ليعطهم الطعام في حينه
قال السيد المسيح "اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان" (يو6: 27) وقال أيضًا "لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم" (يو6: 33) فأهم شيء يمنحه وكيل الله للناس هو جسد الرب ودمه "ليعطيهم الطعام في حينه" (مت24: 45) في حينه، أي قبل أن يموت الإنسان ويضيع. لأنه قال "الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم" (يو6: 53). فهل يترك الوكيل الناس متغربين عن الله لا يتوبون ولا يتناولون، ويصلح بعد ذلك أن يُدعى وكيلًا أمينًا حكيمًا؟! لذلك يقول معلمنا بولس الرسول "وأعطانا خدمة المصالحة" (2كو5: 18).
إذًا رسالة الأسقف أن يقود الناس إلى التوبة لكي يستطيعوا أن يتقدموا للمائدة المقدسة ويتناولوا خبز الحياة الذي نقول عنه في القداس الإلهي [ يُعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه ] ولكن إن أهمل الأسقف وترك إنسانًا يموت قبل أن يتوب ويتناول، سيحاسب هذا الأسقف أمام الرب كيف ترك هذا الإنسان؟ وكيف لم يدعُه للتوبة وإلى مائدة الحياة؟ لأن الرب قال " فمن يأكلني فهو يحيا بي" (يو6: 57).
هذا لا يمنع أن الأسقف مسئول عن رعاية الفقراء واحتياجاتهم المادية أيضًا، ليس الرعاية الروحية فقط، لأن السيد المسيح قال "لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كنت غريبًا فآويتموني" (مت25: 35) وقال أيضًا "بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبى فعلتم" (مت25: 40) إذًا الأسقف أيضًا يهتم باحتياجات الفقراء المادية من كل ناحية، برعاية شاملة. لكن ما فائدة أن يطعمهم خبزًا أرضيًا، ولا يهتم أن يطعمهم الخبز السماوي؟! فالسيد المسيح بعد أن صنع معجزة إشباع الجموع بدأ يوبّخهم لأنهم يبحثون عن الخبز الأرضي وليس عن الخبز السماوي فقال لهم "الحق الحق أقول لكم أنتم تطلبونني ليس لأنكم رأيتم آيات، بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم. اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية" (يو6 :26، 27).