خطورة العادات العامة والمشتركة هناك أيضا عادات مشتركة بين الناس، وما كان يصنع في ظروف خاصة ولبعض الوقت صار عادة ثابتة لها قوة القانون، مثل اعتياد الناس على الولائم والإسراف فيها، فإذا ما تغيرت الأحوال وقلت الموارد وجد الناس أنفسهم مضطرين إلى أتمام نفس العادات مهما كلفهم ذلك، إما خوفا من التشاؤم وهى فكرة ساذجة، وإما تحسبا لانتقادات الآخرين وهو ما يجب ألا يعول عليه كثيرا، مثل ما يرافق الأعياد من بعض المأكولات وبعض المظاهر، مما يشكل عبئا ثقيلا على البعض حيث يكلفهم ما لا طاقة لهم به، ويقال أن المبالغ التي أنفقت على الحلوى في إحدى المناسبات الشعبية في العام الماضي تجاوزت الخمسمائة مليون جنيه (نصف مليار) وقد يستدين البعض في سبيل الظهور بمظهر من لم يكسر العادة، أضف إلى ذلك عادات شراء الملابس الجديدة في الأعياد مما يرهق من ليس في وسعهم ذلك... إلخ. لاسيما تلك العادات البغيضة التي تصاحب مشروعات الزواج وما أكثرها وما أثقلها وما أحوجنا إلى الوقوف في وجهها والتخلص منها. علينا أن نتعلم ألا نربط بين بهجة العيد وبعض المظاهر السطحية من طعام وملابس، بل لتكن بهجة الأعياد من خلال إسهام ذلك العيد في خلاصنا وفى مدلولاته الروحية ومن خلال خدمة الفقراء والمحتاجين لكي نشركهم معنا في الفرح بالعيد، إذ ننتقل بذلك من البعد الاجتماعي إلى البعد الروحي، ويرد في بستان الرهبان أن أحد الآباء وُجد وهو يعمل في قلايته في يوم ذكرى أحد الشهداء وكان عيد سنوي فعاتبه أحد الرهبان قائلًا (هل يجوز لك أن تعمل ونحن اليوم نحتفل بعيد الشهيد) فأجابه (أن ذلك الشهيد قد تكبد من أجل المسيح آلاما كثيرة أفما ينبغي أن أتعب قليلا من أجل خلاص نفسي). لقد شهد الجيل السابق مظاهرا كثيرة مؤسفة في مناسبات أعياد القديسين والشهداء (الموالد) مما كان يفقد تلك الأعياد بهجتها الروحية ومحتواها النسكي والخلاصي مما حدا بالكنيسة إلى التصدي لمثل تلك العادات البغيضة، فقد أصدر البابا كيرلس الخامس قرارًا يمنع بعض مظاهر زيارة القبور وغيرها.. ومازالت الكنيسة تبذل المزيد من الجهد لتوعية الشعب بكيفية الاحتفال بالأعياد بطريقة روحية، ويقول قداسة البابا شنوده الثالث أن الاحتفال بالمناسبات المقدسة يجب أن يتم بطريقة مقدسة أيضا.