رأى القديس في رؤياه المصابيح المضيئة المحيطة بالرهبان وملائكة يحرسونهم بسيوف، فتنهد قائلا: ومع ذلك فالشياطين تحاربهم، فأجابه صوت "إن الشياطين لا تقوى على أحد، لأني منذ تجسدتُ سحقت قوتهم عن البشريين". ولكن كل إنسان بإرادته يقبل عوض الشيطان أو يرفضها، فالشيطان يعرض دون أن يفرض. هكذا أدرك القديس منذ البداية أنهم ضعفاء بسبب سقوطهم مثل البرق، ومثل أسد واجهه ُمصارع جبار أثخنه بالجراح وتركه متهالكًا.. ليلهو به أطفاله،ولكن القديس عرف في الوقت ذاته أن الاتضاع هو سر النصرة..وقد سخر منهم كثيرا ولكن باتضاع. سألهم ذات مرة عندما تجمهروا عليه يريدون إزعاجه: أيها الأقوياء ماذا تريدون منى أنا الضعيف؟ وفي مرة أخرى وعندما تجمهروا عليه مرة أخرى: ألم أقل لكم أنني ضعيف، فعلام تجمهركم؟!
يقول لتلاميذه (لا أمل الطلبة عنكم ليلًا ونهارًا، لكي يفتح الرب عيون قلوبكم وتعرفوا مكر الشياطين وخداعهم وشرهم، وأن يعطيكم قلبا صاحيا وروح إفراز لكي تستطيعوا أن ترفعوا ذواتكم ذبيحة لله، وتتحرزوا من مشورة الشياطين الرديئة(1). ويقول أيضًا: "فالآن يا أحبائي الذين صرتم لي أولادا اطلبوا نهارًا وليلًا لكي تأتي عليكم موهبة الإفراز هذه التي لم تأت عليكم قبل الآن منذ دخولكم هذا الطريق النسكي.. وأنا أيضًا.."(2).