رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سفر إشعياء 5: 1 – 6. " ... كانَ لحبيبي كرمٌ في رابية خصيبة نقبهُ ونقَّى حجارتهُ وغرسَ فيه أفضل كرمة. بنى داراً في وسطه وحفرَ فيه معصرة، وانتظرَ أن يُثمرَ عنباً فأثمرَ حصرماً برياً. والآن يقول حبيبي: " يا سكان أورشليم، ويا رجال يهوذا، أحكموا بين كرمي وبيني. أيُّ شيء يُعمل للكرم وما عملتهُ لكرمي ؟ فلماذا أثمرَ حصرماً بريّاً حينَ انتظرت أن يُثمر عنباً ؟ فاعلموا ما أفعلُ بكرمي: أزيلُ سياجهُ فيصيرُ مرعىً، وأهدم جدرانه فتدوسهُ الأقدامُ أجعلهُ بوراً لا يُفلح ولا يُزرع، فيطلع الشوك والعوسج، وأوصي الغيوم أن لا تمطر عليه ". الزرع... الزرع... الزرع !!! قال بطرس الرسول لجماعة المؤمنين الذين كتبَ لهم رسالته الثانية: " لذلكَ سأذكركم بهذه الأمور كلَّ حين، وإن كنتم تعرفونها وتثبتون في الحقيقة التي عندكم. وأرى أنهُ من الحق، ما دمتُ في هذا المسكن الجسدي، أن أثيرَ حماستكم بهذا التذكير، وأنا أعرف أني سأفارق هذا المسكن عمَّا قريب، كما أظهرَ لي ربنا يسوع المسيح، فسأبذلُ جهدي لتتذكروا هذه الأمور كلَّ حين بعدَ رحيلي ". لم يخجل بطرس ولم يتوانَ لحظة واحدة عن تذكير المؤمنين بما عليهم القيام به، وهكذا فعلَ كل الرسل، وهذا ما يجب علينا فعلهُ في أيامنا هذه، ولهذا تقول كلمة الله، أنهُ أقام في وسطنا رسلاً وأنبياء ومبشرين ومعلمين لكي يُهيىء القديسين للخدمة في سبيل بناء جسد المسيح إلى أن نصل كلنا إلى وحدة الإيمان، إلى ملء قامة المسيح (أفسس 4 : 11 – 13). ولو أدركتَ محبة الله غير المشروطة لكل واحد منَّا، لأدركتَ معها أنَّ محبته هذه، هي التي تدفعهُ إلى تنبيهنا تكراراً ومراراً لكي يُنقينا ويبنينا ويُنمينا ويجعلنا مثمرين، فالرب يسوع المسيح قالَ لتلاميذه: " أنتم الآن أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به ". ودائماً يعتمد الرب معنا الأسلوب الأخف وطأة علينا في التنقية وهوَ كلمتهُ الحيَّة الفعَّالة، ويُعيد علينا كلامهُ هذا مراراً وتكراراً لكي نتعظ ونتعلم ونرجع عن طرقنا الردية، حتى لا يضطر في نهاية المطاف إلى رفع مستوى التأديب، وكل ذلكَ لأنهُ يُحبنا ويُريد أن يحمينا من عمل العدو ويُريد أن يحمي زرعنا وثمرنا. وتخايل أنتَ الآن معي إن كان لديكَ أولاداً، وتراهم ينجرفون وراء أمور مؤذية لهم ومؤذية للعائلة وللآخرين، فبالطبع لن توفر وسيلة أو أي شيء تستطيع القيام به من أجلهم لكي تساعدهم وتصلحهم وتردهم عن طرقهم الردية، وكما تقول كلمة الله، أن آباؤنا في الجسد يؤدبوننا لوقت قصير وكما يستحسنون فكم بالحري لأبينا في الروح لننال الحياة !!! قد تقرأ أحياناً مقطعاً من الكتاب المقدس فترى أن الآية نفسها يُرددها الروح القدس عدة مرات، وهذا ليسَ من باب الصدفة، فلهذا دلالة على أن الرب يُركز ويُشدد على موضوع معين نظراً لما يرى من أهمية لهذا الموضوع، ونحنُ نرى هنا أن الرب