العقيدة أساسها الحق والحب
العقائد -كما رأينا- هي تفسير لخبراتنا مع الله، في المسيح يسوع المصلوب القائم من الأموات. هذه الخبرة لا تتغير مع الأجيال، إذ يبقي يسوع المسيح هو أمس واليوم وإلي الأبد (عب 13: 18). لم يجلس التلاميذ والرسل والأساقفة بعدهم حول مائدة يتفقون فيها علي عقائد جديدة بل بالحري كرزوا بخبرتهم المسيحية. وكما يقول القديس يوحنا: "الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به" (1 يو1:3) - هكذا جاءت كل العقائد المسيحية كمحصلة لخبرة الكنيسة مع المسيح المصلوب القائم من الأموات "الحق"، "الحب" في نفس الوقت. لقد تقبلنا هذه العقائد كحق غير متغير، نمسك به خلال الحب.
الباباوات (الأساقفة) الإسكندريون كلاهوتيين وكرعاة في نفس الوقت تطلعوا إلي العقيدة كتعبير عن الحق الإنجيلي ملتحم بالحب. كانوا غيورين تمامًا في دفاعهم عن الإيمان والعقائد الأرثوذكسية ضد أية هرطقة، ليس فقط في مصر وإنما في كل العالم المسيحي. مقدمين حياتهم ذبائح لحساب الكنيسة. كانوا حازمين تمامًا ومدققين في الإيمان الذي تسلموه (2 تي1: 12، 14)، حتى وصفهم بعض المؤرخين بالعنف، لكنهم بالحقيقة كانوا محبين ولطفاء. كتب القديس كيرلس لنسطور بخبره أنه لن يجد أحدًا يحبه مثله، لكن هذا الحب لن يكون علي حساب الإيمان. لقد كره الهرطقة والخطأ وأحب نفس الهرطوقي واشتاق إلي خلاصها.