نشأ بانينا Banina في دورة سارابان Terot Saraban بصعيد مصر، في بيت تقي يخاف الله. طلبت والدته من رجلها "أبهاته" أن ترسله إلى اخوتها بمدينة أنصنا ليتدرب على يديْ معلمٍ ماهرٍ، وإذ وافق عبرا به النهر وقدماه إلى اخوتها الذين فرحوا به جدًا. أظهر الصبي نبوغًا عظيمًا أثار حسد زميلٍ يتتلمذ معه، وإذ شعر أن الصبي قد جذب الأنظار استغل غياب المعلم وأمسك بلوح الصبي وألقاه بعيدًا وحطمه، كما ثنى أصابع الصبي بعنف شديد حتى غشيّ على الصبي، وعندما فاق وجد نفسه وحده يعاني من آلام شديدة. انطلق الصبي إلى أخواله وهو يبكي بمرارة، مقررًا ألا يعود إلى المعلم. وفي الليل ظهر له رئيس الملائكة ميخائيل وشفاه. عاد الصبي إلى والديه ليلتقي هناك بصديقٍ حميم يدعى باناو أو ناو، وقد توطدت العلاقة بينهما لا تفارقهما في روح العبادة والعفة، فكانا يشتركان معًا في الصلوات والأصوام والقراءات.. الخ. قيل إنهما وهما بعد صبيان إذ نظر الله نقاوة قلبيهما ومثابرتهما على الجهاد أرسل لهما رئيس الملائكة ميخائيل يطلب إليهما أن يرافقاه ليذهبا إلى شيخ ناسك قديس بمنطقة الفيوم ليتتلمذا على يديه لمدة ثلاث سنوات، ثم يتجها نحو الجنوب إلى جبل بمنطقة أبصاي التابعة لأخميم حيث كان يقطن فيه عدد كبير من النساك القديسين.
سيامتهما:
عاش الصديقان كناسكين مباركين وسط هذا الفردوس المُفرح، وإذ تزايد عدد النساك بنوا كنيسة أكبر من الكنيسة القائمة، وأرادوا تدشينها، لكن الأسقف بسادة كان قد تخفّى ليمارس عمله الرعوي وسط متاعب الاضطهاد (في عهد الإمبراطور دقلديانوس) ويسند المؤمنين ويثبتهم. نزل الأنبا "بانينا" أو "نينا" يبحث عن الأسقف المتنكر حتى إذ رآه الأسقف عرفه بالروح وجاء معه إلى الجبل وكرّس الكنيسة، كما قام بسيامة أنبا نينا قسًا وصديقه أنبا ناو شماسًا، وقد بقيّ الأسقف مع النساك يلازم الكنيسة أيامًا لينطلق لرعاية شعب المسيح.
على جبل أدريبة:
بعد زمن انطلق القديسان القس نينا والشماس باناو إلى جبل أدريبة، حيث أقام الوثنيون هناك صنمًا ضخمًا وضعوا أمامه "صحنًا" نحاسيًا كبيرًا. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). وكان كهنة الأصنام يحتفلون بعيد الصنم في 18 بابه حيث تجتمع أعداد كبيرة من الشعب، ويقدمون له 12 صبيًا أعمارهم أقل من 12 سنة يذبحونهم ويضعون دماءهم في الصحن في المساء حتى متى جاء الصباح لا يجدون للدم أثرًا، فيفرح الكل ويتهلل لأن إلههم قبل ذبائحهم وتقدماتهم فيرضى عليهم طوال العام ويهبهم ثمارًا كثيرة. كان القديسان يتعبدان على الجبل، وكانا في مرارة نفس من أجل هذه النفوس الهالكة. وإذ جاء وقت العيد ومارس الكهنة عوائدهم بقيّ الدم حتى الصباح في الصحن، فأثار الكهنة الجمهور، وأعلنوا غضب الآلهة عليهم بسبب تركهم هذين الجليلين، فتكرس أربعون شابًا لقتلهما، لكن الله حفظهما وسترهما عن أعينهم.
استشهادهما:
إذ جاء مكسيميانوس شريك دقلديانوس إلى مصر ليُشرف بنفسه على سفك دم المسيحيين جال في البلاد يمتع نظره بتعذيب المؤمنين وقتلهم. ذهب كهنة الصنم السابق ذكره يشكون للملك ما حدث معهم، وكيف أعلن الصنم غضبه لوجود هذين الرجلين بالجبل. وفي نفس الوقت ظهر رئيس الملائكة ميخائيل للقديسين يخبرهما أن الملك يطلبهما وأن الاكاليل السماوية قد أُعدت لهما، فانطلق القديسان من الجبل ليلتقيا برسل الملك ويسيران معهم إليه، ويشهدان بإيمانهم أمامه؛ فأمر بقطع عنقيهما ونالا إكليل الشهادة في 7 كيهك.