يُركز عدة مرات وفي مقاطع مختلفة من الكتاب المقدس على موضوع الزرع وطريقة حمايته، ولماذا يتلف هذا الزرع، ولا بدَّ أنَّ للرب قصد خاص من ذلكَ، وأحسست هذه الأيام أن الرب يريد أن يحمي الزرع الذي زرعهُ في كل واحد منَّا عندما ولدنا من جديد والذي يزرعهُ كل يوم وكل وقت ولا سيما ما زرعهُ فينا خلال مؤتمر الكنيسة في برمانا. ولو تأملنا سوياً في هذا الصباح في المقطع الذي اختارهُ لنا الرب من سفر إشعياء، لأدركنا أن الرب يُلقي الضوء مجدداً، لكن من زاوية أخرى على ضرورة حماية الزرع ويُنبهنا من أحد الأسباب التي تؤدي إلى إتلافه. ولو قارنتَ هذا المقطع قبلَ بداية التأمل به، مع المقطع الذي تأملنا به منذ بعض الأسابيع عن مثل الزرع الذي أعطاه الرب لتلاميذه حيثُ نبههم من خطورة طيور السماء والأرض الصخرية والأشواك وهموم الدنيا لأكتشفتَ أن الرب قام بدوره، ليُكمل هنا ويقول أنهُ أعطى حبيبه كرماً في رابية خصيبة، أي أرض طيبة وغرسَ فيها أفضل غرس، وتكمل الكلمة لتؤكد أن الرب عملَ كل شيء يُمكن عملهُ لهذا الكرم، نقبهُ ونقَّاه من الحجارة، ولكنهُ عند وقت ظهور الثمر، أنتجَ هذا الكرم حصرماً بريَّاً بدلاً من أن يُنتج عنباً !!! تعالوا نتعلم معاً وتعالوا نفعل كما أوصانا بولس الرسول " قارنين الروحيات بالروحيات ". الرب يرمي بذارهُ على أرضنا كلَّ يوم وكلَّ وقت، وهوَ لا يتوقف لحظة واحدة، فهذه هيَ طبيعتهُ، إنهُ إله مُحب ومعطاء، وحبهُ غير مشروط ومجاني، سواء كنَّا صالحين أم غير صالحين، وهذا ما تثبتهُ لنا الكلمة عندما تقول أن الأرض قد تكون صخرية أو تعلوها الأشواك أو أنها أرض غير محمية وعرضة لطيور السماء، لكنَّ ذلكَ لم يمنع الرب لحظة واحدة من أن يُلقـــي بذارهُ وهذا مثبَّت في كلمته وليسَ تحليلاً أو استنتاجاً !!! وهذه هيَ النعمة المجانية، فمهما كانت طبيعة أرضنا، ومهما كانت حالتنا الروحية، فنحنُ أبناء نتلقَّى الزرع يومياً من الرب، كما كانت حالة شعب الله عندما كان يتلقَّى المنّ يومياً – جميع الشعب تلقَّى المنّ – المستحق وغير المستحق، فقط لأنهم كانوا شعب الله، ونحنُ أولاد الله وجميعنا يومياً يتلقَّى زرع الله وبوفرة، فالكلمة تقول: " الله الذي يُوفـر للـزارع زرعـاً وخبزاً للقوت، سيوفر لكم زرعكم ويُكثرهُ، ويزيد ثمار جودكم " (2 كور 9 : 10)، إذاً كانَ كل هدفي مما كتبتهُ حتى الآن أن أبرهن لكل واحد، ومن خلال كلمة الله، أنهُ لا مشكل لدى الله في توفير الزرع لنا يومياً وباستمرار، فهوَ إله معطاء يُلقي زرعهُ علينا دائماً وبفيض، لذا أريدك أولاً أن تلغي من فكرك كل كذب من العدو، وتهدم كل حصن بناه هذا العدو ضد صلاح الله وعطائه وجوده وكرمه وكل الوسوسات التي وسوسها إبليس ضد الله وصلاحه ومحبته: " حياتي عقيمة، لا ثمر في حياتي، خدمتي عقيمة، لا فرح، لا سلام، لا طمأنينة، لا راحة، لا بحبوحة مادية، صراعات، قلق، مخاوف، أمراض، مرة في الإرتفاع ومرات عديدة