![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من هم العمالقة؟ إنهم أعداء الطريق ما بين أرض مصر وأرض الموعد.. إنهم أعداء الطريق ما بين أرض العبودية القاسية وأرض الحرية والراحة.. إنهم الأعداء الأشدّاء.. غير الرحومين.. الذين يريدون أن يمنعوك من الوصول إلى أرض راحتك التي أعدّها الرب لك.. إنهم الأعداء الذين يهجمون عليك في ضعفك وتعبك لكي يقضوا عليك إلى التمام.. إنهم رمز للأمور الصعبة جدًّا في حياتك.. إنهم رمز للأرواح الشريرة التي تريدك أن تبقى مقيّدًا.. ضعيفًا.. حزينًا.. فاشلاً.. مكتئبًا.. محتاجًا.. مديونًا.. مجروحًا.. غير مثمر... ويمكنك أن تضيف لائحة طويلة مشابهة.. قال الرب لموسى: " أُذكر ما فعله بك عماليق في الطريق عند خروجك من مصر، كيف لاقاك في الطريق وقطع من مؤخرك كل المستضعفين وراءك، وأنت كليل ومتعب ولم يخف الله " (تثنية 25 : 17 - 18). هكذا تقول كلمة الرب عن العمالقة.. عندما تبدأ الخروج من أرض مصر.. أي العبودية، سيلاقيك عماليق في الطريق، وبسبب قساوته وضخامته، وبسبب ضعفك وتعبك، سيخيفك ويجعلك ترتعب وتتراجع وتبقى أسيرًا له، هذا إن لم يقضي عليك. قصة شهيرة دوّنها لنا سفر العدد، وأغلبنا يعرفها، لكن تعال لكي نتأمل بها معًا ونرى ماذا سيعلمنا الروح القدس منها: عند الاقتراب من حدود أرض الموعد.. أرض الراحة، أرسل موسى الجواسيس الإثني عشر، لكي يتجسّسوا الأرض، واحد من كل سبط من أسباط الشعب.. عشرة من الجواسيس كانت ردة فعلهم التالية: " ... لا نقدر أن نصعد إلى الشعب لأنهم أشدّ منا. فأشاعوا مذمّة الأرض التي تجسّسوها في بني إسرائيل قائلين: الأرض التي مررنا فيها لنتجسّسها هي أرض تأكل سكّانها، وجميع الشعب الذي رأينا فيها أناس طوال القامة، وقد رأينا هناك الجبابرة بني عناق من الجبابرة. فكنّا في أعيننا كالجراد وهكذا كنّا في أعينهم " (عدد 13 : 31 – 33). رأوا العمالقة.. من دون الرب.. وهنا تكمن الخطورة. رأوا بني عناق جبابرة، ورأوا أنفسهم كالجراد.. رؤية بالعين المجرّدة.. رؤية تحذف الرب من المشهد.. تحذف الرب من المواجهة.. وما أصعب وأخطر هذه المواقف.. لكن.. كان هناك شخصين مختلفين بينهم، وهما كالب ويشوع اللذين قالا: " لكن كالب أنصتَ الشعب إلى موسى وقال: إننا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها... الأرض التي مررنا فيها لنتجسّسها، الأرض جيّدة جدًّا جدًّا، إن سُرَّ بنا الرب يدخلنا إلى هذه الأرض ويعطينا إياها أرضًا تفيض لبنًا وعسلاً، إنّما لا تتمرّدوا على الرب ولا تخافوا من شعب الأرض، لأنّهم خبزنا، قد زال عنهم ظلّهم والرب معنا، لا تخافوهم ". (عدد 13 : 30، 14 : 7 – 9). مقارنات شيّقة ومعبّرة: الجواسيس العشرة: لا نقدر أن نصعد إلى الشعب لأنهم أشدّ منا. كالب ويشوع: إننا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها. الجواسيس العشرة: أرض تأكل سكّانها. كالب ويشوع: الأرض جيّدة جدًّا جدًّا. الجواسيس العشرة: أناس طوال القامة، فكنّا في أعيننا كالجراد وهكذا كنّا في أعينهم. كالب ويشوع: ولا تخافوا من شعب الأرض، لأنّهم خبزنا. لماذا قال كالب ويشوع ذلك الكلام؟ هل كانا أقوى من العمالقة أو أطول منهم؟ لماذا كان كالب ويشوع مختلفين؟ السر يكمن في هذا الكلام: إن سُرَّ بنا الرب يدخلنا إلى هذه الأرض ويعطينا إياها... قد زال عنهم ظلّهم والرب معنا. الرب معنا.. الرب يدخلنا إلى هذه الأرض.. نعم.. لقد رأوا العمالقة.. لكن من خلال الرب.. فوجدوا أعداءهم خبزًا لهم.. بينما لا تجد أي ذكر للرب في كلام الجواسيس العشرة.. رأوا العمالقة من دون الرب فارتعبوا وخافوا.. وهذا أمر طبيعي. قال داود: " لو لم يكن الرب معنا عندما قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء، عندما احتدم غضبهم علينا ولجرفتنا المياه، ولطما السيل علينا، ولطغت المياه العاتية على أنفسنا، مبارك الرب الذي لم يجعلنا فريسة لأسنان أعدائنا نجت نفوسنا كالعصفور من فخ الصيادين: انكسر الفخ ونجونا، عوننا باسم الرب صانع السموات والأرض " (مزمور 124 : 2 – 8). لم يُنكر داود خطورة الأعداء وقوتهم بل كان يُدرك أنه لو لم يكن الرب معه لكان أعداؤه قد ابتلعوه، ولكانت المياه قد جرفته، لكنه نظر إلى هذه المخاطر من خلال الرب، لم يرها من دون الرب، ولذلك نجح وانتصر.. فهل صادف داود عمالقة في حياته؟ ليس عملاق فحسب بل عملاق العمالقة طوله نحو ثلاثة أمتار.. عملاق أرعب ملكًا وجيشًا بكامله: " ولمّا سمع شاول وجميع إسرائيل كلام الفلسطيني هذا (جليات العملاق) ارتاعوا وخافوا جدًّا " (صموئيل الأول 17 : 11). ملك وشعب يرى العملاق من دون الرب.. والنتيجة الحتمية رعب وخوف. أمّا داود فقال لشاول: " قتل عبدك الأسد والدب جميعًا، وهذا الفلسطيني الأغلف يكون كواحد منهما لأنّه قد عيّر صفوف الله الحي، وقال داود: الرب الذي أنقذني من يد الأسد ومن يد الدب، هو ينقذني من يد هذا الفلسطيني... " (صموئيل الأول 17 : 36 - 37). دائمًا الرب في المواجهة مع داود.. يرى العملاق.. يرى حجمه.. يرى خطورته.. يرى نفسه كم كان صغيرًا أمامه.. لكنه يرى الرب الذي أنقذه من الأسد والدب.. لا بل مكّنه من قتلهما.. فيتشجع وينتصر.. وألبس شاول الملك ثيابه لداود، وأعطاه سيفه ودرعه.. لكن داود لم يستطع السير بتلك الثياب والسيف.. كان يُدرك أن الاتكال على هذه الأمور.. الاتكال على الإمكانيات البشرية لا يمكنها هزم العمالقة والجبابرة.. لأنها لو كانت قادرة لما خاف الملك والجيش بكامله من ذلك العملاق.. رفض أن يواجه العملاق من دون الرب ومن خلال الاتكال على قدراته البشرية. " فقال داود للفلسطيني أنتَ تأتي إليّ بسيف وبرمح وبترس. وأنا آتي إليك باسم رب الجنود... هذا اليوم يحبسك الرب في يدي فأقتلك وأقطع رأسك... وتعلم هذه الجماعة كلّها أنّه ليس بسيف ولا برمح يخلّص الرب، لأنّ الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا ". (صموئيل الأول 17 : 45 - 47). ومن خلال هذا الكلام أراد داود أن يُسمع الملك والجماعة كلّها.. أن الرب لا يُخلّص من خلال السيف والرمح.. بل من خلال الاتكال عليه.. لا خلاص من أي عملاق يواجه حياتك.. أو يقطع عليك الطريق بين أرض العبودية وأرض الحرية.. من خلال قدراتك الذاتية، بل من خلال الرب وحده.. فلا تواجه عماليق من دون الرب.. لأنك سترتعب وستفشل حتمًا، وستعود إلى أرض العبودية كما تمنّى الشعب الذي كان مع موسى.. عماليق سيبقى يُحاربك ما دمت حيًّا.. لا تنسى ذلك أبدًا.. فليس هناك أي وعد من الرب بأننا لن نتعرّض للحروب والضيقات.. لكن ليس هذا المهم.. إنّما المهم: هل ترى عماليق دون الرب كما فعل الجواسيس العشرة، وكما فعل شاول وكل الجيش؟ أم تراه من خلال الرب كما فعل كالب ويشوع وداود؟ ثق بأنَّ الرب يقف إلى جانبك ويريد أن يمحي ذكر عماليق من حياتك في كل مرة يواجهك فيها: " وأتى عماليق وحارب (شعب الله) في رفيديم، فقال موسى ليشوع: ٱنتخب لنا رجالاً وٱخرج حارب عماليق، وغدًا أقف أنا على رأس التلَّة وعصا الله في يدي، ففعلَ يشوع كما قال لهُ موسى ليُحارب عماليق، وأمَّا موسى وهرون وحور، فصعدوا على رأس التلَّة، وكان إذا رفعَ موسى يده، أنَّ (شعب الله) يغلب، وإذا خفض يدهُ، أنَّ عماليق يغلب... فهزم يشوع عماليق وقومه بحد السيف، فقال الرب لموسى: ... فإنِّي سوف أمحو ذكر عماليق من تحت السماء... قائلاً: لأنَّ يدًا ٱرتفعت ضد عرش