رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العامل البشري في تدوين الأسفار المقدسة لفتة أدبية: يتوسم الكاتب في اتضاع أن يحوز أسلوبه اعجاب القارئ، وقد بذل ما وسعه من جهد في سبيل جعل سفره شيق المطالعة، وأما عن تشبيه "مزج الخمر بالماء" فهو لا شك يقصد به عرض الأمور الروحية والعقائدية بطريقة أدبية شيقة، (كانت الخمر في العالم اليوناني قوية جدا، بحيث أصبحت العادة أن تشرب ممزوجة بالماء) فالأدب وحده يمكن أن يجده القارئ في الكتابات والمؤلفات العالمية العادية غير الدينية، كما أن الأمور الروحية واللاهوتية ما لم تعرض بشكل جذاب فقد يجد القارئ صعوبة في متابعتها. العامل البشرى في تدوين الأسفار المقدسة: "فإن كنت قد أحسنت التأليف ووفقت منه، فذلك ما كنت اتمنى. وإن كان ضعيفا ودون الوسط، فإني قد بذلت وسعى"(آية 38): اتخذ بعض النقاد من هذه الآية هدفًا للتشكيك في كون الكتاب سفرًا موحى به من الله، معتبرين أن النص هنا ما هو إلا جهد بشرى بحت! ولذلك فإننا سنلقى بعض الضوء عليها دفعا للشك وتأكيد لصحة الوحي. فالاية تأتى في الترجمة العبرية هكذا: (وإم هايا دبورى يافهو عاروخ عل أفنايو، زه هايا حفتسى، وإم قل هو و رافه هلو عاسيتى إت أشر هايا بكوحى) ونرجميها كالآتي: وقد وردت "رافه" ومعناها "ضعف" في العهد القديم في مواضع كثيرة مثل: (أيوب 12: 21، 27: 6 ومزمور 37: 8 و 46: 10 و 138: 8 وأمثال 4: 13 و 18: 9 و 24:10 وإرميا 6: 24 و 38: 4 وحزقيال 1:24 وصفنيا 3:1). وقد جاءت الكلمة اليونانية " اسثينيس" في العهد الجديد للتعبير عن الكلمة العبرية "رافه" وذلك في (متى 25: 39 و 26: 41 وأعمال 4: 9 ورومية 5: 6 وكورنثوس الأولى 1: 25، 27). وبالرجوع إلى الآيات التي وردت فيها كلمة (ضعف) سنجد أن المقصود بها ضعف ألم بالشخص نتيجة مرض ما أصابه من عند الله، أو ضعف جسدي... ثم هل لنا أن نرفض العديد من الآيات التي ورد فيها دور البشر في تدوين الوحي الإلهي بعوى إنها تشكك في صحة الوحى؟! ومن أمثال هذه الايات: 1 - "لأن جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس" (كو 1: 25) فهل الله فعلا له ضعف أو هل عند الله جهالة؟ أم أن هذا أسلوب أدبي..؟! 2 - "وأنا كنت عندكم في ضعف وخوف ورعدة كثيرة" (1كو 2:3) هل كان بولس رسول الأمم ضعيف وخائف ومرتعد كثيرا وهو يبشرهم؟؟ أين إذن قوة الله العاملة فيه؟، ولكنه كان يخاف كإنسان أنه ضعف الطبيعة البشرية. 3 - "إن كان يجب الأفتخار فسأفتخر بأمور ضعفى" (2 كو 11: 30). هنا يفتخر بولس الرسول بضعفاته. إنه يفتخر باتضاعه. ولم يقل أحد أن هذا الأسلوب ضد الوحي المقدس! 4 - اتهم بعض الكورنثوسيين بولس بالضعف قائلين: "الرسائل ثقيلة وقوية وأما حضور الجسد فضعيف والكلام حقير" (2 كو10: 10). هل يليق بأن يوصف كلام الله بالحقارة؟ ومع هذا لم يرفض أحد هذه الرسالة طبعا. 5 - قيل عن الرب يسوع أنه صلب من ضعف؟ "لأنه وإن كان قد صلب من ضعف، لكنه حيّ بقوة الله، فنحن أيضًا ضعفاء فيه" (2 كو 13: 4) ومع هذا لم يعترض أحد أن الرب يسوع صلب من ضعف وهو القائل أنه له سلطان على روحه وله أن يضعها وله أن يأخذها. هذا وقد ورد أيضًا في الكتاب المقدس بعض الآيات التي يظهر فيها الدور البشرى في تدوين الأسفار، ولم ينقص ذلك من قداسة السفر أو يشكك في الوحي المقدس. وإليك بعض الآيات التي يظهر فيها ذلك: 1 - "وأما الباقون فاقول لهم أنا لا الرب أن كان اخ له امراة غير مؤمنة وهي ترتضى أن تسكن معه فلا يتركها" (1 كو 7: 12). 2 - " ايها الأخوة بحسب الإنسان أقول ليس أحد يبطل عهدا قد تمكن ولو من إنسان او يزيد عليه" (غلاطية 3: 15). فهل نرفض رسالة غلاطية وهذه الآية بدعوى أن بولس الرسول كان يتكلم بالحكمة الإنسانية وليس بوحي الله؟! 3 - "ولكن أن كان اثمنا يبين بر الله فماذا نقول العل الله الذي يجلب الغضب ظالم اتكلم بحسب الإنسان" (رومية 3: 5) وهل نرفض رسالة رومية وهذه الأقوال التي يصرح بولس الرسول فيها بمنطق بشرى محض؟! ولا شك أن الكاتب -مجهول الأسم- قد أحسن الكتابة و الصياغة كما أمل هو في بداية العمل (2:19- 32)، في حين كان أمينا في نقل الوحي و صياغته، ونحن كمطالعين ودارسين نقدر الجهد الذي بذله، ونشكره لأجله، ونؤكد له كلما طالعنا هذا السفر الرائع، أنه نجح بجدارة في جعله كتابا ممتعا للقارئ، مهما كانت ثقافته. ونطلب له من الله أجرا سمائيًا. التعديل الأخير تم بواسطة Mary Naeem ; 01 - 04 - 2014 الساعة 03:45 PM |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قانونية الأسفار المقدسة |
الأسفار المقدسة |
بأي لغة كُتِبت الأسفار المقدسة؟ |
دور الجانب الإلهي ودور الجانب البشري في تدوين الأسفار المقدسة |
قانونية الأسفار المقدسة |