أنتِ جميلة يا حبيبتي كتِرصة. حسنة كأورشليم. مُرهِبة كجيشٍ بألوية. حوِّلي عنّي عينيك فإنهما قد غلبتاني. شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد
" أنتي جميلة يا حبيبتي كتِرصّة. حسنة كأورشليم. مُرهِبه كجيش بألوية. حوّلي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني. شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد" (6: 4، 5) إذ أعلنت العروس عن علاقة اتحادها بعريسها، وشهدت أنه بداخلها في جنته وتطلب إلى بنات أورشليم أن يكفوا عن البحث عنه في الخارج، يمتدحها العريس مستخدمًا بعض العبارات السابقة الواردة في (نش 4)، مع الكشف عن أعماق جمالها. إن العريس يرى عروسه " جميلة كتِرصة " وكلمة ترصة في العبرية تعني " انشراح وبهجه". وهناك رأيان في كلمة "ترصة". ترصة هذه هي أصغر بنات صلُفحاد بن حافر الخمسة (عدد 26: 33). هؤلاء البنات مات أبوهن وليس لهن أخ. فوقفن أمام موسى والعازار الكاهن وأمام الرؤساء وكل جماعة إسرائيل لدى باب خيمة الاجتماع وطلبن أن يرثن أبوهن مع أخوة أبيهن. فأعطاهن الرب هذا الحق وصار ذلك فريضة قضاء (عدد 27: 1-11) ونلن أيضًا نصيبهن عند تقسيم الأرض على يد يشوع بن نون (يش 17: 3-6).. إن تشبيه العروس بترصة كأصغر البنات اللواتي طالبن بحقهن أمام موسى ويشوع، وصدور الأمر من قبل الرب أن يأخذن نصيبًا وميراث.. إن هذا يعبّر عن جمال النفس المتحدة بالمسيح – إنها دالة بغير خوف تطلب نصيبها وميراثها – وليس هذا النصيب والميراث سوى الرب نفسه " نصيبي هو الرب قالت نفسي من أجل ذلك أرجوه".
وربما قُصد بترصة المدينة الجميلة جدًا التي كانت أصلًا للكنعانيين واستولى عليها يشوع بن نون (يش 12: 24) وقدمها لأسباط بني إسرائيل. وقد صارت عاصمة لمملكة إسرائيل (العشرة أسباط) نحو خمسين سنة (1 مل 14: 17، 15: 21، 33، 16: 6، 23) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا) حتى بنيت مدينة السامرة. أما سر جمالها فهي أنها كانت قبلًا أممية عابدة للأوثان وانتقلت إلى ملكية الرب بواسطة يشوع الذي يرمز ليسوع!! ويراها العريس "حسنة كأورشليم " وأورشليم مدينة الملك التي فيها الهيكل والعبادة – أي صارت تمثل الأقداس السماوية التي يسكن فيها الله.. هذا الجمال والحسن قد امتزج بالقوة، إذ هي " مرهبة كجيش بألوية " أي جيش منظم.. مرهبة أمام الأعداء، لأن الرب الذي يغلب في وسطها يحميه.. إنها كجيش سماوي يحمل ألوية (أعلام) الغلبة والنصرة. لا تعرف الهزيمة ولا اليأس، بل روح الغلبة والقوة. فالإنسان بدون المسيح لا يساوي شيء لكن مع الله فهو مرهوب من الشياطين. والشياطين تفزع منه.. فقد ورد بكتاب السنكسار cuna[arion قصة "كبريانوس ويوستينة" ويقال إن كبريانوس كان ساحرًا وبرع جدًا في سحره. حتى أنه ترك بلدته ليعرض علمه فذهب إلى مدينة أنطاكية وكان هناك شاب غني وقع في حب فتاة كان يراها وهي ذاهبة للكنيسة وكانت ذا جمال. فذهب الشاب إلى كبريانوس وعرض عليه فأبدى كبريانوس أنه سيحضرها له. ثم بدأ يعمل بسحره ولكن الشياطين لم يستطيعوا أن يأتوا به.. وبعد