الرب، فإنَّ الرب سيُحارب العمالقة جيلاً بعدَ جيل " (خروج 17 : 8 – 16). تقول الكلمة الحرب مع عماليق ستستمر من جيل إلى جيل.. ولكل جيل عمالقته.. لكن لننتبه الى دقة الوحي: " فإنّ الرب سيحارب العمالقة جيلاً بعد جيل ". الحرب مع عماليق هي للرب.. وليست لك أبدًا.. لأنّه لو تركتها لك ستنهزم حتماً. وهذا ما قاله داود عندما واجه العملاق جليات: " لأنّ الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا ". أحبائي: نحن نعيش في بلد يكثر فيه العمالقة، إن كان في السياسة أو الاقتصاد أو الفساد أو الإباحية... أضف الحروب التي مرت علينا وما سفك فيها من دماء.. ضغوطات وحروب يومية.. تشعر بأن الأجواء دائمًا ملبّدة.. هذا على الصعيد العام.. وعلى الصعيد الشخصي كم من العمالقة يعترضون حياتك أو يتسلّطون عليها.. لكل منّا عماليقه: قيود قاسية.. خطايا صعبة.. هم وخوف وقلق.. فشل.. حزن.. اكتئاب.. إحباط.. أمراض.. ديون.. فتور في العلاقة مع الرب.. لا يوجد ثمر في خدمتك.. تحاول أن تفرح ولكنك لا تستطيع.. لا يوجد متعة في حياتك.. تشعر وكأن حياتك لا معنى لها.. معنوياتك منخفضة... إلخ. هذا هو عماليق.. الذي وكما تقول الكلمة يقطع عليك الطريق بين أرض العبودية هذه، وأرض الراحة والحرية التي يريد الرب أن يوصلك إليها.. فإذا كنت ترى هذه الأمور كجبال لا تتزحزح، بالرغم من أنك حاولت الكثير سابقًا، فأنت تنظر إليها من دون الرب، وتتكل على إمكانياتك البشرية للتخلّص منها، أي أنك أخرجت الرب من المشهد.. من المواجهة.. والنتيجة ستكون فشل ذريع بكل تأكيد.. أمّا الحل وبعدما تأملنا في هذا الكلام، أن تكون ككالب ويشوع وداود.. أي أن تُدخل الرب مجدّدًا إلى المشهد.. إلى المواجهة، ولا تنسى ما قرأته أن الحرب للرب، وأن حرب عماليق هي مع الرب، وهو وعدنا أنه سيمحو ذكرهم من حياتنا بعد كل مواجهة.. لذا إنزع عنك ثياب شاول وسيفه ودرعه، إنزع من قلبك خوف وتذمّر الجواسيس العشرة. جدّد ذهنك بكلمة الرب التي قالها كالب ويشوع وداود، تمسك بمراحم الرب ومحبته وقوته، واحتمِ به وتحت جناحيه، واسمعه معي في هذا اليوم يقول لك: الحرب لي، قف وانظر خلاصي. هذا ليس مجرّد كلام نظري لا يُطبّق على أرض الواقع، بل هذه كلمة الله الحيّة والفعّالة والأمضى من كل سيف ذي حدّين، وإن آمنت بمعونة الروح القدس، فلن ينجح أي عملاق بقطع الطريق عليك ومنعك من الوصول إلى أرض الراحة التي أعدّها الرب لك.. تخلّى عن كل اختبارات فشل الماضي، واعطِ الرب فرصة جديدة ليصنع معك عجبًا. وأخيراً.. أشعر في داخلي أن كثر بيننا سئموا من الأوضاع الصعبة التي يعانون منها، وسئموا من المحاولات المتكرّرة للخروج من هذه الأوضاع دون جدوى، وهم يعتقدون أن حل أمورهم الصعبة والمعقّدة، والخروج من هذه الدوّامة يحتاج إلى أمر آخر، إلى طريقة جديدة لم يسبق أن حصل مثلها، إلى عمل معيّن رسموا له إطار في خيالهم، وهم ينتظرون شيء ما يحصل ويُبدّل كل هذه الظروف.. أحبائي: كلمة الرب ثابتة.. لا تتغيّر على مر السنين، لا تتأثر بالموضة والتطور والتقدم العلمي.. لأنها كلمة الله الحيّة الباقية إلى نهاية هذا العالم.. وهي وحدها مرجعيتنا الصادقة والسليمة التي يُمكن الركون إليها.. إن أعطيتها سلطان على حياتك، وطلبت من الروح القدس أن يجعلها حياة وليس حرف يقتل، ووثقت بها من جديد، متخليًا عن كل أوهام أخرى، وألقيت شبكتك على أساسها كما فعل بطرس، ستحيا الحياة الرائعة التي أعدّها الرب لك دافعًا ثمنها دمه الثمين.. له وحده كل المجد. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
زوجان من العمالقة |
ممر العمالقة وساحله |
لقاء العمالقة |
العمالقة |
شعب العَماليق | العمالقة |