعمال الرهبنة هو تلمذة النفس وضبطها وعبادة الخالق وتحرير الروح من أمور هذا العالم. ولأن سوزومين كان معاصرًا لسقراط، لذلك كان هناك تشابه بينهما، وهناك صفحات طويلة كاملة تتطابق في العملين أو تختلف فقط في كلمات قليلة، وهكذا يتأكد أن أحدهما كان يعتمد على الآخر، ويؤكد الدارسون أن سوزومين كثيرا ما ينقل نصوص سقراط، رغم أنه لا يذكر ذلك (17). إلا انه استعان بعدد من المصادر بنفسه، وهناك الكثير من الصفحات التي لا نجدها في تاريخ سقراط، لكن توجد فقط في تاريخ سوزومين، مثل الحديث عن اضطهاد المسيحيين في فارس أثناء حكم سابور الثاني Sapor II والذي استقاه بالتأكيد من أعمال شهداء فارس، وقد استعان بمصادر غريبة أكثر من سقراط، ويرى فوتيوس (18) أن أسلوبه أفضل من أسلوب سقراط، رغم أن حسه التاريخي ورؤيته النقدية تبدو أضعف من معاصره، إذ وجد الكثير من الخرافات والأساطير طريقها إلى تاريخه. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ياهو المؤرخ |
ما هو ببغاء اللوري |
المؤرخ فيليب شاف |
المؤرخ سقراط |
المؤرخ سوزومين |