في الإنخفاض و ..... إلى ما هنالك من مشاكل ". لأنَّ الحلَ يبدأ عندما أكتشف المشكلة ! أحبائي: لا مشكلة في الله أبداً، وقد توافقني الرأي فوراً وتقول: كل المؤمنين يعرفون ويقولون ذلكَ، وأنا أجيبك كلنا يقول ذلكَ من شفاهه لكنَّ القلب يُلقي في أغلب الأحيان اللوم على الله، وفي أحسن الأحوال على الآخرين أو على الظروف، لكنهُ لا يُلقي اللوم أبداً على نفسه، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية !!! إذاً إن كانَ كما تقول الكلمة، وكما اختبرَ الكثير مـن أولاد الله ورجالاتـه الناجحين أن الله يوزع بسخاء ويُوفر الزرع دائماً ويُلقي البذار ليل نهار، فأينَ المشكلة إذاَ ؟ تعالوا نرى معاً: يُخبرنا المزمور 65 والذي تأملنا فيه الأسبوع الماضي، أنَّ الله يتعهّد أرضنا ويسقيها ويُغنيها ويملأ سواقيها بالمياه لتخرج غلالها، ثمَّ يروي أتلامها ويسوِّي أخاديدها ويُرسل الأمطار ليطرّيها ويجعلها أرضاً صالحة ويُبارك النبت - وأعيد وأكرر هذه هيَ النعمة المجانية – وأخيراً فهوَ يُلقي فيها الزرع دوماً من كل الأنواع والأشكال الجيدة والصالحة !!! وتخبرنا الكلمة أيضاً من سفر إشعياء المقطع الذي أدرجناه في بداية هذا التأمل، أنَّ الله يغرس في أرضنا أفضل زرع، أفضل كرمة، ولا يترك أي شيء ممكن عملهُ لهذا الزرع إلاَّ ويقوم به، لا بل أكثر من ذلك فهو يُسيِّج حول هذا الكرم ليحميه من كل تخريب !!! أضف على ذلك أنه يمدنا بالرغبة والقوة معاً لصيانة هذا الزرع وهذا الكرم والعمل لحمايتهم وتطويرهم والإعتناء بهم والمحافظة على ثمرهم لكي – وكما يُكمل المزمور 65 - تمتلىء أرضنا خصباً وتلالنا تتزر بالبهجة والمروج تكتسي بالغنم والأودية بالحنطة، وكل ذلك يرمز إلى أنَّ أرضنا عندما تنجح وتنبت الزرع، ستكون أرض جاذبة للنفوس والتي يُرْمَزْ إليها بالغنم والحنطة، فتمتلىء تلالنا ومروجنا بنفوس غالية على قلب الرب بالدرجة الأولى ونكون نحنُ فرحين ومتمتعين ومنتصرين ورابحي نفوس بامتياز !!! وعندمـا يقـول الـرب: " أي شيء يُعمل للكرم وما عملته لكرمي ؟ ". فهوَ بكل تأكيد يعني ما يقول، إنهُ الله !!! لكن كلنا ينسى دورهُ بالعمل، وننسى أنَّ الكلمة أوصتنا بأننا شركاء في العمل مع الله، وأنَّ لكل منَّا دورهُ في هذا العمل، لكل منَّا وزناته التي أعطاه إياها الله للمتاجرة بها لكي تتضاعف، لكن مراراً كثيرة وبسبب عدم أمانتنا أو خطايانا أو استباحتنا أو كسلنا أو تذمّرنا أو ... نفسد الزرع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ونخسر الفرصة التي منحنا إياها الرب لكي نكون مثمرين ومنتجين ونضيّع علينا الدعوة !!! لنأخذ أمثالاً عملية من كلمة الله ومن اختباراتنا اليومية العملية: نوجز قليلاً ما سبقَ وتأملنا به عن موضوع الزرع لكي نرسّخ الفكرة في داخلنا. قد نتلقَّى الزرع من الله وما زالت أرضنا صخرية لأننا لم نقم بالدور المطلوب منَّا بإزالة الصخور والمحافظة على تربتنا