المستقبل بالنسبة لنا
وماذا يعنى المستقبل بالنسبه لنا؟
هل هو مصدر قلق؟ ينتزعنا من بهجة الحاضر ويؤرقنا؟!
إننا لا نملك تحديد شكل المستقبل وحجمه، بقدر ما نملك تنقية الحاضر، وجعله اكثر ملائمه واكثر نفعًا وبهجه.
هناك مَثَل يهودي يقول: "لا تقلق على شرور الغد، لأنك لا تعلم ما يلده لك اليوم. فقد لا تكون غدًا على قيد الحياة، وبذلك تكون قد أقلقت نفسك على عالم ليس لك"!
فعندما يؤرقك التفكير فى المستقبل، وكيف تضمن فيه النجاح والراحه، اهتف فى اعماقك على الفور "ضامني هو الرب". فإن كثره الاموال ووفره القوه الجسدية لا تضمن لنا سعادة الغد.. وكذلك وعود الرؤساء، وعهود الأقوياء، لا تضمن لنا خيرًا نبتغيه، واستقرارًا ننشده: "لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَلاَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَيْثُ لاَ خَلاَصَ عِنْدَهُ. تَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَعُودُ إِلَى تُرَابِهِ." (سفر المزامير 146: 3).
ومَنْ يشقى اليوم فى سبيل اكتناز المال، لينعم به فى الغد، فمن المنطقى انه سيشقى فى الغد بذات الدافع! ويظل يلهث بلا حدود، وكأنه يسعى فى إثر سراب مُغري.
الله.. هُوَ هُوَ.. أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 13: 8) لا يتغيَّر.. ومَنْ يضع على الله رجاؤه ويجعل فيه ثقته، فان الله فى المقابل يهتم به، ويقيم من ذاته ضامنا وكفيلا له، وهكذا يُصَرِّح الله بفمه الطاهر: "لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ" (سفر المزامير 91: 14).
وهكذا نؤمن بأن الله قادر ان يجعل من المستقبل حياه مشرقه بَهِجه مثمره. أشياء كثيرة تخص الغد، ربما لو عرفناها اليوم لفقدنا سلامنا واغتممنا، ولكن لنحيا كل يوم بيومه: "أَمْرَ الْيَوْمِ بِيَوْمِهِ" (سفر عزرا 3: 4).
فليس من المناسب ان توزع طاقاتنا، ما بين الندم على الأمس والقلق على الغد، بل ليمضى الامس حلما وذِكرى، وليصبح الغد أملًا مشرقًا، لئلا نُبَدِّد القدره على الإبداع فى الحاضر.
يقول بعض الحكماء: "لا تندم على الامس، ولا تقلق على الغد، لئلا يضيع من بين يديك جمال الحاضر". أما في الفكِر المسيحي: "لا تندم على الأمس، ولا تقلق على الغد؛ بل اهتم بساعتك لخلاصك".