إلحاح كبريانوس أحضروها إليه وحالما قال " أهلًا يوستينة العزيزة " تبدد المنظر كدخان. فتعجب كبريانوس وحينما سأل الشياطين قالوا إنهم لا يقووا على الاقتراب منها إذ هي تصلي دائمًا. وكان هذا سبب في إيمان كبريانوس. وصار له شأن في الكنيسة. + قيل عن القديس تادرس المصري أنه لما كان جالسًا في قلايته في الإسقيط, أتاه شيطان محاولا الدخول فربطه خارج القلاية. ووافاه شيطان آخر محاولا دخول القلاية كذلك فربطه أيضا خارج القلاية. فجاء شيطان ثالث ولما وجد زميليه مربوطين قال لهما "ما بالكما واقفين هكذا خارج القلاية؟" فقالا له "بداخل القلاية من هو واقف ليمنعنا من الدخول". فغضب الشيطان الثالث وحاول اقتحام القلاية. ولكن الشيخ ربطه كذلك بقيود صلاته خارج القلاية. فضجت الشياطين من صلوات الشيخ, وطلبت إليه أن يطلق سراحها. حينئذ قال لهم "امضوا واخزوا". فمضوا بخزي عظيم. + كان قس القلالي قد أعطى نعمة من الله أن يرى الأرواح النجسة عيانًا. وكانوا يرهبونه. وذات يوم وهو ذاهب إلى الكنيسة, رأى جماعة من الشياطين خارج قلاية أخ في مناظر مختلفة بما يدل أنهم فرحون بمن هو داخل القلاية.. فتنهد القس وقال إنه بلا شك يوجد داخل هذه القلاية راهب في أتون نار بسبب هذه الشياطين المحيطة بقلايته.. وبعد انتهاء الصلاة في الكنيسة قرع على قلاية ذلك الأخ وتظاهر أمامه أنه تعبان جدا من الشياطين وطلب إليه أن يصنع كل يوم صلاة لأجله.. وبالكاد قبل ذلك. وقف الأخ يصلى من أجل الشيخ القس وكان ينوح ويضرب المطانيات إذ كيف يتجاسر ويصلى عن القديسين. وفي السبت الثالث أثناء مرور القس وجد الشياطين أمام قلاية الأخ غير قادرين على دخولها. فعلم أنه في حالة أفضل فقرع باب القلاية ودخل ورأى النعمة بادية عليه.. خرج الشيخ وكان يبارك الله. وأقام الأخ أسبوعا آخر وعند مجيئه إلى قلاية الأخ وثبت عليه الشياطين ومزقوا ثيابه وقالوا له "أما يكفيك أن قلايتك لا نستطيع العبور عليها, حتى ولا جيرانك, وأخ واحد لنا في هذه الجماعة جعلته عدوا لنا ويتعدى علينا النهار والليل, وقد احرقنا شرار صلاته.. وفتح الأخ وكانت النعمة بادية عليه فشكر الله من أجله. (عن كتاب بستان الرهبان). والمعنى أن المسيحى يحمل مع جمال الوادعة والرقة, القوة والشجاعة.. هو جميل في هدوئه الداخلى, جبار في جهاده ضد الخطية حتى الدم. "حوِّلي عنى عينيك فإنهما قد غلبتاني" ما معنى العينين؟ الدموع, والحب. الله يغلب من حنانه- دموع المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي- ودموع بطرس الذي خرج إلى خارج وبكى بكاء مرا!! ولعل من أعظم الأمثلة آخاب الملك الشرير الذي قال فيه الكتاب "لم يكن كآخاب الذي باع نفسه لعمل الشر في عيني الرب, الذي أغوته إيزابل امرأته, ورجس جدا بذهابه وراء الأصنام" (1مل21: 25, 26).. إذ سمع كلام الرب ضده بفم إيليا النبي شق ثيابه وجعل مسحا على جسده واضجع بالمسح ومشي بالسكوت. فلم يحتمل الرب هذا المنظر بل قال لإيليا "هل رأيت كيف اتضع آخاب أمامي. فمن أجل أنه قد اتضع أمامي لا أجلب الشر في أيامه" (1مل21: 29).