لكي تكون جيدة، فتطلع الشمس وتحرق هذا الزرع، وقد نتلقَّى الزرع وما زالت الأشواك تعلو أرضنا فتخنق البذار ونخسر الزرع، وقد نتلقَّى الزرع ولا نحميه ونعتني به فتأتي طيور السماء وتسرقهُ. أمَّا الناحية الثانية التي يلفت الرب انتباهنا إليها اليوم من خلال مقطع إشعياء، فهيَ أنهُ قد نتلقَّى الزرع بعدَ أن يقوم الرب بعمل كل ما يستطيع عملهُ، لكنهُ في الوقت الذي ينتظر الرب أن يرى ثمار زرعه من نفس النوع الذي كانت منهُ البذار يراه قد أثمرَ ثمراً مُغايراً لنوعية هذا الزرع وهذا ما توضحهُ لنا الكلمة، لقد انتظرَ الرب من كرمه أن يُنتج عنباً لأنهُ ألقى فيه بذار العنب، لكنهُ يُفاجىء عندما يرى أن الثمر قد جاءَ حصرماً بريّاً مُخالفاً لنوع البذار !!! الشكل الخارجي مشابه تماماً، فالعنب والحصرم البرّي متشابهين، لكنَّ الأول طعمهُ حلو ولذيذ وفوائدهُ الغذائية قيّمة، لكنَّ الثاني طعمهُ حامض وكريه وفوائدهُ الغذائية مؤذية. يتشابه المؤمنون خارجياً، فلهم من مظهر التقوى ما يُشابه أحدهم الآخر، لكنَّ الداخل مختلف تماماً، نهار الأحد في الكنيسة وفي اللقاءات العامة جميعنا متشابهين، ولا تستطيع أن تميزنا عن بعضنا البعض، لكن في الخفاء يأتي الفرق المدهش والمذهل والذي لا يعرفهُ سوى الله وحدهُ، الذي يرى في الخفاء والذي يفحص القلوب ويختبر الكلي، الذي يفحص الدوافع لنفس العمل والذي يقوم به كثيرين !!! مؤمنون حياتهم في بيوتهم وعملهم ومحيطهم جاذبة ومشابهة لحياة الرب يسوع، مجد الرب عليهم يُرى، قد لا يتكلمون ولكنَّ حياتهم قدوة، تجذب النفوس لأنها ترى فيها شيء مختلف، ومؤمنون حياتهم في بيوتهم وعملهم ومحيطهم مُعيبة وشبيهة بحياة أهل العالم، لا بل مراراً تبدو أكثر سوءاً منهم، ويا ترى من ستجذب حياة كهذه ؟ لأن زرعهم أتلف، لا بل تسمّم وأنتجَ ثمراً مُغايراً لنوعية البذار، لأنهم سمحوا للثعالب الصغيرة أن تتلف كرومهم، سمحوا للعدو أن يدخل من الثغرات التي فتحوها لهُ في سياج الكرم، فقامَ بزرع الزؤان مع القمح، فكبرَ الزؤان وأتلف القمح، كما كبرَ الحصرم البرّي وأتلفَ العنب، لأنهم لم يكتفوا بما صنعَ الله لهم، ولم يسلكوا في طرقه بالتدقيق، ولأنهم عندما رغبوا في الأكثر لم يطلبوه من الرب، بل ذهبوا وراءه من خلال طرق العالم الرديئة، لذلكَ قال الرب: " أيُّ شيء يُعمل للكرم وما عملتهُ لكرمي ؟ ". وهي العبارة نفسها التي قالها الرب لداود النبي بعدما زنى مع بتثبع زوجة أوريا: " ... أنا مسحتكَ ملكاً على بني إسرائيل، وأنقذتكَ من يد شاول، وأعطيتكَ بيتهُ وزوجاته، وجعلتكَ ملكاً على إسرائيل ويهوذا معاً، وإن كانَ ذلكَ قليلاً فأنا أضاعفهُ لكَ. فلماذا احتقرتَ كلامي وارتكبتَ القبيحَ في عينيَّ " (2 صم 12 : 7 – 9)، كما أعطى الرب سليمان العزّ والمُلك والجاه والحكمة، ولو أرادّ أكثر وطلب ذلكَ من الله لأعطاه أيضاً، لكنَّ قلبهُ انحرفَ وطلبَ ملذات العالم ونساء العالم، فأغوت