البار بالإيمان يحيا
يقول الكتاب: "وَالْبَارُّ بِإِيمَانِهِ يَحْيَا" (حب2: 4)، وقد اقتبس معلمنا بولس الرسول هذه العبارة وكررها كثيرًا في رسائله فيقول: "لأَنْ فِيهِ مُعْلَنٌ بِرُّ اللهِ بِإِيمَانٍ لإِيمَانٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا" (رو1: 17)، "وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا" (غل3: 11)، "أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرُّ بِهِ نَفْسِي" (عب10: 38).
الله يتدرج معنا في مدرسة الإيمان كما مع إبراهيم، في مراحل ليس لها نهاية.. يظل الإنسان يتدرج في حياة الإيمان حتى يصل إلى شركة الحياة الأبدية مع الله.
الإنسان الآن يؤمن بما لا يُرى ويثق بما يُرجَى؛ يؤمن أن الله موجود، يؤمن أن الله هو الخالق.. كل هذه أساسيات في حياة الإيمان تستمر معه ولا يستطيع أن يتخلى عنها.
لكن هناك ناحية من الإيمان لن يحتاج إليها الإنسان في الأبدية؛ وهي أن يؤمن بما لا يراه.. هذا النوع من الإيمان تنتهي مأموريته عندما يدخل الحياة الأبدية، لأنه سوف يرى أمامه المجد الأبدي فلن يكون هناك أمر قد وعد به الله ولم يتحقق. إلا أن معرفة الإنسان عن الله سوف تزداد باستمرار، وينمو في محبة الله باستمرار، ينمو في معرفته عنه وعن صفاته الجميلة؛ هذا نوع من الانطلاق في النمو في معرفة الله يؤدى إلى السعادة الدائمة..