كل خطية ترتكبها هي موجهة ضد الله
تأمل أيها الأخ المبارك في أن كل خطية ترتكبها هي موجهة ضد الله ذاته، ولا تختلف في دينونتها عن خطية آدم وحواء.
هي مثل خطيئتهما غير محدودة، لأنها موجهة ضد الله غير المحدود. وهكذا فإن عقوبتها غير محدودة، ولا تغفر إلا بكفارة غير محدودة...
كل خطية ترتكبها هي عصيان لله. هي نوع من التحدي لله وعدم المبالاة بوصاياه، بل هي ثورة عليه وانضمام لخصمه الشيطان... وهكذا فكل خطية ترتكبها تحمل معني عدم محبة لله، لأنه يقول: من يحبني وصاياي (يو14: 15).
لذلك عندما أخطأ داود وزني وقتل، لم يقل أخطأت ضد أوريا الحثي وزوجته، بل قال لله: "لك وحدك أخطأت، والشر قدامك صنعت" (مز50: 4)...
حقًا إن الخطية خاطئة جدًا كما يقول الكتاب (رو7: 13).
وكل خطية ترتكبها يحملها المسيح، لأنه هو: "حمل الله الذي يرفع خطية العالم كله" (يو1: 29) " كلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه. والرب قد وضع عليه إثم جميعنا" (إش53: 6).
إنك يا أخي ربما تستسهل الخطية، وتستسهل غفرانها، وتظن أنه بمجرد الاعتراف بها تنتهي. ولا يتناول تفكيرك كيف تغفر هذه الخطية بالاعتراف لذلك تجد الأمر سهلًا ولا تشعر بفداحة ما تفعله...!! خطيتك أيها الإنسان لا تغفر إلا بدم المسيح، لأنه: "بدون سفك دم، لا تحدث مغفرة" (عب9: 22). فما هو موقف الكاهن من الغفران إذن؟ هل مجرد قراءة التحليل أو عبارة: "الله يحاللك" هي كل شيء؟! كلا بلا شك. فمجرد هذه الكلمة وحدها لا تكفي...
عندما يعطيك الكاهن المغفرة، إنما يقوم بعملية تحويل. يحول الخطية من حسابك إلى حساب السيد المسيح. ينقل الخطية من على رأسك إلى رأس الحمل الذي يحمل خطايا العالم كله. وحينئذ يمحوها السيد المسيح بدمه.
بل أتجرأ وأقول إن السيد المسيح نفسه عندما كان يقول لإنسان: "مغفورة لك خطاياك" لم تكن هذه العبارة وحدها تكفي بدون دم الرب. إنما قول السيد الرب لإنسان: "مغفورة لك خطاياك" معناها: "إنني قبلت أن أموت عن هذه الخطايا، وقبلت أن أمحوها بدمي. لذلك أعتبرها مغفورة، لأنها مغموسة في دمي". لأنه لو كانت مجرد عبارة المغفرة تكفي لماذا إذن كان التجسد، ولماذا إذن كان الصلب والفداء؟
بسبب خطيتك أيها الأخ، أخلي الرب ذاته، وأخذ شكل العبد، وولد كإنسان، وأحتمل كل ضعف البشرية.
من أجل خطيتك صار طفلًا، ومن أجلها هرب من هيرودس إلى مصر، ومن أجلها جرب من الشيطان، ومن أجلها اضطهده اليهود وأهين وشتم وبصق عليه وضرب وصلب ومات. إن عرفت كل هذا، فكيف تحتمل مشاعرك أن تخطئ؟!
يجب أن تعلم جيدًا أن كل خطية لابد أن تقف أمام عدل الله، لكي تعطي حسابًا أمامه "ومخيف هو الوقوع في يدي الله الحي" (عب10: 31).
لذلك في يوم ميلاد المسيح، تأمل في محبته لك، وفي سعيه لخلاصك وكيف أنه من أجلك جاء
حقًا لقد جاء المسيح ليخلص العالم (يو3: 17). جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك... فهل كان هذا هو كل شيء؟ كلا، فإننا نلاحظ شيئًا آخر وهو أنه قد جاء لينوب عن البشرية.