قلبهُ وجرفتهُ ليعبد البعل. أنتجا حصرماً بدلاً من العنب ! لقد أعطانا الله كل شيء، فكلمتهُ تقول أنَّ من وهبنا ابنهُ الوحيد كيف لا يهبنا معهُ كل شيء، وإن طلبنا أكثر، فلا مشكلة في ذلك إن طلبنا من الله ومن خلال طرقه وخطته، لكن مشكلتنا أننا نطلب خارج خطة الله وخارج مشيئته، أو أننا نأخذ منهُ وننفق في ملذاتنا وأهوائنا، ونستخدم مواهبه التي أعطانا لمجد أنفسنا أو ندفنها تحت التراب. يُعطينا الله عملاَ فيُغنينا ويُربحنا، لكنَّ قلوبنا تجمح إلى الربح الأكثر، فنتبع الطرق العالمية، ماذا سيحصل لو غيَّرت قليلاً في جودة المنتوجات ؟ وماذا لو لم أسجل كل مبيعاتي وأرباحي، فأنا أحمي نفسي من ضرائب الدولة المُرهقة ؟ فتدخل الثعالب الصغيرة، ويدخل العدو ويغير نوع الثمر من عنب إلى حصرم برّي وزؤان، يُعطينا الرب زواجاً ناجحاً، لكننا بعدَ حين لا نكتفي، فتشرد عيوننا إلى الخارج، أو إلى الأفلام الخلاعية، مبررين ذلكَ باحتياجاتنا الجسدية الملحة، فيدخل العدو ويغير نوع الثمر من عنب إلى حصرم برّي وزؤان، يُعطينا الرب ذكاء وقدرة للدراسة والتحصيل العلمي، فأتقاعس عن الدرس وأتحول إلى الغش في الإمتحانات، فهيَ أقل تعب وعناء فالكل يفعل ذلكَ، فيدخل العدو ويغير نوع الثمر من عنب إلى حصرم برّي وزؤان، يُعطينا الرب ثمر الروح القدس، لكننا ننتج غضباً واحتداداً وغيرة و...، يُعطينا الرب مواهب الروح القدس، فنستخدمها لمجد أنفسنا وليسَ لمجد اسمه وخدمة أخوتنا في الجسد، أكذب قليلاً، كذبة بيضاء وهيَ لن تؤذي أحداً، أعد ولا أفي بوعودي، أخلّ بالتزاماتي تجاه الله وتجاه الآخرين، وماذا لو دخلنا في موضوع دوافع كل ما نقوم به ؟ فالعمل الذي نقوم به مشابه لغيره، كذلكَ الحصرم البري مشابه للعنب، لكنَّ الداخل مختلف !!! قد أستطيع أن أسجل لائحة كبيرة، لكنني لن أضيف، تاركاً لكل واحد منَّا أن يفحص قلبه ودوافعه وسلوكه وأمانته، إن كان في بيته أو عمله أو محيطه أو مع الرب ومع المواهب التي أعطاه إياها ليستخدمها لمجد اسمه، وتاركاً للروح القدس أن يساعد كل واحد منَّا لكي يكتشف أين انحرفت به الطريق وما هيَ الثعالب الصغيرة التي دخلت كرمهُ وبدأت بإفساده، لقد تواضع داود أمام الله حينَ قالَ لهُ: " اختبرنـي يـا الله واعرف قلبي، واعرف همّي، أنظر إن كانَ في مسلكي اعوجاج واهدني في طريقك على الدوام " (مز 139 : 23 – 24)، قال داود ذلكَ لأنهُ سبقَ وعرفَ أنهُ لا يستطيع أن يُخفي شيئاً عن الله، فلو تأملتَ بكامل المزمور 139، لأدركتَ ذلكَ تماماً، لأنكَ قد تستطيع أن تخفي عن أقرب المقربين منكَ، لكن ليسَ عن الله !!! أحبائي: امتياز كبير لنا أن يكون الله قد اختارنا لكي نكون شركاء في العمل معهُ، لكن مع كل امتياز تأتي المسؤولية ودفع الثمن والقيام بالمطلوب منَّا، لأنَّ من أعطيَ كثيراَ يُطلب منهُ الكثير، ولهذا نبهنا الرب أن نحسب حساب النفقة، ولهذا قالَ الرب أنهُ هناكَ أراضي صخرية وأراضي