![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المقطع الأول: سفر اللاويين 10 : 1 – 2. " وأخذَ كلٌ من ناداب وأبيهو، ابني هرون، مجمرته وجعلَ فيها ناراً ووضعَ عليها بخوراً، وقرّبَ أمام الرب ناراً غير مقدسة لم يأمرهما بها. فخرجت نارٌ من عند الرب وأكلتهما، فماتا أمام الرب ". المقطع الثاني: سفر العدد 16 : 1 – 35. " وأخذَ قورح بن بصهار بن قهات بن لاوي، وداثان وأبيرام ابنا ألياب، وأون بنُ فالت من بني رأوبين يقاومون موسى، هم وأناس من بني إسرائيل وعددهم مئتان وخمسون من رؤساء الجماعة الأجلاَّء الأعضاء في المجمع. واجتمعوا على موسى وهرون وقالوا لهما: " كفاكما، فالجماعة كلهم مكرسون للرب، والرب فيما بينهم، فما بالكما تتكبران على جماعة الرب ؟ " ... وقالَ موسى لقورح وكل جماعته: ... خذوا لكم مجامر واجعلوا فيها ناراً، والقوا فيها بخوراً أمام الرب غداً، فمن يختار الرب يكون هوَ المكرس له ... ثم قالَ موسى لقورح: " اسمعوا يا بني لاوي ! أقليلٌ عندكم أن إله إسرائيل فرزكم من بين إسرائيل وقربكم إليه، لتخدموا مسكن الرب وتقفوا أمام الجماعة تخدمونهم ؟ قرَّبكَ الرب إليه مع سائر أخوتك بني لاوي، والآن تطلب الكهانة أيضاً ؟ ... فأخذَ كلُّ واحدٍ مجمرته ووضعوا فيها ناراً وألقوا بخوراً... فما إن فرغَ موسى من كلامه هذا حتى أنشقت الأرض التي تحت داثان وأبيرام، وفتحت الأرض فاها فابتلعتهم هم وعيالهم وكل جماعة قورح وما يملكون، فهبطوا هم وكلُّ ما كان لهم أحياءً إلى عالم الأموات... وخرجت نارٌ من عند الرب، فأكلت المئتين والخمسينَ رجلاً الذين قربوا البخور ". المقطع الثالث: إنجيل لوقا 18 : 9 – 14. " ... فوقفَ الفريسي يصلي في نفسه فيقول: شكراً لكَ يا الله، فما أنا مثلُ سائر الناس الطامعين الظالمين الزناة، ولا مثلُ هذا العشار ! فأنا أصوم في الأسبوع مرتين، أوفي عُشر دخلي كله. وأمَّا العشار، فوقفَ بعيداً لا يجرؤ أن يرفع عينيه نحوَ السماء، بل كان يدق على صدره ويقول: ارحمني يا الله، أنا الخاطىء ! أقولُ لكم هذا العشار، لا ذاكَ الفريسي، نزلَ إلى بيته مقبولاً عندَ الله ... ". لو قرأتَ العهد القديم والوصايا والتوجيهات وطُرق العبادة بكافة تفاصيلها لأدركتَ أن الرب وضعَ قوانيناً وتعليمات واضحة للعلاقة معهُ ولعبادته بالطريقة الصحيحة، ولو تأملتَ بمعاني ومغازي هذه التعليمات والوصايا لأدركتَ أيضاً أنها بمجملها كانت لخير الشعب، ولأدركتَ أيضاً أنها بمجملها تدور حول تقديم ذبائح يتم سفك دمها، حتى من خلالها يستطيع رئيس الكهنة الذي اختاره الله، وليسَ أي شخص آخر التقدم من الله حاملاً خطايا ومعاصي الشعب للتكفير عنها أمام الرب، أو التقدم منه لتقديم البخور ضمن تعليمات محددة وبأوقات محددة وفقاً لطريقة أوصاه الرب بها، لأن رئيس الكهنة كان يُدرك تماماً أنه يتقدم من الله وقداسته مغطى بالدم الذي يرمز إلى دم المسيح، ولا يتقدم مستنداً على موقعه أو استحقاقه. هذا في العهد القديم، لكن ماذا عن العهد الجديد الذي نعيش حالياً تحت ظله، فهل تغيرت الأمور ؟ بالطبع لا، أقله في معناها الجوهري، فالذبائح لم تعد قائمة لأن الله لم يرضَ بذبائح الحيوانات لكنه اختارَ أن يقدم إبنه الوحيد يسوع المسيح ذبيحة وكفارة عن كل البشرية، وبهِ نستطيع أن ندخل إلى محضر الله غير خائفين كخطاة من ضعفنا وبشريتنا وخطايانا وسقطاتنا، كما أن الكملة تقول أن يسوع المسيح هو رئيس كهنتنا الذي دخلَ بدمه مرة واحدة إلى قدس الأقداس الحقيقي وأصبح لنا شفيعاً دائماً، وشقَّ حجاب الهيكل ليفتح لنا الطريق بدمه فقط إلى السماء إلى محضر الآب، حيث أصبح لدينا ملء الثقة أن ندخل ونقف أمام الآب بجرأة وبدالة البنين ونطلب منهُ ما نريد. لنتأمل معاً ما يريد أن يعلمنا إياه الروح القدس في هذا الصباح في موضوع " النار الغريبة ". كما قرأنا فالله وضعَ طريقة محددة ودقيقة لعبادته وخطة واضحة المعالم للتقدم منهُ وأقامَ رئيس كهنة لهُ وعلمه كيف يدخل إلى محضره وعلم الشعب كيف يتقدمون منهُ وكيف يرفعون صلواتهم وطلباتهم، ولكن كالعادة وكما في العهد القديم كذلك في العهد الجديد ولغاية مجيء الرب يسوع المسيح الثاني، فالأنا البشرية والخطط البشرية ستبقى تتصدر اهتماماتنا. نبدأ من " ناداب وأبيهو " اللذين وبالرغم من معرفتهما بوصايا وتعليمات الله - فهُما ابني هرون - تقدما من الرب حاملين كلٌ منهما مجمرة وبخور غير مقدس، لم يأمرهما الرب به، وقدماه أمامه، كاسرين وصايا وتعليمات الرب، فالكلمة تقول " ناراً غير مقدسة " فخرجت نار من عند الرب وأكلتهما !!! وليسَ من تفسير لهذه الحادثة إلاَّ واحد فقط، رفضا الطريقة التي أوصى بها الرب، وقررا أن يتقدما منه بطريقتهما الخاصة، ربما متكلين على استحقاقهما الشخصي وليسَ على أساس خطة الله، فرُفِضا وعوقبا حتى الموت !!! بعيداً عن الخطة أيضاً تقدم قايين من الرب بثمار الأرض التي أنتجتها يديه، صنعه الشخصي، رأى أنه مستحق أن يتقدم من الله بمجهوده الشخصي ومن خلال ما أنتج وحصَّل هوَ، فرُفِضَ أيضاً، لكن الرب قَبِلَ تقدمة هابيل التي كانت من أبكار الغنم والتي ترمز إلى الذبيحة، أي إلى الدم، إلى استحقاق آخر وليسَ إلى استحقاقه هوَ، وكلنا يعرف أن ذبائح العهد القديم من بدايتها وحتى نهايتها كانت ترمز إلى الذبيحة الحقيقية إلى الرب يسوع المسيح، نعم كانت ترمز إلى استحقاق آخر من خلاله أتقدم إلى الله وإلى محضره المقدس. ونكمل مع قصة عصيان قورح وداثان وأبيرام وجماعة المئتين والخمسين من أتباعهم الذين تصفهم الكلمة بـ: " رؤساء الجماعة والأجلاَّء الأعضاء في المجمع " والذين اجتمعوا على موسى وهرون وقالوا لهما: " كفاكما فالجماعة كلهم مكرسون للرب، والرب فيما بينهم، فما بالكما تتكبران على جماعة الرب ؟ ". وكما فعلَ ناداب وأبيهو، قرروا هم أيضاً أن يكسروا قوانين الله ويقدموا بخوراً أمامه خلافاً لما أوصاهم به، فالكل كما قالوا مكرسون والكل مستحقون أن يدخلوا باستحقاقهم هذا أمام محضر الله، أليسوا جميعهم رؤساء وأجلاَّء ؟ وماذا كانت النتيجة ؟ رفـض، فعقـاب، فأنشقـاق للأرض وابتـلاع للجماعة كلها وهم أحياء !!! وماذا عن هرون ومريم شقيق وشقيقة موسى أي الأقرب إليه ؟ " أموسى وحده كلمه الرب ؟ أما كلمنا نحنُ أيضاً ؟ " (عدد 12 : 2). والنتيجة أيضاً رفض، فعقاب !!! خطيئة جامعة لكل الشخصيات التي تأملنا عنها " نار غريبة ". وماذا أيضاً ؟ " لماذا لا أستحق أنا أن أتقدم من الله متكلاً على : مركزي وموقعي كجماعة قورح، فهم رؤساء الجماعة وأجلاّئها وأعضاء في المجمع ؟ وهرون ومريم أشقاء القائد الأعلى للشعب " موسى "، ولماذا لا أستطيع أن أتقدم من الله بمجهودي وأنتاجي الشخصي وأفكاري وطرقي، كقايين وثمر الأرض الذي أنتجهُ، وناداب وأبيهو والجماعة الأخرى كلها ؟ لأنها كلها " نار غريبة " لم يأمر بها الرب. وهنا قد يتبادر إلى ذهنك اسئلة كثيرة ولكن أهمها قد يكون قولك هل يكرهنا الرب ؟ أفلا نستطيع أن نتقدم منه مستندين على أعمالنا وخططنا وثمرنا التي قمنا بها كلها من أجله هوَ ؟ لماذا ينبغي أن نتقدم منهُ من خلال استحقاق آخر ؟ بكل محبة أقول لكَ أنه لو روادتكَ هذه الأسئلة والأفكار فهذا خطير للغاية !!! لكن في الوقت نفسه هو البداية الصحيحة للحرية وللحلّ لهذه المشكلة الخطيرة، فكلنا نقع في هذا الخطأ، فتشجع ولا تخف، لكنَّ الخطورة هيَ أن تخفي هذه الأفكار وتكبتها ولا تعترف بها، أمّا الحلَ الصحيح أن تأتي بها أمام الرب معترفاً بها كما هيَ، دون أي نقصان لكي يشفيكَ ويحررك منها ويرمي المجامر والنار الغريبة بعيداً، ويُعطيكَ المجمرة الوحيدة الحقيقية التي اشتعلت واحترقت من أجلك أنتَ وحدك وهي " يسوع المسيح " والتي من خلالها وحدها فقط تستطيع أن تقدم بخوراً مرضياً ومقدساً أمام الآب السماوي !!! ونعود ونظراً لأهمية الموضوع ونسأل، ألا تستحق أعمالي الصالحة وصلواتي وتضحياتي وخدمتي وزياراتي للمحتاجين والمرضى والسجناء، كذلكَ أصوامي وأسهاري وكدّي وتعبي، وربما مخاطرتي بحياتي من أجل الرب أن أتقدم من خلالها من الله ؟ أقول لكَ أن الكلمة تقول: " أفضل أعمال برنا كثوب عدة ". (إشعياء 64 : 5). وما هوَ ثوب العدة ؟ إنه الثوب الذي يلبسه الميكانيكي الذي يصلح السيارات، فهل تأملتَ به ولو لمرة واحدة ؟ ستجدهُ أسود اللون بسبب الشحوم والأوساخ التي تغطيه، هذه هيَ أفضل أعمال برنا فماذا عن الأعمال الأخرى ؟ ونأتي إلى العهد الجديد والقصة المشهورة " الفريسي والعشار ". الفريسي تقدم من الله " بنار غريبة ". إنها أفضل أعمال بره (مركزه في المجمع، الصوم، دفع العشور، الصلاة، بره الذاتي...) فَرُفِضَ من الله، أمّا العشار فتقدم دون استحقاق متكلاً على استحقاق آخر !! فذهبَ إلى بيته مقبولاً لدى الله !!! نعم " حجر عثرة " أنها من أجمل الصفات التي أُطلقت على الرب يسوع. شرير، زاني، قاتل، طماع، وسخ، خاطىء كبير ... إلخ، يتقدم من الله تائباً متكلاً على استحقاق آخر !! ينال مغفرة وحياته الأبدية في السماء، وآخر مهذب، ذو مركز مرموق، لا يقترف الكثير من الخطايا، يصوم ويصلي ويذهب إلى الكنيسة باستمرار، يتقدم من الله على أساس استحقاقه ناسياً ورافضاً استحقاق الآخر، يُرفَضْ ولا ينال مغفرة !!! " حجر عثرة " ما أجملها صفة للرب يسوع. والآن الحديث موجه بشكل خاص للمؤمنين !!! على أي أساس تتقدم من الله ؟ وعلى أي أساس تدخل محضر الآب ؟ وأعتقد أن الكل سيجيب جواباً واحداً: " بالطبع على أساس دم يسوع ". ولن أتفاجأ من هذه الإجابة، ولكنني وبكل محبة أطلب منكَ في هذا الصباح أن تعيد النظر في هذه الإجابة، لكن ليس بحكمك أنتَ على الموضوع، بل أعطِ فرصة للروح القدس أن يفحص الأعماق ويمتحن الدوافع والصلوات والأفكار، لأنه لا يكفي ما ينطقه اللسان عندما يقول: أنا دائماً أتقدم من الله بإسم وبدم يسوع، بل الذي يكفي هو موقف القلب وحدهُ والذي لا يستطيع فحصه بصورة دقيقة سوى الروح القدس !!! ودعني أسألك هذا السؤال: هل تدخل إلى محضر الآب في نهاية يوم مملوء بالخطايا والسقطات والضعفات والتقصيرات بنفس الجرأة التي تدخل فيها بنهاية نهار مملوء بالصلوات والصوم والخدمة وزيارة المحتاجين والمرضى والسجناء ؟ إذا كان جوابك " نعم "، فأنا أقول لكَ لا يوجد مشكل فدخولك يتم استناداً لاستحقاق آخر، استحقاق الرب يسوع المسيح. أمَّا إذا كان جوابك " لا " فأنا أقول لكَ لديكَ مشكل خطير دع الروح القدس يتفحص الأعماق !!! هل ينبغي أن نحيا مستمرين بالخطايا والضعفات والسقطات والتقصيرات ؟ وهل أصبحت خدمة الآخرين والصلاة والصوم وزيارة المحتاجين والمرضى والسجناء خطأ ؟ بالطبع لا وألف لا !! لكن لا تدخل إلى محضر الله على أساسها فهي " نار غريبة " فالنار الوحيدة المقبولة هي دم الرب يسوع المسيح فقط.. وكما تقول رسالة العبرانيين 4 : 14 – 16 " فلنتمسك بإيماننا، لأن لنا في يسوع ابن الله رئيس كهنة عظيماً اجتاز السماوات. ورئيس كهنتنا غير عاجز عن أن يُشفق على ضعفنا، وهو الذي خضعَ مثلنا لكل تجربة ما عدا الخطيئة. فلنتقدم بثقة إلى عرش واهب النعمة لننال رحمة ونجد نعمة تعيننا عند الحاجة ". الله يُحبك، وهو لم يرفضك ولم يرفض ما تقوم بهِ من أجله، لكنه يعرف ضعفك، وعدم تمكنك أن تتقدم منه بأعمالك، لأنك لا ولن تستطيع أن تساويه بالقداسة، فالجسد ضعيف وعاجز أن يُرضي قداسة الله، ولهذا ضحّى بحبيبه بوحيده يسوع، من أجلك، لكي تستطيع أن تتقدم منه، من خلال يسوع، هكذا أريدك أن تفهم خطة وتدبير الله !!! استحقاق واحد، دم واحد، مجمرة وحيدة ونار وحيدة: " الرب يسوع المسيح " مهما كانت حالتك، ومهما كان الوضع، تعالَ إليه الآن، واعطِ فرصة للروح القدس أن يتفحص كل شيء، كل شيء ولا تغلق عليه أي باب، دعهُ يُلقي بعيداً المجامر والنار الغريبة، ودعهُ يطرح بعيداً ثمار الأرض التي جنتها يديك، ودعهُ يطرح بعيداً عنكَ المركز والموقع وينزع عنكَ كل رداء مُستعار أو مُصطنع، دعهُ ينقي أفكارك من التساؤلات الغريبة، ودعهُ يوجه عينيك من جديد إلى الصليب ناظراً إلى يسوع يسفك دمهُ حتى آخر قطرة، ناظراً إليه كرئيس كهنة دخلَ بدمه إلى السماء من أجلك، وشقَّ الحجاب وفتحَ لكَ الباب إلى عرش النعمة، وتقدم إلى هذا العرش بنار ليست غريبة، بدم الحمل يسوع المسيح لتلقى عوناً ونعمةً كل حين. |
![]() |
|