طريق الصليب
بدأ السيد المسيح مسيرته نحو الصليب، مثبتًا وجهه نحو أورشليم مدينة الملك العظيم.. الموضع الذي سُر الرب أن يُدعى اسمه فيه.. أورشليم التي كانت رمزًا لملكوت الله.
أظهر السيد المسيح أن الصليب والطريق إلى الملكوت هما شيء واحد، وقال لتلاميذه: "ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يُسلّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت، ويسلّمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به، ويجلدوه، ويصلبوه، وفي اليوم الثالث يقوم" (مت20: 18، 19). فالصعود إلى أورشليم (رمز الملكوت)، معناه الدخول في طريق الصليب (الاتضاع، والطاعة الكاملة).
من الموت إلى الحياة
كانت خدمة الصليب هي البرهان الحقيقي على اتضاع السيد المسيح الكامل. فهو لم يقبل المحقرة والآلام فقط، بل قَبِل أيضًا أن يبدو مهزومًا أمام الموت.. مع أنه هو الذي هزم الموت الحقيقي بتواضعه.. هزم موت الخطية بطاعته الكاملة للآب.
قيل عن السيد المسيح "الذي في أيام جسده إذ قدّم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يُخلّصه من الموت. وسُمع له من أجل تقواه" (عب5: 7).
حقًا لقد سمع الآب لابنه الحبيب المتجسد -كممثل للجنس البشرى- وأقامه حيًا من الأموات ظافرًا بالموت. وهو الذي قال بفم النبي مخاطبًا الآب: "لأنك لا تترك نفسي في الجحيم. ولا تدع قدوسك يرى فسادًا" (مز15: 10).
نحن نؤمن بالطبع أن السيد المسيح قد قام بقوة لاهوته، لأنه قال لليهود: "انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه.. وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده" (يو2: 19، 21).
ولكن الكتاب من جهة أخرى يؤكد دور الآب السماوي في نصرة الابن الوحيد المتجسد على الموت، لأنه سرّ به لتواضعه وأقامه من الأموات "هذا أقامه الله" (أع2: 32).
وهنا نتذكر قول السيد المسيح: "مهما عمل ذاك (الآب) فهذا يعمله الابن كذلك" (يو5: 19).
من بيت عنيا إلى الجلجثة
تبدأ أحداث الصلب بوصول السيد المسيح إلى بيت عنيا، وإقامته لعازر من الأموات، وتآمر اليهود عليه ليقتلوه، وسكب الطيب الناردين الكثير الثمن، على جسده والذي قال عنه إنه سُكِب على جسده لتكفينه، أو أنه ليوم دفنه قد حُفِظ،ودخوله أورشليم وديعًا راكبًا على أتان وجحش بن اتان كملك للسلام. ثم تناوله طعام الفصح مع تلاميذه وغسله لأرجلهم. وحديثه عن تسليم يهوذا الإسخريوطي له، وخروج يهوذا، وإعطائه جسده ودمه لتلاميذه. وجهاده وصلاته في البستان، والقبض عليه بإيعاذ من يهوذا، ومحاكمته، وإهانته، وجلده، ووقوفه أمام بيلاطس. وخروجه حاملًا الصليب إلى الجلجثة حيث صلب بين لصين، وما أحاطه من تعييرات اليهود، واقتسام ثيابه، وتسليمه الروح في يدي الآب بعد أن طلب الغفران لصالبيه.