تعلوها الأشواك وأراضي تنتج حصرماً بريّاً وزؤاناً بدلاً من العنب والقمح، وهناكَ أراضي تنتج ثلاثين وستين ومئة !!! وكل هذا عائد لكل واحد منَّا، فمن يصون زرعهُ ويحفظ أرضهُ بحالة جيدة دائماً سينتج قمحاً وعنباً وبكميات كبيرة، ومن لا يصون زرعهُ ويحفظ أرضهُ بحالة جيدة سينتج حصرماً بريّاً وزؤاناً، والنار ستمتحن كل شيء، فالتبن والخشب والقش سيحترقون، أمَّا الذهب والفضة والأحجار الكريمة ستبقى، وعلى كل واحد منَّا الإختيار. والمخيف في كلمة الله كما كتبها إشعياء، أنه في نهاية المطاف، وبعد كل تعاملات الله، من وعظ وتنبيه وتأديب وعمل كل ما بوسعه أن يعملهُ من أجلنا، بقيَ هذا الكرم يُنتج حصرماً بريّاً وزؤاناً، فقد ترى أن الله قد يزيل السياج ويهدم الجدار فيصبح كرمنا مرعىً، فيطلع فيه الشوك والعوسج !! إبليس يُدرك تماماً أن الله وضع سياجاً حول أرض كل واحد منَّا، وهوَ لا يقدر أن يتخطاه، لأنك تسمعهُ معي يقـول لله عندمـا حاججــه في موضوع أيوب: " أما سيجتَ حولهُ وحولَ بيته وحولَ كل شيء لهُ من كل جهة ؟ " (أيوب 1 : 10)، نعم إنه يرى سياج الكرم ولا يستطيع أن يتخطاه، إلاَّ عندما يُزاح هذا السياج، نعم الله يزيل السياج، يُزيل الحماية، لكن لسبب واحد: هوَ أنتَ وأنا، قلبه ومحبته ونعمتهُ يرفضون ذلكَ، لكننا أحياناً نرغمهُ، فلننتبه إلى ذلكَ بعناية ودقة، لأننا نحصد ما نزرعه، إنها الكلمة !! واليوم إن كانت حياتك تكتنفها المشاكل من أي نوع كانت، فأنا أدعوك أن تلقي نظرة على السياج، فإن رأيته بدأَ يُزال أو قد ثقبته الثغرات، إركض إلى الرب وأساله لماذا ؟ ودعهُ يُرشدك لإصلاح الأمور قبل أن ينهار السياج. إذاً لا مشكلة في الزرع، لا نوعاً ولا كمَّاً، فالرب يُلقيه باستمرار ويوفره بنوعية ممتازة، كما أنه يتعهد الأرض وسقايتها وملء سواقيها بالمياه، وتهيئتها لتخرج الغلال، فيروي أتلامها ويسوي أخاديدها ويُطريها بالمطر، ويعمل كل ما يُمكن عملهُ، ثمَّ يمدنا بالرغبة والقوة لكي نعتني بزرعنا وبأرضنا، لكي نثمر كثيراً، وينتظر أن يرى القمح والعنب. وهنا تأتي مسؤوليتنا بأن نتجاوب مع عمل نعمته الغنية، وننتج العنب والقمح. ولكل واحد منَّا فقط يعود القرار: عنب وقمح أم حصرم وزؤان ؟ في إشعياء 5 مثل قدمتهُ لنا الكلمة عن كرم زرعَ الله فيه بذاراً جيدة، وعملَ لهُ كل ما يُمكن عملهُ، فأنتجَ حصرماً بريّاً، فسقطَ سياجهُ وجدارهُ وأصبحَ مرعى لوحوش الغابة فعلاه الشوك والعوسج !!! وفي إنجيل مرقس 4 مثل آخر قدمتهُ لنا كلمة الله أيضاً، عن رجل صالح يبذر الزرع في حقله وينام في الليل، ويقوم في النهار، والزرع ينبت وينمو وهوَ لا يعرف كيف كانَ ذلك. فأيهما تختار ؟ واعلم أن الله وكل نعمته وكل قوته يريدانك ويمدانك بالرغبة والقوة لكي تختار الأرض الطيبة والمثمرة لأنهُ إله كل نعمة صالحة، يحب أولاده، ويريدهم ناجحين، لذا تجاوب مع دعوته وانتج العنب والقمح واقتلع الحصرم والزؤان. |
|