إذن كيف أعرف مشيئة الله؟ إن مشيئة الله، حينما تتضح لنا من خلال الصلاة المتوترة التي تلح على روح الله، والتسليم الصادق لمشيئة الله عن ثقة واقتناع، والتفكير الهادئ الرزين، والحوار البناء مع آخرين... تحمل معها علامات معينة: 1- السلام الداخلى: إذ يحس الإنسان بصفاء نفسي وسلام داخلي نحو القرار الذي اتخذه، مع ضمير مستريح انه ترك للرب أن يحدد ما يختاره بحكم عمله الواسع وحنانه الدافق وقدرته اللانهائية. 2- موافقة الكتاب المقدس: إذ يستحيل أن يتعارض الاختيار الإلهي مع وصايا الكتاب، فما كان العمل المعثر والذي يسبب نكوصا على الإعقاب ليس من الله، وشريكة الحياة البعيدة عن المسيح ليست من الله، والقرار المادي الذي تفوح منه رائحة الطمع أو استخدام وسائل غير مشروعة ليس من الله... وهكذا. 3- سير الظروف: إذ يتحرك الإنسان تحت حمى مظلة الصلاة، تاركا للرب أن يتدخل بالصورة التي يراها، بحيث تسود مشيئته كل مشيئة. حينئذ سوف يتدخل الله قطعا، إما إيجابًا أو سلبًا أو تأجيلًا... وسوف يكون الإنسان في قمة الراحة لأي اختيار الهي من هذه الثلاثة، "لان شهوة قلبه مختارة أفضل من الذهب والحجر الكثير الثمن، وأحلى من العسل والشهد. عبدك يحفظها، وفي حفظها ثواب عظيم" (مز19: 10). وهكذا يتحرك الإنسان في الطريق دون توتر، ودون شهوة ذاتية أو مشيئة خاصة، وصرخة قلبه المستمرة: "لتكن مشيئتك" (مت6: 10). من حقه أن يطلب، حسب وصية الرب: "اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا" (مت7: 7) "لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله" (في4: 6)، ولكنه يسلم كل شيء لله، تاركا له تحديد المسار، والنتيجة النهائية: "لتكن لا إرادتي بل إرادتي" (مت22: 42). وقديما قال الآباء: "سوف يأتي وقت فيه نشكر الله على الصلوات غير المستجابة أكثر من الصلوات المستجابة". ونحن كثيرا ما نطلب دون أن نأخذ لأننا حسب تعبير الرسول "نطلب رديًا لكي نتفق في لذاتنا" (يع4: 3). فلنطلب أولًا ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لنا "(مت6: 33). فليعطنا الرب القلب المرتبط به، والحياة السالكة فيه، والأذن الواعية لصوته، لنتعرف على مشيئته المقدسة، ونصنعها بفرح قائلين: "طعامي أن اعمل مشيئة الذي أرسلني واتمم عمله" (يو4: 34). ولا شك أن مشيئته "صالحة ومرضية وكاملة" (رو12: 2). والآن أتركك يا أخي الشاب لتراجع ما قلناه، وإذ تقف متحيرًا: ماذا افعل؟ تسمع الصوت الإلهي: "سر أمامي وكن كاملًا، أجرك كثير جدًا" (تك15: 1)، (تك17: 1) الرب مع روحك..