ليس صحيحًا ما يُقال عن أن الرهبنة تُغري الكسالى وراغبي الوظائف الكنسية
كيف يهرب شخص من مسئوليات الحياة التقليدية إلى حياة ليست تقليدية، مفعمة بالحروب والأتعاب، فإنه ما أن يحط الراهب رحاله في البرية حتى يثير الشيطان ضده الحروب وينصب الفخاخ ويثير الشكوك ولا مانع من المواجهة العلنية متى اقتضى الأمر إذا كان الراهب صبورًا مثابرًا.
كما أن الأديرة الآن فيها العديد من الأعمال المختلفة والتي تحتاج إلى جهد كثير ووقت طويل ما بين الإنشاءات والزراعة ومشروعات محطات التسمين والإنتاج عموما، بل أن بعض الأديرة قد يبدو للناظر ولأول وهلة أنه منشأة أو مدينة صغيرة. في المقابل قد يمثل الفراغ مشكلة أكبر للراهب. هذا من حيث الراحة واللامسئولية التي يظنها البعض داخل أسوار الرهبنة.
أما إغراء الوظائف الكنسية فهو أمر غير مضمون، فإن فرص الأسقفية -على سبيل المثال- تعد قليلة بالنسبة لعدد الرهبان الكلى، كما أن الاختيار للأسقفية يتم على أسس يدخل فيها الاختيار الإلهي كعامل أولى وأساسي، كما تلعب الإمكانيات الشخصية دورا لا بأس به في ذلك، وبالتالي فإنه ليس من الحكمة أن يغامر شخص ما غير أهل وغير كفء للحياة النسكية، بأن يلقى بنفسه داخل هذا الإطار مؤملا أن تأتيه الوظيفة أو الدرجة الكنسية. بل أن هذا دليل كاف على عدم مصداقيته، كما يؤكد ذلك عدم رغبته في حياة نسكية خالصة.. وأخيرا فهو مهدد بالفشل.
وإن كانت الرتب الكنسية تغرى الرهبان من الرجال فماذا إذا عن الراهبات، أولئك اللائي يقضين حياتهن داخل مبنى لا يخرجن منه، ولا تتاح لهن حتى فرصة الخروج إلى البرية للصلاة والتأمل، كما هو الحال بالنسبة للرهبان في الصحراء.