رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
متى صمتم بعد أن علّم تلاميذه الصلاة، قال السيد المسيح في الموعظة على الجبل: "ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين. فإنهم يغيّرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت، فادهن رأسك واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائمًا بل لأبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية." (مت6: 16-18). الصوم هو أحد وسائل العبادة وتنشيط الحياة الروحية وضبط الجسد. هو ذبيحة حب لله إذا اقترن بالصلاة والعبادة بالروح والحق. هو فرصة لتغذية الروح، كما أن الأكل هو وسيلة لتغذية الجسد. عن هذا قال السيد المسيح: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت4: 4). فالروح تحتاج إلى غذاء روحي وإلى تغذية تمامًا مثلما يحتاج الجسد إلى الخبز وسائر أنواع الطعام الجسدي. لو اهتم الإنسان بتغذية جسده فقط، فسوف تبقى الروح بلا غذاء، إلى أن يتمرد الجسد عليها، فلا تستطيع الروح أن تضبطه أو تسيطر عليه. كما أن الصوم هو فرصة للتذلل أمام الله بمشاعر التوبة والحزن على الخطية.. هو فرصة لمحاسبة النفس ومراجعتها في حضرة الله في الصلاة، وفي ممارسة سر التوبة والاعتراف مع أب الاعتراف الذي هو وكيل لأسرار الله. لهذا ينبغي أن يقترن الصوم بمشاعر الاتضاع. الأمر الذي يستدعى عدم التباهي بالصوم.. لهذا حذَّر السيد المسيح من تعبيس الوجه بهدف إظهار الصوم للآخرين. الإنسان ينبغي أن يحتفظ بمشاعر الانسحاق الداخلى في سرية بينه وبين الله، وأمام أب الاعتراف. أما في مواجهة الناس فينبغي أن يكون بشوشًا لا معبسًا. وينبغي أن يخفى صومه على قدر الإمكان ويتحاشى أي مشاعر للتباهي في داخل نفسه. الصائم يقدِّم صومه لله لا للناس. فإن قدَّمه للناس يكون قد استوفى أجره من الناس. أما إذا قدَّمه إلى الله مقترنًا بمشاعر الانسحاق فحينئذ يكون مقبولًا. مشاركة المحتاجين الصوم أيضًا فرصة لمشاركة المحتاجين والمعوزين. لهذا قال السيد الرب: "أليس هذا صومًا أختاره؟! حل قيود الشر. فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحرارًا وقطع كل نير. أليس أن تكسر للجائع خبزك. وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك. إذا رأيت عريانًا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك" (إش58: 6، 7). المفروض في الصوم أنه يساعد في تحرير الإنسان من الاهتمام بجسده،وكنتيجة طبيعية لذلك، في اهتمام الروح، وفي تطلعه للأبدية؛ فإنه ينطلق خارج الأنا نحو الآخر بالحب. فيتعلّم العطاء. الصوم كذبيحة حب يأخذ دليلًا على شرعيته حينما يقترن بالرحمة بالمساكين. إن الإنسان يتوقف بإرادته عن التنعم بأمور العالم الحاضرة، لكي يدخل إلى شركة المعاناة مع المساكين والمعوزين.. فيقدم لهم الخبز والكساء وسائر احتياجاتهم. إننا نرى كيف افتقر السيد المسيح وهو غنى لكي يمنحنا الغنى وميراث الحياة الأبدية. لهذا تتغنى الكنيسة في تسابيحها وتقول عن المخلص (هو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له) (تسبحة نصف الليل - ثيئوطوكية يوم الجمعة qeotokia). وفى الصوم فرصة للتشبه به، حينما يعطى الإنسان من خبزه للجوعان أثناء اختباره لجوع الصائم، وحينما يعطى من ملبسه للعريان أثناء اختباره لمذلة لابسى المسوح، إذا أُتيحت له فرصة لبس المسوح في الخفاء. الإيجابية في الصوم الذي يشعر بثقل الصوم يكون قد اكتفى بالصوم وحده، ولكن هناك لذة روحية في الصوم تفوق لذة التنعم بالطعام الجسدي. في تذوق هذه اللذة الروحية في الصلاة: في السجود بانسحاق (الميطانيات).. في مشاعر التوبة.. في الارتفاع بالروح نحو السمائيات.. في القراءات الروحية في الخلوة وإحساس الوجود مع الله.. في ضبط الجسد.. في التحرر من محاربات الشياطين.. في قوة الروح وحرارة العبادة.. في كل ذلك يشعر الإنسان بلذة تعوضه عن تعب الجسد، وتعوضه عن خسارة التلذذ بالأطعمة الشهية. هذه اللذة الروحية بدونها لن ينتفع الإنسان من صومه شيئًا ويكون كمن يلاكم الهواء. أراد السيد المسيح بقوله عن الصوم في الخفاء بعيدًا عن مشاعر التباهي بالصوم؛ أن يلفت نظرنا إلى أن الآب السماوي الذي يرى في الخفاء هو يجازى الإنسان ويكافئه. وما أجملها مكافأة حينما يتلذذ الإنسان بالحياة مع الله كعربون للأبدية، حيث لا أكل ولا شرب جسداني، بل غذاء الروح لكل من الروح والجسد الروحاني الذي يستطيع أن يحيا في ملكوت السماوات. |
21 - 06 - 2014, 07:42 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: متى صمتم
|
||||
21 - 06 - 2014, 08:44 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: متى صمتم
شكرا على المرور
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
معبد ابو سمبل |
أبو سمبل من الأماكن السياحية في مصر |
معبد أبو سمبل |
ومتى صمتم |
ابو سمبل |