رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قال الله لإبراهيم: " ... إذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك، إلى الأرض التي أُريك، فأجعلك أمّة عظيمة، وأباركك وأعظّم اسمك وتكون بركة. وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه، وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض " (تكوين 12 : 1 – 3). عام جديد نبدأ فيه.. وأشعر أن الروح القدس يريد من بدايته أن يقودنا إلى نمط جديد في السير معه.. يريدنا أن نكون بركة للآخرين.. بركة لكثيرين.. قال الله لإبراهيم: أخرج.. من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك.. وهو اليوم يقول لكل واحد منّا، في بداية هذا العام: أخرج من الأرض التي تعودت العيش فيها، أخرج من مشاكلك وعاداتك وتقاليدك القديمة.. أخرج من الأرض المحصور فيها، إلى الأرض التي أريك أياها.. أخرج إلى العيش والعمل من أجل أن تبارك الآخرين.. لأنك لو تأملت قليلاً في يومياتك وحياتك، فلن تتأخر أبداً في اكتشاف الحقيقة التالية: كل شيء متمحور حول ذاتك " الأنا "، والقليل القليل يطال الآخرين !!! طلباتنا وصلواتنا وانشغالاتنا كلها متمحورة حول ذواتنا.. وحتى لو كانت هذه الانشغالات روحية، تراها متحمورة حول ذواتنا بغالبيتها حتى لا أقول كلّها.. أريد أن أتبارك.. أريد أن أفرح.. أريد أن أتحرّر.. أريد أن أنمو.. أريد أن تزداد خدمتي وثمرها.. وأريد.. وأريد... والطلبات كلّها تتلخّص في عبارة: ماذا عنّي أنا؟ ودون أن ننتبه، ننسى الدور الأساسي الذي أوكلنا به الرب.. أن نكون بركة للآخرين. لأنّه قال لإبراهيم: وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض.. نعم جميعها.. وهذا هو قصد الله الذي أحاول لفت النظر إليه بتدقيق منذ بداية هذا العام.. يقول سفر الأمثال: " ببركة المستقيمين تعلو المدينة وبفم الأشرار تُهدم " (أمثال 11 : 11). " البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطيئة " (أمثال 14 : 34). ينبغي على كل مؤمن أن يعي دوره، وأهمية وجوده ضمن عائلته وضمن مجتمعه وضمن وطنه.. ينبغي أن ندرك أنّه بسببنا يبارك الرب عائلاتنا ومدننا وبلداننا، كما أنّ البرّ الذي لنا في المسيح، يرفع شأن الأمّة التي نحيا فيها.. ولعلّ ما دوّنه لنا الكتاب المقدس في سفر التكوين، عندما أجاب الرب إبراهيم قائلاً: " ... لا أهلك (المكان) من أجل العشرة (أبرار) " (تكوين 18 : 32). لهوَ أكبر دليل على أهمية الدور الذي ينبغي أن نلعبه.. وكل هذه الأمور لن تحصل إن لم نعي دورنا ونقوم به، ونطلب من الرب أن يحقق وعوده لنا في هذا المجال، ونعمل دوماً لنبارك جميع قبائل الأرض.. وفي العهد الجديد أكّد لنا الرب ضرورة قيامنا بهذا الدور.. أن نبارك الآخرين.. لا بل عاش كل حياته على هذه الأرض من أجل ذلك، وطلب منّا أن نحتذي به: " إشفوا مرضى. طهّروا برصاً. أقيموا موتى. أخرجوا شياطين. مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا " (متى 10 : 8). لقد منحنا الرب الخلاص مجاناً على حساب دمه الثمين، وأغدق علينا بكل بركاته مجاناً، وما يطلبه منّا هو أن نبارك الآخرين بالبركة التي أغدقها علينا. " لأنّ ابن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخْدُم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين " (مرقس 10 : 45). كلام واضح.. لم يأتِ الرب لكي يُخدَم بل كان الخادم العظيم، الذي عاش حياته لكي يشفي ويحرر ويبارك ويخلّص.. ومات باذلاً نفسه من أجل الخطاة.. وترك لنا هذا النمط من الحياة لكي نعيشه. وبولس الرسول الذي اقتدى بالرب، وكلنا نعرف من خلال صفحات الكتاب المقدس، نمط الحياة التي عاشها، يقول لنا في سفر الأعمال: " في كل شيء أريتكم أنّه هكذا ينبغي أنكم تتعبون وتعضّدون الضعفاء، متذكرين كلمات الرب يسوع أنه قال: مغبوطٌ هو العطاء أكثر من الأخذ " (أعمال 20 : 35). نعم.. مغبوطٌ العطاء أكثر من الأخد.. مغبوطٌ أن نبارك الآخرين أكثر مما نطلب البركة لأنفسنا.. هذه هي الدعوة المسيحية أو المسيحية العملية التي طلب الرب أن نحياها.. أحبائي: أمرين هامين أريد لفت النظر إليهما اليوم في هذا المجال: 1- إنّ أحد الأهداف الأساسية لحرب إبليس ضد المؤمنين، هو أن يمنعنا بما يتاح له من طرق، من مباركة الغير، إن كان لجهة ربح النفوس للملكوت، أو لجهة جعل المؤمنين يعيشون حياة النصرة والبركة التي أعدّها الرب لهم. لقد خَسِرنا الشيطان عندما قبلنا خلاص الرب وانتقلنا من مملكته إلى ملكوت الله، ولكنه سيحاربنا بكل قواه لكي يمنعنا بالدرجة الأولى أن نسلب منه النفوس الضائعة ونأتي بها إلى ملكوت الله، وبالدرجة الثانية سيحاربنا لكي يمنعنا من أن نساعد المؤمنين ونقودهم لكي يعيشوا حياة النصرة بالرب، وأجدى سلاح يستخدمه في هذا المجال هو أن يجعلنا منشغلين بذواتنا، ومتمحورين حولها، لكي يمنعنا من إنقاذ الآخرين ومباركتهم. 2- الأمر الثاني، هو خدعة يقع فيها أغلب المؤمنين، وهي أنه ينبغي علينا أولاً أن ننمو ونتنقّى ونتدرّب، ويصبح لدينا الخبرة، لكي نستطيع بعدها أن نخدم الآخرين ونباركهم. ما أدهى هذه الخدعة، لأننا أيها الأحباء سنبقى طيلة الحياة على هذه الأرض ننمو ونتغيّر، وإن انتظرنا النمو الكامل الذي نرجوه جميعنا لكي نخدم الآخرين ونباركهم، دعوني أؤكد لكم أننا سنترك هذه الأرض قبل أن نبارك أحد.. فعندما طلب الرب من تلاميذه أن يُطعموا الجموع المحتشدة، أجابوه قائلين: " ليس عندنا ههنا إلاّ خمسة أرغفة وسمكتان ". رأوا أنّ إمكانيتهم ضعيفة وغير كافية لخدمة ومباركة الآخرين، كما نرى نحن أنفسنا اليوم في أغلب الأحيان، لكنه قال لهم: " إيتوني بها إلى هنا. فأمر الجموع أن يتكئوا على العشب، ثمّ أخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر وأعطى الأرغفة للتلاميذ، والتلاميذ للجموع، فأكل الجميع وشبعوا، ثمّ رفعوا مـا فضل من الكسر اثنتي عشر قفة مملوءة " (متى 14 : 17 – 20). مهما كانت إمكانياتك قليلة، ومهما كانت الإحتياجات كبيرة، لا تنتظر لكي تُصبح لديك الإمكانيات اللازمة وفقاً لمنظورك البشري، لأنها قد لا تصبح يوماً، بل تعال بما لديك وضعه في يدي الرب، وسوف يستخدمك لكي تُشبع جموع كبيرة وتباركها، فقط ليكن لديك من الآن وصاعداً موقف القلب هذا: أريد أن أكون بركة لكثيرين.. لكل قبائل الأرض، ودع الرب يكمل العمل معك.. ولا تؤجّل أبداً. لكن ماذا عنّي أنا؟ أليس من حقّي أن أتبارك أيضاً؟ بالطبع وبكل تأكيد.. وهذا وعد الرب لكل واحد منّا.. لأنّه قال: أباركك.. وتكون بركة.. الرب هو من سيباركك، لكن وفقاً لطريقته هو، والتي أشير إليها اليوم، فلا تخف أن تفقد البركة لنفسك، فستحصل عليها بكل تأكيد.. لكن ما يطلبه منّا الروح القدس اليوم، هو أن لا نحتفظ بهذه البركة لذواتنا فقط، بل أن نتاجر بها، فنبارك الآخرين، وبالمقابل ستزداد البركة لنا أضعاف.. فصاحبي الوزنتين والخمس وزنات، ازدادت وزناتهم عندما تاجروا بها، فباركوا آخرين وتباركوا هم أيضاً، أكثر من صاحب الوزنة الذي طمرها ولم يبارك أحد بها، فخسرها وخسر كل شيء.. وفقد البركة نهائياً.. تقول كلمة الله: " ... باركوا، فترثوا البركة، لأنّه لهذا دعاكم الله " (بطرس الأولى 3 : 9). هذا هو مبدأ الله.. فلنلتزم به لكي نتبارك ونبارك !!! يريدنا الرب أن نكون نبع مياه وليس بئراً.. فالبئر يحتفظ في المياه بداخله، والتي لا تلبث بأن تتعفّن وتنتن رائحتها، أمّا النبع المتدفّق الذي تصل مياهه إلى الجميع، تبقى مياهه دائماً عذبة، يستقبل النبع المياه من مطر السماء ولا يحتفظ بها، بل يتدفق بها إلى الجميع.. هكذا يريدنا الرب أن نكون.. عندما تكلم الرب مع شعبه عن الصوم الذي يريده قال لهم: " أليسَ هذا صوماً أختاره، حلّ قيود الشر، فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحراراً وقطع كل نير، أليس أن تكسر للجائع خبزك وأن تُدخل المساكين التائهين إلى بيتك، إذا رأيت عرياناً أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك، حينئذٍ ينفجر مثل الصبح نورك، وتنبت صحتك سريعاً، ويسير برّك أمامك، ومجد الرب يجمع ساقتك. حينئذٍ تدعو فيجيب الرب، تستغيث فيقول هانذا، إن نزعت من وسطك النير والإيماء بالإصبع وكلام الإثم، وانفقت نفسك للجائع وأشبعت النفس الذليلة، يُشرق في الظلمة نورك، ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر، ويقودك الرب على الدوام ويُشبع في الجدوب نفسك وينشط عظامك، فتصير كجنةٍ ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه، ومنك تُبنى الخرب القديمة، تُقيم أساسات دور فدور، فيسمّونك مرمّم الثغرة، مرجع المسالك للسكنى " (إشعياء 58 : 6 – 12). كلام واضح.. أباركك وتكون بركة.. تُبارك الآخرين فترث البركة.. وعود عظيمة في هذا المقطع.. فلا تخف أن تحيا من أجل الآخرين، وخدمتهم ومباركتهم.. لأنّه من خلال ذلك ستتبارك أضعاف مضاعفة.. أحبائي: لنتجاوب مع رسالة الرب لنا منذ مطلع هذا العام، ولنضع أمام أعيننا أن نكون بركة للآخرين لأنّه لهذا دُعينا، لنغيّر نمط حياتنا الذي اعتدنا عليه لسنين طويلة ربّما، لنخرج من أرضنا ومن عشيرتنا ومن بيت أبينا إلى الأرض التي يرينا إياها الرب اليوم، لكي يجعلنا أمّة عظيمة، ويباركنا ويعظّم العمل معنا، فنكون بركة لكثيرين، وسوف نشهد بكل تأكيد أمانة الرب معنا، وبركاته الكثيرة علينا، سوف نرى حياتنا قد تغيّرت، سوف يزول كل عقم منها، وسوف نتمتّع بفرح العطاء المغبوط أكثر من الأخذ، وسنتمتّع بفرح المكافآت التي سيغدقها الرب علينا.. للرب كل المجد. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
(سفر اعمال الرسل 8:1 )وتكونون لي شهودا |
وتكونون لى شهودا |
«وتكونون لي شهوداً |
وتكونون لى شهود |
وتكونون لي شهودا |